قال تقرير البنك الوطني الأسبوعي ان الإعلان عن خطة هائلة وغير متوقعة لمواجهة الأزمة المالية الأوروبية أدى إلى موجة شراء لليورو صعدت على أثرها العملة الأوروبية إلى 1.3094، وهو أعلى مستوى له منذ أسبوع، إلا أن اليورو لم يستطع بعد ذلك المحافظة على مكاسبه حيث تأثر بمخاوف وشكوك متجددة أضعفت موقفه بشكل مطرد، فتراجع ليصل يوم الجمعة إلى 1.2334 وهو أدنى مستوياته خلال الأسبوع، قبل أن يقفل على 1.2360.
أما الجنيه الإسترليني، فتم تداوله على مدار الأسبوع حول المستوى الذي افتتحه على 1.4870 ثم تراجع في نهاية الأسبوع ليقفل على 1.4537. حافظ الين الياباني على مركزه ضمن نطاق 92 – 94 مقابل الدولار طوال الأسبوع، قبل أن يعزز موقفه يوم الجمعة ليصل إلى 91.80 ويقفل على 92.44.
ميزانية الحكومة الأميركية
وأشار التقرير إلى أن ميزانية الحكومة الأميركية سجلت في شهر أبريل أكبر عجز لها على الإطلاق نتيجة لتراجع الإيرادات خلال الشهر المذكور الذي يشهد عادة ارتفاعا في الإيرادات بسبب مدفوعات ضريبة الدخل الفردية، وقد ارتفع الفرق بين المصروفات والإيرادات إلى 82.7 مليار دولار خلال الشهر الماضي مقارنة بـ 20.9 مليار دولار في شهر أبريل 2009.
ولفت التقرير إلى أن عجز ميزان التجارة الأميركية ارتفع بنسبة 2.5% ليصل إلى 40.4 مليار دولار، وهو أعلى مستوى يصل إليه منذ أكثر من سنة، وجاء على خلفية ارتفاع الواردات بمعدل أسرع من معدل زيادة الصادرات، وهو ما يشكل دليلا إضافيا على انتعاش الاقتصاد الأميركي، حيث أدى تجدد ثقة المستهلكين إلى ارتفاع الإنفاق من قبل مؤسسات الأعمال على شراء المعدات والمخزون مما انعكس على زيادة كبيرة في الواردات.
ولفت التقرير إلى أن الأرقام التي أصدرتها وزارة التجارة تشير إلى أن مشتريات التجزئة ارتفعت بنسبة 0.4% في شهر أبريل بعد ارتفاع بنسبة 2.1% في شهر مارس، ويدل ارتفاع مبيعات التجزئة هذا والذي جاء للشهر السابع على التوالي على أن المستهلكين باتوا يساندون مسيرة التعافي الاقتصادي، فباستثناء مبيعات السيارات والغاز، ارتفعت مبيعات التجزئة بـ 0.4%، وهو أداء يفوق توقعات المحللين بأن تسجل مبيعات التجزئة ارتفاعا بنسبة 0.2% خلال الشهر.
وأضاف التقرير أن مؤشر ثقة المستهلكين الذي تعده جامعة ميتشيغان ارتفع إلى 73.3 نقطة من 72.2 نقطة في شهر أبريل، ومقارنة بتوقعات المحللين بأن يرتفع هذا المؤشر إلى 73.5 نقطة، وتجدر الإشارة إلى أن ما أضافه أصحاب العمل من أيدي عاملة إلى الاقتصاد خلال الشهر الماضي فاق ما أضافوه في أي شهر واحد منذ أربع سنوات، فيما يعتبر مؤشرا واضحا على استمرار سوق العمل في تعزيز المشاعر الإيجابية لدى المستهلكين، وقال معظم المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع إنهم يتوقعون ارتفاع أسعار الفائدة خلال السنة القادمة.
خطة إقراض منطقة اليورو
وقال التقرير ان صناع السياسة في المجموعة الأوروبية فاجئوا السوق بالإعلان عن خطة إنقاذ ضخمة تتكون من إجراءات غير عادية من جانب البنك المركزي الأوروبي تشمل شراء سندات سيادية منتقاة وتسهيلات إقراض تبلغ 750 مليار يورو للحكومات التي تواجه مشكلات في التمويل.
وتابع: سوف تتكون حزمة التسهيلات من ثلاثة عناصر وهي: صندوق يبلغ حجمه 60 مليار يورو يشكل امتدادا لتسهيلات قائمة حاليا، وتسهيلات بقيمة 400 مليار يورو لمدة 3 سنوات ضمن شركة ذات هدف خاص مضمونة على أساس نسبي من قبل الحكومات الوطنية، والتزاما مبدئيا من قبل صندوق النقد الدولي بتقديم قروض تبلغ حوالي 250 مليار يورو وفق السياسات الخاصة بالصندوق. وعلى أثر الإعلان يوم الإثنين عن خطة الإنقاذ هذه صعدت أسعار جميع الأسهم والسلع والسندات الأوروبية المتعثرة.
ولفت التقرير إلى أن الناتج المحلي الإجمالي ارتفع في دول منطقة اليورو بنسبة 0.2% خلال الربع الأول من العام الحالي، وهو أداء يفوق المعدل الذي كان قد أجمعت عليه توقعات السوق، وقد استفاد اقتصاد منطقة اليورو من تعافي الاقتصاد العالمي ككل، حيث أدى هذا التعافي إلى دعم الصادرات، الأمر الذي ساعد دول المنطقة على تجاوز آثار الأزمة المالية اليونانية وتردد المستهلكين في زيادة الإنفاق.
وقال ان كل من فرنسا وألمانيا قد اعلنتا ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1% و0.2% على التوالي، بينما حققت دول أخرى تحسنا بمعدلات متفاوتة، حيث سجلت إسبانيا 0.1% وإيطاليا 0.5% والبرتغال 1.0% وهو أداء فاق التوقعات، أما بالنسبة لليونان فقد سجل الاقتصاد أداء سلبيا بلغ -0.8% كما كان متوقعا، وبالنسبة لمنطقة اليورو سجل الناتج المحلي الإجمالي نموا بلغ 0.5% مقارنة بالفترة ذاتها من السنة الماضية.
وعلى صعيد آخر، عزز قطاع الانتاج الصناعي مركزه خلال الربع الاول من السنة، فمع تراجع اليورو اصبحت البضائع الاوروبية اكثر قدرة على المنافسة، وصعدت مبيعات الخدمات والصناعات الانتاجية بنسبة 1.3% في شهر مارس.
إجراءات تقشفية
واشار التقرير الى انه تماشيا مع الضغوط التي مارسها القادة الاوروبيون للبدء في تخفيض العجز في الميزانية الحكومية، اعلنت كل من اسبانيا والبرتغال اجراءات تقشفية اولية للحيلولة دون تأثر اقتصاداتهما اكثر بالازمة المالية اليونانية، فقد صرح رئيس الوزراء الاسباني، زاباتيرو، عن اكبر مجموعة من التخفيضات في الميزانية تشهدها بلاده منذ 30 سنة، وتشمل تخفيضات في الاجور تبلغ 5%، ويهدف التقليص المنشود الى خفض العجز من 11.2% الى 6% في سنة 2011، ومن جهته صرح وزير المالية البرتغالي بأنه على استعداد لمواجهة ما وصفه بضغوط اجتماعية بعد اعلان المزيد من اجراءات تقليص العجز.
ولفت التقرير الى ان وزارة رئيس الوزراء الجديد، ديفيد كاميرون، عقدت اول اجتماع لها الاسبوع الماضي وصرحت بان ثمة حاجة لاتخاذ اجراءات فورية لتقليص العجز القياسي في الميزانية العامة للمملكة المتحدة، وتهدف الخطة الاولية الى خفض الانفاق بـ 6 مليارات جنيه من خلال ميزانية طوارئ خاصة خلال 7 اسابيع، ورحب محافظ بنك انجلترا، ميرفن كنغ، بالخطة وقال في مؤتمره الصحافي الشهري «ان الاتفاق الذي تم ابلاغي به والذي تم التوصل اليه بين المحافظين والديموقراطيين الاحرار قوي جدا».
وقال التقرير انه كما كان متوقعا، ابقى بنك انجلترا على خطته الرامية لشراء السندات عند مستوى الـ 200 مليار جنيه وذلك للشهر الرابع على التوالي، كما ابقى على سعر الفائدة دون تغيير عند مستواه القياسي المتدني والبالغ 0.5%، وينوي البنك من خلال هذا القرار تعزيز عملية التعافي الاقتصادي في اعقاب الفراغ الحكومي بعد الانتخابات العامة وعلى خلفية ازمة الديون اليونانية التي ألقت آثارها ظلالا قاتمة على الاوضاع الاقتصادية المحلية.
أكبر ارتفاع للانتاج الصناعي
واضاف ان ضعف الجنيه الاسترليني ادى الى دعم صادرات جميع السلع من المعادن الى السيارات فارتفع انتاج المصانع في المملكة المتحدة بنسبة 2.3% في شهر مارس في اداء فاق توقعات الاسواق بكثير حيث كان المحللون يتوقعون زيادة الانتاج بنسبة 0.4%، ومن فئات المنتجات الـ 13، ارتفع انتاج 12 فئة وفي طليعتها المعادن والمنتجات المعدنية والورق والطباعة والنشر.
ولفت التقرير الى ان عدد العاطلين عن العمل حسب اساليب القياس المتبع من قبل منظمة العمل الدولية ارتفع بـ 53.000 شخص ليصل الى 2.51 مليون شخص، وارتفع هذا المعدل من 7.8% الى 8% مقارنة بـ 9.9% في الولايات المتحدة الاميركية و10% في دول منطقة اليورو و5% في اليابان.
وتابع: وصرح وزير المالية الجديد، جورج اوزبورن، ان ارتفاع عدد العاطلين عن العمل يؤكد الوضع الصعب الذي يواجه المملكة المتحدة، بينما حذر محافظ بنك انجلترا ان العجز في ميزانيات الدول الاوروبية ينطوي على مخاطر كبيرة تهدد عملية التعافي الاقتصادي.
واضاف ان مؤشر ثقة المستهلكين الذي تعده شركة نيشن وايد العقارية ارتفع بنقطة واحدة ليصل الى 74 نقطة بعد ان انخفض بـ 9 نقاط في شهر مارس، وتجدر الاشارة الى ان ثقة المستهلكين تأثرت سلبيا بحالة عدم اليقين التي واكبت الانتخابات العامة التي شهدتها المملكة المتحدة وتخفيضات الانفاق الحكومي المقترحة.
فائض الحساب الجاري الياباني
افاد التقرير بان اليابان عززت فائض حسابها الجاري في شهر مارس بفضل ارتفاع الصادرات، ويشكل هذا التحسن دليلا جديدا على ان الطلب الخارجي يدعم مسيرة التعافي البطيئة لثاني اكبر اقتصاد في العالم، فعلى اساس سنوي، ارتفع فائض الحساب الجاري بنسبة 65% ليصل الى 2.53 تريليون ين مقارنة بتوقعات الاسواق ان يبلغ هذا التحسن 2.17 تريليون ين، وقد ارتفعت الصادرات بـ 45% مقارنة بما كانت عليه في الفترة ذاتها من السنة الماضية، وبالمقابل، ارتفعت الواردات بنسبة 22%. وعلى مستوى اسعار الذهب اشار التقرير الى ان ارتفاع الطلب على الذهب ادى للتحوط من مخاطر العملات وسط ازمة الديون الاوروبية الى ارتفاع سعر المعدن الاصفر الى اعلى مستوياته ليبلغ 1.249.70 دولار للاونصة خلال الاسبوع، وكذلك ارتفعت اسعار الذهب باليورو الى مستويات قياسية متأثرة بتكهنات بان الاجراءات المتخذة من قبل الدول الاوروبية هي التي ستؤثر سلبا على النمو الاقتصادي.