- 280 مليار دولار حجم صناعة المعدات الطبية العالمية.. ونموه المتوقع 8% سنوياً
- حجم قطاع تأجير معدات الرعاية الصحية في دول التعاون مازال أقل من مليار دولار
- الولايات المتحدة وكندا وألمانيا وفرنسا تحتل 60% من السوق العالمي لتأجير المعدات
- ارتفاع عدد السكان والمسنين ومخاطر الأمراض أبرز عوامل نمو القطاع في المنطقة
- 15 مليار دولار حجم سوق المعدات الطبية في الصين والهند اللتين تقدمان فرصاً كبيرة
تناول التقرير الشهري لشركة سبائك للإجارة والاستثمار سوق تأجير المعدات الطبية أو معدات القطاع الصحي في منطقة الخليج العربي والعالم مبينا ان الاقتصاد العالمي وهو يعيش إحدى أسوأ مراحل الركود التي مر بها، يبدو قطاع الصحة بشكل عام وصناعة المعدات الطبية بشكل خاص في طريقه ليشهد نموا قويا. وقد وصل حجم صناعة المعدات الطبية العالمية إلى 280 مليار دولار في نهاية 2009، ومن المتوقع أن ينمو أكثر من 8% سنويا خلال السنوات السبع المقبلة، ليصل الإجمالي إلى 490 مليار دولار في 2016.
ففي الواقع عاكس هذا السوق التوجه العام خلال الأزمة المالية العالمية، وكان بين القطاعات القليلة التي شهدت نموا في أعمالها خلال العامين الماضيين. ففي عصرنا هذا، ومع سرعة تطور التكنولوجيا وخصوصا التقنيات الطبية منها، بات استئجار المعدات أسلوب عمل يتبعه أغلب المستشفيات والمراكز الصحية والعيادات حول العالم. وقد أتت الأزمة الائتمانية لتعطي جرعة مقويات إضافية لهذا القطاع، الذي ما فتئ ينمو مع ارتفاع الطلب المستدام على العلاج والطبابة. فالاستئجار يوصف بـ «الاستخدام الذكي للموارد المالية القليلة المتوافرة»، كما أنه يؤمن مرونة تغيير المعدات كلما تطورت التقنيات، مما يسهل عملية تحسين الاهتمام بالمرضى.
ومن المتوقع ان يرتفع حجم انفاق دول الخليج على القطاع الصحي الى 60 مليار دولار بحلول 2025.
سوق تصنيع المعدات ينمو
وفي الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي انتعاشا بعد إحدى أسوأ مراحل الركود التي مر بها، يبدو قطاع الصحة بشكل عام وصناعة المعدات الطبية بشكل خاص في طريقه ليشهدا نموا قويا، حسب مركز الأبحاث المتخصص «غلوبل داتا»، وقد وصل حجم صناعة المعدات الطبية العالمية إلى 280 مليار دولار في نهاية 2009، ومن المتوقع أن ينمو أكثر من 8% سنويا خلال السنوات السبعة المقبلة، ليصل الإجمالي إلى 490 مليار دولار في 2016، ولهذا النمو المتوقع عوامل عديدة، أبرزها:
- أولا: سيخلق ارتفاع أعمار الشعوب، خصوصا في الدول المتقدمة، طلبا مستداما على الخدمات الصحية والمعدات الطبية.
- ثانيا: سيؤدي سعي الاقتصادات الناشئة لتحسين البنية التحتية للقطاع الصحي إلى توفير فرص ضخمة لمصنعي المعدات في الأسواق منخفضة الاختراق.
- ثالثا: يعتبر قطاع الصحة غير مرتبط بأي شكل من الأشكال بالإنفاق الاستهلاكي للأفراد الذي تضرر جراء الأزمة الأخيرة.
وحسب «غلوبل داتا»، ينمو قطاع الطبابة في المنازل بشكل كبير، ويقدر سوق المعدات الطبية المنزلية حول العالم بنحو 41 مليار دولار كما في 2009، ومن المتوقع أن يشهد نموا بمتوسط 7% سنويا ليصل إلى 67 مليار دولار بحلول سنة 2016، ويغذي هذه التوقعات الطلب على معالجة الأشخاص في المنازل، فعلى سبيل المثال باتت علاجات أمراض مثل السكري والربو تتم في البيوت من قبل المرضى أنفسهم.
ومن خلال نظرة على أداء أسهم الشركات المصنعة للمعدات الطبية في الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي يتبين أنها بقيت بمعظمها مستقرة بشكل كبير، على الرغم من تأثرها قليلا بالأزمة، وهذا الاستقرار بالأداء شجع المستثمرين العالميين على ضخ المزيد من الأموال في هذه الفئة من الأسهم.
وقد شهدت شركات تصنيع المعدات الطبية حركة نشطة أخيرا في عمليات الاستحواذ والاندماج، إذ سجل القطاع أكثر من 100 عملية تقدر قيمتها بنحو 40 مليار دولار خلال الربع الأول من 2010 وفق «غلوبل داتا»، ويعتبر هذا الرقم الذي تخطى حجم عمليات الاستحواذ والاندماج لكامل عام 2009 دليلا على ارتفاع ثقة المستثمرين بأداء شركات تصنيع المعدات الطبية، ومن المتوقع استمرار وتيرة الصفقات مرتفعة في السنوات القليلة المقبلة مع الخدمات المبتكرة والتقنيات المتجددة التي تعمل عليها الشركات العالمية، وقد يكون اندماج الكيانات الكبيرة قاعدة اللعبة في المستقبل.
أنواع المعدات الأكثر تأجيرا
وبالعودة إلى قطاع تأجير المعدات الطبية، تظهر إحصائية أعدها اتحاد شركات تأجير المعدات في الولايات المتحدة الأميركية أن آلات ومكنات تشخيص الأمراض تسيطر على حصة الأسد من المعدات الطبية المؤجرة بنسبة 65%، في حين أن 15% هي حصة معدات الجراحة والعلاج والبقية حصة معدات أخرى.
واللافت في هذا الإطار أن المعدات المخصصة لعلاج العيون هي الأكثر تأجيرا والأكثر درا للأرباح للشركات المصنعة والمؤجرة، وحصتها تبلغ حوالي 31.8% من حجم السوق العالمي الإجمالي، أما معدات المختبرات فتحل في المرتبة الثانية في قطاع التأجير حول العالم بحصة تبلغ 19.9%.
وبالنسبة للأسعار: تحتل المعدات الطبية التي تتراوح أسعارها بين 250 ألف دولار و5 ملايين دولار حصة 62% من قطاع التأجير، في حين أن 20% تذهب للمعدات التي تقل قيمتها عن 250 ألف دولار، وتبقى حصة 18% للمعدات التي تتخطى أسعارها مبلغ 5 ملايين دولار.
والجدير ذكره أن أكبر 10 شركات مصنعة للمعدات الطبية تعتبر جزءا لا يتجزأ من أكبر مجموعات الأعمال حول العالم مثل جنرال إلكتريك وسيمنز وفيليبس وجونسون آند جونسون، وقد أسست هذه الشركات العملاقة أقساما لتأجير المعدات، وباتت لاعبا رئيسيا في هذا القطاع أيضا.
الدول النامية تقدم فرصاً ذهبية
إلى ذلك يقدم قطاع تأجير المعدات الطبية في الدول الناشئة فرصا هائلة على طبق من ذهب، فأسواق مثل الصين والهند تمثل قاعدة ضخمة من المرضى سنويا، ففي الصين وحدها يعيش أكثر من 100 مليون فرد أعمارهم فوق الـ 65 عاما، أما الهند ـ ثاني أكبر بلد في العالم من حيث عدد السكان ـ فتضم 1.17 مليار نسمة 5% منهم تتخطى أعمارهم الـ65 عاما، وإذا استمر متوسط الولادات على حاله، فمن المتوقع أن يرتفع عدد الهنود بحلول سنة 2050 إلى 1.7 مليار ليتخطى عدد الصينيين.
ويبلغ حجم سوق المعدات الطبية في الصين والهند حوالي 15 مليار دولار، ليحتل نسبة 5% فقط من السوق العالمي، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 25 مليار دولار بعد 7 سنوات، وهذا دليل على احتمال نمو سوق تأجير المعدات الطبية في المستقبل بشكل كبير.
والجدير ذكره أن الولايات المتحدة الأميركية وكندا وألمانيا وفرنسا تحتل أكثر من 60% من السوق العالمي لتأجير المعدات الطبية، غير أن الأسواق الناشئة مثل الصين والهند ـ كما ذكرنا ـ بدأت تشهد تقدما مستمرا في هذا المجال، فعلى سبيل المثال لا الحصر تتوقع غرفة التجارة والصناعة الهندية ارتفاع حجم صناعة تأجير المعدات الطبية من 3 مليارات دولار حاليا إلى أكثر من 7 مليارات سنويا بحلول سنة 2012 حيث من المتوقع نمو عدد المستشفيات والمستوصفات الخاصة والعامة.
فحسب آخر الأرقام الرسمية سيرتفع إجمالي استثمارات ما يعرف بالملكيات الخاصة (private equity investments) في المستشفيات وفي شركات تصنيع المعدات الطبية في الهند إلى ما يقارب 50 مليار دولار هذا العام، وتفيد غرفة التجارة الهندية بأن أغلب المعدات في القطاع الصحي مستوردة من الولايات المتحدة الأميركية، إلا أن عدد المصنعين المحليين قد ارتفع بشكل لافت أخيرا.
وقد شهد السوق الهندي في الأعوام القليلة الماضية بعض صفقات الاستحواذ في هذا الإطار، فعلى سبيل المثال اشترت شركة «فيليبس الهند» شركة «ميديترونيكس» الرائدة في تصنيع مكنات التصوير بالأشعة (x-ray) في أواخر عام 2008، مما منح فيليبس الوصول إلى منتجات جيدة ورخيصة لبيعها في السوق الهندي، وقد تمت الصفقة بعد إتمام الاستحواذ مباشرة من قبل فيليبس أيضا على شركة هندية أخرى متخصصة في أنظمة تصوير القلب بالأشعة. وتنوي شركة جونسون آند جونسون الأميركية التوسع أيضا في السوق الهندي.
وفي الختام، تتوقع «سبائك» أن يشهد القطاع الصحي في المنطقة تطورا كبيرا، وأن تتحسن جودة الخدمات وتنافسيتها على المستوى العالمي، مما سيخلق فرصا ثمينة لقطاع تأجير المعدات الطبية.
4 عوامل وراء ارتفاع الطلب في المنطقة
تظهر أسواق دول الخليج كأنها مقبلة على طفرة في الطلب على المعدات الطبية، وذلك باختصار لأن الإنفاق على الرعاية الصحية ينمو، ويحفز الطلب عوامل مختلفة أبرزها:
- 1ـ من المتوقع أن ينمو عدد السكان في الخليج بمعدل سنوي مركب يبلغ 3% حتى عام 2015، وهي من أعلى النسب في العالم.
- وبعد هذا العام سيتراجع معدل النمو إلى 1.8% تقريبا في كل عام حتى سنة 2025م ليصبح معها عدد السكان في دول مجلس التعاون ضعف الحجم الحالي تقريبا.
- 2 ـ النمو السكاني سيرفع دون شك عدد الكبار في السن، مما سيزيد الطلب على الرعاية الطبية، لأن لديهم متطلبات صحية غالية أكثر من الشباب، فعلى الرغم من النجاح الذي تحقق في تقليل معدل الوفيات بين الأطفال في الأعوام الماضية إلا أن أعداد المسنين ستستمر في النمو خلال السنوات المقبلة، ففي السعودية على سبيل المثال سيزداد عدد الأشخاص الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما أكثر من 7 أضعاف خلال 25 سنة مقبلة.
- 3 ـ تعد دول التعاون نموذجا فريدا لعوامل الخطر، فعلى سبيل المثال لا الحصر يعتبر مرض السكري منتشرا بشكل كبير بين المواطنين بسبب ارتفاع نسبة السمنة مقارنة مع باقي دول العالم، ونتيجة لذلك سيرتفع الطلب على العلاج خلال السنوات المقبلة بنحو 240% حسب تقديرات رسمية، وستزداد نسبة الأمراض القلبية الوعائية 419% بالإضافة إلى الأمراض المرتبطة بالسكري بنسبة 323%، وستصبح الأمراض القلبية الوعائية ذات عبء أكبر على دول المنطقة حسب الكلفة، إذ تمثل اليوم 12% من إجمالي مصروفات الرعاية الطبية، ومن المتوقع أن تتضاعف تلك النسبة بحلول عام 2025 مما يعني أن مصروفات العلاج من الأمراض القلبية الوعائية سترتفع أيضا مرتين تقريبا.
- 4 ـ عامل آخر يدل على احتمال ارتفاع الطلب في القطاع الصحي هو نسبة المدخنين من إجمالي عدد السكان، فحتى وقت قريب لم تأبه الحكومات الخليجية بوقف هذه الظاهرة والآفة الخطيرة، فحوالي 30% من الراشدين الذكور في الكويت يدخنون، وترتفع هذه النسبة إلى 37% في قطر، وتنخفض إلى 22% في السعودية، و23.5% في البحرين، و18.3% في الإمارات، و15.5% في عمان، حسب منظمة الصحة العالمية.
تحديات أمام القطاع
إلى ذلك تحدد «سبائك» في تقريرها الشهري جملة من التحديات التي يعاني منها قطاع تأجير المعدات الطبية في المنطقة، وأهمها:
- 1 ـ نقص التشريعات والقوانين المنظمة للقطاع.
- 2 ـ عدم وجود هيئات متخصصة لرقابة جودة المعدات وكيفية الاستفادة القصوى منها.
- 3 ـ ضعف الانفاق على الأبحاث والتطوير من قبل المستثمرين.
- 4 ـ غياب المعايير في العيادات والمستشفيات العامة والخاصة.
- 5 ـ ارتفاع الطلب بشكل كبير مع النمو السكاني الهائل.
- 6 ـ المعوقات التي يواجهها القطاع الخاص عادة لدخول سوق الرعاية الصحية.
- 7 ـ ضعف أسواق تأمين المعدات الصحية.
وضع قطاع التأجير الخليجي
مع توقعات نمو الطلب على الرعاية الصحية في الخليج خلال العقدين المقبلين، يبدو ان أمام قطاع تأجير المعدات الطبية مسيرة من الازدهار، ولا يتعدى حجم سوق تأجير هذا النوع من المعدات اليوم حاجز المليار دولار، اذ يعتبر منتج التأجير جديدا نسبيا على قطاع الصحة، كما ان الحكومات الخليجية الغنية تسيطر بشكل كبير على هذا القطاع.
وعلى الرغم من ارتفاع الانفاق الرسمي لتحسين الرعاية الصحية في الأعوام القليلة الماضية الا انه مازال أقل بكثير من انفاق الدول المتقدمة، اذ تظهر التقديرات ان انفاق كل من السعودية والبحرين وقطر لا يتخطى 3% من إجمالي الناتج المحلي، في حين ان انفاق كل من الكويت والإمارات وعمان مازال أقل من 2% من اجمالي الناتج المحلي، وذلك مقارنة مع 9% في فرنسا و8% في ألمانيا و7% في اليابان.
وهنا من المتوقع ان يدخل القطاع الخاص بقوة الى هذا السوق الحيوي، مستغلا الفرص الذهبية المتوافرة والطلب المتنامي، ودخول القطاع الخاص يعني مما يعنيه زيادة الطلب على تأجير المعدات الطبية، خصوصا في ظل شح التمويل والرسملة الناتج عن الأزمة، والذي من المرشح استمراره حتى سنوات قليلة مقبلة، كما ان التأجير يوفر مرونة في تغيير التكنولوجيا متى تطورت، ويسمح بتوسع الشركات العاملة في القطاع بشكل أسرع.
200 مشروع لبناء مستشفيات ومراكز طبية
تشهـــد منطقـة الشرق الاوسط عموما ودول مجلس التعاون الخليجي خصوصا طفرة في استخدام المعدات الطبية، فحسب ارقام البنك الدولي يبلغ انفاق دول الخليج على القطاع الصحي 12 مليار دولار في الوقت الحالي، ومن المتوقع ارتفاعه الى 60 مليارا بحلول عام 2025، اي انه سيشهد نسبة نمو تصل الى حوالي 9% سنويا، وقد تم الكشف في الاعوام القليلة الماضية عن اكثر من 200 مشروع لبناء مستشفيات ومراكز طبية في المنطقة بسعة 27 الف سرير جديد واغلب هذه المشاريع ستسلم بحلول سنة 2015.
وفي الوقت الحالي يبلغ متوسط عدد الأسرة في المستشفيات لكل ألف فرد خليجي سريرين فقط، وتشير تقديرات مؤسسة «داو جونز» إلى ضرورة توفير أكثر من 138 ألف سرير بحلول عام 2050 لتلبية الطلب المتزايد على الاستشفاء والعلاج، مما سيخلق طلبا من دون شك على المعدات الطبية.
وتنقسم هذه التقديرات إلى 99.6 ألف سرير في المملكة العربية السعودية، و15.6 ألفا في الإمارات العربية المتحدة، و9.5 آلاف في الكويت، و7.7 آلاف في سلطنة عمان، و3.5 آلاف في البحرين، وأخيرا 2738 ألف سرير في قطر.
وقد طورت دول الخليج قطاع المستشفيات بشكل كبير في العقود الماضية، إذ تخطى عدد المستشفيات في السعودية اليوم الـ 350 بعد أن كان 74 مستشفى فقط في عام 1970، كما ارتفع عدد أسرة المستشفيات المتوافرة في دبي بنسبة 36% في آخر 10 أعوام ليصل اليوم إلى 3000 سرير تقريبا مقارنة مع 1895 سريرا في عام 2001.