- «اليأس» من وضع السوق أدى لانخفاض متوسط التداول اليومي إلى 26.6 مليون دينار خلال يونيو
قال تقرير مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية أن المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية انخفض بمعدل 1.3% خلال شهر يونيو 2010، كما انخفض المؤشر السعري بنسبة مقاربة بلغت 1.7%، مما يعني أن هبوط الأسعار خلال الشهر المذكور كان عاما لجميع شرائح الشركات المدرجة، سواء كانت كبيرة أو متوسطة أو صغيرة، والذي يعتبر مؤشرا غير مريح لغياب عمليات الشراء الانتقائية المعهودة، مما يجعل التباين واضحا بين المؤشرين السعري والوزني في كثير من الحالات.
وأوضح التقرير أن غياب عمليات الشراء الانتقائي يمكن تفسيرها باليأس من وضع سوق المال الكويتي والاستسلام لانحداره المستمر، ويدعم ذلك التوجه السلبي، انخفاض متوسط التداول اليومي إلى 26.6 مليون دينار خلال يونيو مقابل 34.6 مليون دينار خلال الشهر السابق له وهو مايو، أي بمعدل تراجع بلغ 23%.
أزمة الثقة
واعتقد التقرير أن الوضع المتردي المستمر للبورصة يعود لعنوان كبير هو «أزمة الثقة»، حيث تتفرع من ذلك العنوان الكبير عناوين فرعية متعددة، منها أزمة الثقة في إدارة البورصة من حيث الرقابة والتنظيم، وأزمة إدارات الشركات المدرجة من حيث ضعف الأمانة والكفاءة، وأزمة الثقة بالبيانات المالية، والتي لا تعكس حقيقة أوضاع بعض الشركات، والذي يرجع جانب منه إلى سلوكيات غير سوية لبعض مدققي الحسابات، وغيرها من العناوين المتعددة لأزمة الثقة السائدة حاليا، والتي أدخلت سوق المال في نفق مظلم نتمنى أن نرى بصيص أمل لنهايته قريبا.
واشار التقرير إلى انه من الأسباب الأخرى للتراجع الحالي لأسعار الأسهم، هو توقع نتائج غير مشجعة للربع الثاني، وهذا شبه مؤكد، حيث يتوقع أن تنخفض النتائج المجملة للشركات المدرجة بشكل ملحوظ عن الربع الأول 2010، والتي كانت أرباحا صافية بمقدار 383 مليون دينار، وقد كانت إيجابية بشكل ملحوظ بالمقارنة مع الربع المناظر من العام 2009، حيث دعم ارتفاع المؤشرين الوزني والسعري بمعدل 14 و8% على التوالي تلك النتائج خلال الربع الأول، بينما يتوقع أن يضغط أداء ذات المؤشرين على النتائج سلبا في الربع الثاني، حيث انخفض الوزني بمعدل 9% وكذلك السعري بمعدل 13% خلال الربع المذكور.
ونظرا للمعطيات السلبية أعلاه لنتائج الربع الثاني 2010، فإننا نتوقع ألا تفوق الأرباح المجمعة للشركات المدرجة مستوى الـ 200 مليون دينار، أي بانخفاض 48% عن الربع الأول 2010، وبانخفاض 55% عن أرباح الربع المناظر من العام الماضي 2009، والتي بلغت 442 مليون دينار، وبافتراض تحقق توقعاتنا للربع الأول 2010، فإن الأرباح المتوقعة للنصف الأول 2010 ستبلغ نحو 583 مليون دينار، مما يفوق أرباح النصف الأول 2009 بمعدل 7%، حيث بلغت وقتها 546 مليون دينار، ولا شك أننا نتمنى أن تتحقق توقعاتنا كحد أدنى، حيث يكون أداء النصف الأول 2010 أفضل من النصف الأول 2009، ولا شك أن توقعاتنا للربع الثاني والنصف الأول 2010 لم تأخذ في الاعتبار الأرباح الاستثنائية لصفقة زين أفريقيا والبالغة 2.7 مليار دولار وفقا للبيان الرسمي للشركة، والتي تعادل نحو 788 مليون دينار.
تم رصد توقعات ثلاث من أوسع الصحف الكويتية انتشارا فيما يتعلق بالأخبار التي تنشرها عن نتائج الشركات المدرجة، وذلك قبل إعلانها رسميا، والتي يمكن اعتبارها «مجازا» توقعات الصحف، وقد جاءت نتيجة توقعات الصحف متواضعة للغاية للربع الأول 2010، حيث بلغ متوسط صحتها 13%، وبلغت النسبة القصوى للتوقعات الصحيحة 33% لإحدى الصحف، بينما بلغت 15% في الصحيفة الثانية، في حين كانت صفرا في الثالثة.
وربما تعذر بعض الصحف للتوقعات غير الموفقة نتيجة لاضطراب وضع الشركات المدرجة، وبالتالي نتائجها، والتي تكون محل التوقعات، وقد لوحظ عزوف شريحة كبيرة من الصحف عن إصدار التوقعات، وهو وضع إيجابي لتجنب التضليل والبلبلة، كما أن التوقعات التي أصدرتها الصحف كانت منخفضة عدديا، حيث بلغت إجمالي توقعات الثلاث صحف الأوسع انتشارا 24 توقعا فقط.
أما توقعاتنا، فقد كانت عن إجمالي النتائج كالعادة، حيث توقعنا من خلال تقريرنا الصادر في 2/5/2010 أن ترتفع الأرباح المجمعة للشركات المدرجة بمعدل 25% كحد أدنى للربع الأول 2010، وقد أعلنت 33 شركة عن نتائجها الفعلية وقت إصدار توقعاتنا، وذلك من أصل 205 شركة، وقد جاءت توقعاتنا في محلها من جانب، حيث تحققت من حيث ارتفاع النتائج عن الحد الأدنى المتوقع والبالغ 25%.
مجهود كبير وعمل مكثف بانتظار رئيس وأعضاء هيئة أسواق المال
ذكر التقرير أن من أسباب ضعف الثقة ببورصة الكويت، عدم تسمية رئيس وأعضاء هيئة أسواق المال، والتي اعتذر عن رئاستها عدة شخصيات، ويرجع اعتذار أحد أو بعض الشخصيات إلى عدم وضوح باقي أعضاء هيئة المفوضين ومعايير تعيينهم، وهل هي وفقا لمقاييس مهنية؟ أم لأهواء معينة؟ أم لترضية هذا الطرف أو ذاك؟ فالمفترض أن يكون أعضاء هيئة أسواق المال فريقا متجانسا ومتفاهما، حيث ينتظرهم مجهود كبير وعمل مكثف لإنجاز اللوائح التنفيذية والقرارات الإجرائية، وهي تفصيلية ومتشعبة بشكل كبير جدا، أما ان كان الفريق غير متجانس، فإن ذلك مدعاة لفشل مبكر لهيئة سوق المال، وهو ما يجب تفاديه بكل تأكيد.
شركات الاستثمار هربت من رقابة «المركزي» بتحولها لـ «قابضة»
بين التقرير أن بنك الكويت المركزي قام بإصدار معايير حوكمة تفرض على شركات الاستثمار خاصة فيما يتعلق بالقروض، وذلك على خلفية الكارثة التي حلت بشريحة عريضة من شركات الاستثمار إثر حالة الفلتان، والتي استمرت لعقد من الزمان، وتتلخص معايير الحوكمة في نسبة الاقتراض إلى حقوق المساهمين ونسبة الاقتراض الأجنبي من الإجمالي، والحد الأدنى من الأرصدة النقدية السائلة، وقد منح البنك المركزي فرصة مناسبة حتى منتصف 2012 كي تلتزم جميع الشركات الاستثمارية الخاضعة لرقابته بتلك المعايير، وإلا تم اتخاذ إجراءات جدية تجاهها. وبالرغم من تأخر تلك المعايير، حيث إنها لو كانت مطبقة منذ بداية فورة تأسيس شركات الاستثمار ابتداء من العام 2003، لما حدثت كارثة شركات الاستثمار، وعلى كل حال، أن نصل متأخرين خير من ألا نصل، ورغم انتقادنا للبنك المركزي لتأخره في وضع الإجراءات الاحترازية، إلا أنه لا يقارن إطلاقا بالمؤسسات الحكومية الأخرى مثل سوق الكويت للأوراق المالية ووزارة التجارة والصناعة، والذي أدى تراخيهما في أداء واجباتهما إلى زعزعة الثقة في الاقتصاد الوطني وتدمير سمعة الدولة اقتصاديا، والتسبب في تخلف غير مسبوق. من جهة أخرى، تبقى ملاحظات مهمة حول قرارات البنك المركزي الأخيرة، حيث يبدو أنها لا تشمل الشركات القابضة، حيث تحولت بعض الشركات الاستثمارية إلى شركات قابضة لتفادي رقابة البنك المركزي فيما سبق، وبالتالي، نتوقع أنها غير مشمولة بالقرارات الجديدة، وإذا ما صح ذلك، فإن الرقابة ناقصة، وهناك فجوة يجب ردمها من الآن حتى لا تتسع، وذلك من حيث تحول الشركات الاستثمارية إلى قابضة، وبالتالي الهروب من رقابة البنك المركزي إلى رقابة وزارة التجارة الضعيفة.