- قطاع التجزئة ثاني القطاعات الاقتصادية بدول الخليج من حيث الحجم
أحمد يوسف
ذكر تقرير متخصص صادر عن شركة كابيتال ستاندردز التي ترأس مجلس إدارتها د.أماني بورسلي عن قطاع التجزئة في الكويت ان القطاع شهد نموا كبيرا، وبصورة رئيسية خلال العام المالي 2007/2008، وذلك نتيجة ارتفاع الطلب بقوة من جانب الشباب والسكان المتميزين بدخول عالية.
وأضاف التقرير ان عمليات التنمية والتوسع التي تمت في مراكز التسوق والمجمعات التجارية والتي شهدت دخول حوالي 29 من أهم شركات تجارة التجزئة العالمية خلال العام المالي 2008 قد أدت إلى اتساع قطاع التجزئة وانتعاشه بشكل كبير.
ووفقا لتقارير كويتية ديموغرافية صدرت في يونيو 2010، قال التقرير، إن حوالي 60% من سكان الكويت تقل أعمارهم عن 25 عاما، وهي ترتفع بنسبة 3% سنويا.
وبحسب مجلة ميد، فإنه من المتوقع بحلول نهاية 2029، فقد ارتفع عدد السكان إلى 5.40 ملايين نسمة. وبالتالي، فإن الطلب من المرجح أن يتأثر ايجابيا لأعلى بزيادة عدد السكان المحليين.
تأثير الأزمة
وبيّن التقرير تأثير الأزمة المالية العالمية بالسلب على اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي. ورغم ذلك، فإن قطاع تجارة التجزئة حافظت على نمو الإيرادات فيها بشكل صحي خلال السنة المالية 2008 وبمتوسط نمو بلغ 17.90% على أساس سنوي.
وقال ان تأثير الأزمة المالية كان قد اشتد على مجال بيع التجزئة في السلع الفاخرة نتيجة أن المستهلكين أصبحوا أكثر وعيا بمسائل النفقات، إلا أن المرونة في قطاع تجارة التجزئة بشكل عام ظلت جيدة. ومن المتوقع أن قطاع تجارة التجزئة في الكويت سيتأثر تأثرا إيجابيا بالاتجاهات الديمغرافية العامة التي من المقرر أن تعمل في صالح قطاع التجزئة في المنطقة ككل.
نظرة عامة
وأشار التقرير إلى ان دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر ان قطاع تجارة التجزئة هو ثاني أكبر قطاع من حيث الحجم، بعد قطاع النفط في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث إن المنطقة لديها نحو 6 ملايين متر مربع من الأنشطة التنموية في هذا القطاع، فضلا عن بعض المشاريع التي مازالت قيد التنفيذ.
وأوضح التقرير ان قطاع التجزئة قد تأثر سلبا بما طال دول مجلس التعاون الخليجي جراء الركود الاقتصادي العالمي خلال العام المالي 2009، ولكن الأثر السلبي كان أقل قوة وصرامة في قطاع التجزئة بالمقارنة مع ما طال قطاعات تجارة التجزئة في العالم أجمع.
ولفتت الدراسة الى ان الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي قد شهد بشكل عام نموا أعلى من معدل النمو السكاني بالمنطقة في السنوات القليلة الماضية، وبالتالي أدى هذا إلى تعزيز دخول المستهلكين المتاحة لهم، ففي السنة المالية 2009، بلغ إجمالي الناتج المحلي الإجمالي في دول مجلس التعاون الخليجي حوالي 868.50 مليار دولار، وذلك مقارنة بمبلغ قدره 342.00 مليار دولار في السنة المالية 2000.
ومن ثم، فقد أسفر ارتفاع الدخل المتاح للإنفاق لدى المستهلكين إلى قيامهم بزيادة الإنفاق، مما أسفر عن نمو عام في قطاع تجارة التجزئة بالمنطقة.
العلامات التجارية
وبيّن التقرير انه نظرا لارتفاع الدخل القابل للتصرف لدى المستهلكين، فقد زادت الرغبة في شراء المنتجات ذات العلامات التجارية الغربية الغالية الأسعار، وهو ما أدى إلى استهداف هؤلاء المستهلكين من قبل الشركات العالمية. وقد دفع ذلك شركات التجزئة العالمية لزيادة تركيزها على دول مجلس التعاون الخليجي وبخاصة في قطاع البيع بالتجزئة.
وكان استطلاع أجرته «سي بي ريتشارد إليس» خلال السنة المالية 2008 قد أظهر أن 37 من أهم شركات التجزئة العالمية الجديدة قد بادرت بالدخول إلى سوق المملكة العربية السعودية، وبشكل أكبر مما فعلت في أي بلد آخر في العالم، تليها الكويت في معدل دخول شركات التجزئة العالمية الجديدة، والتي وصل عددها 29 شركة. ثم تليها الإمارات في المرتبة الـ 3 على التوالي وفق المسح المشار إليه.
وأشار التقرير إلى أن شركات التجزئة العالمية الجديدة تنظر الى اقتصاد دول مجلس التعاون الخليجي على انه من الاقتصادات النامية والناشئة، وبالتالي فهناك إمكانية كبيرة في نمو هذه المنطقة في المستقبل. وفي الآونة الأخيرة كانت الشركات العالمية ذات العلامات التجارية المعروفة العاملة في مجال التجزئة، والتي بادرت بالدخول بشكل مكثف في المنطقة، هي من قبيل: كارفور، ودبنهامز وماركس اند سبنسر. والتي بالفعل سبق لها بناء سمعتها في دول مجلس التعاون الخليجي.
ورجح التقرير عمليات التوسع الذي تقوم به شركات التجزئة العالمية سيؤدي إلى اشتداد المنافسة، مشيرة الى انه أثناء وبعد الأزمة المالية العالمية، انخفض الطلب على السلع الفاخرة الباهظة الثمن.
ووفقا لمسح أجرته مؤسسة داتا مونيتور، فإن معظم المستهلكين الخليجيين خلال العام المالي 2009 قاموا بخفض الإنفاق على السلع الفاخرة وذلك للوفاء بالتزامات ديونهم.
تجزئة المواد الغذائية
وحول تجزئة المواد الغذائية قال التقرير ان الجمعيات التعاونية تسيطر على قطاعات تجارة التجزئة في مجال الغذاء في الكويت بشكل عام. وهذه الجمعيات تضم محلات البقالة والسوبر ماركت والمتاجر والهايبر ماركت وغيرها. أما بالنسبة لمحلات بيع التجزئة الخاصة والصغيرة، فهي تقتصر أساسا على التصريح لها بالعمل داخل بعض المناطق التجارية.
من أجل التغلب على هذا القيد والمحدودية، فإن بعض تجار التجزئة في القطاع الخاص المحلي مثل مركز سلطان قد بدأت بالتوسع في الخارج، حيث قامت سلاسل سلطان بالتوسع عبر افتتاح 15 من منافذ البيع بالتجزئة الجديدة في دول الأردن ومصر والكويت وسلطنة عمان والبحرين وسورية والإمارات خلال 2008، بالإضافة الى أن الحكومة قد وافقت على السماح لعدد من تجار التجزئة باستيراد السلع مباشرة من الموردين الخارجيين.
وهذا الأمر سيقلل من تكلفة رسوم وإجراءات الاستيراد على تجار التجزئة الكويتيين، وسيتيح لهم الحصول على صفقات أفضل من ناحية الأسعار والتسهيلات.
وعلاوة على ذلك، فإن ذلك سيزيد من الميزة التنافسية لدى تجار التجزئة الكويتيين كما سيؤدي للحد من الفرص المتاحة لحدوث مبادرات دخول جديدة في سوق التجزئة في الأعوام القادمة.
ونتيجة لذلك، رجح التقرير تراجع أسعار السلع الاستهلاكية خلال الشهور المقبلة، ومع ذلك، فإن التقارير في الآونة الاخيرة عن أغلب الشركات العالمية العاملة في مجال تجارة التجزئة والموجودة في الكويت مثل كارفور، سيتي سنتر وجيان، تثبت أنها قد وسعت من تواجدها في الكويت.
وهذه التوسعات للشركات العالمية من المرجح أنها ستؤدي إلى مواصلة تعزيز المنافسة في مجال قطاع التجزئة بالكويت.
تجزئة المواد الصيدلانية
وقال التقرير إلى ان أسلوب حياة شعوب بلدان مجلس التعاون أدى إلى زيادة المخاطر الصحية التي يواجهونها، فاليوم تحتل الإمارات المرتبة الثانية في العالم في نسبة الإصابة بمرض السكري (20%) تليها المملكة العربية السعودية (14.40%) والبحرين (15.20%) والكويت (14.40%)، حسب إحصائيات الاتحاد الدولي للسكري. وتعطي هذه العوامل دليلا ومثالا على زيادة الطلب على المنتجات الطبية. وفيما يتعلق بقطاع الرعاية الصحية فإن الكويت لاتزال مقيدة بالصناعات الوطنية المحدودة وبالعدد القليل للمرافق التكنولوجية وهذا كله لصالح مستوردي الأدوية.
التجزئة للسلع الاستهلاكية
ولفت التقرير الى ان الزيادة السكانية ونمو باعة التجزئة الأجانب في الأسواق المحلية قد أحدثت آثارا إيجابية على قطاع تجزئة السلع الاستهلاكية في بلدان مجلس التعاون. ولكن الأزمة الاقتصادية الأخيرة زادت من فقدان فرص العمل في المنطقة مما أدى الى ضغط المستهلكين لميزانياتهم، ومن جهة أخرى أفادت هذه العوامل باعة التجزئة للسلع الاستهلاكية غير الاختياريين مع ازدياد وعي المستهلكين تجاه إنفاقهم. ولذلك بقي الطلب مستقرا على السلع غير الاختيارية. كما ان تطوير المشاريع ومجمعات التسوق سيزيد الطلب على السلع المستوردة.
وهناك 5 شركات تعتبر من باعة تجزئة للسلع الاستهلاكية مدرجة في بورصة الكويت وهي مركز سلطان وشركة جلف فرانشايزنغ وفيلا مودا وحياة للاتصالات وفيوتشر للاتصالات. وهنالك عدد من شركات التجزئة الخاصة مثل شركة عبدالعزيز سعود البابطين وأولاده وصناعات الغانم ومجموعة الشايع ومجموعة مراد يوسف بهبهاني ومجموعة مساعد بدر الساير وكلها تمتلك خبرة سنوات طويلة في هذه الشريحة. ولكن هذه الشركات ليست شركات مساهمة عامة، الأمر الذي يفرض قيودا على التحليل في هذا التقرير.
7 شركات مدرجة في البورصة بقطاع التجزئة
أشارت الدراسة الى ان سوق الكويت للأوراق المالية تضم 7 شركات تجارة تجزئة وفقا لأحجام وأنشطة مختلفة من إجمالي 59 شركة في قطاع الخدمات.
ووفقا لتقارير صدرت عام 2010، فإنه من المتوقع أن مبيعات التجزئة في الكويت سترتفع من 42.64 مليار دولار في السنة المالية 2009 إلى 59.27 مليار دولار بحلول نهاية السنة المالية 2014، وهذه التوقعات الايجابية ترجع أساسا إلى وجود توقعات اقتصادية مواتية بالمنطقة، فضلا عن ارتفاع في مستويات الدخل المتاح للإنفاق، وتنوع قاعدة المستهلكين.
وأكد التقرير ان قطاع التجزئة في الكويت قد شهد توسعا ملموسا مؤخرا نظرا لتطوير وتوسع مراكز التسوق والمولات بشكل ملحوظ.
السلوك الشرائي أبرز تحديات القطاع بالمنطقة
ختم التقرير كلامه بأن قطاع التجزئة الإجمالي في المنطقة يواجه تحديات يمكن إرجاعها بشكل رئيسي الى السلوك الشرائي للمستهلك يليه القيود على التمويل الاستهلاكي. وهذا يعود بشكل رئيسي إلى الأزمة الاقتصادية العالمية. وفضلا عن ذلك هنالك توقعات بفرض ضريبة القيمة المضافة في بلدان مجلس التعاون بحلول عام 2012. وسيؤدي ذلك الى تقليص فكرة «خالٍ من الضرائب» خصوصا من منظور التكاليف الاستهلاكية. ولكن لابد من الإشارة إلى انه خلال السنة المالية 2009 بدأ سوق التجزئة في الخليج بإظهار علامات التعافي مع بداية ازدياد الطلب على السلع الكمالية حيث دلت الإيرادات على معدل نمو جيد. أما من المنظور المحلي فان الكويت تمتلك عوامل سكانية مواتية مع دخل متاح مرتفع مما ينطوي على إمكان دخول باعة تجزئة جدد إلى السوق.