توقع تقرير أعدته شركة «بيتك» للأبحاث تواصل معدلات النمو في الاقتصاد الماليزي من خلال القطاعات الرئيسية، حيث يتوقع ان يحقق ارتفاعا قويا بنسبة 10% سنويا بنهاية العام الحالي، مدعوما بالاستهلال المحلي القوي وانتعاش مستويات الطلب العالمي خاصة من قبل شركاء ماليزيا التجاريين الأقوياء ونجاح خطط الحكومة الماليزية لإنعاش الاقتصاد وتحفيز الاستثمار لدفع البلاد نحو اقتصاد يتميز بدخل مرتفع في غضون السنوات الـ 10 المقبلة، مما انعكس إيجابا على العديد من المؤشرات في المجالات المهمة مثل الصناعة خاصة الصناعات التحويلية والتصدير والناتج الإجمالي المتوقع وتدفق رؤوس الأموال.
وأشار التقرير الذي تناول جوانب التميز في أداء الاقتصاد الماليزي ومؤشرات نموها، إلى أن جميع القطاعات الرئيسية للاقتصاد في ماليزيا سجلت نموا بنسب متفاوتة إلا أن قطاع الصناعات التحويلية شهد نموا أقوى بلغت نسبته نحو 17% خلال الربع الحالي مقارنة مع 5% خلال الربع الأخير من العام الماضي وهو ما يؤكد أن هناك انتعاشا حقيقيا يعززه نمو مماثل في قطاعات الخدمات والبناء والتشييد والتعدين والزراعة بسبب ارتفاع إنتاج المطاط والثروة الحيوانية والأخشاب.
وتوقع التقرير أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الاقتصاد الماليزي نموا بنسبة تصل إلى 6% للعام الجاري وان ينمو قطاع التصدير بنحو 20% على أساس سنوي للعام نفسه في ظل تدن تاريخي لأسعار الفائدة وطلب متزايد على التمويل مع وفرة من السيولة في النظام المصرفي، مما قد يبقى التضخم عند مستواه المنخفض 2% أو أقل.
وأشار التقرير الى أن ماليزيا سجلت في أول قراءة للوضع الاقتصادي فيها وبالتحديد لحصيلة الناتج المحلي الإجمالي لعام 2010 ارتفاعا قويا بنسبة 10.1% على أساس سنوي، مقابل نمو بلغ 4.4% في الربع الرابع من 2009، يدعمه في ذلك الاستهلاك المحلي القوي، والانتعاش الذي شهدته مستويات الطلب العالمي والتأثير القوي الموجه الذي بدأ منذ الربع الأول في 2009.
كما سجلت جميع القطاعات الرئيسية للاقتصاد الماليزي نموا بنسب متفاوتة، وخاصة قطاع الصناعة التحويلية، الذي شهد نموا قويا بنسبة بلغت 16.9% خلال الربع الحالي مقارنة مع 5.0% في الربع الرابع من 2009، بينما سجل قطاع الخدمات نموا قدره 8.5% في الربع الأول من 2010، مقارنة مع 5.2% في الربع الرابع من 2009، مدعوما بقوة نمو مزدوجة في قطاعات فرعية عدة كالمرافق بنسبة 16.6%، وكذلك الخدمات العقارية والتجارية بنسبة 14.2%. وواصل قطاع البناء والتشييد النمو بمعدل 8.5%.
وشهد قطاع التعدين تحولا ليسجل بذلك نموا بنسبة 5.2%، وتوسع قطاع الزراعة بنسبة 6.8% بفضل ارتفاع إنتاج المطاط والثروة الحيوانية والأخشاب.
وقد أظهر الاقتصاد الماليزي انتعاشا واضحا برز في تحرك البنك المركزي الماليزي (نيغارا ماليزيا) لرفع سعر الفائدة بمقدار 75 نقطة أساس منذ مارس 2010 فضلا عن الحد من الدعم المقدم لبعض المواد الأساسية.
وفي ظل هذه الظروف الجديدة، فقد أصبح من الممكن تحقيق نمو في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في الاقتصاد الماليزي بنسبة تراوحت حول 6% لعام 2010 يدعمها الطلب المحلي القوي، ومن المتوقع أن تزيد على نسبة 6%، نظرا للانتعاش المأمول حصوله في قطاع التصدير بنحو 20% على أساس سنوي هذا العام.
من جانب آخر، يشير النمو القوي في الإنتاج الصناعي في الربع الثاني من 2010 إلى تواصل هذا النسق ليمتد إلى ربع آخر من النمو في نسب الناتج المحلي الإجمالي.
وفي هذا السياق، لاحظ التقرير أن ماليزيا مثل سنغافورة تستفيد من الانتعاش الحاصل في تنامي الطلب العالمي الذي يذكيه الأداء التجاري للاقتصادات التي تعتمد على التصدير في المنطقة، مشيرا الى أنه بدءا من الربع الرابع 2009، فقد ساعدت أنشطة إعادة تكوين المخزون العالمي إلى إحداث نمو في حركة التصدير في ماليزيا وتوسع نمو قطاع الصناعات التحويلية، كما تزامن التناقص في مستويات المخزون مع ثبات الأسعار نتيجة الصحوة التي طرأت على صناعة «أشباه الموصلات» عالميا، إلى تعزيز النمو في قطاع الصناعات التحويلية.
وقد حافظ الاستهلاك الخاص على المرونة بسبب توافر الائتمان، وانخفاض أسعار الفائدة، ومعدلات البطالة المنخفضة نسبيا، وارتفاع معدل الادخار، كما ارتفعت قيمة الوحدات السكنية بدعم من الارتفاع المعتدل الحاصل في أسعار العقارات، وكذلك الثروات الموجودة في سوق الأسهم.
ومن المتوقع أن يتزايد الطلب المحلي ليقترب من 6% في عام 2010، بعد أن انخفض إلى 4% في عام 2009، نتيجة للزيادة في الاستهلاك الخاص حيث استجمع القطاع الخاص وتيرة النشاط، فضلا عن ظروف سوق العمل التي تحسنت وبالتالي ارتفعت معنويات المستهلكين.
وأفاد التقرير بأنه لا يتوقع أن تؤدي الزيادة التراكمية التي بلغت 75 نقطة أساس في سعر الفائدة هذا العام إلى كبح جماح مستويات الاستهلاك الخاص نظرا لأن أسعار الفائدة لاتزال في أدنى مستوياتها التاريخية، الأنشطة الاقتصادية المحلية تتنامى هي الأخرى، وهناك طلب متزايد على التمويل، والأهم من ذلك كله أنه لاتزال هناك وفرة من السيولة في النظام المصرفي المحلي.
أما الخطر الرئيسي المتوقع على المدى القريب فهو خارجي وينبع من قوة الانتعاش العالمي، حيث ان جانبا مهما من النمو يعتمد على أنماط الاستهلاك الخاص لتعزيز الاقتصادات المتقدمة الكبرى، والتي تعد شركاء ماليزيا التجاريين الرئيسيين، بالاضافة الى ان التضخم في أسعار الاستهلاك سيكون له تأثير إيجابي على النمو إذا ما تكاثفت ضغوط الأسعار بعد تحرك الحكومة في الآونة الأخيرة لخفض الدعم على بعض أسعار المواد التي تراقبها عن كثب، غير أن الطاقة الإنتاجية الفائضة، إضافة إلى الإنفاق الاستهلاكي لايزال تحت السيطرة في الاقتصادات المتقدمة مما سيساعد على إبقاء نسب التضخم تحت السيطرة، أي عند متوسط 2% في العام الحالي.