تشكل شركات الاستثمار احد القطاعات المهمة في النشاط الاقتصادي ومن ثم تبدو أهمية الاطمئنان بشكل مستمر ومن خلال آليات مناسبة وفعالة على سلامة وقوة هذه الشركات، لاسيما في ظل التداعيات السلبية التي تركتها الأزمة المالية العالمية على الاقتصادات الوطنية بمختلف قطاعاتها ومؤسساتها.
وانطلاقا من ذلك، بادرت العديد من البلدان إلى إخضاع شركاتها الاستثمارية لما يطلق عليه «اختبارات الضغط أو الإجهاد»، وذلك أسوة بالوحدات العاملة في القطاع المصرفي وفي مقدمتها البنوك.
فما اختبارات الضغط؟ وما أهميتها؟ وكيف يتم اجراؤها لاسيما في قطاع الشركات الاستثمارية؟
وبإيجاز فإن اختبارات الضغط التي تطبق على الشركات، تشابه تلك الاختبارات المطبقة على البنوك والمؤسسات العاملة في القطاع المصرفي، حيث تهدف الى قياس قدرة الشركات على تحمل الخسائر المستقبلية التي يمكن أن تتعرض لها في ظل سيناريوهات محددة حول الأوضاع الاقتصادية والمالية في المستقبل، بما يتضمنه ذلك من احتمالات خسارة الشركات لنسب معينة من اصولها للوفاء بالتزاماتها المالية وإطفاء خسائرها.
وهذه السيناريوهات تبدأ بما يسمى بالسيناريو الأساسي، أو سيناريو استمرار الأوضاع الحالية على ما هي عليه، وعدة سيناريوهات بديلة تختلف في درجة حدة الفروض القائمة عليها.
وتحاول هذه الاختبارات التأكد من أن الشركات سوف تكون لديها موارد رأسمالية كافية لمواجهة الخسائر التي يمكن أن تتعرض لها في حال تحقق السيناريو الأسوأ من بين هذه السيناريوهات.
ولذلك يفترض أن يترتب على اختبارات الضغط بناء تصور عن مدى قدرة الشركات على مواجهة الصدمات المحتمل حدوثها في المستقبل، إذا ما تطورت الأوضاع الاقتصادية والمالية على النحو الأسوأ، وتقييم قدرتها على استيعاب الصدمات المختلفة الناجمة عن مخاطر الأسواق والأسعار.
وتكمن أهمية نتائج اختبارات الضغط للشركات في أنها تساعد في وضع تصنيف واقعي للشركات الموجودة من حيث جودة الأصول ومواجهتها للخسائر، كما تساعد هذه الاختبارات على اتخاذ الإجراءات المناسبة حيال الشركات التي تظهر النتائج سوء أوضاعها في حال تحقق السيناريو الأسوأ لكي تستمر في أعمالها، وحتى لا تتعرض للإفلاس، وعلى ذلك فان نتائج تلك الاختبارات سوف تحدد الشركات ذات الأوضاع المتينة، وهي التي تكفي أصولها لتمويل التزاماتها وتغطية خسائرها المستقبلية، ومن ثم يمكنها أن تستمر معتمدة على قدراتها الذاتية، وكذلك تحديد تلك الشركات التي سوف تحتاج إلى مساعدة من الحكومة او من البنوك لكي تستمر في العمل، وهي تلك المحتمل أن تكون ذات ملاءة مالية جيدة عند تحسن أوضاع الاقتصاد، غير أنها تحتاج في أوقات تحول السيناريو الأسوأ إلى واقع للمساعدة.
ويفترض السيناريو الأسوأ، حدوث صدمة تؤدي إلى هبوط في معدلات النمو يترتب عليها تراجع معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي، ومن ثم حدوث كساد، وبالتالي يترتب على صدمة النمو في ظل السيناريو الأسوأ تراجع في مستويات الثقة في الاقتصاد ككل وهو ما يؤثر سلبا على الاستثمار والاستهلاك الخاص، ومن ثم انخفاض مستويات التوظيف وتوقعات الأرباح للشركات التي تتعرض لخسائر إضافية خاصة في ظل وجود قروض تراكم مديونياتها.