- 7.5 مليارات دينار المتوسط السنوي لكلفة مشاريع التنمية.. وتنفيذها يتطلب تمويلاً نقدياً بين 1 و 2 مليار دينار
- البنوك المحلية لديها القدرة اللازمة للتمويل وحاجتها إلى السيولة الحكومية تتراوح بين 200 و 500 مليون دينار سنوياً
هشام أبوشادي
رغم إقرار خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية بقانون في شهر ابريل الماضي ووجود الكثير من العراقيل التي تواجه تنفيذ هذه الخطة بدءا من عدم قدرة الاجهزة الحكومية على متابعة التنفيذ والافتقار للكوادر البشرية المؤهلة لمثل هذه المشاريع، وكذلك القناعة بعدم قدرة القطاع الخاص المكبل بديون تصل الى 20 مليار دينار على تنفيذ هذه المشاريع والدورة المستندية الطويلة التي تعد من اهم العوائق وغيرها من العراقيل التي تواجه تنفيذ هذه الخطة، إلا أن قضية التمويل كانت الاكثر بروزا رغم انها في نظر الكثير من المسؤولين في المصارف لا تمثل مشكلة قياسا بالمشاكل الاخرى التي يجب على السلطتين التركيز عليها لمعالجتها خاصة ما يتعلق بضرورة اقرار حوالي 22 قانونا، فقد اظهرت الأزمة العالمية ان البنوك المحلية افضل بكثير من بنوك خليجية وعربية عالمية.
وفي تصريحات عدة لمحافظ البنك المركزي وكذلك رئيس اتحاد المصارف اكد فيها ان البنوك المحلية تمتلك القدرات المالية والفنية والإدارية لتمويل مشاريع التنمية وان محاولات استبعادها او ايجاد بدائل اخرى ستؤدي الى ازمات كبيرة ستنعكس سلبا على خطة التنمية والمال العام.
مقترحات وملاحظات
مصدر مصرفي كبير خص «الأنباء» بمجموعة من المقترحات والملاحظات حول تمويل وتنفيذ خطة التنمية الاقتصادية، والتي جاء فيها ان البنوك لم تتأخر يوما في توفير التمويل المطلوب لأي من المشاريع التنموية وان ما يجري تداوله في الوقت الراهن من اقتراحات وافكار لتمويل خطة التنمية يتناقض مع مسيرة البنوك الطويلة وتاريخها المضيء في هذا المجال.
وجاء في الدراسة ان المشاريع الضخمة القائمة حاليا بتمويل محلي واجنبي مشترك، وهناك ما قيمته 2 مليار دينار من المشاريع الضخمة التي منحت هذا العام وما قيمته 1.2 مليار دينار قد طرحت مناقصاتها والتي يجري تمويلها بالقنوات الطبيعية.
إلا أن الدعم الحكومي سيبقى ضروريا في المستقبل على شكل توفير السيولة اللازمة للبنوك، وفي بعض الحالات تقديم ضمانات لبعض القروض على نحو مشابه للدول الأخرى (مثل بنكي الكوفاس الفرنسي واكزيم الاميركي) لكن هذه الضمانات لا يجب ان تغطي كامل قيمة القرض، بل يجب ان يتشارك القطاعان العام والخاص عوامل المخاطر، ما سيتيح للبنوك تقدير هذه المخاطر على نحو سليم وبالتالي منح التمويل وما سيعود بالفائدة على الجميع.
يشار الى ان تمويل المشاريع وتقدير المخاطر المرتبطة عملية بالغة التعقيد وتقنية بالكامل، والقطاع المصرفي يزخر بالخبرات في هذا المجال اكثر من اي قطاع آخر، وهذه الخبرات تشمل المجالات القضائية والاستشارية والخدمات الهندسية وغيرها لاسيما في المشاريع الضخمة التي تقوم على نظام الـ b.o.t أو ppp، ومع وجود جهة تمويلية من خارج القطاع المصرفي او لا، لن يؤتى بهذه الخبرات الا من القطاع المصرفي الذي سيكون الوحيد القادر على توفيرها، إما بشكل مباشر أو من خلال عمل البنوك مع هذه الجهة التمويلية المحتملة.
أما بالنسبة لتباطؤ نمو الائتمان والحالات القليلة التي امتنعت فيها البنوك عن منح تمويل ما فذلك يعود بشكل رئيسي الى جدارة المقاول الائتمانية وأهليته لتنفيذ المشروع وبالتالي لماذا على الحكومة ان تتحمل مخاطر سبق أن رفض القطاع الخاص ان يتحملها؟ فالمسألة هنا هي مسألة تقنية ترتبط بأهلية المقاولين والشركات، وقدرتهم المالية والمهنية على تنفيذ المشاريع بما يجعلها جذابة للبنوك لتمويلها وبما يضمن تنفيذها على نحو أفضل.
قدرة البنوك
لابد أن تتولى البنوك الكويتية تمويل المؤسسات الخاصة من مقاولين او مساهمين في مشاريع التنمية، لعدة اسباب اهمها وفرة السيولة لدى البنوك والخبرات المتراكمة في إدارة المشاريع وتمويل المقاولين وتقييم المخاطر.
من ناحية توفير التمويل المطلوب يبلغ المتوسط السنوي لكلفة مشاريع التنمية حوالي 7.5 مليارات دينار، يتطلب تنفيذها تمويلا نقديا جديدا يتراوح بين 1 و2 مليار دينار سنويا، والذي باستطاعة البنوك المحلية توفيره، الى جانب الإيفاء بنمو الطلب على القروض الشخصية والتجارية، كما ان حجم التمويل النقدي اللازم من البنوك لا يتجاوز 15-25% في مرحلة البناء سواء أكانت مشاريع حكومية أو خاصة والدليل على ذلك ارتفاع حجم التسهيلات الائتمانية النقدية لقطاع التشييد والبناء وقطاع العقار في الأعوام الخمسة المنتهية في آخر 2008 بحوالي 5.6 مليارات دينار بينما بلغ إجمالي حجم تكوين رأس المال الثابت التراكمي في هذه الفترة 26.3 مليار دينار.
وتشير الدراسة التي قام بها البنك الى ان نسبة النمو في القروض المحلية ستتراوح بين 8 و9% في أول سنة من سنوات تنفيذ الخطة، لتصل الى 20% في آخر سنة ومع السيولة الضخمة التي ستقوم الحكومة بضخها من خلال مصروفاتها الرأسمالية فإن قدرة القطاع المصرفي المحلي على استيعاب مثل هذه النسبة من النمو تعتبر قوية جدا.
ولدى البنوك المحلية القدرة اللازمة للوفاء بالطلب على التمويل من دون الحاجة لأن تقوم الجهات الحكومية بضخ سيولة اضافية في القطاع المصرفي إلا بشكل طفيف وان كانت هناك حاجة فلن تتعدى 200-500 مليون دينار سنويا علما أن الانفاق الحكومي يعتبر المصدر الأساسي للسيولة الذي يعوض التدفقات النقدية على السلع والخدمات الواردة من الخارج.