أشار التقرير الصادر عن شركة بوز آند كومباني إلى أن تطبيق مفهوم العمل المرن في دول مجلس التعاون الخليجي سيحسن من معدلات العمالة مطالبا بوضع إطار قانوني شامل للعمل المرن في دول مجلس التعاون الخليجي لزيادة فاعلية أسواق العمل عن طريق تحفيز مشاركة أكبر من العمال المنتمين إلى الفئات الأقل حضورا، الأمر الذي يساهم في الحد من البطالة وزيادة رشاقة الأعمال بشكل عام. وتتطلب هذه العملية تحليلا معمقا لقوانين العمل السارية للتأكد من أن الإصلاحات ستخلق حوافز كافية لكل من أرباب العمل والموظفين المحتملين للانخراط في ترتيبات العمل المرن.
وقال التقرير ان فائدة هذه الإصلاحات ستشعر بها المجموعات السكانية ـ خصوصا النساء من المواطنات والوافدات، البالغين الشباب، والمتقدمين في السن ـ التي يتجاهلها أرباب العمل في الوقت الراهن.
ولا شك في أن سوق عمل أكثر مرونة سيساعد الشركات في تحسين قدرتها على المنافسة والنجاح، خصوصا الشركات التي تخضع للتغيرات الدورية والموسمية على صعيد الطلب. وعلى الرغم من أن قوانين العمل في دول مجلس التعاون الخليجي توفر مرونة كبيرة لأرباب العمل، فإنها تغفل تنظيم ترتيبات العمل بدوام جزئي أو مؤقت، الأمر الذي يجعل عقودا من هذا النوع صعبة ومكلفة أو غير عملية. وتؤدي هذه الثغرة إلى إعاقة التنافسية الاقتصادية للمنطقة في 3 مجالات أساسية: معدل مشاركة العمالة، معدل تشغيل العمالة، ورشاقة الشركات عموما. وتستطيع دول مجلس التعاون الخليجي أن تعالج هذه المسائل جزئيا عبر اعتماد قوانين وسياسات جديدة تعزز ترتيبات العمل المرن، كما تعمل هذه الدول في الوقت نفسه على تعزيز مرونتها الاقتصادية في مواجهة أي ركود مستقبلي.
وفي تساؤل عن مفهوم العمل المرن، أوضح التقرير أن العمل المرن يحقق 3 فوائد رئيسية للاقتصاد الكلي متمثلة في: زيادة المشاركة الإجمالية للعمالة وخفض البطالة وزيادة رشاقة الأعمال بوجه عام.
وأشار الشريك في «بوز آند كومباني» شكرالله حداد في دول مجلس التعاون الخليجي، حيث يبلغ معدل مشاركة القوى العاملة نحو 50% ـ أقل بكثير من معدل 70% في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ـ إلى انه يمكن لأربعة قطاعات سكانية رئيسية الاستفادة من ترتيبات العمل المرن: المواطنين الملازمين لمنازلهم، زوجات العمال الوافدين، الطلاب، والمتقاعدين». وأضاف التقرير أن نسبة مشاركة القوى العاملة النسائية في دول مجلس التعاون الخليجي من أدنى النسب العالمية. فمعدل مشاركة القوى العاملة النسائية في المنطقة، يقل عن المعدلات العالمية البالغة 55%. ومن أصل 8 ملايين إلى 9 ملايين امرأة تقريبا في سن العمل في مجلس التعاون الخليجي، لا يملك أكثر من الثلث موقعا مهنيا ثابتا. تبلغ معدلات عمل النساء المواطنات في المملكة العربية السعودية والإمارات وقطر حوالي 12% و28% و35%، على التوالي.
وفي بعض بلدان مجلس التعاون الخليجي، مثل الإمارات وقطر، هناك عدد كبير من الوافدين الذين لا يعملون. وهؤلاء يكونون عادة مكفولين من الزوجات أو الأزواج، وهم ممنوعون قانونيا من القيام بأي نشاطات ذات أجر إلا إذا قاموا بعملية نقل للكفالة إلى رب عمل يوظفهم بدوام كامل. وهذا الأمر قد يكون في بعض الحالات طويلا أو مرهقا، ولا يشمل خيارات العمل بدوام جزئي. ولحسن الحظ أنه «في بعض دول المنطقة، أصبح أسهل على هؤلاء الوافدين غير العاملين دخول سوق العمل».
والغالبية العظمى من الطلاب في دول مجلس التعاون الخليجي لا تستطيع الجمع بين الدراسة والعمل بدوام كامل ولكن ترتيبات العمل المرن قد تكون جذابة لهم.
ويملك المتقاعدون في أحيان كثيرة مهارات حديثة وخبرات يطلبها أرباب العمل، ولكن قواعد العمل في دول مجلس التعاون الخليجي تحد من قدرتهم على العمل بعد التقاعد.
وقال التقرير إن قوانين العمل التقليدية الضرورية لحماية حقوق العمال مثل لوائح ظروف العمل (مثل أيام الراحة الإلزامية، ساعات العمل المحددة)، والمساهمات الإلزامية في البرامج الاجتماعية (مثل مساهمات التقاعد أو البطالة)، أو برامج الحماية من التسريح (مثل قواعد التسريح، صفقات التسريح) تزيد كلفة العمالة. ومع ارتفاع تكاليف العمالة، تميل الشركات إلى تركيز التوظيف والتعاقد مع العاملين المجربين من ذوي الخبرة، وبالتالي تهميش مجموعات سكانية معينة، خاصة العمال الشباب والمتقدمين في السن. وأضاف التقرير إن حصة الشباب من البطالة بين المواطنين في المنطقة عالية بشكل غير متناسب: على سبيل المثال، في عام 2008 كان 46% من العاطلين عن العمل في المملكة العربية السعودية من الشباب، في حين أنهم يشكلون 12% فقط من مجموع القوى العاملة. وفي قطر 62% والإمارات 40% من العاطلين عن العمل هم من الشباب. وقد أثبت العمل المرن في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية جدواه للشركات والاقتصاد عموما.
وأشار التقرير إلى أن العمل المرن يساعد الشركات في الاحتفاظ برشاقتها وقدرتها على الحركة عبر تزويدها بالأدوات اللازمة للتجاوب بسلاسة مع ما تفرضه الدورات الاقتصادية.
ويعني خيار توظيف الناس لفترات محددة أن الشركات قادرة على تكييف قواها العاملة مع دورة الأعمال التجارية، بحيث توظف قوة عاملة موقتة خلال فترات الذروة، والتغيير بسهولة عندما لا تعود هناك حاجة إلى العمال.
في الواقع، يبدو أن ترتيبات العمل بدوام جزئي ترتبط بشكل كبير بتعزيز القدرة التنافسية وفق قياس المؤشر العالمي للتنافسية الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي.