أصدرت شركــة ادفانتج للاستشارات الإدارية والاقتصادية تقريرها ربع السنوي بشأن اتجاهات الرواتب الحالية في المنطقة والمشاهد المتغيرة في «أسعار الوظائف» نتيجة للأزمة المالية وما يحدث حاليا من تغييرات أساسية وجذرية في تركيبة الصناعات المختلفة ومجالات العمل التي تغيرت تماما.
وفي هذا الصدد، صرحت رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب للشركة صفاء الهاشم قائلة: في يومنا هذا، يعتبر الاحتفاظ بالموظفين أحد الاهتمامات الرئيسية لمعظم الشركات. تدرك كل مؤسسة ناجحة اليوم أن المحافظة على تحفيز الموظفين تعد خطوة حاسمة نحو ضمان تحقيق أهداف الشركة، ومع تعافي العالم من الآثار القاسية للأزمة المالية، تسعى الشركات لإيجاد وسائل تحفيز مختلفة للاحتفاظ بقيم أصولها. ففي ذروة الأزمة المالية، شهد العالم عددا كبيرا من المؤسسات تقوم بتخفيض حجم العمالة لديها بصورة محمومة في إطار جهودها لتخفيض التكاليف، والآن، حيث يواصل الاقتصاد ارتفاعه المتصاعد، تحتاج الشركات للتركيز على موظفيها أكثر من أي وقت مضى والتأكد من منحهم المكافآت والتقدير الذي يحتاجونه لضمان نجاح الأداء في العمل.
واضافت الهاشم انه على الرغم من استمرارية الشكوك بشأن ما يحدث عالميا، إلا أن هناك وضوحا متزايدا بشأن استخدام الشركات للانكماش لتقوية التركيز على الميزانية العمومية وإدارة الأفراد والمكافآت وهذا في الاتجاهات المتطورة في سوق العمل حيث تنسجم اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي ببطء مع الآثار المترتبة على الأزمة المالية، فقد تمكنت معظم الشركات من التكيف مع ذروة الأزمة المالية عن طريق ترشيد خطط القوى العاملة لديها وإعادة هيكلة تنظيماتها الداخلية واتجهت الشركات في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي أيضا إلى تعزيز الأجور لتحقيق قدر أكبر من التنافسية في الحرب على أصحاب المواهب.
وأكدت الهاشم قائلة: لقد تركت الأزمة المالية أثرها الواضح على كل جانب في عالم الشركات بدءا من خلق القيود المالية إلى إيجاد عدم الأمان الوظيفي للموظفين، لكن مع البدء في الإصلاحات المالية وظهور بوادر هدوء العاصفة، نجد أن الشركات تنهض من هذه العاصفة المالية وتقوم بمراجعة الوظائف لديها ومقارنتها بالشركات المنافسة لها والسوق بصفة عامة. وقامت معظم الشركات في عام 2010 بوضع إستراتيجيات ونماذج أعمال جديدة تجعلها في وضع أفضل لتحمل تقلبات السوق ومساعدتها على النجاح في التفاوض على «الوضع الجديد للأعمال».
ومن حيث اتجاهات الرواتب، تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تغيرا بعد الانخفاضات التي شهدتها في عام 2009. لقد أظهرت معظم دول الخليج تفاؤلا عام 2010 فيما يتعلق بزيادات الرواتب وتقوم معظم الشركات أيضا بإعادة النظر في إستراتيجيات الأجور والرواتب لضمان تحقيق قيمة أعلى للأجر المرتبط بالأداء بما يتناسب مع مستويات الراتب الأساسي. لقد أثبتت خطط الحوافز المرتبطة بالأداء أنها تعزز قدرة الشركات على ضبط الموظفين مع أهداف وأولويات الأعمال وتحسين ولاء الموظفين وضمان الشفافية الشاملة.
وقال التقرير انه على الرغم من التقلب في الرواتب في منطقة مجلس التعاون الخليجي لدول الخليج العربية طوال معظم عام 2009، إلا أن زيادات الرواتب في عام 2010 كانت مستقرة نسبيا عند 7.7% على الرغم من أن هذا يعد إشارة إيجابية، إلا أنه بعيد عن الارتفاعات التي شهدتها الفترة السابقة على الانكماش الاقتصادي.
اتجاهات الرواتب في دول الخليج
وذكر التقرير أن هناك عددا قليلا جدا من الشركات اختارت تجميد زيادة الرواتب في عام 2010 مقارنة بعام 2009 عندما قامت الشركات بتجميد زيادات الرواتب تحسبا لانكماش اقتصادي أكثر عمقا واستجابة لجهود احتواء التكاليف على مستوى الشركة، وكان هناك أيضا اتجاه مماثل لتخفيض الرواتب مع وجود انخفاض جذري في عدد الشركات التي تطبق تخفيضات الرواتب.
ولفت التقرير الى ان تحليل الزيادات حسب الدول اظهر ان عمان وقطر تأتيان في مقدمة دول مجلس التعاون الخليجي بزيادات إجمالية بنسبة 9.8% و9.4% على التوالي بينما سجلت كل من البحرين والسعودية زيادات في الرواتب بنسبة 7.8% و6.9% على التوالي محققة نجاحا أفضل من الكويت والإمارات اللتين شهدتا أدنى نسب الزيادات بنسبة 5.8% و6.6% على التوالي. وعلى الرغم من أن هذه الزيادات تعتبر أعلى من الزيادات التي شهدها عام 2009، إلا أنها تعد متدنية بصورة حادة عن الزيادات التي شوهدت مسبقا في عام 2008.
وبين التقرير ان تحليل البيانات حسب القطاع يظهر أن قطاع النفط والغاز يأتي على رأس الزيادات حسب القطاعات بنسبة زيادة قدرها 8.9% بينما شهد قطاع الإنشاءات أدنى معدل لزيادات الرواتب بنسبة 5.7%. ويمكن أن تعزى زيادات الرواتب المتدنية في قطاع الإنشاءات إلى العدد الكبير من المشاريع العقارية التي تم تأجيلها أو إيقاف العمل فيها بسبب نقص الطلب من المستهلكين. سجلت قطاعات الاتصالات والرعاية الصحية والبنوك والتمويل زيادات بنسب متواضعة قدرها 7.7% و6.9% و6.8% على التوالي.
اتجاهات التوظيف
وقال التقرير لاتزال تأثيرات الأزمة المالية ترتسم على عالم الشركات بأحجام مختلفة من الموجات المقلقة التي تضرب السوق منذ عام 2008. وكما أوضحنا بالتفصيل في تقاريرنا السابقة المتعلقة بآثار الأزمة على أسواق العمل، قامت العديد من الشركات بتقليص الوظائف في أوج الأزمة المالية في عام 2009 مما زاد من معدلات البطالة المرتفعة في منطقة الخليج، وبالرغم من أن الدلائل تشير إلى التعافي في كافة أنحاء العالم، فانه يستمر تقليص الوظائف في انحاء العالم حيث من المتوقع تسريح ما يزيد على 10 ملايين موظف من وظائفهم بنهاية عام 2010.
ارتفاع معدل البطالة
واشار الى ان الدراسات البحثية أشارت إلى وجود ارتفاع في معدل البطالة في دول مجلس التعاون الخليجي يصل إلى 10.4%، أي بزيادة مقدارها 1.6% مقارنة بنسبة 8.8% التي شهدها العام الماضي ويرجع ذلك لصرامة معايير التوظيف ومجموعة المهارات التي تطلبها الشركات والتي لا تتوافر في حديثي التخرج والمهنيين الأقل مهارة، كما أشار معظم الخريجيين الجدد إلى تفضيلهم للعمل في القطاع الحكومي الذي قد لا يواجه ما يواجهه القطاع الخاص من عدم استقرار، الأمر الذي يترتب عليه تزايد الضغط على المؤسسات الحكومية للتعيين أكثر من متطلباتها، وتخطط حكومات دول مجلس التعاون الخليجي لاستحداث مبادرات تهدف لترويج مشاريع رواد الأعمال من قبل حديثي التخرج وذلك للمساعدة في مواجهة الطلب المتزايد على القطاع الحكومي.
توقعات التوظيف
وذكر التقرير ان توقعات التوظيف في عام 2010 شهدت تغيرات جذرية وتواصل معظم الشركات توخي الحذر من القيام بأي أنشطة توظيف. ومع ذلك، فإن معظم خبراء التوظيف متفائلون بحذر بالنسبة لعام 2010 حيث ترتفع أنشطة التعيين ببطء ولاسيما في الوظائف المرتبطة بالتمويل، حيث أظهرت الدراسات أن الوظائف الشاغرة الجديدة في قطاع الخدمات المالية ستكون أعلى بنسبة 15% عن نفس الفترة من عام 2008.
وقال التقرير ان الشركات استعانت بأنواع مختلفة من خطط الحوافز المرتبطة بالأداء بناء على عوامل مختلفة تشمل النموذج التشغيلي للشركات ومعايير مجال العمل وأنواع الوظائف التي يتم أخذ الحوافز بعين الاعتبار بالنسبة لها. وكما نلاحظ مما سبق، فإن حوافز الأداء المرتبطة بالأفراد والحوافز المرتبطة بالأرباح التي تبلغ 34% و31% على التوالي هي أكثر الأنواع السائدة لخطط الحوافز التي يتم تطبيقها اليوم عالميا.
ويكتسب الأجر المرتبط بالأداء أرضية كبيرة بين الشركات في دول مجلس التعاون الخليجي طوال السنوات الماضية. لقد أدركت الشركات أنه بالنسبة للموظفين ولاسيما على مستوى الإدارة التنفيذية والوسطى، فإنها تضمن تعزيز الالتزام بتحقيق أهداف الشركة عن طريق ربط الأجر بالإنجاز مقابل الأهداف المحددة.