قال بنك الكويت الوطني في موجزه الاقتصادي حول مناخ الاقتصاد الدولي، انه مع بداية الربع الأخير من العام الحالي فإن مؤشر داو جونز للشركات الصناعية يتأرجح فوق مستوى 10500 نقطة، أي أعلى بعض الشيء من المستوى الذي بدأ عند مطلع العام.
وأشار «الوطني» الى عدة عوامل تقف وراء هذه العودة إلى المربع الأول، تتمثل في تقلب الأسواق وحصول العديد من التطورات وانعكاس المسارات، لافتا الى أن أزمة الدين السيادي اليوناني ـ الأوروبي تبدو الآن ذكرى بعيدة رغم أن معظم الآراء قد توافق على أن المخاوف المتعلقة بالديون، والتي تحيط بالاقتصادات الغربية المتقدمة بالدرجة الأولى، لن تتبدد في المدى القريب، حيث اتصفت سياسة مجلس الاحتياط الفيدرالي بالتغير.
ولاحظ «الوطني» ان بلوغ مؤشر داو مستوى 10500 نقطة، يخفي حقيقة أنه ارتفع إلى مستوى 11200 نقطة في وقت سابق (إبريل الماضي)، لينخفض إلى نحو 9600 نقطة قبل التعافي، ومنذ بداية العام الحالي وحتى الآن، يلاحظ أن أداء الأسواق الناشئة تجاوز التوقعات، مرتفعا بواقع 8.1% في المتوسط مقارنة بـ 1.5% للأسواق العالمية (مؤشر msci).
وإلى جانب سلسلة أزمات الديون الدورية التي عصفت باليورو في مطلع العام، فقد كان المحرك وراء التقلبات الحادة المخاوف من تجدد الركود في الاقتصاد الأميركي، الذي يعد الأكبر في العالم، وبالعودة بضعة شهور إلى الوراء، فقد كان الاعتقاد السائد يرجح تعافي الاقتصاد الأميركي بصورة أقوى نسبيا مقارنة بأوروبا، التي كانت أيضا تصارع في حينه المخاوف من انهيار اليورو ومن أن يؤدي خفض الإنفاق الحكومي إلى إضعاف اقتصاداتها بصورة أكبر وكما جرت عليه العادة في مثل هذه الأحوال، فقد بلغت المشاعر في ذلك الاتجاه حدا مبالغا فيه، وظهرت بيانات تشير إلى تحسن أداء أوروبا في الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تعاني من خطر تجدد الركود، وقد تراجعت هذه المخاوف إلى حد ما بعد ذلك.
وأظهرت بعض البيانات الرئيسية ان نمو الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة خلال الربع الثاني من العام الحالي جرى تخفيضه من 2.4% إلى 1.7%، فيما نما الناتج المحلي الإجمالي الأوروبي بواقع 1% في الربع الثاني بفعل الأداء القوي غير المتوقع للاقتصاد الألماني (+ 2.2%)، وقد عكست هذه البيانات أدوار كل من الولايات المتحدة وأوروبا في الوقت الذي تضاعفت فيه مخاوف الولايات المتحدة على ضوء ضعف بيانات التوظيف في أغسطس الماضي، وكان على الأسواق واليورو أن يتكيفا مع هذا الوضع حيث عزز اليورو من مكاسبه متجاوزا بذلك 1.35 دولار نتيجة حديث مجلس الاحتياط الفيدرالي عن إجراءات تحفيزية إضافية.
وفي الوقت الذي لاتزال الاقتصادات المتطورة تعاني من معدلات بطالة تقرب من 10%، أظهرت بيانات أغسطس الماضي أن سوق العمل الأميركي أضاف قرابة 66 ألف فرصة عمل جديدة في المتوسط (متوسط ثلاثة أشهر، ومع استثناء العمالة المؤقتة المرتبطة بالإحصاءات الدورية التي تجريها السلطات الرسمية، منخفضا من 143 ألفا في إبريل 2010 في وقت كان يعتقد فيه أن سوق العمل يتحسن.
ولاحظ «الوطني» أن معدل التوظيف هذا يشكل الدلالة الأهم على أن انتعاش الاقتصاد الأميركي لن يكون كبيرا في النصف الثاني من العام الحالي، مما سيؤثر أيضا على أوروبا، فالمفاجأة الإيجابية التي شهدتها أوروبا في الربع الثاني من غير المرجح أن تستمر، حيث ستطرح هناك، وبصورة أكبر من الولايات المتحدة، حزم التقشف وحوافز أقل.
ورجح «الوطني»، بناء على ذلك، ألا يكون هناك ركود جديد، لكن بعض الآلام مازالت تنتظر في النصف الثاني من العام الحالي والعام المقبل، إلا أن الوضع لن يكون سيئا كما كان عليه في العام 2009، ولن يحمل أرقاما سلبية للناتج المحلي الإجمالي، لكن فيما يخص التوظيف، فقد يشعر عامة المواطنين برائحة الركود ومذاقه.
وقد أضاف مجلس الاحتياطي الفيدرالي مخاوفه على هذا الركام في ظل هذه الأجواء، معلنا بكل وضوح أنه يمكن إعادة طرح الإجراءات التحفيزية الكمية إذا تعثر الاقتصاد و/ أو تواصل تراجع مستويات الأسعار، وقد بلغ معدل التضخم الأساسي نحو 1.0% في الولايات المتحدة، وهو أدنى من الحد المقبول به لدى مجلس الاحتياطي الفيدرالي، كما تراجع العائد على سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات من معدله البالغ 4% كما كان في ابريل الماضي إلى مستوى متدن يبلغ 2.5%.
وقد تراجعت التوقعات بشأن معدل التضخم في الولايات المتحدة إلى 1.7%، وتبرز حاليا تساؤلات في شأن فاعلية المحفزات المالية والنقدية في ظل المناخ الحالي، في الوقت الذي يحتدم فيه الجدل الأكاديمي والسياسي بينما تستعد الولايات المتحدة لإجراء انتخابات مهمة للكونغرس في مطلع نوفمبر المقبل، ومن شأن نتائج الانتخابات أن تبدد بعضا من الغموض الذي يحيط بالسياسات المنتهجة (مثل السياسة الضريبية على سبيل المثال)، غير أنه يمكن لها أن تدفع باتجاه إعادة صياغة النقاش الدولي حول العديد من القضايا الاقتصادية، لكنها قد ترغم أيضا اللاعبين الرئيسيين في الولايات المتحدة على تغيير آرائهم.
كما أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي سيضطر للإنصات لما ستقوله هذه النتائج، صحيح أن مجلس الاحتياطي الفيدرالي مستقل نوعا ما، لكنه سيعمد بالتأكيد إلى استخلاص النتائج التي ستفرزها الانتخابات.
ولاحظ «الوطني» أن أسواق الأسهم الخليجية شهدت تحسنا في أدائها عن الربع السابق، ولاسيما الكويت، وقد أدت هذه التطورات العالمية إلى ثبات أسعار النفط قرب 75 دولارا للبرميل، وهو المستوى الذي ينبغي لها أن تحافظ عليه ما لم يتخذ الاقتصاد العالمي مسارا مغايرا بشكل مفاجئ، وفي حال عدم حصول تدهور مالي/ اقتصادي حاد على مستوى العالم، فإن المنطقة ستبقى في وضع مريح يستند إلى مقومات ودعائم قوية ودعم حكومي.