قال تقرير بنك الكويت الدولي حـول سوق العقار الكويتــي ان السوق عاود في الربع الثالث من العام الحالي اتجاهه الهبوطي وذلك في أعقاب حالة من التحسن النسبي استمرت طيلة عام تقريبا.
وارجع التقرير هذا التراجع في أداء سوق العقار الكويتي لضعف الطلب الناجم عن تباطؤ الأوضاع الاقتصادية المحلية لاسيما مع ضعف التفاؤل تجاه فرص تسارع معدلات تعافي الاقتصاد الكويتي نتيجة تأخر تنفيذ خطة التنمية الاقتصادية للدولة للسنوات 2010/2011 ـ 2013/2014 ، فضلا عن حالة الترقب والتريث التي تكتنف قطاع المستثمرين بالسوق العقاري، بالإضافة إلى الخاصية الموسمية للربع الثالث من العام حيث تنحسر الأوقات المتاحة لتفعيل النشاط الاستثماري وسط أجواء الإجازات الصيفية وتزامن شهر رمضان خلالها.
واشار «الدولي» إلى عدم تسجيل مؤشر عرض النقد (m2) لأي معدلات زيادة تذكر إذ تضاءلت الزيادة في نهاية أغسطس 2010 وانخفضت في حدود 0.5% عن نهاية يوليو الماضي، بينما مال المؤشر الائتماني نحو الثبات النسبي بنهاية كل من الشهرين المذكورين وذلك بزيادة هامشية في حدود + 0.2% لإجمالي الائتمان المصرفي + 1.0% للتسهيلات المصرفية الممنوحة من البنوك المحلية لقطاع العقار برصيد راوح بحدود 6.4 مليارات دينار.
ومن جهة أخرى، أشار «الدولي» الى ان تأثير نشاط سوق الكويت للأوراق المالية على سوق العقار كان واضحا، حيث شكل الانفراج النسبي في نشاط سوق الأوراق المالية خلال الربع الثالث (ارتفاع المؤشر العام للأسعار إلى 6.928.5 نقطة بنهاية سبتمبر بزيادة نسبتها 5.2% عن نهاية يونيو 2010) تأثيرا معاكسا إذ تم استقطاب عدد من قطاعات المستثمرين بسوق الأسهم وذلك على حساب سوق العقار.
ولفت «الدولي» الى انه استنادا للنشرات الرسمية الصادرة من إدارة التسجيل العقاري والتوثيق بوزارة العدل، فقد تراجعت القيمة الكلية للنشاط «عقود ووكالات» الربع الثالث من عام 2010 بنسبة 26.0% قياسا على الربع السابق، وذلك إلى 427.6 مليون دينار من 597.9 مليونا دينار، كما انخفض العدد الكلي للصفقات في الربع الثالث من عام 2010 بنسبة 47.1% مقارنة مع الربع السابق وذلك من 2482 صفقة إلى 1293 صفقة، وبالتالي فإن قيمة الصفقة الواحدة في المتوسط قد قفزت خلال الربع الثالث إلى 331 ألف دينار بدلا من 240 ألف دينار للربع السابق مما يفيد بتركز التداولات السوقية في وحدات عقارية غالية القيمة البيعية نسبيا.
وقد تسيد قطاع العقار السكني نشاط سوق العقار خلال الربع الثالث من العام الحالي 2010 وذلك بحصة بلغت 52% (استنادا إلى قيم التداولات)، تلاه القطاع الاستثماري بنسبة (27%) فالقطاع التجاري بنسبة (21%).
العقار السكني
انكمش نشاط قطاع العقار السكني في الربع الثالث من عام 2010 بدرجة ملحوظة وذلك على صعيد قيمة وعدد الصفقات على حد سواء. فقد تراجعت قيمة الصفقات لهذا القطاع الحيوي بنسبة 41.1% (وذلك إلى 221.2 مليون دينار بدلا من 374.8 مليونا للربع السابق).
كما تناقص العدد الكلي للصفقات إلى 1.025 صفقة (بدلا من 1.825 صفقة للربع السابق)، أي بانخفاض نسبته 43.8% ومما ساعد على انكماش نشاط القطاع السكني صدور قرار مجلس الوزراء في 3/ 08/2010 بتوزيع 8900 قسيمة سكنية على المواطنين بحيث يتم توزيعها قبل نهاية العام الحالي الأمر الذي أضعف من حركة الطلب على هذا القطاع العقاري الحيوي.
وقد تأثر مؤشر الطلب في سوق العقار السكني – ضمن مؤشرات أخرى – بعدم تحقق ما كان متوقعا له من قبل من تفعيل متزايد لقرار مجلس الوزراء الصادر أوائل عام 2010 والذي يسمح بالبناء في سبع مناطق جديدة وهي: جابر الأحمد، وسعد العبدالله، وصباح الأحمد، والمسيلة، والصديق، والفنيطيس، وأبوفطيرة.
وكانت أكثر التداولات في قطاع العقار السكني خلال الربع الثالث قد تركزت في كل من الفنيطيس واشبيلية والجابرية وأبوفطيرة ومدينة صباح الأحمد البحرية حيث تركز فيها معظم النشاط على الأراضي الفضاء.
العقار الاستثماري
جاء أداء قطاع العقار الاستثماري في الربع الثالث ضعيفا إلى حد بعيد حيث بدا متراجعا بنسبة 37.1% من حيث قيمة التداولات من 179.5 مليون دينار إلى 114.7 مليون دينار وبنسبة 56.3% من حيث عدد الصفقات من 607 صفقات إلى 265 صفقة عن معدلات الربع السابق، ويعتبر هذا الأداء هو الأداء الربعي الأضعف طوال الأعوام الثلاثة الأخيرة إذ لم يسبق لإجمالي قيمة نشاط هذا القطاع أن تدنت إلى المستوى الذي تم تسجيله في الربع المذكور.
العقار التجاري
استعاد القطاع التجاري قدرا ملحوظا من نشاطه خلال الربع الثالث من عام 2010 حيث سجلت تداولاته قيمة إجمالية بلغت نحو ثلاث مرات ما كانت عليه في الربع السابق، وحوالي أربع مرات ما كانت عليه في الربع الأول من عام 2010، وبحدود ما يقارب سبع مرات ما كانت عليه في الربع المقابل من العام السابق 2009، وإن كان عدد الصفقات قد انخفض إلى 9 صفقات فقط وهو ثلث معدل الربع السابق مما يعطي إشارة واضحة إلى التفاوت المستمر من أداء هذا العقار نظرا لطبيعته المتاحة.
ويستدل من بيان معدل قيمة الصفقة الواحدة (للمتوسط السعري) على أن المعدل المحقق والذي بلغ حوالي 10.2 ملايين دينار للصفقة الواحدة خلال الربع الثالث من العام 2010 لم يسبق له مثيل طوال الفترات الربعية للعامين الأخيرين، مما يشير إلى تركز التداولات في الوحدات العقارية التجارية الأغلى قيمة نسبيا.
وقد استحوذ قطاع العقار التجاري خلال الربع الثالث على نسبة 21% في إجمالي نشاط السوق العقاري وهي الحصة الأعلى على مدى الفترات الربعية الست الأخيرة، وإن كان ذلك في حد ذاته لا يعتبر مؤشرا ذا مدلول معين للتفاوت الكبير بأداء هذا القطاع من ربع إلى آخر. ولوجود صفقة ضخمة بمبلغ 57 مليون بمنطقة الفحيحيل.
وجرت معظم التداولات خلال الربع المذكور بكل من مناطق الضجيج وخيطان الجنوبي والفحيحيل.
نظرة مستقبلية
من خلال البيانات الفعلية لأداء السوق في التسعة أشهر المنصرمة، واستنادا إلى احتمالات راجحة بعدم حدوث تغييرات جذرية في المناخ الاقتصادي والاستثماري خلال الثلاثة أشهر المتبقية، خصوصا عند النظر إلى كل من تباطؤ الأداء الكلي للاقتصاد المحلي وسريان حالة الانكماش الائتماني، توقع «الدولي» أن تتراوح القيمة الإجمالية لتداولات السوق العقاري للعام 2010 بأكمله بين 1.900 مليون و 2.100 مليون دينار وهو ما يعتبر ثباتا لمستوى التداول العام السابق. حيث بلغ ضعف إجمالي التداولات 1.896.7 مليون دينار ما انعكس على حالة المراوحة السائدة حاليا.
وعلى الرغم من الزيادة البسيطة المتوقعة لنشاط السوق للعام 2010، فإن كلا من العامين الأخيرين يمثلان فترة متصلة من الركود النسبي قياسا بفترة الرواج التي سادت السوق خلال الخمس سنوات الأسبق.
ومع قرب انتهاء عام 2010 ينبغي الإشارة إلى المساعي الجارية حاليا والتي تقوم بها الدولة لتنظيم نشاط سوق العقار الكويتي والتي تشمل كلا من بدء مزاولة شركة المقاصة العقارية لأعمالها أواسط شهر سبتمبر، ومواصلة اللجنة الوزارية المكلفة بإرساء الأسس المنظمة لعمليات السوق لمهامها.
ولفت «الدولي» الى أن السوق العقاري مازال بحاجة ماسة إلى اعتماد أدوات قياس معيارية تعكس شفافية تامة وقدرا عاليا من المهنية في حركة الأسعار بالسوق، وهو ما سينعكس مستقبلا على تنظيم السوق العقاري، بدلا من الحالة السائدة حاليا من عدم التنظيم وبالأخص في قطاع إتمام الصفقات العقارية.
كما لاحظ «الدولي» توافر زيادة ملموسة في العرض تتفاوت من قطاع لآخر ويستدل على ذلك من خلال:
ـ زخم المساحات الشاغرة بالقطاع التجاري والمخصصة لأغراض المكاتب والمحلات التجارية والتي تقدرها مصادر متخصصة بما يزيد على 180 ألف متر مربع للمكاتب الإدارية فقط وهو ما يزيد كثيرا على الطاقة الاستيعابية لها بالسوق.
ـ زيادة مستمرة في عرض الشقق الاستثمارية نتيجة إحلال البنايات القديمة واستبدالها ببنايات جديدة توفر عرضا متزايدا من الشقق.
ـ زيادة متوقعة خلال سنوات تنفيذ خطة التنمية في عرض وحدات السكن الخاص بما يزيد على 22.000 وحدة سكنية جديدة.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن هنالك عوامل خارجية أخرى، تؤثر في السوق العقاري من شأنها العمل على استقرار نشاط سوق العقار الكويتي منها:
ـ تزايد فرص الاستثمار المتاحة بالخارج، لاسيما بمنطقة الخليج. ففي دولة الإمارات وحدها تزايدت اعداد العقارات المملوكة لمستثمرين كويتيين من 7.703 عقارات عام 2007 وصولا إلى 15.391 عقارا 2009 (تقرير إحصائي صادر عن وزارة المالية الإماراتية).
ـ الاتجاه التفاؤلي لسوق الكويت للأوراق المالية لاسيما في حالة انتعاش النشاط السوقي الحالية.
واشار «الدولي» الى ان تحفيز الطلب في سوق العقار الكويتي يقتضي استيفاء مجموعة من المحفزات من بينها:
ـ استكمال الإصلاحات التنظيمية بالسوق وتطبيق أدوات ذات مهنية عالية التميز في مجال قياس نشاط السوق وحركة أسعاره.
ـ توسيع قاعدة فرص الأشغال عبر تنفيذ مشروعات الخطة التنموية وسرعة تحقق التعافي الاقتصادي بما سينعكس زيادة في الطلب على القطاع الاستثماري والقطاع التجاري.
ـ تسارع تحقق الرؤية الاستراتيجية للدولة بتحويل الكويت إلى مركز مالي تجاري إقليمي هام وما يقتضيه من صياغة الإطار القانوني وتنفيذ مشروعات في مجال البنى التحتية والخدمات العامة بحيث يتم على أساسه انطلاق الأعمال المالية والتجارية بصورة نشطة مما يوفر حلا جذريا لتشغيل وحدات المكاتب الإدارية بالعقار التجاري ويرفع من معدلات العوائد لديه لدرجة تجعله أكثر جاذبية لقطاعات المستثمرين.
ـ مراجعة القانونين 8 و9 لسنة 2008 المتعلقين بقطاع السكن الخاص حيث يحظران على الشركات والبنوك التعامل في أراضي وعقارات السكن الخاص بالشراء أو البيع أو الرهن للمساهمة في حل أزمة السكن الخاص.