أشار تقرير أعدته شركة بيتك للأبحاث التابعة لبيت التمويل الكويتي (بيتك)، إلى أن صفقات التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية ساهمت في دعم نمو قطاعي الطيران والنقل البحري في المنطقة وذلك من خلال صفقات التمويل الضخمة التي أبرمت على مدار السنوات القليلة الماضية واستفاد منها هذان القطاعان، متوقعا أن يشهد التمويل الإسلامي الموجه للطيران والنقل البحري نموا سريعا خلال المرحلة المقبلة بسبب الطلب المتزايد على التمويل الإسلامي عموما، والنمو الحالي والمرتقب لهذين القطاعين مدفوعا ببوادر الانتعاش الاقتصادي في المنطقة والفرص المتاحة في هذين القطاعين الحيويين، فضلا عن زيادة الطلب على خدماتهما.
وأوضح التقرير، الذي يتناول بالتفصيل قضية التمويل الإسلامي لصناعة الطيران والنقل البحري، أن قطاع الطيران الذي يشهد نموا قويا في الطلب منذ خروجه من حالة الانكماش في 2003 ليصل هذا الطلب ذروته في 2007، يبدو مرشحا للمزيد من الانتعاش في ضوء تكاتف عدة عوامل ايجابية أبرزها التطور السريع لهذا القطاع في الأسواق الناشئة، وازدهار شركات الطيران منخفضة التكاليف، واستبدال الطائرات الأقل كفاءة، وقد بلغ حجم الصفقات المجمعة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية خلال الفترة من أغسطس 2006 إلى أغسطس 2010 حوالي 1.882 مليار دولار عبر مختلف صيغ التمويل الإسلامي.
وبين التقرير أنه في ضوء هذا الطلب المتزايد، من المتوقع أن يتم تسليم أكثر من 1000 طائرة خلال 2010 والمرحلة المقبلة، وبالتبعية مزيد من صفقات تمويل الطائرات، مشيرا الى أن التمويل التقليدي لن يكون قادرا بمفرده على الوفاء بهذه الاحتياجات التمويلية المقدرة أن تتراوح بين 7 و15 مليار دولار، ومن ثم سيكون التمويل الإسلامي قادرا على سد هذه الفجوة بكفاءة.
وفيما يتعلق بصناعة النقل البحري، أشار التقرير الى أن هذه الصناعة، بمختلف قطاعاتها، تعيش حاليا آفاقا أكثر إشراقا في الوقت الذي تقف فيه عدة عوامل ايجابية وراء توقعات باستمرار ازدهار هذه الصناعة، من بينها الانتعاش الاقتصادي العالمي، ونمو الاقتصادات الآسيوية، فضلا عن زيادة حجم التجارة العالمية، وفي المقابل سيظل الطلب على تمويل هذه الصناعة لاسيما المتوافق مع الشريعة، قائما ومتزايدا،
وفيما يلي التفاصيل:
بداية أشار تقرير «بيتك» الى أن صفقات التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية شهدت نموا متزايدا في العقدين الأخيرين مما ساهم في تسهيل ودعم النمو في قطاعي الطيران والنقل البحري.
وخلال السنوات الماضية، أبرمت صفقات تمويل كبرى لشراء سفن وفق مبادئ الشريعة الإسلامية ارتبطت بها أسماء مصارف استثمارية متميزة سواء لتسهيل عملية توفير المبالغ أو الترتيبات التي تتصل بها أو من جانب المقترضين ومن هنا يمكن القول انه مع ازدياد شعبية التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية في مجال تمويل السفن فإن قدرة هذا النوع من التمويل تقف شاهدا على جدواه وكفاءته، إن لم يكن بالفعل أكثر جاذبية كبديل عن الأنواع الأخرى من التمويل التقليدي.
وقد تعززت أطر ومجالات الخدمات المصرفية والتمويل والتأمين والضرائب وغيرها من المجالات المتعلقة بالتمويل الإسلامية بحيث برز التمويل المتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية باعتباره نظاما ماليا بديلا مستقلا بذاته مع عقوده التمويلية ومعاييره المحاسبية والأخلاقية الخاصة، وقد بلغ حجم الصفقات المجمعة المتوافقة مع أحكام الشريعة الإسلامية في صناعة الطيران نحو 1.882 مليار دولار خلال الفترة من أغسطس 2006 حتى أغسطس 2010 من خلال أنواع التمويل الإسلامي المختلفة لصالح العديد من الحكومات والمؤسسات.
الفرص.. قطاع الطائرات
وبين التقرير أن قطاع طيران الركاب أظهر منذ خروجه من حالة الانكماش التي مني بها في 2003، نموا في الطلب، مدعوما ببيئة اقتصادية مواتية ومستقرة جيوسياسيا. وقد دفع النمو المطرد في الطلب شركات الطيران على توسيع حجم أساطيلها من الطائرات للاستفادة من الزيادة الحاصلة في حركة نقل وسفر الركاب والمسافرين.
يذكر أن فترة الأزمة التي امتدت من 1997 حتى 2003 قد شهدت نقصا في أوامر الشراء الجديدة، حيث أوقفت شركات الطيران طلباتها على طائرات جديدة، وجاء التقاء هذه العوامل ليحفز أوامر شراء للطائرات من جديد لتصل إلى مستويات قياسية بين عامي 2005 و2007، حيث شهد العام 2007 أعلى عدد لأوامر الشراء تاريخيا إذ بلغ مجموع أوامر الشراء المقدمة إلى شركتي إيرباص وبوينغ 2881 طلبا بنسبة بلغت 75% عن أعلى مستوى للارتفاع مقارنة مع العدد السابق 1647 الذي كان قد سجل في عام 1989. ودعم ذلك المستوى القياسي للطلبيات الجديدة أيضا: 1 ـ التطور السريع لقطاع الطيران في الأسواق الناشئة، لاسيما في آسيا والشرق الأوسط، 2 ـ ازدهار شركات الطيران منخفضة التكاليف، 3 ـ التحسن في ربحية القطاع، 4 ـ استبدال الطائرات الأقل كفاءة.
وقال التقرير انه نظرا للزيادة في الطلب، من المتوقع أن يتم تسليم ما يزيد على 1000 طائرة ابتداء من 2010 فصاعدا، ومن المنتظر أن نشهد المزيد من صفقات تمويل الطائرات المطلوبة في الأشهر المقبلة، مع ملاحظة أن بعض المصارف البارزة قد تعلن بالفعل عن نقص التمويل لديها، للوفاء بما يقدر بين 7 و15 مليار دولار. لذلك، فإننا نعتقد أن التمويل الإسلامي يمكن أن يتقدم لسد الفجوة في التمويل، إذ أن تمويل الطائرات يتناسب بشكل صحيح مع أسس تمويل الأصول المتوافقة مع الشريعة الإسلامية.
صناعة النقل البحري
وبين التقرير أن صناعة النقل البحري تمر في الوقت الراهن بآفاق أكثر إشراقا، ومع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في ضوء المتوقع بدخول الاقتصادات إلى مرحلة النمو الإيجابي في 2010 ـ 2011. وعلى هذا النحو، سيكون استئناف الأنشطة التجارية والاقتصادية مبشرا بالخير بالنسبة لصناعة النقل البحري العالمية، وذلك على الرغم من أن شرائح الحاويات والناقلات والبضائع الجافة لاتزال تعاني من حالة العرض الزائد على الحاجة، فنحن نتوقع لهذا الوضع أن يعاود الارتفاع نظرا لتحسن وتيرة الأنشطة التجارية على الصعيد العالمي.
وقال التقرير ان هناك عدة عوامل رئيسية تدعم حقيقة ما يقال عن جهوزية صناعة النقل البحري لتحقيق انتعاش في 2010 ـ 2011. وهذا يشمل ما يلي:
ـ انتعاش الاقتصاد العالمي القوي.. وقد ثبت أن الانتعاش الاقتصادي العالمي أقوى مما كان متوقعا له سابقا، فقد قام صندوق النقد الدولي في يوليو 2010 بإجراء مراجعة لتوقعاته للاقتصاد العالمي لعام 2010 وما بعده، وتبين أنه من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 4.6% في عام 2010 (أي بزيادة +0.4% نقطة مقارنة مع توقعات صندوق النقد الدولي في أبريل الماضي).
ـ النمو القوي في آسيا.. ينطلق هذا الانتعاش من آسيا مدفوعا إلى حد كبير بزيادة حجم الصادرات، حيث كان الاستهلاك الخاص يشكل القوة الرئيسية الدافعة وراء النمو الآسيوي القوي.
ـ التجارة العالمية.. ازدادت بنسبة 19% في النصف الأول من عام 2010. وقد كان للنمو الاقتصادي العالمي تأثير على حجم التجارة العالمية إذ ارتفع حجم التجارة العالمية بنسبة 19% خلال النصف الأول من2010 وتقترب مستويات التجارة العالمية الآن الى ما قبل الأزمة. وبالنسبة لعام 2010 تتوقع منظمة التجارة العالمية أن حجم التجارة العالمية سيزيد بنسبة 13.5% خلال النصف الثاني من عام 2010. وبالنسبة لشحن الحاويات، قال التقرير أا السوق بدأ بالتحسن في الربع الرابع من 2009، مع نمو نسبي سريع في خطوط أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي وآسيا، وسيستمر الطلب على شحن الحاويات عالميا في الارتفاع على خلفية تحسن الاقتصاد العالمي. وسيتبين النمو بشكل أسرع على الخطوط الشمالية الجنوبية في أميركا الجنوبية وجنوب أفريقيا وغيرها من الأسواق الناشئة، فضلا عن الخطوط الآسيوية ودول مجلس التعاون الخليجي. ووفقا لآخر تقديرات أصدرتها الرابطة الأوروبية لشؤون بواخر الركاب، فإن حجم الطرود على خطوط الذروة التجارية من آسيا إلى أوروبا بلغ نسبة 12.3% سنويا في يونيو 2010 لتصل إلى ما يقرب من 1.1 مليون حاوية مكافئة.
وحتى الآن، فإن حجم الحاويات على خطوط الذروة التجارية من آسيا إلى أوروبا قد زاد بنسبة 20.5% على أساس سنوي. ونظرا لقوة الطلب على الحاويات، فقد ارتفعت أسعار إيجار حاويات النقل البحري المختلطة على ناقلات باناماكس (أقصى حجم مسموح له بالمرور في قناة بنما) حاليا بنسبة 207% لتصل إلى 17.5 دولارا في أغسطس 2010 من 5.7 دولارات في أغسطس 2009.
وفي قطاع سوق ناقلات النفط، ستؤدي الزيادة في الطلب العالمي على النفط إلى الارتفاع في حجم النقل البحري في 2010. ونتوقع أن ترتفع أسعار النقل البحري في النصف الثاني من عام 2010 مع مواصلة نمو الطلب على النقل البحري في حين يتباطأ نمو قدرات هذا القطاع.
وعلاوة على ذلك فإن أسعار الإيجار قد بلغت حدها أيضا لجميع قطاعات الناقلات، وتضاءل معدل الانكماش على أساس سنوي إلى حد كبير. ومن حيث قيمة الأصول، فقد بلغ سعر ناقلة نفط ضخمة حديثة البناء حاليا 98 مليون دولار في المتوسط بالمقارنة مع 154.5 مليون دولار في 2008. وفي الوقت نفسه، بلغ متوسط سعر ناقلة نفط ضخمة بعمر 5 سنوات تقريبا 80 مليون دولار، مقارنة بـ 141.7 مليون دولار في 2008.
وفي قطاع البضائع الجافة، توقع التقرير المزيد من الارتفاع لحجم النقل البحري على الصعيد العالمي، مدفوعا بزيادة الطلب على خام الحديد والفحم من الصين وأوروبا والولايات المتحدة، ومن المتوقع أن تتجاوز تجارة خام الحديد العالمية حاجز المليار طن، وأن تتخطى تجارة الفحم عموما وبسهولة حاجز الـ 800 طن متري، وعليه فإن التوقعات تأخذ طابعا إيجابيا بشكل متزايد لتحقيق انتعاش أقوى بعد الانخفاض الذي شهده هذا القطاع عام 2009. كما أن متوسط إيجار ناقلات البضائع الجافة قد ارتفع بنسبة 14% إلى 28.5 دولارا يوميا في سبتمبر 2010 من 24.938 دولارا يوميا في سبتمبر2009، ونحن نعتقد أن هذا الاتجاه الإيجابي سيتواصل.
ونظرا لكون النقل البحري سيظل الوسيلة الأكثر اقتصادية وفاعلية لتنفيذ جزء كبير من حجم التجارة في العالم، فنحن نتوقع أن يظل الطلب على السفن لتسهيل الكثير من العمليات التجارية في العالم عاليا في المستقبل. وطالما أن بلدان دول العالم المختلفة ستواصل عملياتها التجارية، فإن الطلب على خدمات النقل البحري سيظل مرتفعا. وعلى هذا النحو، فإن الطلب بالمقابل للحصول على تسهيلات تمويلية لبناء وشراء السفن سيضمن أن يقوم تمويل السفن وخاصة التمويل الإسلامي بدور بارز في أوساط المؤسسات المالية والمستثمرين في المستقبل.