ذكر تقرير شركة بيت الاستثمار العالمي (جلوبل) أن الشرق الأوسط يستعد حاليا للوصول إلى العالمية وذلك بمنح تنظيم نهائيات كأس العالم 2022 لكرة القدم لقطر وهو ما يحمل الكثير من الفرص الاستثمارية لقطر، ودول مجلس التعاون الخليجي وجميع دول الشرق الأوسط، حيث شكلت بطولة الألعاب الآسيوية 2006 فارقا ضخما للدولة والمنطقة بصفة عامة.
وقد وعدت قطر بإنفاق 50 مليار دولار على تحسين البنية التحتية و4 مليارات دولار لبناء تسعة ستادات جديدة وتجديد ثلاثة اخرى، ووفقا للخطة المقترحة، لن يتطلب اي ستاد من تلك الستادات أكثر من ساعة للوصول إليه. ويتمثل العرض الفريد في أنه من المتوقع أن الطاقة الشمسية ستستخدم في تكييف الملاعب، كما سيتم بناء ستادات مطابقة للمواصفات وأن الأجزاء العلوية من الملاعب ستكون وحدات متحركة ستقوم بتفكيكها وإرسالها إلى الدول النامية عقب انتهاء المباريات مما سيسمح بالمزيد من تطوير كرة القدم على الساحة الدولية. هذا وجاءت قطر في الصدارة خلال الأربعة جولات التي مرت بها أثناء عملية التصويت، لتحصل في الجولة النهائية على 14 صوتا مقابل 8 أصوات للولايات المتحدة الأميركية.
ماذا يعنى هذا الفوز؟
إن حجم هذا الانجاز لا يمكن تقديره ولن يأتي بأقل من توقعاتنا، حيث يمثل كأس العالم أكبر حدث رياضي على مستوى العالم في ظل التقديرات بتجاوز مشاهدي التلفزيون لنهائيات كأس العالم 2010 أكثر من 700 مليون مشاهد. وبالنظر إلى موقع قطر الاستراتيجي، فإن أكثر من 82% من مناطق التوقيت العالمي ستكون قادرة على استقبال البث المباشر لمباريات كأس العالم في الوقت الرئيسي، مع توقع أن يصل عدد مشاهدي المباراة الواحدة إلى 3.2 مليارات مشاهد، وهو ما يمكنه أن يرفع من قيمة الحقوق لدى الـ «فيفا». كذلك فإن قرب الشرق الأوسط من الأسواق الأوربية والآسيوية من المتوقع أن يعزز القيمة التجارية لحقوق الضيافة بالمقارنة بجنوب أفريقيا 2010، وهو ما يوفر لقطر ميزة فريدة لعرض نفسها والمنطقة بشكل فعال كما سيقلص أي شكوك حول المنطقة وسيعزز الاعتقاد أن مجلس التعاون الخليجي جزء سريع التطور من الاقتصاد العالمي مع وجود امكانات متطورة والقدرة على الوقوف في مصاف الاقتصاديات الرائدة في العالم. وتمثل قطر وجهة رياضية، وفنية، وثقافية، وسياحية مزدهرة وفي ظل ما سيجلبه هذا الفوز بتنظيم المسابقة، سيكون لدى قطر الامكانات لجذب الكثير من الزائرين بالرغم من ظروف الطقس، وربما يتمثل أحد أهم التوقعات من هذا الفوز أنه سيقرب العالم من الشرق الأوسط ويخلق روابط ثقافية متعددة على مستوى المنطقة والعالم الخارجي.
لقد قادت رؤية كل من سمو الأمير الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وسمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند قطر لتكتسب منظورا مرتفعا عالميا وما يقدمه عرض 2022 للعالم يعد رائعا من جميع الجوانب. ويمكن لقطر أن تطور بنية تحتية كافية لمواكبة أحداث 2022، وهو ما سيفيد الأجيال المستقبلية ويقدم ترشيحات لأحداث أخرى مثل الاولمبياد. ومن المتوقع أن تدعم التجديدات الكبيرة والتشييدات الجديدة كل القطاعات. وبالنظر إلى الأرقام، فقد قدر تقرير تم إعداده من جانب ubs للبحوث الاستثمارية (منذ فبراير 2010) أن التحضير لكأس العالم الذي بدأ منذ أربع سنوات ـ قد أضاف بين 0.5 و2.2% للناتج المحلي الاجمالي لجنوب أفريقيا (اعتمادا على مشروعات البنية التحتية) وبصفة عامة فقد خلقت ما يزيد على 300.000 وظيفة منذ العام 2006 ـ بنسبة مساهمة بلغت 2.7% من أرقام التوظيف، كما أشارت بحوث ubs، إلى أن الثلاث دول التي استضافت بطولات كأس العالم السابقة شهدت نموا في الناتج المحلي الاجمالي بمعدل 1.8% في المتوسط خلال عام المسابقة، إلا أنه من الصعب تحديد نسبة مساهمة المسابقة من النمو والذي من المتوقع أن يكون أقل من هذا الرقم.
ومن دون شك فإن قطر تحتاج إلى اتخاذ نشاط تطوير ضخم للالتزام بتنفيذ ما اقترحته. ومع ذلك، فإن أغلب ما سبق ذكره يتماشى مع الخطة الوطنية المعلنة لقطر. كذلك، فإن خبرة قطر في الاستضافة الناجحة لبطولة الألعاب الآسيوية في الدوحة في العام 2006 ستساعد في التخطيط والتنفيذ لحدث العام 2022. ومن المنتظر أن يكون أثر فوز قطر بتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2022 عميقا على الدولة وشعبها والمنطقة ككل. وبالإضافة إلى خلق الآلاف من فرص العمل على مستوى الصناعات الأساسية والصناعات المتعلقة بها، فإنه سيوفر التسارع للأفكار التي مازالت حتى الآن مخططات ورسوما تخطيطية فقط لكن سيعطيها الدافع لتصبح حقيقة.
زيادة الوعي
تعد استضافة المسابقة بلا شك مصدرا للفخر والشرف للمنطقة بأكملها، ومن المتوقع أن تساعد على زيادة الوعي بقطر والمنطقة وتعمل على تغيير المفاهيم حول هذه المنطقة بين الذين لم يكن لديهم سابق خبرة بها حتى الآن، كما أنها ستؤكد مستوى تفوق قطر وهيمنتها في استضافة المسابقة، حيث انها الدولة الوحيدة في الشرق الأوسط التي استضافت كأس العالم كما أنه يظهر بوضوح أن قطر وغيرها من دول المنطقة يمكنها، في ظل وجود رؤية وطموح، التغلب على التحديات المصاحبة لتنظيم الأحداث الرياضية الكبيرة في فصل الصيف كما يعزز مصداقيتها لاستضافة الأحداث الكبيرة الأخرى.
وتحريا لمزيد من الدقة، فإن المفاهيم الجديدة التي ستنشأ نتيجة قدوم المشجعين معا من خلفيات ثقافية مختلفة سيكون لها أثر إيجابي خلال الحدث وأيضا عند عودة الزائرين إلى ديارهم ولديهم تجارب وذكريات من نهائيات كأس العالم لكرة القدم التي عقدت في منطقة الخليج، ومن المرجح أن يكون الازدهار الاقتصادي الضخم الناتج عن الكم الكبير من المشروعات الجديدة التي سيتم تنفيذها، ازدهارا فريدا في المنطقة. هذا وقد توافرت الفرصة حاليا أمام الشرق الأوسط والعالم العربي لإظهار قدرتهما في استضافة الأحداث الكبيرة وتعد قطر هي الأفضل حيث استضافت بنجاح بطولة الألعاب الآسيوية 2006. وكانت كثير من الشركات الأجنبية قد توافدت على قطر نتيجة لتنظيمها بطولة الألعاب الآسيوية وواصلت النمو في الدولة لفترة أطول بعد انتهاء الألعاب وهو ما سيحدث مع نهائيات كأس العالم لكن على مستوى أكبر بكثير.