قال تقريـر مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية إن مؤشرات سوق الكويت للأوراق المالية تراجعت خلال شهر نوفمبر 2010 من حيث الأسعار والمبالغ، حيث تراجع المؤشر الوزني بمعدل 1.6%، في مقابل تراجع أعلى للسعري بمعدل 2.4%، ورغم ذلك التراجع، إلا أن الوزني حقق مكاسب منذ بداية العام بمعدل 20.9%، بينما كان السعري خاسرا بمعدل 1.6%، كما تراجع متوسط التداول اليومي خلال نوفمبر بمعدل 23% ليصل إلى 44.5 مليون دينار مقابل 57.7 مليون دينار خلال أكتوبر 2010.
ويرجع انخفاض المؤشرات أعلاه خلال نوفمبر 2010 إلى عدة معطيات ظاهرة على السطح، منها: تفاقم الجدل حول محاولة بيع 46% من شركة الاتصالات المتنقلة «زين» إلى شركة الاتصالات الإماراتية، إلا أننا نرى أسبابا موضوعية للتراجع، منها: حاجة البورصة الكويتية لفترة هدوء بعد الارتفاع الذي فاق التوقعات خلال عام 2010، والذي شمل ستة أشهر مقابل انخفاض في خمسة أشهر، ناهيك عن اكتمال إعلان نتائج الشركات لثلاثة أرباع العام، والتي تشكل الملامح الأولية لنتائج العام 2010 ككل، حيث لا يستبعد حاجة معظم صناع السوق للتأمل في مراكزهم الاستثمارية والتفكير في إعادة ترتيبها ولو جزئيا، وذلك للتعاطي المناسب مع نتائج العام 2010، بالإضافة إلى وضع الخطوط العريضة للتحرك خلال العام المقبل 2011.
مؤشر «الجمان» للثقة
وأوضح التقرير انه وعلى الرغم من تراجع المؤشرين الوزني والسعري خلال نوفمبر الماضي، إلا أن مؤشر الثقة ارتفع بمعدل 1.6% خلال نفس الشهر، والذي ربما يعطي إشارة إلى أن الوضع ليس بالغ السوء كما يتصوره البعض، خاصة على خلفية انخفاض نسبة نجاح صفقة «زين ـ اتصالات»، حيث إن المعطيات الفعلية والجوهرية للبورصة تفوق المؤثرات النفسية والسطحية، والتي أدت إلى تراجع المؤشرات الرسمية، ورغم ارتفاع مؤشر الجمان للثقة خلال نوفمبر إلا أن نسب الارتفاع قد تقلصت تدريجيا خلال أسابيع الشهر المذكور، مما قد يوحي ببدأ طغيان الحالة النفسية السلبية على الوضع الأساسي الإيجابي نسبيا، والذي قد يؤدي إلى تذبذب أداء البورصة في المستقبل القريب.
نتائج الربع الثالث وثلاثة أرباع 2010
ارتفعت أرباح الربع الثالث 2010 بمعدل 41% لتبلغ 353 مليون دينار مقابل 250 مليون دينار لأرباح الربع الثالث 2009، وذلك كصافي نتائج جميع الشركات المدرجة، ويعتبر ذلك مؤشرا إيجابيا كون معظم النتائج للربع الثالث تشغيلية، أي ذات جودة مرتفعة، كما ارتفعت أرباح ثلاثة أرباع العام 2010 إلى 941 مليون دينار بنمو 7% عن نتائج ذات الفترة للعام الماضي التي بلغت 876 مليون دينار، وذلك بعد استبعاد الأرباح الاستثنائية من صفقة بيع «زين أفريقيا» التي بلغت نحو 788 مليون دينار، والتي تم الاعتراف بها خلال الربع الثاني 2010.
وقد كان لأرباح «زين» الاستثنائية بالغ الأثر لثلاثة أرباع العام 2010، حيث شكلت 81% من أرباح «زين»، و71% من إجمالي أرباح قطاع الخدمات المدرج به ذلك السهم، و46% من إجمالي أرباح البورصة ككل، ورغم الأرباح «العملاقة» لـ «زين»، إلا أنها ربما توضح الوضع الهش لأرباح معظم الشركات الباقية أو نتائجها وعددها نحو 225 شركة.
ورغم تلك المؤشرات غير المريحة لثلاثة أرباع العام 2010 من حيث بعض الإحصائيات المهمة، نجد أن الوضع في تحسن ملحوظ بالمقارنة مع الفترة المناظرة 2009، حيث ارتفعت نسبة الشركات الرابحة من 61 إلى 70%، كما ارتفعت نسبة الشركات التي تحسنت نتائجها من 25 إلى 52%، وذلك مقابل انحسار الشركات الخاسرة من 39 إلى 30%، وكذلك نسبة عدد الشركات التي تراجعت نتائجها من 75 إلى 48%، ولا شك بأن تلك الإحصائيات تعطي انطباعا مريحا لتطور ووضع الشركات المدرجة بشكل عام.
توقعات «الجمان»
من جهة أخرى، انخفضت النتائج الفعلية للربع الثالث 2010 عن توقعاتنا التي أصدرناها بتاريخ 4/10/2010، والتي قدرت أرباح ذلك الربع بمقدار 500 مليون دينار، أي أن الأرقام الفعلية انخفضت 30% عن توقعاتنا، بينما كانت توقعاتنا لأرباح ثلاثة أرباع العام 2010 نحو 1.078 مليون دينار، في حين كان الواقع 941 مليون دينار، وذلك بانخفاض 13% عن توقعاتنا، وإن كان لنا تبرير للفارق ما بين التوقعات والواقع، فإنه يرجع ـ من بين عدة أمور ـ إلى تواضع نتائج الشركات المرتبطة بـ «زين» لثلاثة أرباع العام 2010، والتي توقعنا لها أداء أفضل مما تم الإعلان عنه، حيث كانت تقديراتنا تشير إلى استفادتها الملحوظة من تداعيات بيع «زين أفريقيا»، وذلك على أثر تحسن أداء محافظ تلك الشركات بدفع من ارتفاع سهم «زين» خلال الفترة، ناهيك عن التوزيعات النقدية عن العام 2009 والبالغة 170 فلسا للسهم، وكذلك المتاجرة بالسهم المذكور، إلا أن توقعاتنا تلك لم تصب فيما يبدو لعدة أسباب، منها: أنه ربما قد بالغنا في مدى تأثر تلك الشركات بسهم «زين»، أو أن تلك الشركات كان أداؤها المعتاد أقل بشكل ملحوظ عن توقعاتنا، بحيث لم تسعف تداعيات «زين» الاستثنائية والإيجابية في تحقيق نتائج إيجابية لافتة.
تفكيك «الديوانية العملاقة»
قامت إدارة سوق الكويت للأوراق المالية بخطوات تدريجية ـ فيما يبدو ـ لإنهاء الوضع الخاطئ لتواجد جماهير المتداولين في قاعة التداول في البورصة، وكنا قد طالبنا منذ سنوات عديدة بإصلاح ذلك الوضع السلبي، والذي تحول إلى «ديوانية عملاقة»، ولا شك بأن لهذا التجمهر البشري اليومي عدة سلبيات، أولاها: من الناحية الحضارية، حيث ان ذلك الوضع لا يليق بمنظر أقدم بورصة في المنطقة وثاني أكبر سوق مال في الخليج، كما أن التجمهر كان وسيلة لبث الإشاعات والأخبار الكاذبة لأهداف مشبوهة، حيث تتفشى بين الجماهير المحتشدة كانتشار النار في الهشيم، ناهيك عن الازدحام المروري في محيط البورصة والتلوث البيئي وغيره من السلبيات والمخاطر.
ولا شك بوجود عدة بدائل لهذه «الديوانية العملاقة»، من حيث توافر التداول الالكتروني وبواسطة الإنترنت، وأيضا التواصل عبر الهاتف مع الوسطاء، كما قامت بعض مكاتب الوساطة بافتتاح مكاتب داخل وخارج الكويت لخدمة عملائها دون الحاجة إلى التواجد في المقر الرئيسي للبورصة، كما يمكن لمكاتب الوساطة التوسع في افتتاح استراحات لتداول عملائها وتقديم خدماتها من خلالها، بالإضافة إلى خدمات «البوفيه» المناسبة، والتي تكون بمقابل أو دون مقابل حسب ظروف كل مكتب وساطة ونوعية عملائه.
إصلاحات أهم
ورغم أن إصلاح موضوع قاعة التداول يعتبر أمرا مهما، إلا أن هناك ملفات أخرى أكثر أهمية، وذلك فيما يتعلق بواجبات ومسؤوليات إدارة سوق الكويت للأوراق المالية، وهي كثيرة ومتعددة ومتنوعة، وقد تحدثنا عنها مرارا على مدى سنوات عديدة، كما طالب بها الكثيرون من المعنيين، وذلك من حيث الاهتمام بالجانب التنظيمي والرقابي لسوق المال وتطوير آلياته، ولا شك أنه لا يسعنا في هذا المقام تذكير إدارة السوق بأولوياتها المهمة والحساسة وتعدادها، حيث نعتقد أنها على علم بها تماما، وربما ينقصها الجدية والعزيمة الصلبة لتنفيذها، حيث يجب ضبط الأمور المتعلقة بصغار المتداولين والمتمثلة في الوضع الخاطئ المتمثل في «الديوانية العملاقة» والواضح للعيان، وذلك بالتوازي مع ضبط تجاوزات الكبار التي تتم على الملأ ووراء الكواليس على حد سواء.