قالت شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) في تقرير لها حول وضع الميزانية المجمعة وربحية قطاع الشركات الاستثمارية المدرجة في بورصة الكويت، ان قطاع الشركات الاستثمارية المدرجة شهد خلال السنوات الماضية التي سبقت حدوث الأزمة المالية قفزة نوعية في حجم الأصول نتيجة الأرباح التي حققتها تلك الشركات خلال الفترة نفسها، حيث نالت ثقة عدد كبير من المستثمرين الذين يرغبون في الحصول على أفضل العوائد.
وأشارت الى انه مع بدء الأزمة المالية في سبتمبر من عام 2008 كان قطاع الشركات الاستثمارية من أكثر القطاعات المتضررة في انخفاض قيمة أصولها نتيجة الخسائر الفادحة التي لحقت بأسعار الأسهم وتقييم الاستثمارات، حيث انخفضت أصول القطاع بنسبة 17.3% لتصل إلى حوالي 8.62 مليارات دينار في سبتمبر 2010 مقارنة مع أصول بلغت 10.42 مليارات في نهاية عام 2007، وكانت أصول قطاع الشركات الاستثمارية شهدت أعلى نمو خلال عام 2007 بنسبة 35% ليصل حجم الأصول إلى 10.42 مليارات دينار مقارنة مع 7.73 مليارات دينار في نهاية عام 2006، وقد أتت هذه الارتفاعات نتيجة زيادة عوائد الاستثمار من خلال التوسع في السوق وزيادة حجم الاستثمارات بالاعتماد على مصادر التمويل والزيادات في رؤوس الأموال والتضخم في أسعار الأصول.
أما بالنسبة لأصول القطاع في نهاية التسعة أشهر الأولى من العام الحالي بحسب نوع الشركات، أشارت «كامكو» الى أن الشركات التقليدية والبالغ عددها 20 شركة تستحوذ على حصة 43% من حجم أصول قطاع الشركات الاستثمارية، وقد شهدت أصول هذه الشركات أكبر انخفاضا خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2010 مقارنة مع الشركات الاستثمارية الأخرى حيث انخفضت بنسبة 3.11% لتصل إلى 3.66 مليارات دينار مقارنة مع 3.77 مليارات دينار في نهاية عام 2009.
وجاء هذا الانخفاض في حجم أصول الشركات التقليدية نتيجة الانخفاض في محفظة الاستثمارات والتي تشكل 60.3% من حجم الأصول حيث تراجعت بنسبة 4.16% خلال فترة التسعة أشهر الأولى من عام 2010 لتصل إلى 2.33 مليار دينار مقارنة مع 2.43 مليار دينار في نهاية عام 2009، وقد تأثرت المحفظة الاستثمارية للشركات التقليدية نتيجة قيام بعض الشركات بعمليات بيع لجزء من أصولها الاستثمارية حتى تتمكن من تسديد ديونها المستحقة والتي تشكل عبئا كبيرا عليها نظرا لصعوبة إعادة جدولة تلك الديون، وبذلك يكون الحل أمام تلك الشركات التي لحقت بها خسائر فادحة واستنزفت جزءا كبيرا من حقوق مساهميها بزيادة رؤوس أموالها للتعويض ولإطفاء الخسائر التي لحقت بها وتنظيف قوائمها المالية من الخسائر.
أما عن أصول الشركات الاستثمارية التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية والبالغ عددها 16 شركة فإنها تشكل 29% من إجمالي أصول قطاع الشركات الاستثمارية وذلك بعد استبعاد أصول كل من شركة دار الاستثمار والشركة الدولية للإجارة والاستثمار وذلك بسبب عدم توافر البيانات المالية لكلتا الشركتين، مع العلم أن أصول شركة دار الاستثمار بلغت حوالي 1.2 مليار دينار في نهاية عام 2008 قد شكلت حوالي 32% من إجمالي أصول الشركات الاستثمارية الإسلامية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية كونها من أكبر الشركات الاستثمارية التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية في الكويت، وقد شهدت الشركات الاستثمارية التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية انخفاضا في حجم أصولها خلال فترة التسعة أشهر الأولى من عام 2010 بنسبة 2.8% لتصل إلى 2.52 مليار دينار مقارنة مع 2.59 مليار دينار في نهاية عام 2009.
وقد كان العامل الرئيسي لانخفاض إجمالي أصول الشركات الاستثمارية التي تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية هو التراجع في المحفظة الاستثمارية والتي تشكل حوالي 60.5% من إجمالي حجم أصول تلك الشركات حيث انخفضت بنسبة 5.3% خلال فترة التسعة أشهر الأولى من عام 2010 لتصل إلى 1.52 مليار دينار مقارنة مع 1.61 مليار دينار في نهاية عام 2009.
أما بالنسبة للشركات القابضة والمدرجة ضمن قطاع الشركات الاستثمارية، فأفادت «كامكو» بأنها لم تتأثر مثل الشركات الاستثمارية التقليدية والإسلامية كونها تعتمد بطبيعتها على تنويع الاستثمارات وعدم الاعتماد بشكل كلي على الاستدانة حيث بلغت نسبة إجمالي الديون إلى حقوق المساهمين لهذه المجموعة 0.81 مرة وهي أقل نسبة إذا ما تمت مقارنتها مع الشركات الاستثمارية التقليدية والإسلامية وشركات تمويل الأفراد، وقد شهدت الشركات القابضة خلال فترة التسعة أشهر الأولى من عام 2010 نموا في حجم أصولها بنسبة 3.3% لتصل 1.83 مليار دينار مقارنة مع 1.78 مليار دينار في نهاية عام 2009.
ولم تطرأ أي تغييرات جذرية في حجم القروض الممنوحة لقطاع الشركات الاستثمارية منذ بداية عام 2009 وحتى سبتمبر من عام 2010 وذلك لعدة أسباب أهمها غياب السيولة النقدية وعدم قدرة بعض الشركات على الإيفاء بالتزاماتها المالية حيث لجأت بعض الشركات إلى إعادة جدولة تلك الديون، كما كان لتشدد البنوك في منح القروض لهذا القطاع دور أساسي في تراجع القروض الممنوحة للشركات الاستثمارية من 4.33 مليارات دينار في نهاية عام 2009 إلى 4.24 مليارات دينار في نهاية سبتمبر الماضي وذلك بنسبة انخفاض بلغت 2.2%، وبالتالي ارتفعت نسبة الدين إلى حقوق المساهمين لتصل إلى 1.32 مرة وذلك نتيجة انخفاض إجمالي حقوق المساهمين بنسبة 5.3% ليصل إلى 3.2 مليارات دينار في نهاية التسعة أشهر الأولى من عام 2010 مقارنة مع 3.38 مليارات دينار في نهاية عام 2009، وقد جاء ان هذا التراجع في حقوق المساهمين نتيجة الخسائر التي منيت بها معظم الشركات الاستثمارية نتيجة انخفاض قيمة المحافظ الاستثمارية والتي تم تحميلها على بند حقوق المساهمين في الميزانية العمومية للشركات لتأثر سلبا على الرافعة المالية والوضع المالي لتلك الشركات.
وفي تحليل لأرقام الرافعة المالية للشركات الاستثمارية والبالغ عددها 51 شركة استثمارية مدرجة ضمن قطاع الاستثمار في سوق الكويت للأوراق المالية كما في 30 سبتمبر 2010، لاحظت «كامكو» أن 12 شركة فقط لا تستوفي المعيار الذي تم وضعه من قبل بنك الكويت المركزي حيث تخطت الرافعة المالية لديها مرتين وهذا ما يضع تلك الشركات تحت ضغط تخفيض الرافعة المالية عبر سداد جزء من ديونها أو من خلال إعادة الرسملة التي تعتبر حاليا من الحلول الصعبة وذلك في مهلة أقصاها سنتان تم تحديدها من قبل البنك المركزي بدءا من يونيو 2010 وحتى نهاية يونيو من عام 2012.
على صعيد آخر، افادت «كامكو» بان الخسائر التي سجلتها 8 شركات من أصل 16 شركة تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية خلال فترة التسعة أشهر الأولى من العام الحالي، بلغت نحو 59 مليون دينار وهي أقل من الخسائر التي سجلتها نفس المجموعة من الشركات في الفترة نفسها من عام 2009، ومن المتوقع أن تزداد تلك الخسائر حيث ان هناك 8 شركات لم تعلن نتائجها بعد، أما الشركات الاستثمارية التقليدية والتي بمعظمها أعلنت نتائجها المالية، فقد سجلت خسائر إجمالية بلغت 70 مليون دينار مقارنة مع خسارة قدرها 113 مليون دينار في الفترة نفسها من عام 2009.
ولفتت «كامكو» الى ان تقريرها تضمن تصنيف الشركات الاستثمارية المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية إلى أربعة أنواع، هي: الشركات الاستثمارية التقليدية، والشركات الاستثمارية الإسلامية، والشركات القابضة، وشركات تمويل الأفراد، كما انه تم استثناء النتائج المالية التاريخية لكل من شركة دار الاستثمار والشركة الدولية للإجارة والاستثمار وذلك نظرا لعدم توافر البيانات المالية وإيقاف أسهمهما عن التداول منذ حوالي عامين، كما تم استبعاد جزء كبير من أرقام ميزانية شركة مشاريع الكويت القابضة كونها تتضمن الميزانية المجمعة لبنك برقان واكتفينا فقط بالأرقام العائدة إلى الشركة الأم.
تآكل حقوق المساهمين
لاحظ تقرير «كامكو» ان الأرقام المعلنة عن حقوق المساهمين لا تطمئن إطلاقا إذ يتبين مدى تأثير انخفاض قيمة الاستثمارات والخسائر المتراكمة على قاعدة حقوق المساهمين للقطاع، مع العلم أن هناك عددا كبيرا من الشركات لديها قاعدة حقوق مساهمين صلبة ولا داعي لزيادة رأسمالها، حيث بلغ إجمالي الخسائر المستبقاة للقطاع نحو 508 ملايين دينار وهي لاتزال تضغط على قيمة حقوق المساهمين والتي بدورها في تراجع مستمر منذ عام 2008 لتصل إلى 3.2 مليارات دينار بعد أن كانت قد بلغت نحو 5.3 مليارات دينار نهاية عام 2007.
ودعت «كامكو» الى ضرورة إعادة هيكلة رأسمال القطاع وتقويته بزيادات كبيرة وشطب الخسائر المتراكمة، حيث يبدو أن عام 2011 سيكون صعبا على عدد كبير من الشركات الاستثمارية وذلك في ظل انعدام السيولة والتمويل والصعوبة في زيادة رؤوس الأموال حيث تحتاج الشركات الاستثمارية إلى نحو مليار دينار من الرساميل الجديدة لتقوية قاعدة حقوق المساهمين والعودة بها إلى مستوياتها المقبولة.
الشركات الاستثمارية والأزمة المالية
وحول ما اذا كانت الازمة قد انتهت بالنسبة لشركات الاستثمار أو لم تنته، اعتبر تقرير «كامكو» ان الازمة انتهت بالنسبة لبعض الشركات التي تمكنت من تخطي الأزمة وحافظت على جزء كبير من أصولها وهناك عدد كبير من الشركات مازالت تعاني من أزمة سيولة وخسائر وهي تحت وطأة ديون ثقيلة، حيث تشير الأرقام المعلنة لفترة التسعة أشهر من العام الحالي لقطاع الشركات الاستثمارية إلى أن القطاع لايزال تحت ضغط الخسائر وتراجع الإيرادات حيث بلغت الخسائر نحو 122 مليون دينار مقارنة مع خسائر قاربت الـ 205 ملايين دينار خلال الفترة المقابلة في عام 2009.
وبالتالي، فإن القطاع لايزال خاسرا وسيبقى كذلك حتى نهاية عام 2010 والنصف الأول من عام 2011 وذلك نتيجة التراجع المستمر في إجمالي الإيرادات التي انخفضت بنسبة 15% خلال التسعة أشهر الأولى من العام الحالي لتصل إلى 213 مليون دينار، حيث شهدت جميع مصادر الإيرادات انخفاضا خلال التسعة أشهر الأولى من عام 2010، وخصوصا إيرادات الاستثمارات والأتعاب والعمولات والتي تعكس البيئة التشغيلية الصعبة التي يواجهها القطاع.