قال تقرير لمركز الجمان للاستشارات الاقتصادية ان المؤشر الوزني لسوق الكويت للأوراق المالية ارتفع خلال ديسمبر 2010 بمعدل 4.4%، بينما كانت مكاسب المؤشر السعري متواضعة بمعدل 0.4%، في حين كان التباين سائدا خلال الربع الرابع من العام الحالي، وذلك بأداء موجب للوزني بمعدل 4.6% مقابل أداء سلبي للسعري بمعدل 1.0%، وكذلك هو الحال أيضا للعام 2010 ككل، حيث ارتفع الوزني بمعدل 26.3% مقابل تراجع بمعدل 1.2% للسعري، ويرجع ذلك التباين الملحوظ فيما بين المؤشرين إلى ارتفاع الأسهم الكبيرة والمؤثرة على المؤشر الوزني بشكل ملحوظ، في مقابل انخفاض شريحة كبيرة من الأسهم الصغيرة بشكل عام، وهي المسيطرة على المؤشر السعري.
مجموعتان من الأسهم تدفعان النشاط
وبين التقرير أن من أبرز المؤثرات في التباين فيما بين المؤشرين الوزني والسعري خلال عام 2010 هو ارتفاع أسهم قطاع البنوك، وكذلك سهم «زين» والأسهم المتأثرة به، حيث ارتفعت القيمة الرأسمالية للمجموعة الأولى (9 أسهم) بمقدار 4.2 مليارات دينار، بينما ارتفعت للمجموعة الثانية (11 سهما) بمقدار 2.6 مليار دينار، وذلك بما مجموعه 6.8 مليارات دينار، أي ما يفوق ارتفاع القيمة الرأسمالية لسوق الكويت للأوراق المالية للعام 2010 ككل، والذي بلغ 6.2 مليارات دينار من 30.2 إلى 36.4 مليار دينار، حيث إن الفارق السالب ما بين القيمتين هو صافي انخفاض الأسهم المتبقية، وذلك بمقدار 600 مليون دينار (6.2 ـ 6.8 مليارات دينار)، وهو ما عكسه المؤشر السعري بشكل أو بآخر.
ولا شك في أن التحليل المبسط يعطي صورة واضحة للحالة الانتقائية التي سادت المشهد البورصوي الكويتي خلال 2010، حيث ربحت أسهم البنوك وسهم «زين» والأسهم المرتبطة بها، وذلك لمعطيات معروفة لا مجال لتفصيلها في هذا المقام، بينما كانت هناك حالة غربلة شاملة لباقي الأسهم والتي يقارب عددها 200 سهم، وذلك صعودا وهبوطا وفقا لجوهر وحقيقة تلك الأسهم في الغالب، والذي أفرز حالة من التعادل إلى الهبوط الطفيف للمؤشر السعري كمحصلة لعملية الغربلة، والتي كانت عنيفة في جانب منها.
تداولات 2010 والمتلاعبين
وأشار التقرير الى أن عملية الغربلة الإيجابية والشاملة في أسعار الأسهم خلال العام 2010 صاحبها انخفاض صحي في التداول، حيث تراجع متوسط التداول اليومي من 88.4 مليون دينار خلال العام 2009 إلى 51.1 مليون دينار خلال العام 2010، وذلك بمعدل تراجع بلغ 42%، ولهذا التراجع في التداول عدة أسباب، منها: تراجع أسعار الأسهم الصغيرة، وبالتالي، تراجع التداول المرتبط بها بالتبعية، كما تراجعت عمليات التداول المصطنع بشكل ملحوظ خلال 2010 بالمقارنة مع 2009، وذلك لعدة أسباب منها: نقص السيولة لدى المتلاعبين، وكذلك افتضاح تلاعبهم على الملأ، حيث أصبحوا محلا للسخرية والاستهزاء بعدما كانوا محلا للإعجاب أثناء العصر الذهبي الغابر، ناهيك عن نشوب مجموعة من الاشكالات القانونية التي وضعت المشبوهين في عمليات التدوير تحت المراقبة والتعقب من جانب أكثر من طرف.
ورغم ضمور التلاعب في التداول خلال العام الحالي، إلا أننا نرصد استمرار بعض الأطراف بامتهان هذا السلوك الشاذ ولو على استحياء، من جهة أخرى، فقد تراجع متوسط التداول اليومي لشهر ديسمبر 2010 إلى 33.7 مليون دينار بالمقارنة مع 44.5 مليون دينار لشهر نوفمبر 2010 بمعدل انخفاض بلغ 24%، والذي يرجع في جانب منه إلى حالة الترقب والقلق من تطورات صفقة «زين ـ اتصالات» الشهيرة، ناهيك عن حال الهدوء المعتادة لشهر ديسمبر من كل عام لدراسة الوضع والنتائج، وكذلك المراكز الاستثمارية والمضاربية لإجراء تعديلات عليها من جانب العديد من الأطراف الرئيسية الفاعلة بالبورصة، وذلك بالتزامن مع وضع الخطط للتعاطي مع العام المقبل 2011 بما يحمل من توقعات ومفاجآت.
التوقعات والواقع
كنا قد توقعنا أداء إيجابيا للبورصة بمعدل 10% لعام 2010، وذلك من خلال تقريرنا الصادر في 29/12/2009، وقد كان ذاك التوقع في ظروف صعبة للغاية، حيث لم يجرؤ أحد من المؤسسات المهنية المعروفة على إصدار توقعات واضحة للعام 2010 على حد علمنا، وذلك لضبابية الوضع نهاية العام 2009، وقد ارتفع المؤشر الوزني بأكثر من ضعف توقعاتنا، أي بمعدل 26.3% كما أسلفنا، وبالتالي، وافق الواقع توقعاتنا من حيث الاتجاه الموجب، ولم يوافقها في النسبة.
ويمكن تبرير الفارق فيما بين التوقعات والواقع، بحدوث متغير رئيسي وهو إتمام صفقة بيع «زين ـ أفريقيا» التي كانت استثنائية وغير متوقعة، والتي دفعت المؤشر الوزني الى الصعود بشكل ملحوظ، ناهيك عن نوايا بيع «زين» لـ«اتصالات الإماراتية»، والتي عززت مكاسب المؤشر، كما أن وجهة نظر أخرى تقول بأنه يجب أخذ متوسط المؤشرين الوزني والسعري لقياس أداء البورصة بشكل موضوعي، حيث يجب أخذ المؤشر السعري الذي خسر 1.2%، والذي يميل أكثر إلى قياس الأسهم الصغيرة، جنبا إلى جنب مع المؤشر الوزني، والذي انحاز للأسهم الكبيرة بمكاسب 26.3%، وبالتالي، يكون متوسطهما 12.6% (26.3 ـ 1.2)، والذي يقارب التوقع البالغ 10%.
مؤشر «الجمان» للثقة
وذكر التقرير أن مركز الجمان قد طرح في بداية أكتوبر 2010 مؤشرا مبتكرا يحمل اسم «مؤشر الجمان للثقة»، وذلك لقياس ثقة المتداولين في سوق الكويت للأوراق المالية على أساس علمي وموضوعي، حيث يرصد المعطيات الحقيقية والجوهرية بعيدا عن المؤثرات النفسية والعاطفية التي تعكسها المؤشرات الأخرى، ومنها المؤشران الرسميان الوزني والسعري، ناهيك عن تأثر معظم المؤشرات المتداولة بالصفقات المصطنعة والتلاعب بالأسعار، وهذا ما يشتهر به سوق الكويت للأوراق المالية للأسف الشديد.
وقد تم البدء في احتساب مؤشر الجمان للثقة منذ بداية العام 2010 بناء على 50 نقطة أساس، وكان أداؤه مناصفة ما بين أشهر العام 2010، حيث استقر عند مستوى 50.08 نقطة كما في 27/12/2010، أي بارتفاع 0.16% فقط منذ بداية 2010، أي أن مستوى الثقة في بورصة الكويت نهاية العام 2010 ثبت على ما هو عليه منذ بداية العام.
ونظرا لكون مؤشر الجمان للثقة يعتبر أداة لاستشراف المستقبل كونه مبنيا على أساس الثقة، فإن أداءه للعام 2010 ينبئ باستقرار نسبي للبورصة في الأسابيع الأولى من عام 2011، وذلك ما لم تحدث تطورات مفصلية، سواء إيجابية أو سلبية، والتي من شأنها تحديد مسار البورصة صعودا أو هبوطا، وتجدر الإشارة إلى أن أداء مؤشر الجمان للثقة خلال 2010 قد كان إيجابيا لستة شهور وسلبيا للستة الأخرى كما أسلفنا، وهو ما أفرز حالة التعادل في أدائه نهاية العام المذكور، كما نشير إلى أن البيانات والإحصاءات الوراده هي حتى نهاية يوم الاثنين الموافق 27/12/2010.
عقوبات في محلها
وذكر التقرير أن احدى الصحف المحلية نشرت في عددها الصادر بتاريخ 13/12/2010 خبرا عن إيقاع بنك الكويت المركزي جزاء على شركة «العقيلة» بمبلغ 290 ألف دينار عن 7 مخالفات، «انتهى الخبر»، ولا شك في أن شركة العقيلة للإجارة والتمويل والاستثمار قد تعرضت لسوء إدارة بشكل مؤسف، حالها كحال بعض الشركات المدرجة وغير المدرجة، خاصة الاستثمارية منها، ونعتقد أن خطوة البنك المركزي هي غاية في الإيجابية، وذلك من حيث التعامل الحازم مع التجاوزات على أسس مهنية وموضوعية، وربما ينتقد البعض تأخر البنك المركزي في اتخاذ مثل تلك الإجراءات الصارمة، والذي هو محل تفهمنا، إلا أننا نعتقد أن معظم العقوبات التي يفرضها البنك المركزي لا يتم نشرها، وبالتالي، هي غير معروفة للعامة، هذا من جانب.
قطر... وكأس العالم
وقال التقرير انه تم في أوائل شهر ديسمبر 2010، الإعلان عن فوز دولة قطر بتنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم عام 2022، ولا شك، فإننا نبارك لقطر الشقيقة على هذا الإنجاز العالمي غير المسبوق خليجيا وعربيا وربما إسلاميا أيضا وقد ارتفعت بورصة قطر بشكل ملحوظ في أول يوم تداول بعد الإعلان المذكور، أي يوم الأحد الموافق 5/12/2010، واستمر الارتفاع طيلة الأسبوع تقريبا، إلى أن عادت الأمور الى سياقها المعتاد، وذلك كوضع طبيعي في مثل تلك الظروف والأحداث.
ولا شك أن دولة قطر تعول على استضافة المونديال لإحداث ثورة تنموية شاملة وفقا لبرنامج زمني واضح، وبناء على خطة محكمة، حيث ستغدو هذه الدولة الناشئة بشكل مختلف تماما عند استضافة الحدث بعد أحد عشر عاما تقريبا، وسينتهي المونديال وتبقى تداعياته الإيجابية ومكتسباته الإستراتيجية، حيث ستنفق الدولة حينها ما بين 60 إلى 100 مليار دولار بشكل تنموي مدروس، كما أن من المؤكد انتعاش الوضع الاقتصادي في قطر تبعا لهذا الحدث التاريخي، وذلك لمصلحة الوطن والمواطن، ولا يستبعد أيضا أن يمتد هذا الانتعاش إلى منطقة الخليج، ولو بدرجات متفاوته من دولة لأخرى، وبتباين في القطاعات الاقتصادية، كما نتوقع استفادة بعض الشركات الكويتية المدرجة وغير المدرجة من هذا الحدث العملاق، وذلك على قدر جديتها واستعدادها للتعاطي مع الفرص الهائلة التي ستقدمها عملية تطوير دولة بالكامل خلال فترة ربما تكون قياسية.
935 مليون دينار الأرباح المتوقعة للشركات في 2010
بيّن التقرير أن عملية التوقعات لنتائج الشركات المدرجة في سوق الكويت للأوراق المالية تعتبر من أصعب المهمات التي تواجه المحللين والمهتمين بالبورصة، وذلك كون شريحة كبيرة من الشركات غير تشغيلية، أي لا يمكن التنبؤ بأدائها المستقبلي، والذي ينعكس على نتائج مجمل الشركات في نهاية المطاف، إلا أننا يجب أن نجتهد للوصول إلى أرقام تقريبية ولو في إطار متحفظ، حتى يمكن وضع سيناريو لتبعات تلك النتائج للتعامل معها كل وفقا لرؤيته ومصالحه.
وتتأثر مجمل نتائج الشركات المدرجة بأداء البورصة ذاتها، وذلك نظرا للترابط الوثيق والتأثر البالغ ما بين الشركات المدرجة بعضها ببعض من حيث النتائج، وبالتبعية أسعار أسهمها، والذي يحدد مسار مؤشر البورصة، أي أن مؤشر البورصة يؤثر في نتائج الشركات، كما تتأثر نتائج الشركات بالمؤشر، ما يعني أن أداء الشركات وأداء البورصة يدوران في حلقة شبه مفرغة.
وقد ارتفع المؤشر الوزني للربع الرابع 2010 بمعدل 4.6%، بينما انخفض السعري 1.0%، ونظرا لمجموعة المتغيرات التي حدثت خلال الربع الرابع 2010، فإننا نتوقع أن يكون صافي نتائج جميع الشركات المدرجة أرباحا صافية بمقدار 200 مليون دينار لنحو 226 شركة مدرجة، ورغم تواضع النتائج المتوقعة، إلا أنها أفضل من الربع الرابع 2009، حيث كانت النتائج المجمعة للشركات خسائر بمقدار 918 مليون دينار، أي أن التحسن المفترض ما بين الربعين يبلغ أكثر من 1.1 مليار دينار، وإن صحت توقعاتنا للربع الرابع 2010، فإن صافي أرباح جميع الشركات المدرجة ستكون نحو 935 مليون دينار بالمقارنة مع خسائر مجمعة للعام 2009 بمقدار 186 مليون دينار، أي بنمو مقداره 1.120 مليون دينار، وذلك باستبعاد الأرباح الاستثنائية لبيع «زين أفريقيا».
توقعات بارتفاع السوق في 2011
جريا على عادة مركز الجمان للاستشارات الاقتصادية نهاية كل عام في إطلاق توقعات لأداء البورصة للعام المقبل 2011، والذي سيحفل كالعادة بمفاجآت اقتصادية وغير اقتصادية محلية وخارجية، ناهيك عن مفاجآت على مستوى الشركات المدرجة سواء إيجابية أو سلبية، وغيرها من الظروف والمتغيرات التي ستؤثر في أداء سوق الكويت للأوراق المالية خلال العام المقبل 2011.
وقال التقرير انه في تقديرنا المتواضع وباختصار شديد، فإن محصلة تلك المتغيرات ستدعم أداء البورصة في 2011، كما دعمته في 2010 بارتفاع فاق التوقعات وبمكاسب بلغت 26% على المؤشر الوزني كما أسلفنا، حيث لا نستبعد ارتفاع ذلك المؤشر بمعدل 15% خلال 2011، وذلك بدعم أسعار النفط المرتفعة، والإنفاق الاستثماري الضخم للدولة خلال العام المذكور والأعوام المقبلة، والذي سينعكس على المشهد الاقتصادي العام من حيث تنشيط العجلة الاقتصادية وفوز العديد من الشركات المدرجة وغير المدرجة في حصة لا بأس بها من العقود، وذلك بالتوازي مع جذب مقاولين إقليميين وعالميين لتنفيذ مشاريع البنية التحتية والفوقية المعلن عنها ضمن خطة التنمية، كما نتوقع أن يكون أداء مؤشر الجمان للثقة في سوق الكويت للأوراق المالية إيجابيا بنحو 3% للعام 2011، والذي يعتمد على معطيات جوهرية وحقيقية بما يتعلق بمتغيرات أوضاع الشركات المدرجة عموما، والتي تكون بعضها كامنة، أي غير ظاهرة للمتابع العادي، حيث يهتم مؤشر الثقة بالمعطيات الجوهرية والحقيقية وليس ما يطفو على السطح من متغيرات قد تكون مضللة في جانب منها.
«الصداع المزمن»... «أجيليتي» وأخواتها!
ذكر التقرير أن شركة المخازن العمومية (أجيليتي) والشركات الأخرى التي تدور في فلكها قد أتعبت وأنهكت المتداولين في أسهمها، سواء كانوا مستثمرين أو مضاربين، ولسنوات عديدة، وذلك كالحالة المرضية المعروفة بـ «الصداع المزمن»، حيث تتقاذف سهم «أجيليتي» الشائعات والأخبار والمضاربات والأحداث الدراماتيكية من وقت لآخر، حتى وصل الوضع إلى تصويره بالسير في الظلام والمجهول، نظرا لعدم حسم النزاع مع الحكومة الأميركية، والذي قد ينطوي على آثار مادية جسيمة، وكذلك يفتقر الوضع للشفافية المطلوبة من حيث العقود التي تم تجديدها مؤقتا مع «أجيليتي» ـ كما يروج له ـ لحين الاستعداد الكامل للشركة الأخرى التي فازت بالعقد الرئيسي، وذلك من حيث الفترة الزمنية والمبالغ المرتبطة بها، حيث يبدو أن وضع «أجيليتي» مع الجيش الأميركي سينتهي بغموض شديد كما بدأ واستمر على مدى عدة سنوات.
ولا شك أن المسؤول الأول عن هذا «الصداع المزمن» هو إدارة سوق الكويت للأوراق المالية، والتي كانت ومازالت متراخية في حسم معظم الملفات العالقة وليس بالضرورة جميعها، وذلك من حيث عدم إصرارها على تقديم إيضاحات شافية وكافية من جانب «أجيليتي» بشأن العديد من المواضيع «الرمادية»، ويرى البعض أن هناك تعمدا لتكون الأمور ضبابية لمآرب مشبوهة، إلا أننا نتمنى ـ بعد أن عجزت إدارة البورصة بشكل تام وكامل عن حل «الألغاز الأجيليتية» ـ من هيئة سوق المال العتيدة فك شفرة تلك «الألغاز»، والتي نتمنى ألا تتحول إلى «ألغام».