قال المركز المالي الكويتي «المركز» في تقرير له حول الاستثمار في مجال الاستكشاف والتنقيب وإنتاج النفط في دول المنطقة، ان الاستثمار في هذا القطاع قد شهد انتعاشا في الفترة الأخيرة ومن المرجح ان يستمر هذا الانتعاش في ظل ازدهار أسعار النفط عن مستوياتها في العام السابق، واستمرار النفط كمصدر الدخل الأساسي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا.
واشار «المركز» الى انه في بداية الألفية الثالثة ومع ازدهار أسعار النفط في المنطقة تأسست بعض الشركات المحلية والأجنبية المستقلة للمشاركة في عمليات التنقيب وإنتاج النفط خصيصا في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، وقد بلغ عددها أكثر من 11 شركة، باستثناء الشركات الأجنبية المستقلة التي تم تأسيسها للعمل خصيصا في كردستان العراق، في الفترة بين عامي 2002 و2007، وقد تركزت اعمال هذه الشركات في مصر، وعمان، وباكستان، واليمن، وتونس، والإمارات، وسورية، والسودان والعراق والتي تم تأسيسها تزامنا مع الارتفاع في أسعار النفط التي وصلت إلى مستويات مشجعة تضمن لهذه الشركات تحقيق عوائد مادية.
وقد حققت هذه الشركات نجاحا في عملياتها في مجال التنقيب والاستكشاف، ليكون عدد الشركات العاملة في مجال الاستكشاف والتنقيب وإنتاج النفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا أكثر من 87 شركة تشكل الشركات العالمية الأجنبية منها نسبة 30% والشركات الحكومية نسبة 27% والشركات التي تعتبر شراكة بين الشركات العالمية والحكومية نسبة 21% والشركات المستقلة 21% فيما تشكل نسبة الشركات التي تدخل فيها الحكومة مع شريك محلي نسبة 1%.
وذكر التقرير انه من المفارقة أن معظم الشركات المستقلة تم تأسيسها في الكويت والتي يحظر الدستور فيها الاستثمار في مجال التنقيب والإنتاج ولكنها وجهت نشاطاتها إلى الدول التي فتحت أبوابها للشركات المستقلة، معربا عن الامل في ان يتم في المستقبل القريب فتح الباب لهذه الشركات للقيام ببعض العمليات التشغيلية في الكويت بما لا يتعارض مع الدستور خصوصا أن هذه الشركات قد كونت خبرة لا بأس بها في هذا المجال والتي يمكن الاستفادة منها في هذه الدول وتساهم في خلق فرص عمل جديدة للمواطنين خصوصا أن حجم الإنفاق على سبيل المثال لا الحصر في الكويت في مجال تطوير خدمات الحقول والمشاريع المتعلقة بالإنتاج يقارب 27 مليار دولار مما يتماشى مع إستراتيجية الكويت لإنتاج 4 ملايين برميل في 2020.
ولفت «المركز» الى ان هذه الشركات واجهت تحديات في بداية مشوارها لكونها تفتقر للخبرة والتقنية اللازمة لتشغيل الحقول النفطية بالإضافة إلى شح التمويل لهذا القطاع من البنوك المحلية التي قد لا تتفهم طبيعة عمل الشركات وتقبل المخاطر التي تتعلق بالعمل في هذه الدول والأداء التشغيلي.
وقد حاولت هذه الشركات التغلب على هذه المعضلة عن طريق الشراكة في امتياز الحقول النفطية مع الشركات الحكومية العاملة أو الشركات الجانبية العالمية التي تمتلك الخبرة في هذا المجال.
أما بالنسبة لتمويل نشاط هذه الشركات التي تحتاج إلى رؤوس أموال طائلة، فقد قامت الشركات الخاصة المستقلة بالاتجاه إلى البنوك العالمية لتمويل مشاريعها، كما حاولت بعض الشركات الاستناد الى أن عملياتها التشغيلية تتركز في الدول النامية، وبالتالي قامت بتأمين التمويل عن طريق البنك الدولي الذي قام بتمويل عمليات الشركات في بعض الدول مثل مصر واليمن وعمان وباكستان، فعلى سبيل المثال لا الحصر حصلت شركتا كويت انرجى ودليل بتروليوم التابعة لشركة محمد البرواني على تمويل البنك الدولي لمشاريع الاستكشاف والتطوير، كما نجحت بعض الشركات في تأمين الناحية التشغيلية واستطاعت أن تصدر صكوكا إسلامية لتمويل عملياتها التشغيلية مثل شركة دانا غاز التي استطاعت بفضل عمليات الاستكشاف والتطوير في مجال الغاز في مصر أن تجذب اهتمام المستثمرين في الأسواق المالية خصوصا أنها شركة مدرجة، وكذلك اهتمام المستثمرين في مجال السندات والصكوك.
اما بالنسبة للشركات المستقلة غير المدرجة والتي تمثل نسبة كبيرة من هذه الشركات العاملة فمازالت تحتاج إلى رؤوس أموال تتدفق من القطاع الخاص لتمويل عمليتها التشغيلية والتوسع إلى مناطق جغرافية جديدة، ويتزامن ذلك مع توقعات بأن تحافظ أسعار النفط على مستوياتها التي تفوق 90 دولارا للبرميل والتي تمكن الشركات المستقلة من تحقيق ربحية جيدة.
وتوقع «المركز» أن يشهد هذا القطاع إقبالا كبيرا من المستثمرين في القطاع الخاص إما للاستحواذ على حصص في الشركات القائمة أو لإنشاء شركات جديدة في هذا المجال، كما توقع نجاحا باهرا لهذه الشركات إذا استطاعت أن تثبت جدارتها التشغيلية والإدارية في المستقبل القريب.