قـــال بنــــــك الكـــــويت الوطنـــــي في موجــــزه الاقتصادي الأسبوعي حول اسواق النقد العالمية ان الدولار بدأ العام 2011 من موقع قوي واستطاع خلال الأسبوع الماضي تعزيز موقعه في مواجهة معظم العملات الرئيسية، مستفيدا من أرقام البطالة في كل من الولايات المتحدة ومنطقة اليورو وغيرها من المؤشرات الاقتصادية التي كانت أبرز محركات أسواق العملات خلال الأسبوع.
فقد شهد اليورو تداولا هادئا، وفي مطلع الأسبوع رصدت الأسواق محاولات من قبل العملة الأوروبية للتقدم على حساب الدولار لكنها أخفقت في تجاوز خط المقاومة عند مستوى 1.3433دولار، وتلت ذلك موجة بيع كبيرة للعملة الأوروبية انخفضت على أثرها لتصل إلى 1.2905 دولار يوم الجمعة.
ومن العوامل الرئيسية لتعثر اليورو تصريح البنك الوطني السويسري بأنه لن يقبل بعد الآن سندات الدين الايرلندية كضمان، وكذلك الأرقام الإيجابية لسوق العمل في الولايات المتحدة.
بينما لم يطرأ أي تغير كبير على وضع الجنيه الاسترليني خلال الأسبوع، فبعد بداية ضعيفة، استطاع الجنيه استرداد بعض خسائره على اثر الإعلان عن أرقام مؤشر مديري الشراء، وبعد أن بدأ الأسبوع بسعر 1.5612 دولار، جرى تداول الجنيه ضمن نطاق 1.5407- 1.5646 دولار. وكان لتنامي قوة الدولار أثر مماثل على أداء الين الياباني خلال الأسبوع الماضي في غياب الأخبار والمؤشرات المحلية، فقد بدأ الين صباح الإثنين بسعر 81.12 ينا/ دولارا وتراجع على مدى الأسبوع ليصل إلى 83.68 ينا/ دولارا يوم الجمعة على أثر الإعلان عن أرقام سوق العمل في الولايات المتحدة وأقفل في نهاية التداول للأسبوع عند مستوى 83.15 ينا/ دولارا.
واتخذ الفرنك السويسري مسارا موازيا لمسار العملات الرئيسية الأخرى، ومع أن أداءه في مطلع الأسبوع أوحى بأن العملة السويسرية ستشهد أسبوعا هادئا، لكن الأيام اللاحقة شهدت تراجع الفرنك من 0.9321 دولار إلى 0.9708 دولار مقابل الدولار متراجعا عن مستواه مقارنة بالأسبوع السابق.
من ناحية اخرى، وفي أحدث تقرير لها حول العمل في القطاع الخاص، قالت شركة «أيه دي بي» وهي إحدى كبريات شركات معالجة الأجور في الولايات المتحدة، انه تم توفير297.000 وظيفة جديدة في شهر ديسمبر الماضي، وفوجئت الأسواق بهذا الرقم الذي يعادل ثلاثة أضعاف الـ 100.000 وظيفة جديدة التي كان المراقبون الاقتصاديون يتوقعون إضافتها للاقتصاد، حيث كانت تلك أكبر قفزة على الإطلاق منذ بدء نشر هذه البيانات من قبل «أيه دي بي» في سنة 2000، إلا أن عددا من الاقتصاديين أبدوا شكوكا حول صحة الأرقام الكبيرة التي تضمنها تقرير الشركة حيث انهم يعتقدون أن عمليات التوظيف الضخمة التي حدثت في شهر ديسمبر تمت من قبل سلسلة محلات البيع بالتجزئة والمطاعم والبارات خلال موسم الأعياد، وأن الصورة الحقيقية سوف تتضح بعد الإعلان عن الأرقام الخاصة بشهر يناير. وبالتوازي مع ذلك، أضاف أصحاب الأعمال في الولايات المتحدة عددا أقل مما كان متوقعا من الوظائف الجديدة خلال الشهر الماضي، فقد ارتفع عدد العاملين في القطاعات المختلفة فضلا عن قطاع المزارع بـ 103.000 أشخاص، وهو رقم يقل عن الـ 150.000 الذي كان متوقعا، ويدل على استمرار تزايد أعداد العاملين. وعلى الرغم من أن أرقام العمالة جاءت دون المستوى الذي كان متوقعا، انخفض معدل البطالة من 9.8% في شهر نوفمبر إلى 9.4% في ديسمبر، إلا أن هذا الانخفاض لا يدل فقط على تحسن سوق العمل، ويعزى في معظمه إلى تقلص حجم القوة العاملة، لأن عدد العاملين المحبطين بات مرتفعا جدا وربما يصل على 1.3 مليون عامل.
واشار «الوطني» الى تسجيل صناعات الخدمات في شهر ديسمبر أسرع معدل نمو لها منذ شهر مايو 2006، فيما يدل على تسارع عملية التعافي الاقتصادي في الولايات المتحدة وامتداد هذا التعافي ليشمل قطاع الإنتاج الصناعي.
وقد ارتفع مؤشر معهد إدارة التوريد للقطاعات غير قطاع الإنتاج الصناعي، والذي يغطي حوالي 90% من الاقتصاد الأميركي، إلى 57.1 نقطة مقارنة بـ 55.0 نقطة في نوفمبر، الأمر الذي يدل على تسارع وتيرة النمو في قطاع الخدمات، أما قطاع الإنتاج الصناعي، فقد سجل تحسنا واضحا في شهر ديسمبر، حيث ارتفع مؤشر هذا القطاع من 56.6 نقطة في نوفمبر إلى 57.0 نقطة في ديسمبر. وعلى صعيد اقتصاديات منطقة اليورو، اوضح «الوطني» ان نمو الاقتصاديات الأوروبية خلال الربع الثالث من السنة كان أدنى مما كان متوقعا، حيث عمدت الشركات خلال الفترة المذكورة إلى تقليص الإنفاق في مواجهة أزمة الديون المتفاقمة التي كانت دول منطقة اليورو تواجهها، وتم تصحيح رقم الناتج المحلي الإجمالي للمنطقة بتخفيضه من التقدير السباق الذي بلغ 0.4% إلى 0.3%، علما أن اقتصاديات دول المنطقة تعتمد على الصادرات خاصة بعد أن دفعت الأزمة التي عصفت بدول عدة من إسبانيا إلى إيطاليا لزيادة إجراءات التقشف، الأمر الذي ترك أثرا سلبيا على الطلب على السلع الاستهلاكية وأرغم الشركات على تقليص التكاليف.
جاء ذلك، فيما كان معدل البطالة في بلاد اليورو عند أعلى مستوياته في شهر نوفمبر، حيث استقر عند مستوى 10.1% وهو الأعلى منذ بدء استخدام اليورو في سنة 1999، لكن لاتزال هناك تباينات واضحة على هذا الصعيد بين مختلف الدول، ولاتزال هولندا تسجل أدنى مستويات البطالة (4.4%) وتليها لوكسمبورغ حيث يبلغ معدل البطالة 4.8%، فالنمسا بـ 5.1%، بينما لاتزال إسبانيا تعاني من أعلى معدلات البطالة والذي يبلغ 20.6%. ولم يطرأ أي تغير على معدل البطالة في ألمانيا، أكبر الاقتصاديات الأوروبية، والبالغ 6.7%.
لاتزال التوقعات على هذا الصعيد قاتمة لأنه من المتوقع أن تستمر برامج تقليص الإنفاق تشكل عقبة كبيرة أمام أسواق العمل في بلاد اليورو حتى نهاية عام 2011، خاصة في الدول التي تعاني من أوضاع اقتصادية حرجة مثل اليونان والبرتغال، اللتين تتعرضان لضغوط قوية من الأسواق لتخفيض حجم ديونهما السيادية.