قال بنك الكويت الوطني في تقريره الأسبوعي حول تطورات الأسواق العالمية، ان الأسبوع الماضي شهد تحولا في اتجاهات سوق العملات، حيث كان التركيز قويا على أزمة منطقة اليورو، ما أوجد ضغوطا كبيرة على الدولار، وأدى إلى تراجعه أمام العملات الرئيسية.
وكان اليورو هو الرابح الأكبر، حيث ارتفع إلى أعلى مستوياته منذ شهر مقابل العملة الخضراء على أثر مبيعات قوية للسندات الصادرة عن كل من البرتغال وإسبانيا وبعد تحذير صادر عن رئيس البنك المركزي الأوروبي من ارتفاع معدل التضخم.
وصعدت العملة الأوروبية الموحدة إلى 1.3456 دولار بعد أن بلغت 1.2871 دولار، وهو أدنى مستوى لها خلال الأسبوع.
أما الجنيه الاسترليني، فقد شهد أيضا تداولات بأسعار كانت الأعلى منذ شهر وصل من خلالها إلى 1.5888 مقابل الدولار مدعوما بتكهنات برفع أسعار الفائدة في المملكة المتحدة خلال وقت أقصر مما كان متوقعا.
أما الين الياباني فقد بقي ضمن نطاق ضيق نسبيا ما بين 82.40 و83.30 دولار/ ين، بينما جرى تداول الفرنك السويسري ضمن حدود 0.9600 و0.9785 دولار، في حين اقتصر تداول الدولار الاسترالي ضمن نطاق 0.9800 – 1.0019 دولار، وصعد الدولار الكندي مقابل العملة الأميركية إلى أعلى مستوى له منذ عامين ونصف العام وشهد تداولات عند مستوى 0.9840 دولار خلال الأسبوع.
وكان رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي، بين برنانكي، قد قال في اجتماع عقد خلال الأسبوع الماضي إن التوقعات بالنسبة للاقتصاد الأميركي قد تحسنت وأنه يتوقع تحسنا كبيرا على الوضع الاقتصادي خلال سنة 2011، بحيث يحقق معدل نمو ما بين 3 و4% خلال السنة الحالية، لكنه أضاف أن النمو قد لا يكون كبيرا بالقدر الكافي لتخفيف البطالة بالنسبة التي يرغب فيها صناع السياسة.
في غضون ذلك، تقلص العجز في ميزان التجارة الأميركي وبشكل غير متوقع خلال شهر نوفمبر، حيث ارتفعت الصادرات إلى أعلى مستوياتها منذ ما يزيد عن سنتين، وانخفض العجز إلى 38.3 مليار دولار مقارنة بـ 38.4 مليارا في شهر أكتوبر، علما بأن المحللين الاقتصاديين كانوا يتوقعون ارتفاع العجز إلى 40.5 مليار دولار، وبالتالي يكون العجز قد انخفض إلى أدنى مستوياته منذ شهر يناير 2010.
وارتفع بشكل غير متوقع عدد المطالبات بالتعويض عن فقدان الوظائف في الولايات المتحدة ليصل إلى أعلى مستوياته منذ شهر أكتوبر الماضي، فيما يدل على أن سوق العمل لايزال يتعرض لضغوط على الرغم من علامات التحسن التي بدأت تظهر على الاقتصاد، فقد ارتفع عدد الأميركيين الذين يطالبون بتعويض عن فقدان الوظائف للمرة الأولى إلى 445.000 شخص مقارنة بـ 410.000 في الأسبوع السابق، في أكبر ارتفاع خلال أي أسبوع واحد منذ حوالي ستة أشهر ومقارنة بالتوقعات بأن ينخفض العدد إلى 405.000 مطالبة وقد جاء هذا الارتفاع بعد عمليات التوظيف الكبيرة التي جرت بمناسبة أعياد الميلاد ورأس السنة، والتي جعلت الصورة تبدو أقل وضوحا خلال الشهر الماضي. بينما ارتفعت أسعار السلع الإنتاجية بنسبة فاقت ما كان متوقعا خلال شهر ديسمبر متأثرة بارتفاع أسعار الطاقة والطعام التي سجلت ارتفاعا حادا خلال الفترة، بينما بقي معدل التضخم الأساسي متدنيا.
وقد ارتفعت الأسعار بنسبة 1.1% بعد ارتفاع بنسبة 0.8% خلال شهر نوفمبر، لكن أسعار السلع الإنتاجية باستثناء أسعار الطاقة والطعام ارتفعت بنسبة 0.2% فقط، وهو أداء متوافق مع التوقعات.
وارتفعت تكلفة المعيشة في الولايات المتحدة في شهر ديسمبر بنسبة أكبر من تلك التي كانت متوقعة، ويعزى هذا الارتفاع بشكل رئيسي إلى الارتفاع الذي شهدته أسعار الوقود والطعام، بينما كانت النسبة السنوية لارتفاع أسعار السلع الأخرى والخدمات هي الأدنى على الإطلاق، حيث ارتفع مؤشر أسعار السلع الاستهلاكية بنسبة 0.5%، مقارنة بتوقعات المراقبين الاقتصاديين بأن تبلغ نسبة الارتفاع 0.4%.
كما ارتفعت مبيعات التجزئة في الولايات المتحدة بنسبة 0.6% خلال شهر ديسمبر، وسجلت بذلك ارتفاعا للشهر السادس على التوالي، حيث اشترى المستهلكون كميات أكبر من السلع من محلات التجزئة عن طريق الإنترنت والأسواق المركزية وشركات مواد البناء، وكان المحللون يتوقعون زيادة بنسبة 0.8%.
وباستثناء قطاع السيارات الذي يتميز بالتقلب، ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 0.5%، حسبما أفاد تقرير وزارة التجارة خلال الأسبوع الماضي.
المركزي الأوروبي
على صعيد منطقة اليورو، أبقى البنك المركزي الأوروبي سعر الفائدة الرئيسي على حاله عند مستواه المتدني البالغ 1% وللشهر العشرين على التوالي، وجاء هذه القرار متوافقا مع توقعات الاقتصاديين.
وصرح رئيس البنك المركزي الأوروبي، جان ـ كلود تريشيه، في مؤتمر صحافي بعد اتخاذ القرار المذكور، بأن منطقة اليورو تواجه ضغوطا تضخمية على المدى القصير نتيجة لتطورات تتعلق بأسعار السلع، وأضاف أنه ينبغي متابعة الأسعار عن كثب خاصة بعد أن قفز معدل التضخم في اثنتين من دول منطقة اليورو إلى 2.2% للمرة الأولى منذ سنتين، متجاوزا الحد المستهدف من قبل البنك المركزي الأوروبي والذي يقل قليلا عن 2%. وأثارت تصريحات تريشيه توقعات بأن يلجأ البنك المركزي الأوروبي لرفع أسعار الفائدة خلال فترة أقصر مما كان متوقعا على الرغم من المخاوف المتعلقة بالديون والتي لاتزال تلقى بظلالها القاتمة على اقتصاديات دول اليورو بأسرها.
كما أظهر المستثمرون شهية منفتحة على سندات دين البرتغال وإسبانيا وكذلك إيطاليا خلال الأسبوع الماضي عند انطلاق مزادات ديون هذه الدول لسنة 2011، الأمر الذي حد من المخاوف بشأن تصاعد أزمة الديون الخاصة بدول منطقة اليورو. فقد باعت البرتغال ما قيمته 1.249 مليار يورو من السندات التي تستحق في موعدين مختلفين، بينما باعت إسبانيا سندات بقيمة 3 مليارات يورو تستحق بعد خمس سنوات، وكانت هذه الإصدارات قريبة من الحد الأقصى المتاح لخزينة كل من الدولتين.
وبالمقياس ذاته، باعت إيطاليا ما قيمته 6 مليارات يورو من السندات في إصدارين يستحقان بعد 5 سنوات و15 سنة. وقد ساعد نجاح هذه الإصدارات على تهدئة التكهنات بأن الأزمة، التي أجبرت كلا من اليونان وإيرلندا لطلب المساعدة في السنة الماضية، سوف تتكرر مع البرتغال وإسبانيا.
بنك إنجلترا يثبت الفائدة
على صعيد الاقتصاد البريطاني، أبقت لجنة السياسة النقدية ببنك إنجلترا الأسبوع الماضي أسعار الفائدة عند مستواها المتدني بشكل قياسي والبالغ 0.5%، في قرار كان متوقعا على نطاق واسع من قبل المحللين وذلك بسبب ما ينجم عن أي ارتفاع لأسعار الفائدة من مخاطر تهدد مسيرة التعافي الاقتصادي في بريطانيا. وعلى الرغم من تنامي الضغوط التضخمية، لاتزال أسعار الفائدة مجمدة منذ شهر مارس 2009 حين كان الركود الاقتصادي في أحلك مراحله. بلغ معدل ارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية 3.3% في شهر نوفمبر، ومن المتوقع أن يصل إلى 4% خلال الأشهر القليلة القادمة بسبب ارتفاع تكاليف الطعام والوقود وزيادة الضريبة على المبيعات. على هذه الخلفية، تتوقع الأسواق المالية أن يضطر بنك إنجلترا للتحرك لمواجهة التضخم وبدأت هذه الأسواق تتخذ مواقف لاستيعاب الاحتمالات القوية لارتفاع أسعار الفائدة في وقت لا يتجاوز شهر مايو المقبل.
وارتفع عجز الميزان التجاري للمملكة المتحدة في شهر نوفمبر بنسبة فاقت التوقعات ليصل إلى 8.73 مليارات جنيه مقارنة بـ 8.59 مليارات جنيه في شهر أكتوبر، وأيضا بمقارنة بالتوقعات بأن ينخفض العجز إلى 8.33 مليارات جنيه، وتجدر الإشارة إلى أن هذا كان أكبر عجز تجاري للمملكة المتحدة منذ سنة 1980.