تنــاول تقريـــر إدارة بحـــــوث الاستثمــــار في شركة مشاريع الكويت الاستثمارية لإدارة الأصول (كامكو) تحليل وإلقاء الضوء حول التطورات الإقليمية والأزمات السياسية التي مرت بها بعض الدول العربية وعلى وجه الخصوص مؤخرا في مصر وتونس ومدى تأثير هذه الأزمات على أداء الأسواق المالية منذ بداية عام 2011.
وتطرق التقرير الي مدى تأثير الأزمات سواء كانت مالية أو سياسية على أداء الأسواق المالية في دول الخليج وشمال افريقيا، مشيرا إلى انه بعد مرحلة الشفاء التي كانت تمر بها معظم هذه الأسواق خلال السنة الماضية وبداية السنة الحالية عادت لتشهد بداية أزمة سياسية قد يكون تأثيرها سلبيا على اقتصادات دول المنطقة نظرا لأهمية جمهورية مصر العربية من الناحية الجغرافية والاقتصادية والسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
وقال التقرير إن النتائج الاقتصادية للأزمة الراهنة التي تعيشها بعض الدول العربية تختلف عن الأزمة المالية في عام 2008 في نطاقها الجغرافي وتشعباتها، حيث تعتبر غير مسبوقة في عمقها وتأثيرها الحاد على الاقتصاد في الدول التي تشهد تلك الأزمات بشكل مباشر وعلى أسواق المال في دول الخليج من خلال استثماراتها في تلك الدول وعلى وجه الخصوص الاستثمارات المالية والسياحية في مصر.
مع بداية الأزمة السياسية في مصر، لفت التقرير الى ان معظم الأسواق المالية في دول الخليج وشمال افريقيا شهدت انخفاضا حادا في مؤشراتها المالية لتنخفض القيمة السوقية الإجمالية للأسواق المالية العربية بشكل كبير تحديدا في الخمسة أيام الأخيرة من شهر يناير 2011. فقد خسرت الأسواق المالية العربية حوالي 49 مليار دولار خلال الفترة نفسها وبنسبة انخفاض بلغت 5% لتصل إلى 942 مليار دولار في 31 يناير 2011، جاء هذا الانخفاض نتيجة عدة أسباب أهمها:
أولا: حالة الخوف والهلع التي أصابت المستثمرين جراء الأزمة السياسية في كل من مصر وتونس والتي سوف يكون تأثيرها الاقتصادي سلبيا على الدولتين مع مخاوف من امتداد تلك الأزمات سياسية كانت أو اقتصادية إلى بعض الدول في الشرق الأوسط.
ثانيا: هروب بعض رؤوس الأموال المحلية والأجنبية من خلال عمليات البيع العشوائية التي تمت خلال الفترة نفسها.
ثالثا: تخفيض وكالات التصنيف العالمية للتصنيف السيادي الائتماني لجمهورية مصر العربية من مستقر ba1 إلى سلبي ba2 وإمكانية تخفيضها أكثر نظرا لتفاقم الأوضاع وانعدام الحلول.
رابعا: التخوف من إعادة النظر في تصنيفات الدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط، مما يؤثر على كلفة الديون السيادية وقدرة تلك الدول على الاقتراض من الأسواق الخارجية وبالتالي التأثير السلبي على تصنيفات البنوك والشركات الكبرى وبالتحديد تلك التي تتركز استثماراتها في الدول التي تشهد تلك الأزمات.
خامسا: التأثير على أسعار النفط وهو عامل إيجابي لاقتصاد دول الخليج حيث تخطت عتبة الـ 100 دولار للبرميل وذلك بسبب المخاوف من إغلاق قناة السويس أو تعطيل حركة الملاحة فيها والتي تستخدم لنقل ما يزيد على 2 مليون برميل يوميا من النفط.
البورصة المصرية
وأوضح التقرير انه على صعيد الأسواق المالية، فقد كانت البورصة المصرية وهي المتضرر الأول من هذه الأزمة الأكثر انخفاضا في قيمتها السوقية منذ بداية العام الحالي حيث خسرت حوالي 15 مليار دولار لتصل إلى 70 مليار دولار في نهاية شهر يناير 2011، علما أن هذه الخسارة جاءت بمعظمها خلال جلستي تداول في 26 و27 من الشهر نفسه حين خسرت القيمة السوقية للبورصة المصرية حوالي 12.5 مليار دولار خلال يومين وهي أعنف خسارة تشهدها البورصة المصرية منذ أكتوبر 2008. وللجدير بالذكر أن البورصة المصرية مغلقة بسبب الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد وهذا ما قلل من حجم الخسائر التي كان من الممكن أن تتفاقم بشكل كبير مع تفاقم الأزمة. ومن المتوقع أن تشهد البورصة المصرية عمليات بيع كبيرة وعشوائية مع أول يوم تداول لها بعد أن تقوم بمزاولة نشاطها وعمليات هروب كبيرة لرؤوس الأموال الأجنبية خوفا من انهيار قد يشهده الاقتصاد المصري نتيجة عدم الاستقرار السياسي والأمني.
الأسواق الخليجية والعربية
وبين التقرير انه بعد عامين ونصف العام من التقلبات في أسواق الأسهم الخليجية ومنطقة الشرق الأوسط عانت فيها الأسواق من خسائر فادحة في قيمتها السوقية وانخفاض السيولة، بدأ عام 2011 بتفاؤل كبير إذ كان من المتوقع أن تستمر الأسواق الخليجية وأسواق منطقة الشرق الأوسط في تحقيق المكاسب التي جاءت بمعظمها خلال عام 2009، حيث ارتفعت القيمة السوقية للأسواق العربية بحوالي 109 مليارات دولار لتعوض بعض الخسائر التي لحقت بها خلال عام 2008 وأوائل عام 2009. لكن الصورة تغيرت خلال الشهر الأول من عام 2011 إذ بدأت السنة الحالية على ارتفاعات مقبولة لتعود الأحداث السياسية التي تشهدها جمهورية مصر العربية وتقلب أداء الأسواق رأسا على عقب. كان المشهد الاقتصادي مع بعض التوتر السياسي مسيطرا خلال فترة الأزمة المالية من انخفاض أسعار النفط إلى شح السيولة في أسواق الائتمان وغيرها من العوامل السلبية التي نتجت عن الأزمة المالية العالمية ولكن اليوم أصبح الوضع الاقتصادي يعتمد بشكل كبير وأساسي على الاستقرار السياسي في المنطقة بالرغم من ارتفاع أسعار النفط.
وتشير الأرقام إلى أن أداء أسواق الخليج والمنطقة كانت بمعظمها رابحة حتى 25 يناير 2011 إذ تمكنت من زيادة 12.3 مليار دولار إلى قيمتها السوقية لتصل إلى 991 مليار دولار باستثناء البورصة المصرية التي خسرت 2.1 مليار دولار خلال الفترة نفسها بسبب ظهور بوادر الأزمة السياسية وكذلك بورصة تونس التي خسرت 9.42% أو ما يعادل 966 مليون دولار نتيجة تغيير السلطة السياسية فيها وتوقف التداول في البورصة لفترة طويلة تلت فترة عدم الاستقرار السياسي. وكذلك خسرت بورصة أبوظبي نحو 1.2 مليار دولار منذ بداية السنة حتى 25 يناير 2011. أما الأسبوع الأخير من شهر يناير فكانت خسائره فادحة على بورصات المنطقة نتيجة خوف وهلع المستثمرين من الأحداث السياسية والأمنية في أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان (80 مليون نسمة) حيث يوجد فيها خامس أكبر بورصة عربية من حيث القيمة السوقية (أو ما يعادل 82 مليار دولار كما في 25 يناير 2011) بعد كل من أسواق الأسهم السعودية، الكويتية، القطرية وسوق أبوظبي.
تأثير الأزمة في مصر على أسواق الأسهم بالأرقام
قال التقرير انه بعد أرباح جيدة حققتها معظم أسواق الأسهم العربية منذ بداية العام الحالي حتى 25 يناير 2011 حيث بلغت 12.3 مليار دولار مدفوعة بالنتائج المالية الجيدة التي أعلنها عدد كبير من الشركات الكبيرة خلال عام 2010، خسرت الأسواق العربية خلال آخر أسبوع من يناير حوالي 48.8 مليار دولار (5% من قيمتها السوقية) وتوزعت الخسائر كما يلي:
32 مليار دولار للأسواق الخليجية باستثناء بورصة البحرين التي ارتفعت قيمتها السوقية بحوالي 311 مليون دولار خلال الفترة نفسها.
وذكر التقرير ان سوق الأسهم السعودي وهو اكبر سوق مالي خليجي من حيث القيمة السوقية كان أكبر الخاسرين ليشكل 63% من إجمالي الخسارة في القيمة السوقية للأسهم الخليجية، تراجعت القيمة السوقية لسوق الأسهم السعودي بنسبة 5.6% أو ما يعادل 20.3 مليار دولار خلال آخر أسبوع من يناير 2011، وقد شهد المؤشر المالي للسوق السعودي أسوأ تراجع له منذ مايو 2010 حين تراجع بنسبة 6.43% في نهاية تداولات يوم 29 يناير 2011 وذلك بمشهد غير مسبوق حين أغلقت جميع الأسهم المدرجة دون استثناء على تراجع حاد. كما شهدت البورصة القطرية تراجعا في حجم القيمة السوقية لديها بنسبة 3.4% أو ما يعادل 4.3 مليارات دولار خلال الأسبوع الأخير من شهر يناير 2011 وذلك نتيجة الأزمة المصرية بالإضافة إلى عمليات البيع وجني الأرباح التي شهدها السوق خلال الفترة نفسها. أما بالنسبة لبورصة الكويت، دبي وأبوظبي فقد انخفضت قيمتها السوقية بإجمالي مبلغ قدره 7.4 مليارات دولار متأثرة بنفس العوامل التي تم ذكرها سابقا، بينما خسرت الأسواق العربية الأخرى حوالي 17 مليار دولار خلال الفترة نفسها جاءت بمعظمها من الخسائر التي تكبدتها البورصة المصرية والتي بلغت حوالي 12.6 مليار دولار.