-
الانهيار التدريجي بدأ مع شهر نوفمبر الماضي بعد اخطار مجموعة من الموظفين بتعليق بعض الرحلات إلى عمان والبحرين ودمشق وجدة
أحمد مغربي
في يوم وليلة استيقظ حوالي 375 موظفا من طيارين وأطقم الضيافة والعمليات والتسويق والمبيعات والخدمات في شركة الخطوط الوطنية على نبأ تعليق الشركة لجميع عملياتها التشغيلية ولم يكن أمامهم خيار سوى تنفيذ الأوامر وتسليم كل متعلقات العمل والاستعداد لانتظار المجهول.
ومع علمنا أن إفلاس الشركات أو توقفها عن العمل ليس غريبا في وقتنا الراهن ونسمع عنه في كثير من دول العالم، إلا أن نشوء تلك الشركة في خضم الازمة المالية العالمية كان في حد ذاته مفاجئا مثلما كان توقفها سريعا ومفاجئا أيضا، فكثير من شركات الطيران مرت بمصاعب وتوقفت عن العمل ولكن بعد وقت طويل من تشغيلها ولأسباب مفهومة، وليس بالطريقة التي حطت بها «الخطوط الوطنية» إلى الأرض، فهل ستكون المشاريع المستقبلية المماثلة بمثل هذا الأسلوب؟ولكي نجيب عن هذه التساؤلات لابد ان نقوم بتحليل ما حدث لاسيما ان الأمر يثير العديد من التساؤلات حول كيفية نشوء مثل هذه المشاريع الاستثمارية في قطاع مهم كقطاع الطيران وتوقفها بعد عمر قصير جدا.
أصل الحكاية
وعلينا ان نرجع لأصل الحكاية التي بدأت قبل 3 أعوام وتحديدا في يناير 2009 عندما أطلقت الشركة هويتها الجديدة ودشنت أولى رحلاتها المنتظمة إلى امارة دبي انطلاقا من مطار الشيخ سعد للطيران العام، وبدأت رحلاتها بأسطول مكون من طائرتي اير باص من طراز a320 مجهزة لتقديم خدمة نقل جوي على أعلى درجات الأمن والسلامة وبأحدث وسائل الراحة والتسلية.
وتعاقبت الايام والشهور واطلقت الشركة رحلاتها إلى القاهرة ومن ثم إلى بيروت فالبحرين في شهر مارس من 2009 ومن ثم الى الاردن وسورية وبيروت وجدة وشرم الشيخ، وما لبثت الشركة ان تدخل في اجواء العمل إلا وبدأنا في سماع تصريحات على لسان كبار مسؤوليها في دراسات تجريها الشركة في نقل بعض عملياتها الى دولة مجاورة قد تكون دبي أو البحرين لأسباب متعلقة بعرقلة بعض اعمالها محليا تتلخص في مشكلة بين «الخطوط الوطنية» ومؤسسة الخطوط الجوية الكويتية بسبب استخدام حظائر صيانة الطائرات التي تعود الى «الكويتية».
والغريب في الامر ان «الخطوط الوطنية» اعتادت منذ نشأتها على اطلاق الاتهامات بشكل مستمر على «الكويتية» لاسيما عندما وجهت اتهاما صريحا إليها بضلوعها في مسلسل حرب اسعار وصلت الى حد بيع تذاكر اقل من سعر التكلفة مما قد يخالف قانون تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، بالإضافة الى سعي رفع الاسعار في تقديم الوجبات الغذائية.
وبحنكة ديبلوماسية تزيد على 58 عاما لـ «الكويتية» علق الطائر الازرق على هذه الاتهامات بالاستغراب الشديد لكل ما بذلته المؤسسة من دعم وجهود كبيرة في مساعدة «الخطوط الوطنية» لتشغيل طائراتها بسلامة وأمن من خلال تنفيذ برامج صيانة على أعلى مستوى، وفي النهاية لم يجد كلمة شكر وانما وجد «اكاذيب وافتراءات» من قبل الشركة.
ومع قرب انتهاء العام الاول تسلمت «الخطوط الوطنية» طائرتها الرابعة من طراز ايرباص a320، وكانت المفاجأة في اعلان الشركة في بداية 2010 الى نقلها أكثر من ربع مليون ضيف سافروا على متن طائراتها انطلاقا من مبنى الشيخ سعد للطيران قاصدين إحدى وجهاتها الثماني في منطقة الخليج والشرق الأوسط، وفي شهر مارس 2010 أعلنت الخطوط الوطنية عن تسلمها رسميا لطائرتها الخامسة من طراز إيرباص a320 والمصممة خصيصا وفق أعلى درجات التميز والفخامة، ومعلنة رسميا عن إطلاق إحدى أحدث وجهاتها إلى اسطنبول اعتبارا من مايو 2010.
وفي الشهور الذهبية في العام الماضي استعدت الشركة فيها بكل زخم لموسم الصيف فأعلنت في شهر يونيو عن بدء انطلاق رحلاتها الى مدينة الاسكندرية المصرية بواقع 4 رحلات اسبوعيا من الكويت الى مطار برج العرب، وما لبثت إلا واعلنت عن تدشين رحلاتها الى العاصمة النمساوية فيينا والايطالية روما بالتزامن مع اغلاق خط ايران نظرا لعدم جدواه الاقتصادية.
انهيار دراماتيكي
وبعد رحلة نجاح على ارتفاع 41 ألف قدم من على سطح الارض بدأ مسلسل الانهيار التدريجي الذي بدأ مع شهر نوفمبر الماضي في تلقي العديد من موظفي الشركة اخطار بوقف الشركة عن تسيير رحلات الى كل من عمان والبحرين ودمشق وجدة، بالإضافة إلى تقليص عدد الرحلات الحالية الى دبي، وتقليص اسطول طائرات الشركة من 7 الى 4 طائرات.
ومع هذا الانهيار الدراماتيكي لشركة نالت العديد من احترام مسافريها ومساهميها على مدار 3 سنوات، ينتظر العديد من المساهمين موعد انعقاد الجمعية غير العادية التي سيقرر فيها المساهمون اي طريق سيختارونه لمستقبل الشركة.
رحلة تراجع السهم إلى 51 فلساً للسهم
أدرجت شركة الخطوط الوطنية في سوق الكويت للأوراق المالية مع بداية 2009 وبدأ سهم الشركة في رحلة الهبوط حتى وصل مع آخر اغلاق للشركة الى 51 فلسا للسهم، وذلك نتيجة مباشرة للخسائر التي منيت بها الشركة خلال عامي 2008 و2009 والتسعة اشهر الاولى من 2010، حيث بلغت خسائر الشركة في هذه الفترات مكتملة 20.8 مليون دينار، مع العلم ان الربع الرابع للشركة لم تعلن نتائجه حتى الآن.وعلى النقيض من الخسائر التي منيت بها الشركة الا انها استطاعت في 2007 وقبل ادراجها أن تحقق أرباحا وصلت إلى 3.35 ملايين دينار ما يعادل 6.6 فلوس للسهم وذلك من خلال عمليات استثمار.