الدوحة ـ عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
بشعور المستفيق من حلم جميل واحساس الناقد المنبهر بعمل بديع عدنا من قطر.. ابنة العصر بامتياز.
على ارض الواقع يكتشف الزائر فرادة التجربة القطرية في النهوض بتكامل لا نظير له في المنطقة يقوم على تنمية شاملة، ترفرف اجنحتها البشرية والعمرانية والسياسية والثقافية والاقتصادية والاجتماعية والاعلامية والبيئية والصحية معا لتحلق عاليا.
من يراقب الدور المتنامي لقطر في السياسة العالمية على أعلى مستوى وحجم وتأثير هذا الدور ويطلع على تجربتها من الداخل يزداد تقديرا واعجابا بهذه التجربة.
في الدوحة تجتمع الجامعات الحديثة ودور الثقافة والآثار والعبادة والمباني الشاهقة الزاهية بكل جميل من فنون العمران والمؤسسات الاقتصادية والاعلامية والأسواق التجارية والشوارع الفسيحة والمناطق الجديدة والبنى التحتية الضخمة والمنشآت الرياضية العالية التجهيز والفنادق العالمية الفخمة المهيبة بمبانيها والراقية بخدماتها، والأهم من كل ذلك الوفاء للتراث والعناية به والحرص على هوية المجتمع رغم تحديات الانفتاح.
للحظة يُخيّل للناظر ان المدينة تعيش حالة حب مع بحرها الذي يعانقها ويبث فيها سحره، مضفيا مكونا اساسيا على جمالية اللوحة.
في الدوحة تفتح عينيك وتتأمل ثم تغمضهما لتعيش المدينة في داخلك مع صورها المتناسقة العناصر السهلة التسرب الى ذهنك وروحك. وللحقيقة إن التحدي الأكبر الذي نجح فيه أهل قطر برأينا هو خصوصية الهوية.
الدوحة مدينة محلية وعالمية في آن، تحاكي العصر بلغته وتستقبل شعوب العالم ومثقفيه وقضاياه وتحدياته وفي الوقت عينه تزهو بلغتها وتراثها وقيمها تعززها وتحصنها وتوفر لها أسوار الحماية محققة بذلك المعادلة الصعبة.
على ساحل المدينة يستقبلك مجسم لؤلؤة، هي اللؤلؤة الصغرى في قلب اللؤلؤة الكبرى.. دولة قطر.
تستضيف الدوحة بشكل مستمر مؤتمرات ومنتديات سياسية واقتصادية وفكرية على أعلى مستوى، وتزامن وجودنا في الدوحة مع اقامة منتدى الدوحة العاشر حول الديموقراطية والتنمية والتجارة الحرة، الذي تلقينا دعوة كريمة لحضوره ومؤتمر اثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط ومؤتمر قمة اعادة التنظيم الشامل للمنتدى الاقتصادي العالمي وحضر هذه المناسبات رؤساء دول وحكومات ومفكرون وخبراء واعلاميون من عشرات الدول.
وعلى هامش الندوات التي تابعناها التقينا بمواطنين قطريين من مختلف مشارب المجتمع وبضيوف من أرجاء العالم ووافدين يعملون في قطر وديبلوماسيين، وتبادلنا أحاديث عززت انطباعاتنا واعجابنا بالتجربة القطرية.
وتأثرنا بالحب الذي لمسناه لدى المواطنين تجاه قيادتهم والتقدير لدورها واحتضانها وجهدها ووفائها والأهم ذلك الاحساس بالفخر عند الحديث عن الحضور القطري على الساحتين العربية والعالمية والاهتمام الذي يوليه العالم لدولة شابة طموحة ومتوثبة.
ولفتنا تلاقي الآراء مع ضيوف قطر والأجانب العاملين فيها حول وتيرة التقدم الشامل والمتوازن المستمر يوما بعد يوم.
ختاما، لقد كان رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري محقا عندما قال: فعلا أول الغيث قطرة، فكيف اذا كان قطر؟
من أجواء المنتدى
- حضر المنتدى من الكويت النواب علي الراشد ود.أسيل العوضي ود.رولا دشتي.
- رغم تزامن أعمال المنتدى مع العديد من الأنشطة الأخرى في العاصمة القطرية فإنه تميز بدرجة عالية من حسن التنظيم وقد أعطى المنظمون من أبناء دولة قطر صورة رائعة عن إتقانهم استضافة المؤتمرات بكل تفاصيلها وهو ما ساهم في إنعاش سياحة المؤتمرات في البلد.
- تميز المنتدى بحضور ضيوف وممثلين وإعلاميين من مختلف قارات العالم.
المنتدى يوجّه دعوة لإعادة تشكيل التعاون العالمي خلال 10 دورات له منذ 2001 عُقدت تحت رعاية امير دولة قطر صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، ركز منتدى الدوحة على قضايا الديموقراطية والتنمية والتجارة الحرة.
وقد ناقش المنتدى في دورته العاشرة الاسبوع الماضي العديد من اوراق العمل والموضوعات، منها التحديات السياسية والاقتصادية لاعادة تشكيل التعاون العالمي وموقع العرب في جغرافيا العالم المتعدد الاقطاب ودور الدول في معالجة تداعيات الازمة المالية العالمية وضمان حرية الاعلام في وسط الحروب الاعلامية وتحديات التنمية والتغير المناخي وغيرها من المواضيع التي ادلى الخبراء بدلوهم بشأنها.
وتزامن انعقاد المنتدى مع العملية الارهابية الاسرائيلية بحق قافلة الحرية التي تحدت حصارة غرة، ففرض الموضوع نفسه على المنتدى، وخصص الشيخ حمد بن خليفة جزءا من كلمته الافتتاحية للتنديد بالارهاب الاسرائيلي ودعوة العالم إلى السعي لفك الحصار عن غزة وبذل المزيد من الجهود لتحقيق السلام في الشرق الاوسط.
كما فرض موضوع غزة نفسه كذلك على كلمة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي حث مجلس الامن على مواجهة التحديات الجديدة بعيدا عن «الفيتو».
رئيسة فنلندا
من جانبها، وجهت رئيسة فنلندا تاريا هالونين دعوة الى تعاون دولي اكثر توسعا لمحاصرة ومواجهة التحديات التي حددتها في مجموعة من العوامل بدءا من الحروب والنزاعات والكوارث الطبيعية وما تخلفه من مشاكل الفقر والمرض وصولا الى التغيرات المناخية والاتجار بالبشر والارهاب وانتشار الاسلحة النووية.
ودعت هالونين الى خفض مستوى التسلح وضرورة الالتزام بأهداف الألفية.
وأشادت هالونين بسياسة الانفتاح التي تنتهجها دولة قطر وبمكانتها المميزة على المستوى العالمي، وقالت ان قطر تقوم ومن خلال تنظيمها لمختلف الاحداث والانشطة المهمة بفتح آفاق واسعة للتحاور بين الشعوب، الامر الذي يعزز التعاون الدولي، وأعربت عن آمالها بسير قطر الى الامام في هذا الاتجاه.
رئيس مقدونيا
من ناحيته، تناول رئيس جمهورية مقدونيا جورجي ايفانوف في كلمته ضمن المنتدى النظام السياسي والامن والاستقرار، خصوصا في منطقة جنوب شرق اوروبا، مؤكدا على اهمية المواضيع التي سيناقشها المنتدى ومنها ما يتعلق بمتطلبات الامن والسلامة في العالم والتي هي مسؤوليات مشتركة. واستعرض مساهمات مقدونيا في بناء السلام في جنوب شرق اوروبا وعلاقاتها مع جيرانها بتعاون ورؤى تسير باتجاه امن واستقرار منطقة جنوب شرق اوروبا وتعزيز الوحدة الاوروبية ككل.
كما تطرق لعملية التعايش والاندماج في مقدونيا بين مختلف الاعراف والتي اعتبرها نموذجا يحتذى في كثير من الدول التي تعيش فيها عرقيات متعددة. ولفت الرئيس ايفانوف الى التحديات التي تواجه عالم اليوم مثل الارهاب والسلاح النووي والاتجار بالبشر وتهريب المخدرات والانتهاكات التي تشهدها مناطق كثيرة في العالم مما يهدد الامن والسلم الدوليين وتتطلب جهدا جماعيا للتصدي لها.
وختم بالقول: السلام والتفاهم المشترك يعتمد علينا جميعا في عالم يعيش حالة طوارئ ويتغير باستمرار وعلينا ان نحدد مسؤولياتنا ورؤانا تجاه هذه المتغيرات.
النائب الثالث لرئيس حكومة إسبانيا
ضمن إحدى جلسات المنتدى تحدث النائب الثالث لرئيس وزراء الحكومة الإسبانية مانويل تشافيز غونزاليس قائلا ان منتدى الدوحة يشكل فرصة جيدة للمناقشة حول مشاكل القرن الواحد والعشرين وذلك عبر الحوار والتنسيق.
وأعرب عن قناعته بأن هناك ازديادا في عدد الدول العربية والتي تتطلع إلى لعب دور اكبر في بناء النظام العالمي الجديد.
الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل
من جهته أشاد الرئيس اللبناني الأسبق أمين الجميل بجهود دولة قطر، في تعزيز الامن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط من خلال مساعيها في حل الكثير من المشكلات على مستوى المنطقة والعالم.
واعتبر الجميل هذه الجهود مساهمة قوية في تعزيز التنمية وإثراء المستقبل الاقتصادي للشرق الأوسط. مؤكدا ان الأمن والاستقرار هما اساس البناء والتنمية لأي أمة من الأمم. وأشار الى أن قطر كذلك استطاعت أن تجد لها مكانا على الخارطة العالمية سياسيا واقتصاديا بفضل حنكة وحكمة قيادتها.
وتطرق الرئيس اللبناني الاسبق الى الاحداث الاخيرة في المنطقة. وشدد على أنه لا يمكن التصدي لقضايا التنمية والتطوير لمنطقتنا دون ترسيخ أسس السلام والعدل والمساواة. مؤكدا في هذا الإطار أهمية الاستمرار في جهود التسوية السلمية لقضية النزاع العربي ـ الإسرائيلي.
وتطرق الى قضية التكامل والتعاون بين الدول العربية باعتباره من الاسس المهمة لتعزيز التنمية. وأكد في هذا السياق ان مجلس التعاون لدول الخليج العربية يعد نموذجا ناجحا للتعاون والتكامل في المنطقة العربية، مشيرا الى ان المجلس حقق الكثير من الانجازات لدوله منذ انطلاقته مطلع الثمانينيات من القرن الماضي.
تجمعات مماثلة لمجلس التعاون
واقترح الجميل تكوين تجمعات عربية مماثلة ومشابهة لمجلس التعاون الخليجي في إطار تعزيز التكامل العربي. وقال «قد تكون هذه خطوة أولى لمعالجة قضايانا في المنطقة»، معربا عن الأمل في أن يكون هذا المقترح على جدول أعمال المؤتمر في دورته القادمة.
العناوين الرئيسية للمنتدى في دوراته السابقة: