- نحن «الشيبان» كنا بغاية التأثر لرؤية كل هذا النداء يتدفق في عروق الثوار
- القذافي لم يحقق طموحات الليبيين والشباب قالوا كلمتهم
- سألت الإيطاليين خلال زيارتي لروما مع القذافي عن القائد غراتسياني الذي أشرف على إعدام والدي فأخبروني أن له ولداً واحداً لكني لم ألتقِ به
بنغازي ـ عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
يرتبط اسم ليبيا في اذهان الكثيرين باسم المناضل الكبير عمر المختار احد اشهر رموز الجهاد ضد الظلم والاستعمار في التاريخ العربي، اعدم المختار على يد الاستعمار الايطالي عام 1931 بعد سنوات طويلة من مطاردته ألحق خلالها خسائر ضخمة في صفوف المحتل الايطالي لبلاده وزرع املا دائما في الحرية في نفوس المستضعفين وهو القائل: «نحن لن نستسلم.. ننتصر او نموت».
في بنغازي يعيش آخر ابناء عمر المختار، الحاج محمد عمر محمد المختار (90 عاما) المولود عام 1921 والذي شاهده العالم العربي قبل سنتين وهو يزور ايطاليا على متن طائرة اقلته اليها مع معمر القذافي.
ضمن محطات زيارتنا الى ليبيا توجهنا الى ديوان الحاج محمد المختار لنسمع رأيه فيما تشهده بلاده من أحداث، ونظرته الى جيل الشباب وطموحاتهم وثورتهم بوجه القذافي ونظامه، وقلبنا معه بعض صفحات الماضي، ودار الحديث التالي:
حاج محمد، كيف تنظر الى ما تشهده ليبيا من أحداث؟
٭ نحن «الشيبان» متأثرون بما يجري هناك من فداء لليبيا يتدفق في عروق الشباب، مرت بنغازي بظروف صعبة كما باقي مدن البلاد منذ ان تنادى شبابنا في 17 فبراير من مساعد الى راس جدير للمطالبة بالاصلاحات وبتنحي الاخ العقيد معمر القذافي، وندعو الله ان ينصرهم ولكنني حزين جدا على سقوط كل هذا العدد من الارواح والشهداء من الفريقين في الغرب والشرق.
ما تعليقك على ما ارتكبه رجال القذافي بحق الثوار والمدنيين؟
٭ لقد تسرع القذافي باتيانه بالمرتزقة الذين اعتمد عليهم لقتل ابناء شعبنا مقابل الدولارات وهو ما عزز المطالبة بتنحي نظامه وكل رموزه، بعدما اصبح ذلك في مصلحة الشعب الليبي، واليوم الشباب يطالب بحكومة جديدة ودستور جديد وقوانين جديدة، وكما ذكرت نحن نؤيد مطالبهم.
القذافي حكم البلاد 42 عاما ولم يحقق الاستقرار المطلوب، دخلنا في حرب مع تشاد وواجهنا مناوشات مع جارتنا مصر، واسقط طائرة ليبية على متنها شخصيات من ليبيا واسقط طائرة لوكيربي ودفع بسبب ذلك مبالغ هائلة من اموال الشعب مع انه هو القائل «طز في اميركا» بعد غاراتها على طرابلس وبنغازي في 1986، حان الوقت ليرحل.
هل مازلت تحتفظ بذكريات عن حكم الملك محمد ادريس السنوسي؟
٭ طبعا، وكيف انسى؟ كان اميرا وبعدها رفعه الشعب الى ملك، كان رجلا طيبا، التقيت به، هو ايضا دفع ثمن فساد حاشيته، تماما كما القذافي فمن حوله فاسدون، اذكر ان الملك امر ببناء ضريح لوالدي الشهيد عمر المختار في بنغازي ونقل رفاته من مقبرة «سيدي عبيد» الى مكان الضريح عام 1960، وقبل تشييد الضريح كانت كل شخصيات ليبيا وابناء الشعب يزورون المقبرة ويضعون اكاليل الزهور، وبعد ذلك صاروا يزورون مع الشخصيات العربية والاسلامية الضريح الذي اكتسب اهمية كبيرة.
وعند وصول الاخ العقيد القذافي الى السلطة في 1 سبتمبر 1969 كان يشيد بتاريخ عمر المختار، والقى اول خطاب له في 16 سبتمبر 1969 امام الضريح في ذكرى استشهاد والدي، ونادى اقاربي وحضرنا، كما استقبلناه مرات عدة، ووضع صورة والدي على فئة الـ 10 دنانير، كما امر بانتاج فيلم عنه، لكنه لاحقا امر بإعادة الرفات من بنغازي الى منطقة «سلوق» المكان الذي أُعدم فيه الوالد بحضور عدد من اهالي بنغازي نُقلوا حينها لمشاهدة الاعدام ليؤكدوا الخبر للسكان، وبعد تنفيذ الاعدام كان الإيطاليون قد نقلوا الجثمان الى مقبرة «سيدي عبيد» في بنغازي حيث دفن عام 1931.
لقد عاملنا القذافي بشكل جيد وقام بترقية ابناء المجاهدين ـ وبينهم انا ـ الى عمداء فخريين، لكن قراره بنقل الرفات الى «سلوق» عام 1984 ثم هدم الضريح في بنغازي لاحقا ترك اثرا سلبيا في نفسي، وقد قيل انه امر بهدمه لكونه بُني على شكل تاج الملك، وهناك من يقول انه هُدم لانه لا يريد لرمز ملهم للشعب الليبي ان يكون موجودا في بنغازي التي انتفضت بوجهه عدة مرات، وربما اراد ان يمسح من تاريخ ليبيا اي شيء لا يتعلق بشخصه وهذا امر مؤسف.
هل اتصل بك الثوار؟
٭ نعم في يوم 18 فبراير اي اليوم التالي للبداية الرسمية للثورة وقد زرتهم امام محكمة شمال بنغازي حيث مركز اعتصامهم وكنت سعيدا بالتواجد معهم.
ماذا تخبرنا عن مرافقة العقيد القذافي الى ايطاليا؟
٭ ارسل لي احد جماعته وهو عبدالله السنوسي وقال لي ان الاخ العقيد يريد زيارة ايطاليا ولقاء برلسكوني الذي اعتذر لليبيين عما ارتكبوه خلال استعمارهم لليبيا وانه يرغب في ان ارافقه فرحبت بذلك، وبالفعل رافقته في الرحلة على متن طائرته الخاصة مع ان باقي ابناء المجاهدين نقلوا على طائرة اخرى خاصة بهم، دار حديث بيني وبينه عن الجهاد والمجاهدين وكان لطيفا معي.
ايهما تفضل هو ام الملك السنوسي؟
٭ اعتقد ان عهد الملكية كان افضل من الجماهيرية، لم ينجح القذافي في تحقيق طموحات الليبيين مع انني شخصيا لم اتعرض لمضايقات في عهده بل كنت اتمتع بكامل الحرية، لكني اجيب بصراحة.
الى اي قبيلة تنتمي عائلتكم؟
٭ نحن ننتمي الى قبيلة «ليبيا» فهي قبيلة جميع ابناء شعبنا.
كيف ترى مستقبل ليبيا؟
٭ نتمنى ان يأتي الله بما فيه صلاح أمتنا، لقد عانى شعبنا كثيرا.
كيف كان لقاؤك ببرلسكوني؟
٭ كان لطيفا جدا، اسكنوني في فندق فخم جدا وكان يزورنا كل يوم بعد الظهر.
ما ابرز ما قلته للايطاليين خلال الزيارة؟
٭ سألت عن عائلة القائد غراتسياني الذي اشرف على اعدام والدي، وقالوا لي ان عنده ولدا واحدا لكني لم ألتق به، واخبروني ايضا عن دودياشي الذي كان متصرف درنة وباريللا حاكم اقليم برقة وليفي وغيرهم من رموز الاستعمار الذين تعيش اسرهم اليوم في ايطاليا.
واقرأ ايضاً:
زيـارة إلى ليبيا.. في زمن انهيار الجدار