طهران
عدنان الراشد
محمد الحسيني
تزامنت زيارتنا الى طهران مع 4 أحــداث مهمة: الاستعدادات للانتخابات البرلمانية المقررة 14 الجاري، زيارة الرئيس محمود أحــمدي نجاد الى بغداد، إصدار مجلس الأمن للقرار 1803 بتشــديد العقـــوبات على ايران لاستمرارها في برنامجها النووي، والتحضيرات الشعبية للاحتفال بعيد النوروز (بداية الربيع وفقا للتقويم الفارسي).
الأهم بين الأحداث الأربعة بالنسبة الى الايرانيين - كما لاحظنا - هو الحدث الأخير الذي حوّل الأسواق الى خلايا نحل لا تهدأ في بلد تزداد فيه معدلات الاستهلاك بشكل مطرد.
غالبية الشعب الإيراني من الشباب تحت الـ 35 الذين يسهل أن تلاحظ عدم اهتمامهم الكبير بالسياسة عندما يقولون لك ان «للسياسة أهلها» و«المرشحون جميعهم متشابهون» و«نتمنى نجاح الأقدر على تحسين ظروفنا لكنه ليس على قوائم المرشحين»!
النظام السياسي في إيران معقد سواء في تركيبته وآليات عمل مؤسساته ودور كل منها، أو في عملية تصنيف فرقائه، ولذلك لا يمكن ان تنقل الصورة الصحيحة عن هذا النظام، إلا بتحري بعض التبسيط لشرح مسار العملية السياسية وباختزال بعض أبعادها وعوامل صياغتها، خاصة ان ايران بلد يحظى بأهمية استراتيجية كبرى اقليميا وعالميا.
المؤسسة الرئيسية والمحورية في حياة الجمهورية الاسلامية هي «القيادة» التي يتولاها «مرشد الثورة».
بحسب الدستور، المرشد هو القائد ذو السيادة السياسية والدينية والعسكرية.
ويدور جزء رئيسي في الخـــلاف بين تياري المحافظين والإصلاحيين - وهما التياران الرئيسيان في الحياة السياسية في ايران - حول النظرة الى صلاحيات «المرشــد» أو «الولي الفقــيه» ومداهــا رغــم الإجماع على كونه رأس الدولة.
فالمحافظون يعتبرون انه لا يمكــن فهم هذه الصلاحيات عبر تفسيرها في اطار وضعي أو قانوني أو دســـتوري إذ لابد من فهمها من منطلق وأساس شرعيين، كون الولي الفقيه - برأيهم - يستمد مشروعية سلطته من العقيدة، وإن كان منتخبا، لأنه لا ينتخب إلا من بين مجموعة من الثقات، وهو في سلطته الزمنية نائب «الإمام الحجة» (الإمام الثاني عشر) بالنسبة للمذهب الشيعي الذي تعتمده إيران مذهبا رسميا للدولة.
وبالمقابل،ينادي الإصلاحيون - مع تفاوت في أسلوب تعبيرهم - بشعار «تحققت أهداف الثورة وحان الوقت لترسيخ مبادئ الدولة».
بالطبع، ليس صعبا الاستنتاج أن شعارا كهذا سواء طرح بهذه الصيغة أو غيرها ينطوي على تباين مع نظرة المحافظين لسلطة «الولي الفقيه» وحدودها ويستند الإصلاحيون في تفسير رأيهم الى ان الولي الفقيه يتم اختياره من قبل مجلس الخبراء وهو مجلس منتخب من الشعب ووفق الدستور، وهم يتسائلون: كيف تكون صلاحياته فوق الدستور الذي انتخب على أساسه؟
يُشبّه المحللون السياسيون الحياة السياسية في ايران بأنها كالكتاب المفتوح يمكن ان تقرأ ما تشاء من فصوله لكن ليس بالضرورة ان تصل الى فهم نهائي للواقع.
فالاعتماد على « المصطلحات» التقليدية في إيران قد يوقعك بالخطأ لأنه لابد من وضع المصطلحات في «قالبها الإيراني» حتى تتضح معانيها، فطبيعة التحالفات الداخلية هناك مطاطة الى درجة يصعب معها تصنيف الكثير من الحركات والقوى السياسية والحكم على مواقفها.
تغطية خاصة في ملف ( pdf )
واقرأ أيضاً :-
طهران مدينة يجتمع فيها جمال التاريخ والجغرافيا