- أجدد الدعوة إلى صاحب السمو أمير دولة الكويت وصاحب المواقف المشهودة في تاريخ بلدنا منذ أيام والدي لزيارة بنغلاديش
- ممتنون لدعم الكويت المستمر لبلدنا ونفتخر بموقفنا عام 1990 عندما ساهمنا في حرب تحرير البلاد من الاحتلال العراقي
- بنغلاديش جسر بين جنوب وجنوب شرق آسيا ونستطيع أن نكون المركز الاقتصادي للمنطقة وهذا ما سأسعى إليه
- مشكلة الروهينجيا تكمن في حكومة ميانمار ولا بد من حلّها من خلال حكومتها وبمساندة دول العالم وأنا واثقة بأنهم سيحلونها من أجل العدالة والسلام
- حزب بنغلاديش الوطني أسسه سياسيون سيئو السمعة وأجروا انتخابات مزورة ولا يمكن مقارنتهم برابطة عوامي ومواقفها التاريخية
- على الحزب الوطني وخالدة ضياء أن يتعظوا مما جرى في 2007 بعد أن سلموا السلطة للديكتاتورية وكانت النتيجة دخولهم السجن أيضاً
- تقوم سياستنا على مقولة لوالدي مؤسس الدولة: الصداقة مع الجميع والحقد مع لا أحد
- بنغلاديش علمانية وكل الأديان تمارس عقائدها هنا بحرية وعلى هذا الأساس قام بلدنا مع تضحيات 3 ملايين إنسان بحياتهم لهذا الهدف
- ليس صحيحاً أننا نضغط على الإسلاميين بل فقط على مجرمي الحرب والمتهمين بارتكاب جرائم ضد الإنسانية وهم يحاكمون بأفضل المعايير القضائية
- شعبنا ذو طبع معتدل ومستعد للتخلي عن رغباته في سبيل السلم والانسجام ويمقت كل أنواع العنف
أجرى الحوار في داكا: عدنان الراشد ـ محمد الحسيني
شخصية تاريخية بامتياز، ووجه معروف حول العالم.
الشيخة حسينة هي إحدى ابنتين لمؤسس دولة بنغلاديش الشيخ مجيب الرحمن والتي نجت من الاغتيال الذي أودى بحياة والدها و18 من أفراد أسرتها عام 1975، ليكون قدرها قيادة الشعب البنغالي ومواصلة المسيرة في البلد الذي يحترم القيم الإسلامية كون غالبية مواطنيه من المسلمين، لكنه في المقابل يتمسك بعلمانيته، كما تقول.
«الأنباء» التقت خلال الزيارة الى بنغلاديش بالشيخة حسينة ومعها دار حديث صريح تزامن مع واحدة من أعمق الأزمات السياسية في البلاد.
في بداية الحديث، عبرت الشيخة حسينة عن التقدير الكبير لدولة الكويت ولشخص صاحب السمو امير البلاد الشيخ صباح الأحمد «صاحب المواقف المشهودة في تاريخ بنغلاديش»، كما وصفت سموه منذ أيام والدها.
وقالت الشيخة حسينة: أنا سعيدة بما يجمع بلدينا من علاقات مميزة، ونحن نفتخر أيضا بالدور الذي قامت به بنغلاديش في مواجهة الاحتلال العراقي عام 1990 وفي تحرير الكويت، ونحن نتطلع لتكون هذه العلاقات أقوى وأفضل، وأنا أجدد الدعوة عبر صحيفتكم الى صاحب السمو امير دولة الكويت لزيارة بنغلاديش، ولا يسعنا إلا ان نعبر عن امتناننا لمساعدة الكويت لنا.
وتعليقا على الأزمة السياسية الحالية التي تهدد إجراء الانتخابات البرلمانية المقبلة مطلع العام واحتمال عودة الجيش الى التحكم بالسلطة كما في 2007 بسبب إصرار المعارضة على استقالة الحكومة وتكليف حكومة انتقالية محايدة بالإشراف على عملية الاقتراع، علقت الشيخة حسينة بالقول: أنا أؤمن بالديموقراطية وتمكين الشعب، ونحن نتمسك باستمرار المسار الديموقراطي، ولا أظن أن ما حصل في 2007 سيتكرر بل يجب المضي قدما في تطبيق مواد الدستور واحترامه.
في عهد حكومتنا، شهدت البلاد انتخابات كثيرة مختلفة، وتمت كلها بشفافية وسلمية، وفازت المعارضة في مناسبات عديدة، بينما كلنا نذكر أنه عندما أجرى الحزب الوطني الانتخابات في 2004 فقد قتل في تلك الأثناء أكثر من 250 شخصا وشهدت عملية الاقتراع تزويرا فاضحا وتلاعبا وتهديدا بالسلاح، أما معنا فبالعكس لم يحصل أي من ذلك، بل قمنا بضمان شفافية قوائم الناخبين التي كانت تتضمن 12.3 مليون ناخب مسجلين خطأ بهدف التزوير، أما اليوم فكل ناخب يأتي مع بطاقته التي تحمل صورته ولا مجال للتلاعب، كما أننا فرضنا الصناديق الشفافة في كل المراكز.
في 2007 لم تجر الانتخابات بسبب سوء الوضع، وفرضت حالة الطوارئ من قبل الرئيس الذي كان ينتمي في حينه الى الحزب الوطني، وهو من سلم السلطة للعسكر، أما نحن فلا نريد تكرار ما حصل عام 2007.
وتابعت رئيسة الوزراء البنغلاديشية: لقد دخلت مع قادة حزبنا السجن بعدما أصررت على العودة رغم تهديدي بالمحاكمة، حيث أكدت أنني سأدافع عن نفسي بمواجهة التهم الزائفة أمام القضاء، وسُمح لي بالعودة ثم أوقفوني ووضعوني في سجن انفرادي، وماذا حصل في المقابل حتى جماعة الحزب الوطني وبينهم رئيسة الحزب السيدة خالدة ضياء دفعت الثمن وتم سجنها هي أيضا وعليها ان تتعظ من التجربة.
وتساءلت الشيخة حسينة: لماذا لا نكون مثل أميركا وماليزيا وأستراليا وغيرها من الدول حيث تجرى الانتخابات بشكل اعتيادي؟ إذن المعارضة هي من يدفع باتجاه تكرار ما جرى في 2007، ولكن ذلك لن يحصل، فنحن متمسكون بالديموقراطية وسندافع عنها ولا يمكن لأحد ان يقف بوجه رابطة عوامي في الدفاع عن ثوابت البلاد والدستور.
في الـ 38 سنة الماضية لم تتوقف المشاكل، وشهدنا 19 محاولة انقلاب عسكري ويجب الا يستمر ذلك، حكومتنا ستشرف على الانتخابات ولن اسمح لأحد بالتلاعب بها.
وفيما يلي ردود رئيسة الوزراء الشيخة حسينة على أسئلة وفد «الأنباء»:
تسعى بنغلاديش من خلال جولاتكم الأخيرة الى فتح آفاق التعاون مع كل البلدان مثل التعاون مع الصين وباكستان والهند وفي الآونة الأخيرة من خلال مشاركتكم في اللقاء الآسيوي ـ الأوروبي. هل تعتقدون أن سياسة الباب المفتوح هذه ستمنح بنغلاديش الدور الذي ترغبه بين الدول الآسيوية؟
٭ تقوم سياسة بنغلاديش الخارجية على شعار والد الأمة «بانغاباندهو» الشيخ مجيب الرحمن: «الصداقة مع الجميع والحقد مع لا أحد».
وهذه هي ايضا سياسة «رابطة عوامي» وحزب «رابطة عوامي» الذي قاده «بانغاباندهو» الشيخ مجيب الرحمن لتشكيل الحكومة فور حصول بنغلاديش على الاستقلال عام 1971.
وبصفتي رئيسا لوزراء بنغلاديش لمرتين كنت اتبع السياسة الخارجية ذاتها وأبني علاقات جيدة مع كل البلدان.
ولما كان من المهم اقامة علاقات جيدة مع البلدان المجاورة فانني بدأت فترتي ترؤسي للحكومة بتعزيز علاقاتنا معها وتوسيعها الى آسيا وما هو أبعد منها.
ومن اول مجموعة من البلدان الآسيوية التي قمت بزيارات نوايا حسنة اليها كانت الكويت.
واعتبر اللقاء الآسيوي الاوروبي منظومة ممتازة كان الهدف منها التقريب بين آسيا واوروبا من كل انواع الفعاليات ذات الفائدة المشتركة.
وأعتقد ان اللقاء سيعطي بنغلاديش منافع كبيرة من خلال بناء الجسور بين البلدان الآسيوية وايضا مع البلدان الاوروبية. وسيفتح مجالا واسعا من الفرص ويمنح بنغلاديش دورا مهما في تعزيز علاقاتنا بجيراننا ومع بلدان آسيا واوروبا والعالم اجمع.
ماذا حققت بلادكم من خلال مشاركتها في قمة الدول الاسلامية الثامنة؟
٭ نعتقد ان المشاركة في الاجتماعات وفي القمة تمنحنا فرصة التقدير والفهم الأفضل لمواقف البلدان الاخرى المشاركة من مواضيع جدول الاعمال.
وتتيح هذه المناسبات فرصة عقد لقاءات جانبية مع زعماء البلدان المشاركة الاخرى لمناقشة مسائل ذات اهتمام مشترك. وفي هذا الصدد اعتقد ان مساهمتنا في القمة الثامنة للدول الاسلامية كانت جيدة.
من الصعب احيانا تناسي الخلافات عندما تكون قائمة على سفك الدماء ومسجلة في تاريخ بلد ما وفي تاريخ العالم ايضا. في عام 1971 ارتكبت عمليات ابادة جماعية واسعة في بنغلاديش من قبل قوات الاحتلال الباكستانية حيث قتل أكثر من ثلاثة ملايين شخص وانتهكت اعراض ربع مليون امرأة وانتحرت الكثيرات منهن. كيف يمكن نسيان هذه الفظائع؟
مسلمو ميانمار
بلادكم هي واحدة من اكبر البلدان الاسلامية في المنطقة، فما الذي فعلتموه على مختلف المستويات من أجل قضية مسلمي ميانمار؟ وما الخطوات الديبلوماسية التي قمتم بها لوقف التهجير العرقي لمسلمي الروهينجيا؟
٭ خلال حركة الاستقلال في 1971 جرى تهجير اكثر من 10 ملايين شخص في بنغلاديش، كثيرون منهم كانوا لاجئين في الهند المجاورة.
ولذلك نحن نتفهم ونحس من خلال تجربتنا بمعاناة المهجرين في أي مكان في العالم.
ولطالما آلمتنا معاناة مسلمي الروهينجيا في ميانمار، وكانوا منذ أوائل التسعينيات يتدفقون على بنغلاديش بسبب تهجيرهم نتيجة العنف في ميانمار.
وهنالك في الوقت الحاضر نحو نصف مليون مهاجر روهينجي موزعين في كل انحاء بنغلاديش ونحو 29.000 في مخيمين قرب الحدود مع ميانمار.
ولحل هذه المشكلة قمت بزيارة رسمية الى ميانمار في 2010. ووافقت حكومة ميانمار آنذاك على استعادة اولئك اللاجئين بعد التحقق من هوياتهم. ولكن خلال الهجوم العرقي والديني الأخير على مسلمي الروهينجيا في ولاية راخين في ميانمار بدأ كثيرون منهم بالعودة الى بنغلاديش مرة اخرى.
وفي الماضي قدمنا لهم الرعاية بالطعام والدواء والمأوى، ولكن هذه المرة، وبعد تراجع العنف في ميانمار، ساعدناهم على العودة الى ديارهم.
لقد شعرنا بأن المشكلة تكمن في ميانمار ولابد من حلها من قبل حكومتها. كانت مشكلة تمييز عرقي وديني واذا ما ازيل ذلك التمييز وأعطي مسلمو الروهينجيا الجنسية مثل الاقليات العرقية الـ 138 الأخرى فسيتم حل المشكلة وسينتهي التهجير.
لقد شرحنا موقفنا لحكومة ميانمار وطلبنا ايضا مساندة من بلدان في المنطقة ومن العالم الاسلامي ومن منظمات دولية مثل الامم المتحدة وحركة عدم الانحياز ومنظمة المؤتمر الاسلامي وغيرها لاقناع حكومة ميانمار بحل هذه المشكلة. نحن نواصل جهودنا وانا واثق من ان ميانمار الجارة القريبة والصديقة ستقوم بذلك من اجل العدالة والسلام.
مؤتمر التعاون الآسيوي
تقيم بلادكم علاقات وثيقة مع الكويت. وكان آخر تأكيد لذلك مشاركة الرئيس ظل الرحمن في القمة الأولى لمؤتمر حوار التعاون الآسيوي. ما الذي قدمته القمة لبلادكم؟
٭ تعتبر بنغلاديش مؤتمر حوار التعاون الآسيوي مهما جدا، ولذلك طلبنا من رئيسنا آنذاك المشاركة في المؤتمر. لقد كانت مشاركة ناجحة من جانبنا، واعتقد ان المؤتمر توصل الى تفاهم أفضل لمختلف المسائل التي نوقشت وقرب بين البلدان المشاركة في التصدي للتحديات التي تواجهنا في آسيا وفي كل انحاء العالم.
وحصلت بنغلاديش على دعم موقفها من القضايا التي نواجهها مثل تأثيرات التغير المناخي والهجرة والعمالة في البلدان الاجنبية وقضية مهاجري الروهينجيا.
الحياة الحزبية
يهيمن على الحياة السياسية في بنغلاديش حزبان رئيسان هما رابطة عوامي وحزب بنغلاديش الوطني. المنافسة السياسية بين الحزبين قائمة منذ اكثر من 30 عاما. هل هنالك اوجه للشبه بينهما وبين الحزبين الجمهوري والديموقراطي في الولايات المتحدة؟
٭ يكمن الفارق بين الحزبين في موقفنا من الشعب والحكم. «رابطة عوامي» حزب سياسي تأسس قبل 68 عاما من قبل زعماء سياسيين وعمال لتشكيل منبر للنضال العام والشعبي الموحد لبلوغ الحقوق الأساسية للشعب. اما حزب بنغلاديش الوطني فقد تأسس من قبل اولئك الذين كانوا وراء اغتيال والد الامة بانغاباندهو الشيخ مجيب الرحمن و18 فردا من عائلته في 15 أغسطس 1975.
وكان من بين المشاركين الجنرال ضياء الرحمن الذي استولى في انقلاب عسكري على السلطة واصبح القائد العام للقوات المسلحة ثم رئيسا. وبتلك السلطات المطلقة شكل حزب بنغلاديش الوطني من سياسيين سيئي السمعة من اقصى اليمين الى اقصى اليسار، واجرى انتخابات مزورة وسيطر سيطرة كاملة على الحكومة. ولذلك فان القارق الجوهري بين الحزبين كان في ان حزب عصبة عوامي ظهر كحزب سياسي من داخل الشعب في حين ان حزب بنغلاديش الوطني ظهر من سفك الدماء والعنف، ونتيجة لذلك كانت ايديولوجيتي الحزبين متباعدتين كليا وكذلك كانت بالتالي ادارتهما للحكم.
أنا واثق من انكم لن تجدوا على الارجح أي حزبين سياسيين بهذا القدر من عدم التشابه بينهما في أي مكان في العالم.
مستقبل بنغلاديش
تتمتع بلادكم بامكانات سياحية هائلة وبطاقة بشرية ضخمة يمكن ان تجعلها من اهم البلدان في غرب آسيا. فما الذي تحتاجه بلادكم لتحقيق هذا الحلم الذي لطالما حرصتم على التشديد عليه في برامجكم الانتخابية؟
٭ تحتل بنغلاديش موقعا استراتيجيا كجسر بين جنوب وجنوب شرق آسيا. ولقربها من الاسواق الهائلة للهند والصين وبلدان آسيان ولوجود تواصل جغرافي جيد معها تستطيع بنغلاديش ان تصبح المركز الاقتصادي للمنطقة. هذا التواصل يمكنه ايضا ان يساعد على ازدهار صناعة السياحة في بنغلاديش.
ومن بين عوامل الجذب السياحية لبنغلاديش امتلاكها لأطول شاطئ ذهبي ولأكبر غابة منغروف في العالم. اضافة الى ذلك هنالك امكانات مواردنا البشرية الغنية بالعناصر الشابة والحيوية حيث ان 60% من سكاننا البالغ عددهم 160 مليون نسمة هم دون سن الاربعين. ولقد كان هؤلاء، سواء في الوطن بعملهم الدؤوب او في الخارج بتحويلاتهم المالية، القوة الدافعة وراء تنميتنا الشاملة.
ان السياسات البراغماتية لحكومتنا تضمن الاستغلال الأقصى لمواردنا الطبيعية وامكاناتنا البشرية. ولكننا نحتاج الى تحقيق تقدم اسرع، ومن هنا تأتي اهمية دعم اصدقائنا الجيدين مثل الكويت، خصوصا في انشاء بنيتنا التحتية واستكشاف واستغلال مواردنا الطبيعية واستخدام المزيد من شبابنا وحرفيينا المهرة او غير المهرة.
هذا الدعم من اصدقائنا سيساعدنا على تحقيق «رؤية 2021» أي ان نصبح بلدا له دخل الطبقة الوسطى بحلول عام 2021 وهو الهدف الذي طرحناه في برنامجنا الانتخابي.
شعبنا لم ينسَ
لاشك أن 15 أغسطس 1975 تاريخ لا ينسى في حياتكم وفي تاريخ بنغلاديش الحديث. في ذلك اليوم اغتالت مجموعة من الضباط والدكم وكل أفراد عائلتكم، هل يمكنكم ان تتجاوزوا هذا التاريخ من اجل مصالحة وطنية شاملة ونهائية في بلادكم؟
٭ كان اغتيال والدي ووالد الامة بانغاباندهو الشيخ مجيب الرحمن و18 فردا من عائلتي بمن فيهم والدتي واشقائي الثلاثة واثنتان من نسيباتي يوم 15 اغسطس 1975 افظع جريمة ترتكب بحق عائلة واحدة في التاريخ الحديث.
لقد بقيت منذ ذلك الحين فصلا مظلما في تاريخ بنغلاديش. اما القتلة الذين كان معظمهم ضباطا ضالين في الجيش فقد كوفئوا لاحقا بالأموال وبالمناصب المهمة من قبل الحكومات الاستبدادية اللاحقة العسكرية وشبه العسكرية حتى عام 1996. ان الاغلبية الساحقة من شعبنا لم تتمكن من نسيان ذلك العمل المريع وفترة الاضطهاد التي اعقبته.
كانت بلادنا تسعى لإحقاق العدالة لذلك العمل المريع وأصدرت اعلى المحاكم في البلاد احكاما بالاعدام على كل الضالعين فيه. وقد نال بعضهم جزاءه العادل فيما لا يزال آخرون فارين من وجه العدالة. ولابد من القبض عليهم جميعا وفرض العقاب العادل بحقهم. ان تحقيق ذلك وتلاشي ذكريات ذلك اليوم المشؤوم يحتاجان الى وقت.
العلاقات مع دول التعاون
كيف تصفون علاقات بلادكم بدول مجلس التعاون الخليجي وكيف هي علاقاتكم مع بلدان الربيع العربي؟
٭ بنغلاديش بلد ديموقراطي وعلماني وتقدمي، فضلا عن ذلك تقوم سياسة بنغلادش الخارجية على شعار السياسة الخارجية لوالد الأمة بانغاباندهو الشيخ مجيب الرحمن: «الصداقة مع الجميع والحقد مع لا أحد».
ولذلك فإن علاقاتنا جيدة مع كل البلدان. ولكوننا بلدا ذا أغلبية مسلمة وعضوا في الأمة الإسلامية فإن علاقاتنا مع بلدان مجلس التعاون وبلدان الربيع العربي وكل البلدان الإسلامية الأخرى هي علاقات جيدة ومميزة لأنها تقوم على قيم وعادات وتقاليد مشتركة.
اجتذاب الرساميل
بالرغم من التسهيلات الكبيرة في بلادكم لاتزال الاستثمارات العربية أقل من طموحاتكم. هل لديكم خطة لاجتذاب المزيد من الرساميل العربية؟
٭ تمتلك بنغلادش أفضل نظام للاستثمارات في جنوب آسيا وهو من الأفضل في العالم. لذلك كانت بنغلادش تجتذب استثمارات من بلدان كثيرة، وهي تجتذب ايضا استثمارات من البلدان العربية ولكنها اقل من الإمكانات الموجودة، وعندما أصبحت رئيسا للوزراء قمت بزيارة العديد من البلدان العربية حيث دعوت في لقاءاتي مع القادة ورجال الأعمال العرب الى الاستثمار في بنغلادش.
ومنذ ذلك الحين تزايد اهتمام رجال الأعمال العرب وهنالك ازدياد مطرد في استثماراتهم في بنغلادش، وقد التقيت ايضا الكثير من وفود رجال الأعمال العرب في زياراتهم لبنغلادش واشعر بأن استثماراتهم هنا ستكون كبيرة في المستقبل القريب.
الضغوط على الإسلاميين
يتهمكم الكثير من المراقبين الإسلاميين بممارسة ضغوط كبيرة على زعماء الأحزاب الإسلامية. هل هنالك أي أساس للصحة في هذه الاتهامات الإعلامية؟
٭ بالرغم من ان المسلمين يشكلون الأغلبية في بنغلادش الا ان الدولة علمانية وتمارس كل الأديان عقائدها بحرية، لقد ظهرت بنغلادش الى الوجود على أساس هذه الفلسفة وعلى تضحيات 3 ملايين انسان، وخلال النضال من اجل الاستقلال في 1971 كانت هنالك قلة ممن تعاملوا مع جيش الاحتلال الباكستاني وساعدوا في أعمال القتل، وبعد حصول بنغلادش على استقلالها شكل أولئك الأشخاص أحزابا سياسية على أساس الإسلام لكي ينجوا من العقاب، وبعد اغتيال والد الأمة جرى الترخيص لتلك الأحزاب من قبل الديكتاتور العسكري الجنرال ضياء الرحمن لكي يحصل على الدعم السياسي لحزبه الذي كان قد شكله حديثا واطلق عليه اسم حزب بنغلادش الوطني. وبرعاية من الديكتاتور اصبح كثيرون من زعماء الأحزاب الدينية الذين تورطوا في جرائم ضد الإنسانية زعماء اقوياء في احزابهم الدينية، ولكن في عام 1996 فاز حزبنا عصبة عوامي بالسلطة على أساس تعهده بمعاقبة أولئك العملاء، في تلك الفترة لم نتمكن من تحقيق تقدم كبير لأن التحديات العديدة التي فرض العملاء الكثير منها كانت تضعف جهودنا لترسيخ الديموقراطية واتخاذ الاستعدادات الضرورية لمحاكمتهم.
وعند نجاحنا في انتخابات 2008 على أساس التعهد ذاته بمعاقبة مجرمي الحرب حققنا تقدما جيدا هذه المرة، لقد أنشأنا محكمة جرائم دولية وفق المعايير الدولية وقدمنا للمحاكمة عددا من مجرمي الحرب الرئيسيين والمتواطئين الذين أصبحوا لاحقا زعماء لأحزابهم الدينية.
لقد اتخذت الحكومة هذه الخطوات لتلبية مطالب الشعب الذي فقد أحبة له بسبب التورط المباشر او غير المباشر لأولئك المتواطئين، والأحزاب الإسلامية لديها الكثير من الزعماء الآخرين الذين ولدوا بعد قيام بنغلادش قبل اثنين وأربعين عاما وهم يقومون الآن بواجباتهم ومسؤولياتهم مثل بقية الأحزاب السياسية.
لذلك ليس صحيحا ان الضغوط تمارس على زعماء الأحزاب الإسلامية، فقط مجرمو الحرب والمتواطئون المتهمون بارتكاب جرائم ضد الإنسانية هم الذين يحاكمون بموجب افضل المعايير القضائية لكي ينالوا جزاءهم وفق عدالة بنغلاديش وقوانينها.
الحرب على الإرهاب
يخلط البعض بين حربكم على الإرهاب وعلى المجموعات المتطرفة وخلافاتكم السياسية مع الأحزاب الإسلامية. هل يمكنكم توضيح هذه النقطة؟
٭ بنغلاديش بلد علماني يعيش فيه الناس من كل الأديان في انسجام تام وسلام، وللأسف كنا في أعوام مضت نخوض تجربة سيئة مع الإرهاب والتطرف، لقد تبنت حكومتنا سياسة «عدم التسامح» ضد الإرهاب والتطرف، ولكن ظهر نحو 17 تنظيما ارهابيا من عناصر متطرفة تنتمي الى بعض الأحزاب الدينية، وكانت تلك التنظيمات الإرهابية تنشر الخراب بأسلحتها ومتفجراتها وقنابلها وتقتل وتجرح الأبرياء في 2001-2006 خلال فترة حزب بنغلادبش الوطني وتحالفه مع الحكومة، ولكن وفي السنوات الأربع والنصف الماضية توارت تلك التنظيمات ونجحت سياسات حكومتنا في وضع حد لأنشطتها، ونحن نحث الأحزاب السياسية على مساعدتنا في القضاء على الإرهاب والتطرف في بنغلاديش.
في اوائل يناير 2012 أعادت حكومتكم الصفة العلمانية لبلادكم من خلال إزالة المادة الدستورية المتعلقة بالطبيعة الإسلامية لبلادكم وروابطها بالبلدان الإسلامية، ولكن المحكمة العليا في دكا رفضت اعادة المبادئ العلمانية الى الدستور وإزالة كل المواد المتعلقة بالطبيعة الإسلامية للدولة. كيف سيؤثر ذلك على مستقبل بلادكم؟
٭ العلمانية هي احدى الدعامات المؤسسة لدستور بنغلاديش الذي أقر فور حصولها على الاستقلال عام 1971، ومنذ ذلك الحين وحتى الآن ودعامة العلمانية راسخة في دستورنا، وفي أواخر الثمانينيات أضيفت اشارة دينية الى الدستور ولكنها سحبت خلال فترة ولايتنا، ان دستورنا الحالي قريب جدا من دستور 1972 الأصلي وتم استتباب الانسجام والسلم في مجتمعنا.
واعتقد اننا اذا نجحنا في المحافظة على الانسجام والسلم في بنغلاديش فإن مستقبلنا سيشهد تقدما ورخاء.
يقول تقرير لمؤسسة أبحاث إسلامية مستقلة ان بنغلاديش هي ثالث اكبر بلد اسلامي في العالم وسابع او ثامن بلد في العالم من حيث عدد السكان الذي يقدر بأكثر من 170 مليونا. ويشكل المسلمون أغلبية السكان (95% تقريبا) ويتوزع الباقون بين هندوس وبوذيين ومسيحيين، ويشير التقرير الى وجود حملات تبشيرية على نطاق واسع. ما مدى دقة ذلك التقرير؟
٭ بنغلاديش بلد أغلبية سكانه البالغ عددهم 160 مليون نسمة هم من المسلمين (88%)، والبقية هم من الهندوس والبوذيين والمسيحيين. ولاتزال بنغلاديش محافظة على سياسة علمانية تنطلق من تجربة انسجام ديني سائدة منذ مئات السنين في هذا الجزء من شبه جزيرة جنوب شرق آسيا. وهي ايضا بلد ديموقراطي شعبه يحب الحرية ويعتز بتراثه وتاريخه المختلفين في أوجه كثيرة عن بلدان أخرى في العالم.
ان مسلمي بنغلاديش لا يقلون إخلاصا لدينهم عن المسلمين في أي بلد آخر ولا يقلون عنهم ثباتا على معتقدهم، ولا اعتقد بإمكان تحول المسلم الى أي معتقد او دين آخر، واذا حدث ذلك فهي استثناءات نادرة جدا في ظروف استثنائية جدا.
هل تظنون ان بلادكم تنتظر ربيعا مماثلا للربيع العربي؟
٭ لكل شعب في العالم خصائصه المختلفة التي تحدد تكوين مجتمعه ومستقبله، وحتى شعوب البلدان الإسلامية، بالرغم من صلابة عقيدتها، لديها ايضا سماتها الخاصة التي تقرر طموحاتها، واعتقد ان هذا ينطبق ايضا على شعب بنغلاديش، انه شعب ذو طبع معتدل ومستعد للتخلي عن رغباته في سبيل السلم والانسجام، انه يمقت كل انواع العنف الذي يمكن ان يجلب عدم الاستقرار الى حياته اليومية.
الشيخة حسينة
- 1947: ولدت في تونغيبارا، وهي ابنة الشيخ مجيب الرحمن أول رئيس وزراء في بنغلاديش المستقلة.
- الستينيات: كانت طالبة ناشطة في السياسة.
- 1971: سجنها الجيش الباكستاني مع بعض اقاربها.
- 1975: قتل أبوها وأمها واخوانها خلال انقلاب عسكري.
- 1981: عادت من المنفى لتتزعم رابطة عوامي.
- 1990: انضمت الى القوات مع زعيمة الحزب القومي لبنغلاديش لخلع الدكتاتور حسين محمد ارشاد.
- 1991: خسرت الانتخابات في وجه خالدة ضياء.
- 1996: فازت في الانتخابات واصبحت رئيسة للوزراء (حتى 2001).
- فازت في الانتخابات التشريعية الأولى منذ 2001، بحسب اللجنة الانتخابية.
- 2004: نجت من محاولة اغتيال.
- 2007: سجنت بعد ان وجهت اليها الحكومة المدعومة من الجيش تهما تتعلق بقضايا فساد.
- يونيو 2008: أطلق سراحها لأسباب صحية، وتوجهت الى المنفى الاختياري في الولايات المتحدة.
- نوفمبر 2008: عادت الى بنغلاديش للمشاركة في الانتخابات.
- 30 ديسمبر 2008: حققت فوزا ساحقا في الانتخابات متغلبة على منافستها خالدة ضياء.
|
مبنى البرلمان البنغالي من أبرز مباني العاصمة (فريال حماد)
|
مشاهدات في أرض البنغال
صراع بين سيدتين يشكل المحور الرئيسي للسياسة في بنغلاديش..والإسلاميون يحاولون اقتحام الساحة وامتلاك القدرة على الحسم
|
مشهد عام في منطقة غول شان في «داكا»
|
|
الأمطار الموسمية تستمر في شهر أكتوبر
|
|
مجسم تذكاري في العاصمة
|
|
ثكنة عسكرية في وسط العاصمة للجيش البنغلاديشي
|
|
أحد جسور العاصمة «داكا»
|
|
سيارات النقل الصغيرة منتشرة بشكل واسع في شوارع بنغلاديش
|
|
أحد أسواق العاصمة البنغلاديشية
|
|
البائعون الجائلون ظاهرة منتشرة في الشوارع
|
|
حافلات النقل الجماعي والدراجات الهوائية أبرز وسيلتي نقل شعبيتين
|
|
النمر البنغالي رمز البلاد
|
|
|
- قصة بلد يسعى إلى الحد من الفقر ويطمح للتحول إلى قوة اقتصادية
داكا ـ عدنان الراشد - محمد الحسيني
بنغلاديش أكثر من مجرد بلد يقطنه 160 مليون نسمة (88 % منهم مسلمون) ويخوض معركة مستمرة ضد الفقر وبمواجهة الظروف الطبيعية القاسية.. هي قصة طويلة ومثيرة تاريخيا وسياسيا.
نعتمد على «البنغال» في الكثير من أمور حياتنا وفي الكويت هم ثاني أكبر جالية وقد أحاطت بها مؤخرا بعض المشاكل التي تلاها إجراءات تهدف إلى الحد من تنامي أعدادهم، فماذا يقول مسؤولوهم عن ذلك؟.
إلى أرض البنغال توجهنا ضمن سلسلة زيارات «الأنباء» الى مختلف مناطق العالم لننقل من أرض الواقع كيف يعيش البنغال، وجاء موعد الزيارة حساسا لتزامنه مع استعدادات الانتخابات البرلمانية وسط أزمة سياسية كبيرة تعصف بالبلاد، وإن كان الأمر ليس بجديد.
ضمن جدول لقاءاتنا كان موعد مع زعيمة البلاد رئيسة الوزراء الشيخة حسينة رئيسة الحزب الحاكم رابطة عوامي وابنة مؤسس البلاد الشيخ مجيب الرحمن ومنافستها اللدودة «البيغوم» خالدة ضيا زوجة الرئيس الراحل ضياء الرحمن ورئيسة الحزب الوطني، وكما على مدى العقدين الماضيين تستمر حالة التنافس بين السيدتين على أشدها مشكلة المحور الأساسي الذي تدور حوله السياسة في البلاد، لذا ليس بغريب ان تنقسم الغالبية الساحقة للبنغلاديشيين بين من يؤيد حسينة ومن يؤيد خالدة، وتبادلت السيدتان الاتهامات حول المسؤولية عن الأزمة السياسية الحالية.
القوة الثالثة
قبل أعوام قليلة حاول د.محمد يونس الاقتصادي اللامع ومؤسس بنك «الفقراء» الذي حاز جائزة نوبل للسلام أن يطلق ما أسماه «القوة الثالثة» في البلاد لعلّه يخرج البلاد من حالة الاستقطاب الحاد إلا أنه ووجه باتهامات بالفساد واضطر للانسحاب من الساحة ليستمر الوضع على ما هو عليه.
الجماعة الإسلامية
لكن عمليا تبقى القوة الثالثة في البلاد هي الإسلاميين وأبرز مكوناتهم على الساحة حزب الجماعة الإسلامية الذي يواجه منذ عودة حزب رابطة عوامي الى السلطة في 2006 حملة ملاحقة ومحاكمات عن دوره في «جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية» التي اتهم بارتكابها عام 1971 خلال مساندته لباكستان في محاولة منع انفصال بنغلاديش عنها، وقد راح ضحية تلك الحرب نحو 3 ملايين بنغالي - بحسب السلطات.
حفظة الإسلام
وظهرت كذلك في الأشهر الماضية قوة جديدة باسم «حفظة الإسلام» التي تدعو إلى عدم التصويت للشيخة حسينة وحزبها في الانتخابات المقبلة بدعوى عدم تعاملها الحازم مع المسيئين للذات الإلهية والرسول والدين على شبكات التواصل الاجتماعي ودعمها للعلمانية في البلاد ورفضها تغليظ العقوبات على التجديف والكفر، حيث أكدت رئيسة الوزراء ان القوانين الحالية أكثر من كافية.
وقد كان لتحرك هذه الفئة أثر في الانتخابات المحلية في 5 مناطق كبرى مؤخرا، حيث خسرتها رابطة عوامي جميعا لصالح المعارضة ولم يكن السبب اقتصاديا، فالكل يشهد ان الحكومة الحالية تبذل مجهودات كبيرة ولا تقدم المعارضة لأنها لم تقدم جديدا، لذا فإن المحللين يرجحون أن تكون الخسارة بسبب ضغط «حفظة الإسلام» على الناخبين لعدم التصويت لـ «عوامي» وهو ما يجسد تنامي تأثيرهم على الساحة الشعبية.
أزمة دستورية
يأتي ذلك فيما تغرق البلاد في أزمة سياسية جديدة محورها إصرار حكومة الشيخة حسينة على الإشراف على الانتخابات بعدما ألغت مادة دستورية تنص على تشكيل حكومة محايدة مؤقتة لإدارة العملية الانتخابية، وجاء ذلك بعدما فازت رابطة عوامي وتحالف الأحزاب المشاركة معها بـ 90% من مقاعد البرلمان عام 2008.
تقول الشيخة حسينة لـ «الأنباء» ان حكومتها أدارت أكثر من عملية انتخابية وكانت كلها شفافة وبعضها خسرتها السلطة وتؤكد أنه آن الأوان لتكون مثل كل دول العالم الأخرى، بينما ترد منافستها خالدة ضيا بأن المقاطعة والضغط الشعبيين هما الحل الوحيد إذا لم تشكل حكومة انتقالية مؤقتة لإدارة الانتخابات لأن ذلك سيعني سيطرة الحزب الحاكم على اللجان الانتخابية والاستفادة من السلطة ومقدراتها وخاصة في افتتاح المشاريع الحكومية.
أزمة مشابهة كانت قد حصلت في 2007 وقد أدت الى تدخل الجيش والى محاولة لعزل كل من حسينة وخالدة عن الساحة السياسية وكلتاهما تعرضت للسجن ووجهت لها تهم بالفساد وهو ما دعا الشيخة حسينة لتحذير خالدة ضيا من انها إذا كانت تراهن على العسكر فإن هذا سينقلب عليها كما حصل في المرة السابقة، والديموقراطية ستكون الخاسر الأكبر في البلاد.
الحد من الفقر
بموازاة هذا الزخم السياسي تسعى البلاد الى مواصلة الجهود للحد من الفقر الذي تراجع خلال السنوات الأخيرة، وحكومة بنغلاديش تعمل اليوم على استراتيجية للتحول من بلد منخفض الدخل الى بلد متوسط الدخل خلال سنوات من خلال مواصلة تحقيق النمو الاقتصادي ومتابعة الجهود الكبيرة بالتعاون مع المجتمع الدولي في مجال التنمية البشرية.
حضور نسائي قوي
أول ما يلفت الزائر الى بنغلاديش هو الدور الكبير الذي تلعبه المرأة في المجتمع بدءا من العائلة حيث ان كثيرا من العائلات تعتمد على نسائها في العمل وصولا الى السياسة، حيث تسيطر على الساحة السياسية مجموعة من الشخصيات النسائية القوية الى جانب حسينة وخالدة وأبرزهن وزيرة الخارجية د.ديبو موني ورئيسة البرلمان د.شيرين شيرمين تشودري، وقد التقى وفد «الأنباء» كلا من السيدتين وطرحنا عليهما جملة من الأسئلة الحساسة حول واقع البلاد اليوم.
تناقضات
تكشف شوارع العاصمة داكا عن تناقض كبير في بنية المجتمع، فبينما تكتظ يوميا بواحدة من أسوأ حالات ازدحام السير في العالم، فإن هذه الزحمة ناتجة عن كثافة في وجود حافلات النقل الشعبي والدراجات الهوائية ومركبات النقل الصغيرة التي يستقلها الفقراء من جهة وعدد كبير من السيارات وكثير منها تمثل أحدث الطرازات العالمية - ويقودها الأغنياء.
يتجاوز معدل الدخل الفردي للمواطن البنغالي الـ 1100 دولار سنويا لكن القدرة الشرائية لهذا المبلغ هي أكبر بكثير، نظرا لتوافر السلع بأسعار أقل من الأسعار العالمية.
تتوافر في العاصمة داكا مجموعة كبيرة من الفنادق الراقية (5 نجوم) لكن أسعار الإقامة فيها مرتفعة في الغالب وأعلى حتى من معدلات نظيراتها العالمية. وبينما تنتشر المساجد والمعاهد والحلقات الدينية والزي الديني أحيانا إلا أن صور النجوم الجريئة تنتشر على لوحات كبيرة تغطي المباني في كل مكان في شوارع العاصمة الرئيسية تقريبا.
تعتبر بنغلاديش من أكثر البلدان خصوبة في العالم في ظل وجود عدد مهم من الأنهار الكبيرة فيها كما انها تقع في دلتا نهري الغانج والبراهمابوترا. وتشهد البلاد ذات المناخ الدافئ فترات أمطار طويلة سنويا، لكن في المقابل تواجه كوارث طبيعية كبيرة عندما تفيض الأنهار أو تتعرض البلاد الى إعصارات مدارية تجرف معها قرى كاملة، كما تتأثر بذوبان الثلوج في جبال الهيملايا عندما تتجاوز المعدلات المعتادة. إن أغلب أراضي بنغلاديش لا ترتفع إلا أمتارا معدودة عن سطح البحر ولذلك يرى خبراء المناخ في العالم ان هذا البلد المكتظ بالسكان ربما يكون من أكثر البلدان تأثرا في العالم بظاهرة التغير المناخي. وفي عام 1991 مع تزامن أكثر من كارثة طبيعية معا غمرت المياه ثلثي مساحة البلاد.
تشتهر بنغلاديش بكثير من الأمور، منها النمر البنغالي وهو رمز البلاد وبزهرة الليلي البيضاء الرائعة الرائحة وبالألوان الزاهية في الملابس الوطنية وبالزراعة وخاصة ثمرة المانغو.
يرتكز اقتصاد بنغلاديش الى جانب الزراعة التي تساعد في الاكتفاء الغذائي على الصناعة والصادرات التي تبلغ نحو 25 مليار دولار التي توفر العملة الأجنبية الى جانب تحويلات البنغلاديشيين المنتشرين في الخارج والبالغة نحو 12.5 مليار دولار وأكثر من ثلثيها يأتي من دول مجلس التعاون الخليجي.
خلال العقد الماضي خفضت بنغلاديش نسبة الفقر الى الربع تقريبا بعدما كانت تتجاوز النصف وكذلك أنهت اعتمادها على المعونات الخارجية، ودخلت مرحلة الاعتماد على نفسها ولكن يبقى أمام تحقيق هذا الهدف الحاجة الى استقرار سياسي وجهود إصلاحية كبيرة.
محطات في تاريخ بنغلاديش
1947: تأسيس الحدود الحالية لدولة بنغلاديش مع تقسيم باكستان والهند في عام 1947 حيث تمت الوحدة بين باكستان وبنغلاديش (باكستان الشرقية آنذاك) رغم وجود مسافة برية كبيرة تفصل بينهما.
1966: الشيخ مجيب الرحمن يعلن مبادئ حزب «رابطة عوامي»
1970: انتخابات 1970م فاز حزب «رابطة عوامي» بأكثرية المقاعد في البرلمان، إلا أن الحكومة قامت بحل البرلمان مما أثار نقمة شعبية، فقام الجيش الباكستاني بقمعها واعتقل مجيب الرحمن وسجن. وكلفت الجمعية الوطنية بوضع دستور جديد للبلاد خلال 120 يوما من تشكليها، وكان من الضروري أن يجتمع حزبا «رابطة عوامي» و«الشعب» لوضع الدستور، إلا أن التناقض في برنامج الحزبين كان عقبة كبيرة أمام ذلك فتفجرت الخلافات بين شطري الدولة، وانفلت الزمام من يد الجميع، واشتعلت الحرب الأهلية بعد ما لا يزيد على 100 يوم من أول انتخابات عامة وحرة في باكستان.
مارس 1971: انفجر العصيان المسلح وتدخلت قوات الجيش والشرطة الباكستانية في الشطر الشرقي، وسقط مئات الآلاف من القتلى البنغاليين، وارتكب الجيش أعمالا بشعة ضد المدنيين، منها مذبحة الصفوة التي قتل فيها كثير من الأطباء وأساتذة الجامعات والكتاب البنغاليين. أدت هذه الحرب الأهلية إلى نزوح حوالي 9 ملايين بنغالي أغلبهم من الهندوس إلى الهند، وتعاونوا مع الهنود على إعلان الحرب على باكستان.
17 ابريل 1971: إعلان قيام دولة بنغلاديش واتخذت من سوادانجا عاصمة لها، وألقي القبض على الشيخ مجيب الرحمن.
نوفمبر 1971 : اندلعت الحرب بين الهند والباكستان نتيجة لهذه الأوضاع ودخل الجيش الهندي مدينة داكا.
16 ديسمبر 1971: انفصال باكستان الشرقية (بنغلاديش حاليا) عن باكستان. فقد استسلمت القوات الباكستانية البالغ عددها 90 ألف جندي للقوات الهندية في بنغلاديش، وكان ذلك الاستسلام بعد أسبوعين من غزو الهند لباكستان الشرقية لإنجاح حركة الانفصال عن الاتحاد الباكستاني، وفي اليوم نفسه أعلن عن استقلال بنغلاديش، وأصبح مجيب الرحمن أول حكومة بنغالية بعد الانفصال.
في 15/8/1975: قتل مجيب الرحمن وأفراد عائلته نتيجة انقلاب عسكري فتسلم الرئاسة أحمد خندقار مشتاق رئيسا للبلاد وخلفت الشيخة حسينة والدها بقيادة المعارضة.
عام 1977: أعلن الجنرال ضياء الرحمن نفسه رئيسا للجمهورية.
عام 1978م: أجريت انتخابات رئاسية فاز بها ضياء الرحمن.
في آب 1980: زار ضياء الرحمن باريس، وأجرى محادثات مع الرئيس الفرنسي حول مساعدة بنغلاديش في امتلاك معامل للطاقة وتقديم مساعدة غذائية.
30 مايو 1981: اغتيل ضياء الرحمن.
أوائل 1982: استولى حسين محمد إرشاد على السلطة في انقلاب أبيض في أوائل عام 1982 وتولى السلطة كرئيس للبلاد في الفترة بين عامي 1982 و1990 وأواخر عام 1983 أعلن نفسه رئيسا للدولة.
مارس 1985: عيد العمل بالقانون العرفي بعد أن كان رفع في ديسمبر عام 1984.
15 أكتوبر 1986: أعيد انتخاب الرئيس أرشاد
مايو 1986: أول انتخابات برلمانية في بنغلاديش منذ عام 1979.
أغسطس 1986: استقال إرشاد من الجيش ليرشح نفسه رئيسا للدولة.
نوفمبر 1986: انتخب الشعب ارشاد رئيسا ثم حدثت اضطرابات عامة بعد ذلك حل البرلمان على اثرها عام 1987.
مارس 1988: أجريت انتخابات جديدة وقاطعت كل أحزاب المعارضة الكبيرة الانتخابات وكان فوز حزب جاتيا الساحق محل جدل.
أواخر عام 1990: قام آلاف الناس باحتجاجات عنيفة ضد حكومة إرشاد.
ديسمبر 1990: استقال إرشاد من الرئاسة وأصبح رئيس محكمة بنغلاديش العليا رئيسا بالإنابة ثم اعتقل فيما بعد واتهم بالفساد وحيازة الأسلحة النارية بصورة غير شرعية وتمت إدانته وحكم عليه بالسجن 10 سنوات.
ديسمبر 1990: أطيح بحسين محمد إرشاد في ثورة شعبية قادتها بصورة مشتركة الشيخة حسينة والبيجوم خالدة ضياء.
من 1990 إلى أكتوبر 2006: ظل «حزب بنغلاديش الوطني» في السلطة.
فبراير 1991: أجريت الانتخابات التشريعية، وفاز بها حزب بنغلاديش الوطني وسيطر على البرلمان، وبهذا كانت خالدة ضياء، أرملة الرئيس ضياء الرحمن السابق، أول امرأة تشغل منصب رئيس الوزراء في بنغلاديش.
أغسطس 1991: وافق البرلمان على التحول من الحكم الرئاسي والعودة إلى الديموقراطية البرلمانية.
سبتمبر 1991: عدلت بنغلاديش دستورها وأعادت السلطة التنفيذية لرئيس الوزراء، وصار منصب الرئيس شرفيا.
أبريل 1991: تعرضت بنغلاديش لإعصار حلزوني وموجة بحرية زلزالية خلفت هذه الكارثة حوالي 138.000 قتيل بالإضافة إلى خسائر مادية جسيمة.
فبراير 1996: فاز حزب «رابطة عوامي» برئاسة الشيخة حسينة واجد بنت مجيب الرحمن الزعيم السابق لبنغلاديش في انتخابات فبراير 1996.
1996: شكلت الشيخة حسينة واجد حكومة جديدة خلفا لحكومة السيدة خالدة ضياء.
من العام 1996 إلى 2001: بقيت الشيخة حسينة واجد على رأس الحكومة.
وفي أول أكتوبر 2001: أجريت الانتخابات البرلمانية الثالثة في بنغلاديش وأظهرت النتائج فوز «الحزب البنغلاديشي القومي» بزعامة البيجوم خالدة ضياء بصورة حاسمة، مكنتها من تشكيل الحكومة دون الحاجة إلى عقد تحالفات.
21 يونيو 2002: قدم الرئيس البنغالي ايه كيو ام بدر الدجى شودري استقالته بعد خلافات مع الحزب الحاكم بزعامة رئيسة الوزراء خالدة ضياء، وطبقا للدستور فإن رئيس البرلمان جمير الدين سيركار سوف أصبح القائم بأعمال الرئيس قبل انتخاب الرئيس الجديد خلال 90 يوما.
سبتمبر 2002: تم تنصيب البروفيسور عياض الدين أحمد رئيسا لجمهورية بنغلاديش الشعبية.
21 أغسطس 2004: نجت زعيمة المعارضة الشيخة حسينة من الموت على اثر سلسلة تفجيرات استهدفت مقر الحزب في العاصمة داكا وأسفرت عن مصرع 18 وإصابة 300 شخص.
أكتوبر 2006: سلم حزب بنغلاديش الوطني السلطة عندئذ الى حكومة مؤقتة محايدة.
26 ديسمبر 2006: رفضت المحكمة العليا في بنغلاديش التماسا مقدما من الحاكم العسكري السابق لبنغلاديش «حسين محمد إرشاد» لنقض الحكم الصادر بحقه بالسجن لمدة عامين وأمرته بالإذعان لحكم المحكمة الأدنى درجة.
مارس 2007: اعتقلت قوات الأمن طارق رحمن نجل خالدة ووريثها السياسي في إطار الحملة ضد الفساد.
مارس 2007: إعدام 6 من كبار زعماء «جماعة المجاهدين الإسلامية» و«جاجراتا مسلم جاناتا» بعد إدانتهم.
16 يوليو 2007: اعتقال الشيخة حسينة منافسة خالدة وهي رئيسة وزراء سابقة ايضا في سجن خاص قريب في العاصمة بعد اتهامها بعملية ابتزاز.
3 سبتمبر 2007: اعتقال رئيسة وزراء بنغلاديش السابقة البيجوم خالدة ضياء وابنها الأصغر عرفات رحمن بتهمة التورط في قضايا فساد هي وابنها و11 آخرين.
31 ديسمبر 2008 : فوز كاسح لحزب حسينة في انتخابات بنغلاديش.
8 فبراير 2010: الشيخة حسينة تزور الكويت.
20 يناير 2012: الجيش يعلن إفشاله محاولة انقلابية ضد حكومة حسينة واجد.
أبريل 2013: محمد عبدالحميد رئيسا بالتزكية
|
أحد أحياء «داكا»
|