التدخين ظاهرة من الظواهر التي انتشرت في كثير من دول العالم، وقد اتسعت دائرة هذه الظاهرة لتشمل ملايين الأفراد من مختلف المستويات الاجتماعية ومختلف الأعمار. وقد بدأ الإنسان في ممارسة التدخين عام 1492م، حيث لاحظ الرحالة كولومبس أن بعض سكان مدينة سان سلفادور يدخنون التبغ وكانوا يحملون جذورات النار ليشعلوا بها الأعشاب التي كانت تتصاعد منها رائحة الدخان ليتطيبوا بها.
وكان أول من أدخل نبات التبغ الى أوروبا الطبيب فرانشكوهر نانديز الذي أرسله فيليب الثاني ملك إسبانيا في بعثة استكشافية. وقد انتشرت عادة التدخين في القرن الخامس عشر حيث انتقلت هذه العادة من المكسيك إلى المكتشفين الإسبانيين، وبعد انتصار إسبانيا في القرن السادس عشر ازداد انتشار التدخين حيث أقبل الناس عليه للتغلب على الجوع والتعب والبرد مما أدى إلى إدمان العديد من الأفراد على التدخين. ومن المرجح أن يكون التبغ قد انتقل إلى بلاد الإنجليز عن طريق إسبانيا، الا أن هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن رالفيني أول حكام فيرجينيا وفرنسيس دريك أمير التجار المشهور أحضر التبغ إلى إنجلترا عام 1586 وأهديا السير راللي بعضا من التبغ، وكان السير راللي هو أول من دخن التبغ في الغليون.
يحتوى دخان السيجارة على الآلاف من المركبات الكيميائية، وعندما يجذب المدخن أنفاس السيجارة فإن هذه المركبات تصل إلى الجهاز التنفسي ويؤثر البعض منها على سلامة وكفاءة هذا الجهاز، كما يمتص بعض هذه المركبات البسيطة بواسطة الأوعية الدموية المنتشرة في الرئة لتصل إلى الدم الذي ينقلها الى أعضاء الجسم المختلفة مثل المخ والقلب والشرايين، حيث تسبب هذه المواد تغيرات في وظائف الأعضاء وبعد ممارسة التدخين لمدة طويلة تسبب المواد الضارة الموجودة في الدخان حدوث إصابات في الجهاز التنفسي والقلب والشرايين وأعضاء اخرى.
مواد تؤثر على الجهاز العصبي المركزي
يحتوي الدخان على مواد تمتص بواسطة الأوعية الدموية المنتشرة في الرئة إلى الدم الذي يحملها إلى المخ، وتعتبر مادة النيكوتين التي تنتقل عن طريق الدم إلى خلايا المخ المادة التي تؤدي إلى استمتاع المدخن بالتدخين والتي تجعله يرغب في التدخين والإدمان عليه. وتدل الدراسات على أن النيكوتين يمتص بسهولة من خلال الأغشية المبطنة للفم وبواسطة الأوعية الدموية المنتشرة في الرئة، ويقل امتصاص النيكوتين بوساطة أغشية المعدة والأمعاء، ويصل النيكوتين من الرئة إلى المخ بعد7.5 ثانية من جذب أنفاس السيجارة، وهذا يفسر سرعة تأثير النيكوتين على المخ حيث يؤثر على بعض مراكزه ويسبب الاستمتاع وزيادة التركيز الفكري والتغلب على التوتر والقلق والتعب، كما يساعد على ارتخاء العضلات. وينخفض معدل النيكوتين في الدم إلى النصف فبعد حوالي 20 دقيقة من إطفاء السيجارة وهذا يفسر رغبة المدخن في إشعال سيجارة أخرى بعد مدة قصيرة من إطفاء السيجارة السابقة.
وقد دلت الأبحاث على أن النيكوتين يساعد على إفراز مورفينات المخ أو الاندورفينات، كما يساعد على إفراز مواد أخرى مثل النور أدرينالين والدوبامين، ويسبب إفراز هذه المواد تنشيط مراكز النشوة بالمخ وهذا يؤدى إلى استــــمتاع المدخــــن بالنـــــيكوتين، كما يعد إفراز هـــــذه المواد سببا أساسيا من أسباب ظهور أعراض الحرمان بعــــد الإقــلاع عن التدخين، حيث إنه عندما يقلع المدخن عن التدخين ينعدم وصول النيكوتين الى المخ وهذا يقلل من إفراز الاندورفينات والمواد الأخرى التي كانت تعطي المتعة للمدخن، ولهذا يشتهي المدخن السيجارة بعد الإقلاع وتظهر عليه بعض الأعراض التي قد لا يحتملها، ويحاول التغلب عليها بممارسة التدخين مرة أخرى.
يحتوي دخان السيجارة على 15 مادة على الأقل تسبب حدوث السرطان في الفم والرئة والمريء وأعضاء أخرى، وتشتمل هذه المواد على مركبات النيتروزامين والأمينات العطرية والبنزوبيريدين، بالإضافة إلى العناصر المشعة مثل بولونيم-210.
كيف تتوقف عن التدخين؟
التدخين عادة، والإدمان والعادة هي الأصعب في التحطيم والتخلص منها. والسبل المستخدمة في التوقف عن التدخين هي نفسها التي تستخدم في تحطيم أي عادة أخرى، ومفتاح تحطيم العادة كما يلي:
1. قرار القيام بالتغيير
2. استخدام تدريب الوعي
3. ابتدع استراتيجيات لمساعدتك على التوقف عن العادة
4. استبدل العادة بسلوك بديل
5. ثابر في أن تكون راسخا وثابتا في مواصلة خط تقدمك
6. تعلم التحكم في الهفوات والفلتات
7. الدافع والحافز على تحطيم العادة.
وبهذا فإنك إذا أردت فعلا أن تتوقف، بوسعك أن تحقق ذلك، فمعظم الذين يتم التشخيص بإصابتهم بسرطان الرئة يقومون بالتوقف عن التدخين فورا، مهما كان قدر تدخينهم في الماضي، إنهم يتوقفون ببساطة لأنهم يشعرون بأكبر درجات الدوافع ارتفاعا وبأكبر حافز يمكن أن يتصوروه، ومن المحزن أنهم لم يشعروا بمثل هذا الحافز البالغ القوة قبل الآن.