إعداد: علي رباح
«لؤلؤة الخليج» او «ام المليون نخلة».. تعددت اوصافها والمضمون واحد، نهضة اقتصادية شاملة واصلاح مستمر وديموقراطية تحدث عنها العالم بأسره، هي مملكة البحرين العربية التي تحتفل غدا بعيدها الوطني التاسع والثلاثين في ظل قيادة جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة حامل لواء الاصلاحات والتطور والارتقاء الى العالمية منذ تسلمه مقاليد الحكم، حيث استطاع بطموحه اللامتناهي والعمل الدؤوب نقل البلاد الى حالة تعكس تحقيق اهدافها وطنيا واقليميا ودوليا. ولعل الاعجاب الدولي الكبير بخطوات البحرين وملكها خير دليل على هذا الواقع، اذ توجه تقرير «انجازات التنمية البشرية في مملكة البحرين خلال 10 اعوام» الصادر عن المكتب الإقليمي لبرنامج الامم المتحدة الإنمائي الى اهالي المملكة بالقول: «يحق لكم حكومة وقيادة وشعبا ان تفخروا بالانجازات المميزة في مجال التنمية البشرية المستدامة، حيث نجح الميثاق الوطني الطموح والمتطلع قدما، بالإضافة الى خطط وسياسات العقد الماضي في تحويل المملكة من اقتصاد يعتمد على النفط الى اقتصاد ناجح ومتنوع في منطقة الشرق الأوسط». ولما كان عماد الاقتصاد الحديث هو القطاع المالي والمصرفي، فقد شهدت البحرين انجازات مهمة تعكس في مجملها نجاح نهج الحكومة وسلامة توجهاتها ورؤاها نحو تعزيز المركز المالي للمملكة وموضوعية سياستها الرامية لتنويع مصادر الدخل القومي، لاسيما ان القطاع المالي اصبح واحدا من اهم القطاعات التي تحتضن وتساعد على صقل الكفاءات البحرينية العاملة في هذا المجال. لكن انجازات مملكة البحرين الاقتصادية والثقافية لا يقل عنها أهمية تطورها الديموقراطي السياسي الذي تجلى بأبهى صوره في العرس الانتخابي التي شهدته البلاد في الثالث والعشرين من اكتوبر الماضي إذ أسست من خلال الأجواء الحرة والمشاركة الفاعلة للمرأة وجميع أطياف المجتمع لمرحلة زاهرة مقبلة في تاريخ المملكة.
تحيي مملكة البحرين عيدها الوطني الذي يصادف 16 ديسمبر من كل عام وصدرها مزين بوسام ارتفاع مؤشر التنمية البشرية إلى ما يقارب الـ «أ» بحسب تقرير «إنجازات التنمية البشرية في مملكة البحرين خلال 10 أعوام» الصادر عن المكتب الإقليمي لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والذي أكد أن السنوات العشر الماضية شهدت عدة تحسينات مهمة في نوعية الحياة في مملكة البحرين، إذ ارتفعت قيمة مؤشر التنمية البشرية بالنسبة إلى البحرين من 0.820 في عام 2000 إلى 0.895 في عام 2009 (حيث تعكس القيمة التي تقارب «1» مستويات متقدمة من التنمية البشرية).
وأشار التقرير إلى أنه يحق لمملكة البحرين، حكومة، وقيادة، وشعبا أن تفخر بإنجازاتها المتميزة في مجال التنمية البشرية المستدامة، إذ نجح الميثاق الوطني الطموح والمتطلع قدما، بالإضافة إلى خطط وسياسات العقد الماضي في تحويل المملكة من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد ناجح ومتنوع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هذا وتدين المملكة بالكثير من تنميتها الاقتصادية المستدامة إلى اختيارات التنمية البشرية الواعية التي تقوم بها الحكومة، وأن إستراتيجية التنوع المستمرة لم تحول البحرين من اقتصاد يعتمد بشكل كبير على النفط فقط، بل جعلت من البحرين، بقوتها العاملة المتنوعة والمتعلمة، بوابة الخليج.
تقارير علمية
حيث توقع التقرير، الذي استند إلى مؤشرات وتقارير علمية تتطابق والمعايير الدولية وفق ما أقرته مكاتب وبرامج الأمم المتخصصة في مملكة البحرين، استمرار المملكة في مشوارها نحو التحديث والتنمية، مستلهمة خطاها من رؤى حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، والتي تعمل الحكومة بقيادة صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خلفية رئيس الوزراء، على ترجمتها والسعي إلى تحقيق المزيد من النجاحات التنموية.
وقال التقرير إن تطبيق السياسات الحكومية وتحقيق الأهداف الموضوعة في الرؤية الاقتصادية 2030، سيستمر في تحفيز النمو وإنتاجية القطاع الخاص بما يؤدي إلى تحسين نوعية الحياة لشعب البحرين، ولفت التقرير إلى ان الخطط والسياسات الطموحة والمستشرفة للمستقبل خلال الأعوام العشرة المنصرمة أدت إلى تحويل (الدولة الجزيرة) من اقتصاد يعتمد على النفط إلى اقتصاد ناجح ومتنوع.
وقد حققت البحرين ومنذ انضمامها إلى عضوية الأمم المتحدة في عام 1971، إنجازات اقتصادية واجتماعية مرموقة، حيث يعتبر تمكين المرأة وحماية حقوق الإنسان وإدارة التحديات البيئية وجودة التعليم وتحسين مستويات معيشة المواطنين أولوية متقدمة.
وكل ذلك مدفوع بالسياسات الاقتصادية المنفتحة التي انتهجتها المملكة وحققت على إثرها نموا في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 70% خلال العقد المنصرم، فيما زادت الصادرات بنسبة 116%، وارتفع معدل العمالة في البحرين بنسبة 39% وزادت الأجور فيها بنسبة 54%.
وقد ازداد نصيب الفرد البحريني من الناتج المحلي الإجمالي (السلع والخدمات) إلى مستوى مثير للإعجاب، حيث تضاعف مرتين تقريبا خلال العقد الماضي، ارتفع من 17479 دولارا أميركيا في عام 2005 إلى 29723 دولارا أميركيا في عام 2009 بفارق قدره 12244 دولارا أميركيا مقابل فارق قدره 4368 دولارا أميركيا في الفترة من 2000 إلى 2005.
كما حققت البحرين خلال الفترة من 2005 إلى 2008، أعلى مبلغ من الاستثمار الاقتصادي الأجنبي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية الست بنسبة 35% تقريبا، وتوقع أن يستمر الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في النمو، وأن يرتفع إلى 7.2% في عام 2015.
وأكد التقرير أن المملكة استطاعت ترجمة النمو الاقتصادي إلى تحسين في نوعية الحياة لمواطنيها، حيث أحرزت تقدما مطردا في تحسين الوضع الصحي والمستويات التعليمية، تمثل في ارتفاع متوسط العمر المتوقع للبحرينيين من 73.1 عاما في عام 2000 إلى 75.6 عاما في عام 2009، كما ارتفع المعدل الإجمالي المجمع للقيد في التعليم بحوالي 10% من 81% عام 2000 إلى 90.4% عام 2009.
مؤشر التنمية
كما ارتفع ترتيب البحرين على مؤشر التنمية في مجال النوع الاجتماعي بصورة مضطردة على مدى الأعوام العشرة المنصرمة وخاصة خلال الفترة من عام 2005 إلى 2009، مشيرا بذلك إلى تحسن مستدام في المكونات المنفصلة للنوع الاجتماعي على مؤشر التنمية البشرية أي متوسط العمر المتوقع والتعليم ومستويات نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
وهكذا يتطابق مؤشر التنمية الاقتصادية لمملكة البحرين مع مؤشر التنمية في مجال النوع الاجتماعي وهو 0.895 يما يعني أنه من حيث التنمية الاقتصادية لا يوجد تمييز بين النوعين الاجتماعيين في البحرين.
أما إنجازات البحرين على صعيد تمكين المرأة سياسيا واقتصاديا فقد أعطت التغيرات السياسية في عام 2000 للمرأة حق التصويت والمشاركة في العملية الانتخابية، ولأول مرة في مايو 2000، قام جلالة الملك بتعيين 6 نساء من بين الأعضاء الأربعين لمجلس الشورى، أعلى مجلسي الحكم التشريعي في البحرين.
وفي عام 2006، تم تعيين 10 نساء في مجلس الشورى الجديد، فضلا عن فوز امرأة بمقعد في البرلمان في انتخابات عام 2006.
وشملت الإصلاحات النوعية الأخرى في المجال السياسي تعيين وزيرات في الحكومة، بالإضافة إلى تعيين أول قاضية في المحكمة الدستورية بالبحرين في عام 2007.
الحكومة الإلكترونية
وتطرق التقرير إلى جهود المملكة نحو تحسين ترتيب استعدادها للحكومة الإلكترونية للأمم المتحدة، حيث قفزت هذا العام إلى قمة العالم العربي والمركز الثالث في آسيا، والمركز الثالث عشر على مستوى العالم، مشيرا التقرير إلى قيام هيئة الحكومة الإلكترونية في المملكة بالتعاون مع إدارة الأمم المتحدة للشؤون الاقتصادية (undp) في البحرين وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، بالتوقيع في نوفمبر 2009 على وثائق مشروع لدعم إقامة المركز العربي لتطوير المحتوى(undesa) والاجتماعية الإلكتروني من أجل بناء مجتمع قائم على المعرفة، حيث سيساعد ذلك المركز، الذي يقع مقره الرئيسي في البحرين، على زيادة المحتوى الإلكتروني العربي ورفع مستوى الجودة الخاصة به إلى المقاييس الدولية، فضلا عن إيجاد آلاف من الوظائف وإيرادات عالية جدا لاقتصاد البحرين.
وفي استعراض سريع للنجاحات والإشادات الدولية التي حظيت بها البحرين تقديرا لتجربتها التنموية، حصل صاحب السمو الملكي الأمير خليفة بن سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء على جائزة الشرف لبرنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية، والتي قدمها إليه الأمين العام للأمم المتحدة لجهوده في تحسين حياة الفقراء في المناطق الحضرية من خلال سياسات إسكان وتنمية حضرية أفضل في يوليو 2007، كما تم تكريم البحرين لجهودها وإنجازاتها البارزة في تشجيع التعليم والثقافة بحصول سموه على ميدالية ابن سينا، في أكتوبر 2009.
وفي إطار التزام مملكة البحرين بدعم الجهود الدولية للحد من مخاطر الكوارث، أشار التقرير إلى استضافة البحرين للإطلاق العالمي لأول تقرير تقييم عالمي من نوعه حول الحد من مخاطر الكوارث، فضلا عن تنظيمها زيارة ناجحة لسكرتير عام الأمم المتحدة بان كي مون إلى البحرين في مايو 2009.
انتخابات البحرين
أما على الصعيد السياسي فقد شهدت مملكة البحرين الشقيقة عرسا انتخابيا في الثالث والعشرين من اكتوبر الماضي أسست من خلال الأجواء الديموقراطية الحرة التي اتسمت بها لمرحلة زاهرة مقبلة في تاريخ المملكة. وفي درب الاصلاحات الديموقراطية والتحديث الشامل الذي يقوده بكل حنكة واقتدار الملك حمد بن عيسى آل خليفة، مرسخا نهج الشورى والديموقراطية في حياة وعمل البحرينيين، ومؤكدا ان المسيرة مستمرة ومتواصلة بعزيمة صادقة وإرادة راسخة لتحقيق كل الأهداف الخيرة وبناء مستقبل افضل للأجيال القادمة.
من جهة أخرى، أكد تقرير لمركز الخليج للدراسات الاستراتيجية ان الانتخابات النيابية والبلدية في مملكة البحرين شكلت حدثا تاريخيا في الحياة السياسية باعتبارها احدى ثمرات المشروع الاصلاحي للملك، فيما اعتبرت انتخابات العام 2006 احدى الخطوات الأساسية في سبيل تحديث النظام ضمن اطار المشروع الاصلاحي الشامل للملك المفدى وتمثل ثمرة النهج التدريجي والعقلاني.
الانتخابات البرلمانية
وأوضح ان أهمية الانتخابات البرلمانية والبلدية 2010 تنبع من انها تعد تجسيدا للمبدأ الذي رسخه المشروع الاصلاحي في نفوس المواطنين البحرينيين على مدى عقد من الزمان وهو ان الأساس في العملية الديموقراطية هو الممارسة عبر المشاركة في العملية الانتخابية.
وعلى المستوى الدولي حظيت الانتخابات النيابية والبلدية في البحرين باهتمام اعلامي عالمي غير مسبوق حيث نشرت كبرى الصحف الأميركية والبريطانية وغيرها تقارير أشادت من خلالها بالانتخابات وما تمثله من أهمية في مشروع الاصلاح والنهج الديموقراطي في مملكة البحرين.
فمن جهتها، ذكرت صحيفة «وول ستريت جورنال» ان الملك حمد بن عيسى آل خليفة أرسى منذ توليه سدة الحكم في 1999 نهج الديموقراطية وذلك منذ ادخال تعديلات مهمة على الدستور في مطلع الألفية الثالثة.