تحتفل دولة قطر وتحتفي في الثامن عشر من ديسمبر بذكرى تأسيسها على يد الشيخ جاسم بن محمد آل ثاني طيب الله ثراه وعطر ذكراه.
وبهذه المناسبة العزيزة على قلوب الشعب القطري يسرني أن أرفع لمقام صاحب السمو الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير البلاد المفدى، وولي عهده الأمين سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، حفظهما الله ورعاهما، أطيب التهاني وأسمى الأماني كما أتقدم للحكومة الرشيدة وللشعب القطري الكريم بالتهنئة الصادقة، سائلا العلي القدير أن يوفق قائد مسيرة الخير أمير البلاد المفدى، حفظه الله، لمزيد من البناء والتنمية والتطور والإنجاز وأن يديم نعم الأمن والأمان والرخاء والاستقرار على بلادنا انه سميع مجيب.
ويجيء احتفال دولة قطر هذا العام وبلادنا قد نالت شرف استضافة كأس العالم 2022 بعد جهود مضنية وعظيمة بذلتها دولة قطر قيادة وحكومة وشعبا وبرعاية شاملة في صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني، حفظه الله ورعاه وبجهود مخلصة من ولي العهد الأمين سمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وصاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم سمو أمير البلاد المفدى والشيخ محمد بن حمد آل ثاني حفظهم الله جميعا، كل ذلك بمباركة ومؤازرة ودعم الشعب القطري الوفي لقيادته مما كلل الجهود بالنجاح والمثابرة بالتوفيق فأثمرت تلك الجهود ذلك الشرف الكبير غير المسبوق الذي رفع رأس العالم العربي والعالم الثالث وأثبت للعالم أجمع أن الطموحات العظيمة يمكن أن تتحقق وأن الآمال الكبيرة غير مستحيلة أمام العزم والإصرار.
إن نجاح دولة قطر وتفوقها على دول كبرى ذات تجارب ضخمة ورصيد وافر من الخبرة ليعد دليلا على أن عالم الأمس لم يعد هو عالم اليوم وأن معايير الاختيار قد تغيرت ولم تعد حكرا على دول بعينها اعتمادا على إرثها التاريخي في بعض المجالات أو حضورها الدولي او سمعتها او حجمها وأصبحت دولة قطر نموذجا يحتذى في أن الدول الصغيرة يمكنها بالعزيمة الصادقة تحقيق الطموحات الكبيرة.
ولعل نجاح دولة قطر في استضافة مونديال 2022 لم يأت مصادفة، حيث إن دولة قطر قد دأبت على استضافة البطولات الإقليمية في مناشط مختلفة منذ فترة مما هيأ لإقامة بنية تحتية ورياضية راسخة وكان أبرز تلك البطولات دورة الآسياد حيث أدهشت دولة قطر العالم بما قدمته من تنظيم وترتيب واستضافة لاقت استحسان العالم أجمع.
وان مما يثلج الصدر ان نجاح دولة قطر قد لاقى ترحيبا كبيرا من جميع الدول الشقيقة والصديقة وشعوبها حيث خرجت مسيرات الفرح العفوية في شوارع الكثير من المدن تبارك لدولة قطر وعبرت عن سرورها وتشيد بانجازها التاريخي العظيم.
وكان الاشقاء في دول مجلس التعاون الخليجي في طليعة من عبروا عن فرحتهم بذلك النجاح كما كانت الكويت الشقيقة قيادة وحكومة وشعبا من المبادرين للتعبير عن فخرهم بما تحقق من انجاز وانهالت برقيات واتصالات واعلانات التهاني والتبريكات من المسؤولين والمؤسسات والشركات والأفراد ما جعل أفراحنا مشتركة وغمرنا شعور بأن دولة قطر لم تحقق النجاح لنفسها فحسب بل لجميع الأشقاء خاصة في دول مجلس التعاون، فلله الحمد على نعمة التوفيق والسداد.
إن فوز دولة قطر يلقي عليها بالمزيد من المسؤوليات للوفاء بتعهداتها كاملة كما جاءت في ملف قطر 2022 وهي قادرة بعون الله وتوفيقه على ذلك وخلال العقد القادم ستنتظم دولة قطر بمشيئة الله نشاطات مكثفة ودؤوبة في جميع المناشط وسيتم إنشاء بنية تحتية ضخمة لتواكب الحدث الفريد في المنطقة وسينعكس ذلك خيرا على التنمية والإعمار في بلادنا بمشيئة الله.
إن دولة قطر تحتفي بذكرى تأسيسها وقد اكتمل بناؤنا الدستوري فصار الدستور سياجا متينا للديموقراطية والشورى وحافظا لحقوق المواطنين في الحرية والمساواة والعدل ونال المواطن القطري حقه كاملا في حرية التعبير وحق الفرص المتكافئة للكسب وحدد الدستور بصورة واضحة حقوق المواطنين وواجباتهم مما أدى إلى الاستقرار الذي تشهده الدولة كما أصبحت دولة قطر نموذجا يحتذى في حرية وسائل الإعلام والصحافة.
إن الدول تبنى بعقول وسواعد أبنائها ولذلك أولى حضرة صاحب السمو امير البلاد المفدى، حفظه الله، اهتماما خاصا ببناء الإنسان القطري عقلا وفكرا وصحة فكان أن انشئت مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع والتي ترأس مجلس إدارتها صاحبة السمو الشيخة موزة بنت ناصر المسند حرم حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، حفظهما الله، فكانت المؤسسة فتحا جديدا في تاريخ التربية والتعليم في دولة قطر والمنطقة بأكملها حيث تشرف على تطوير التعليم العام والجامعي في جميع جوانبه وتستمزج التجارب وتجلب الخبرات العالمية وتشجع البحوث العلمية وقد تم افتتاح فروع لأفضل الجامعات العالمية مثل وايل كورنيل وكارنيغي ميلون وجورج تاون ونورث ويسترن وكلية لندن الجامعية وغيرها وهي تشمل تخصصات متفرقة تتفاوت من الطب الى الهندسة الى الاقتصاد وإدارة الاعمال والحاسوب والصحة والإعلام والفنون وخلافها وأصبحت بحمد الله تستقطب عددا كبيرا من الدارسين من دول مجلس التعاون والعالم العربي وغيرهم من الراغبين في الحصول على تعليم مميز ومتميز خاصة في الكليات العلمية الرفيعة وتوفر عليهم الكثير من الجهد والمال كما توفر لهم بيئة صالحة وملائمة للبحث والتحصيل.
كما اهتمت الدولة باكتمال بناء الإنسان بالجانب الصحي، حيث تم انشاء المؤسسات الصحية وتم الاهتمام بتأسيس بنية اجتماعية سليمة تبدأ من الاهتمام بالأسرة الصغيرة وصولا للمجتمع مستصحبا العادات الراسخة القومية والتطور العلمي والسلوكي المستقيم.
كما يجيء احتفال هذا العام والبشريات الطيبة تتواصل حيث اعلنت دولة قطر قبل عدة ايام انها اصبحت اكبر مصدر للغاز الطبيعي المسال في العالم بإنتاج بلغ 77 مليون طن وبهذا يعزز الاقتصاد القطري احد أهم مصادره كما اهتمت الدولة بتحسين انتاجها من البترول وشجعت الصناعات البترولية مثل الصناعات البتروكيماوية والصناعات الخفيفة وتجتهد الدولة لتنويع مصادر الدخل كروافد للاقتصاد والاهتمام بالاستثمار الدولي حيث تمكنت الدولة بفضل الله من شراء العديد من البيوتات العالمية الشهيرة والاستثمار بشراء حصص ضخمة في مؤسسات عالمية ذلك بالإضافة إلى تشجيع الاستثمار في دولة قطر حيث تم سن القوانين المشجعة للاستثمار ومنح الامتيازات والضمانات لجذب المستثمرين وقد أسهم التنويع في مصادر الدخل والاستثمارات المدروسة في تقليل المخاطر فكان أن تجاوزت دولة قطر الأزمة المالية العالمية دون تأثير يذكر ودون أن تحدث خللا في مسيرة التنمية المستدامة وقد أثمرت السياسة المالية السليمة رخاء ونماء وتنمية لمسها المواطن في مستوى معيشته والخدمات التي تقدمها له الدولة وتبوأت دولة قطر رأس قائمة دخل الفرد الأعلى في العالم.
إن دولة قطر تدرك أهمية تمتين وتوطيد علاقاتها مع شقيقاتها في مجلس التعاون الخليجي ومع محيطها العربي خاصة ومع الاسرة الدولية عامة ويولي حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى، حفظه الله، اهتماما خاصا لتلك العلاقات حيث دأب سموه على التأكيد بأن تعزيز العلاقات مع دول مجلس التعاون والتكامل معها يأتي في مقدمة السياسة الخارجية لدولة قطر كما تؤكد القيادة السياسية حرصها على علاقات الأخوة والتعاون مع الدول العربية والإسلامية وتقوم بدور بناء في تعزيز أواصر تلك العلاقات لتنعكس على الشعوب نماء واستقرارا بالإضافة لما تلعبه دولة قطر من دور في الاسرة الدولية كل ذلك في اطار الحرص الدائم على عدم التدخل في الشؤون الداخلية لتلك الدول والالتزام الصارم بالعمل في إطار القوانين والمؤسسات الدولية الداعية لتحقيق الأمن والسلم الدوليين كما تسهم دولة قطر بجهد مقدر في العون الانساني بشتى صوره اقليميا وعربيا ودوليا.
إنني كسفير لبلادي بالكويت الشقيقة، ليسعدني أن أعرب عن تقديري واعتزازي لما وصلت إليه علاقات البلدين الشقيقين في شتى المجالات وهي علاقات تعززها أواصر التاريخ والجغرافيا والعقيدة ويوطدها الاحترام المتبادل بين الاشقاء وتوثقها الزيارات المتواصلة وتؤكدها شواهد التاريخ وتدفعها للأمام توجيهات حضرة صاحب السمو أمير البلاد المفدى الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وشقيقه حضرة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت الشقيقة حفظهما الله، وسنعمل بعون الله على تحقيق رغبة سموهما في السمو بعلاقات البلدين والشعبين الشقيقين إلى أرفع المستويات.
وبهذه المناسبة يسعدني أيضا أن أعرب عن خالص شكري وتقديري لوسائل الإعلام الكويتية قاطبة والتي ظلت تعمل على توطيد العلاقات وعكس الصورة المشرفة والمشرقة لعلاقات البلدين.
وفق الله قادتنا لما فيه خير شعوبنا وعزتها ومنعتها وكلل جهودهم بالنجاح، وكل عام وأنتم بخير.