- خالد شميس: عملنا يبدأ بعد صلاة الفجر وتسلم الموائد بعد صلاة العصر
تعد موائد الرحمن في الكويت ظاهرة رمضانية مألوفة ومن مظاهر الكرم الكويتي المتأصل والمتجذر في هذا البلد المبارك وأهله، حيث تنتشر المساجد التي تقدم طعام الإفطار للصائمين، وتقام خيام رمضانية موسمية كل عام لاستقبال جموع الصائمين الذين يعملون ولا يجدون السفرة الرمضانية بعد صوم يوم صيفي طويل.
العمل الخيري في الكويت علامة مضيئة في سماء الطاعات والصدقات والتقرب إلى الله عز وجل وقبيل الشهر المبارك تنشط الجمعيات الخيرية واللجان الزكوية في ربوع مناطق الكويت لبدء هذا العمل المنظم داخل الكويت وخارجها.
أما على صعيد هذا العمل الرمضاني فإن العاملين يقومون على هذه المشاريع بتشكيل اللجان المختلفة التي تخدم المشروع الرمضاني.
وفي لقاء مع الناشط الخيري يوسف عبدالرحمن والمشرف على أكبر مشروع خيري في إفطار الصائمين والذي عرف بمشروع «أبو الحصانية لإفطار ضيوف الرحمن» يعد من أكبر ولائم الإفطار التي تقدم الأكل ساخنا وقد بدأ العمل منذ عام 2000 في منطقة أبو الحصانية بنحو 250 صائما ليصل اليوم إلى أكثر من 6000 صائم في أكثر من 11 مسجدا وخيمة رمضانية في جميع مناطق الكويت وتقصده كل الجنسيات العربية والآسيوية موزعين على مساجد المشروع وخيامه الرمضانية والتي تتطلب في هذا العام خاصة الخيام اهتماما من أئمة المساجد بالمراقبة الدائمة لها.
وقال المشرف العام على المشروع يوسف عبدالرحمن: إن العطاء الخيري من شمائل أهل الكويت وإن الكرم أبرز خصالهم، وهذه الخيرية متوارثة عبر الأجيال المتتابعة، فالأسرة الكويتية كريمة بطبعها لأن الكرم والخير متوارثان لأنهما تجارة مع الله عز وجل والشعب الكويتي عرف منذ القدم أهمية النافلة، فهم يقدمونها كصدقة كل اثنين وخميس لموتاهم، وكما هو معلوم فإن كل وصايا أهل الكويت وأثلاثهم الخيرية خصصت وأوقفت أموالا لمثل هذه الأعمال الخيرية المباركة إضافة إلى النذور والصدقات والزكوات.
وأوضح يوسف عبدالرحمن أن أهل الكويت قديما وحديثا يتباهون في شهر رمضان بختم القرآن الكريم ويحثون أولادهم وبناتهم على ختمه في الشهر الفضيل، كما أنهم يحيون صلاة التراويح والقيام كما تنعقد الندوات والمحاضرات الدينية في المساجد، وهناك أحاديث للمشايخ والأئمة والدعاة في دور العبادة بعد صلاة العصر وبين ركعات التراويح والقيام، كما يحرصون على إخراج الطعام للمساجد القريبة من بيوتهم.
وبين يوسف عبدالرحمن أن مشروع أبو الحصانية الخيري يقدم الطعام الساخن للصائمين من ضيوف الله في موائد الرحمن بدءا من عام 2000 وكان العدد لا يزيد على 250 صائما ثم تطور العمل حتى وصل في رمضان العام الماضي لأكثر من 6000 صائم في مساجد المشروع، وهي مسجد خالد يوسف المرزوق في السالمية، ومسجد وليد خالد المرزوق في منطقة صباح البحرية، ومسجد هيا الابراهيم في ابو الحصانية، ومسجد الرميح في الفنطاس، ومسجد الفنطاس بالفنطاس، ومسجد مريم الدخان في المهبولة، ومسجد الكندري في صباح السالم، ومسجد الخطابي في جابر الأحمد، ومسجد ابن شيتان في الفروانية، ومسجد المقداد بن عمر بخيطان، ومسجد الشركة الوطنية، ومسجد بلاتينيوم، وغيرها من المساجد في العديد من المناطق.
هذا، ويقدم في هذه المساجد والخيام طبق لحم في يوم وفي اليوم التالي طبق دجاج هذا بالإضافة إلى العصائر والتمر واللبن والفاكهة والماء.
وتابع يوسف عبدالرحمن: وعن العادات المتوارثة التي مازلنا نحتفل بها، هناك آخر يوم من شعبان ويسمى «القريش» حيث يقدم البيت الكويتي أو الديوانية أو أي تجمع من الأفراد ما يسمى بالقريش وهو عبارة عن وليمة يقدم فيها ما لذ وطاب من كل أنواع الطعام أيام الفطر استعدادا واحتفالا ببدء شهر رمضان المبارك، ويحرص أهل الكويت على إحياء الأكلات الكويتية القديمة في هذا اليوم مثل «الهريس والجريش وورق العنب والبلاليط والمجابيس والزلابية واللقيمات والمهلبية»، وهناك اليوم إحياء لهذه العادة الجميلة، حيث درجت كثير من الشركات على إحيائها حيث تقدم بعض المؤسسات والشركات والديوانيات لروادها وجمهورها «القريش» ويتجمع عدد كبير من المحتفلين على هذه المائدة الشعبانية الخاتمة.
أما عما يسمى بـ «النقصة» فإن الكويتي وأسرته إن أكلوا شيئا وأعجبهم أرسلوا صحنا للجيران من الموجود عندهم ومن طبخهم في صحن يسمى «نقصة»، وهو أن تنقص لهذا الجار أو هذا الأخ أو الأخت ما لذ وطاب من طعامك وتقدمه لهم عن طيب خاطر وتنتقيه وتنقصه ليأكلوه وعليهم بألف عافية، ثم تطورت النقصة وتحولت إلى أشبه ما تكون بالهدية في كل شيء، وتعدت الطعام والشراب إلى أمور حياتية أخرى وكمالية وكل من يقدم يمد يده ونقصته.
من جانب آخر أثار نائب الرئيس في المشروع الخيري خالد شميس إلى أن الاستعدادات اكتملت في المشروع، وأنه تم الاجتماع العام بالعاملين في المشروع وأعطوا التوجيهات العامة من المسؤولين عن المساجد والخيام، وتم الاتفاق على طريقة العمل ومواعيد التسليم، حيث إن العمل يبدأ بعد صلاة الفجر صباحا وينتهي بالتسليم لهذه الموائد في الرابعة والنصف مساء كل يوم إن شاء الله، وهذه السنة المؤشرات تقول هناك حر شديد، وبين بوشميس أن عدد العاملين يزيد على (200) عامل ما بين مسؤول وعامل وطباخ، وأن الوجبة تقدم ساخنة مع ملحقات غذائية تكملها مثل التمر والعصائر واللبن والماء البارد والفاكهة معربا عن أمله في أن يستمر وينمو هذا المشروع ويشمل جميع مناطق الكويت وبدعم كبير من فاعل خير لهذا المشروع وجميع إخوانه وكل من يقدم ماله وجهده لإنجاح هذا المشروع الوطني الخيري الذي يعبر بصدق عن خيرية أهل الكويت وكرمهم، موضحا أن المشروع يعطي العاملين أجورهم وهي تتفاوت حسب المهام والدوام وساعات العمل.
وقال: إن أهالي منطقة أبو الحصانية وما جاورها من المحسنين يدعمون المشروع ويقدمون فيه العصائر والأغذية والماء لموتاهم ويتسابقون في عمل الخير.
وفي الختام، توجه يوسف عبدالرحمن بكل الشكر لكل وسائل الإعلام والصحف والمواقع الإلكترونية والجهات الحكومية والوزارات المسؤولة عن العمل الخيري الرائع في الكويت والذي يعد اليوم واحدا من أكبر إنجازات هذا البلد الذي يقوده أمير الخير والإنسانية وعاصمته الكويت التي تلبس تاج العمل الخيري بين دول وشعوب العالم المحبة لمثل هذه الأعمال الإنسانية الشاملة والنوعية.
محسن الظفيري معاق يعمل في المشروع متطوعاً لخدمة الصائمين
من أبرز رجالات مشروع أبو الحصانية الخيري الأخ محسن الظفيري، الذي لم تمنعه إعاقته من كسب لقمة العيش في هذا المشروع الخيري متحديا إعاقته وهي عجزه عن المشي ولكن همته العالية وإرادته القوية جعلته ينتسب لهذا المشروع من بداياته.
يبدأ محسن الظفيري يومه بتجهيز سيارته (الوانيت) ويذهب إلى مقر المشروع الرئيسي بعد صلاة العصر ليصلي ثم يبدأ بتحميل حمولته من قدور الطبخ وجميع المرفقات، ويتجه بها إلى مسجد الرميح في منطقة الفنطاس وهو يشعر براحة عظيمة، إذ أعانه الله على القيام بهذا الواجب اليومي ثم يعود بعد صلاة العشاء ليأخذ القدور والصواني ويسلمهما للمقر الرئيسي للمشروع ويتسلمها في اليوم التالي، وهكذا.
يقول الظفيري: إنه يطلب من ربه أن يرزقه ولدا ويدعو الناس إلى أن تدعو له، وشكر كل المتبرعين الكرام الذين يساهمون في المشروع الخيري الرمضاني، وختم حديثه بأن هذا العمل مفخرة للكويت وشعبها المعطاء.
وعن سيارته يقول: ليست هناك مشكلة، جهزتها بأجهزة خاصة لمساعدتي في القيادة بمساعدة من النادي العلمي، جزاهم الله خيرا، والآن صارت قديمة وتحتاج إلى تجديد والله الرزاق.