- فرج: هجرة الحسين إلى كربلاء كهجرة جده النبي الأكرم إلى المدينة للحفاظ على الرسالة السماوية
- الشوكي: الحضارة الحديثة لم تقدم للإنسان السعادة الحقيقية
عادل الشنان
واصلت الحسينيات ومجالس الذكر اقامة مراسم العزاء على سبط الرسول الاكرم «صلى الله عليه وسلم»، في ذكرى استشهاده مع ثلة من اهله واصحابه.
وفي الليلة الثالثة من المحرم، تطرق الخطيب الشيخ مرتضى فرج الى اهمية الاوطان بالنسبة للانسان، ومدى تعلقه بالارض التي نشأ فيها، ونمت علاقاته وذكرياته فيها، ولكن قد تضطره الظروف الى الهجرة لطلب العلم او الرزق او بسبب الحروب او قسريا، مضيفا ان عملية الهجرة ان كانت فردية فهي مغامرة لان المهاجر يذهب الى المجهول ولا يعرف ماذا يخبئ له المستقبل.
وقال فرج في محاضرته بحسينية الامام الحسين في السالمية ان موضوع الهجرة اصبح مقررا ضمن الدراسات الحديثة في العلوم الاجتماعية، حيث ان هناك تأثيرا اجتماعيا كبيرا للهجرة وللمهاجرين وعلى السكان الاصليين والمهاجرين الذين يواجهون مشكلة الاندماج الثقافي، ومشكلة الهوية والانتماء، وللهجرة اثار سياسية، وكذلك لها تاثير على المستوى النفسي، فأول شيء يواجهه لحظة اتخاذ القرار، وما بعد ذلك اصابته بموجة الاكتئاب، لان المهاجر سيضطر لاعادة بناء العلاقات مع الآخرين من جديد، والاخطر من ذلك غموض المستقبل.
واوضح فرج خطورة الهجرة من حيث ما يسمى اليوم بالتجنيس السياسي، حيث استقدم المعتصم العباسي الاتراك ووطنهم في بغداد، لانه لا يطيق العرب والفرس، وبنى لهم في سامراء بعد ذلك مقرا لاقامتهم، ولكنهم بعد فترة اصبحوا قوة كبيرة وبات الحاكم ألعوبة بيدهم.
وبين ان مفهوم الهجرة من المفاهيم المذكورة في القران الكريم، ومنها الهجرة القسرية، حيث كان اول مهاجر هو نبي الله ابراهيم عليه السلام، والمهاجر الثاني هو نبي الله موسى عليه السلام من مصر الى مدين، وبعد ذلك هجرة النبي صلى الله عليه واله من مكة الى المدينة، وبعيد هجرة النبي جاء استقبال اصحابه من قبل الانصار الذين يذكرهم القران بكيفية ايثارهم على انفسهم وحبهم للمهاجرين.
وقال فرج ان القرآن يحث الانسان على عدم التعلق بالارض اذا كان على حساب كرامته وايمانه، مضيفا ان هناك حالات للمستضعف، فمن يفتن في دينه ويقبل ان يكون العوبة بيد الظالمين فغير معذور عند الله، لان ارض الله واسعة، الا المستضعفين من النساء والاطفال، هؤلاء يستحق ان يقاتل من اجلهم.
وفي ختـــام المحــاضرة اكد فرج ان هجرة الحسين عليه السلام من المدينة الى مكة ومنها الى كربلاء، شبيهة بهجرة جده النبي الاكرم محمد صلى الله عليه واله وسلم من مكة الى المدينة للحفاظ على استمرارية الرسالة السماوية ودين الله القويم، من الاعداء الذين ارادوا بانحرافهم ان يمحو ذكر الله عز وجل وشريعة الرسول «ص»، لذلك كان لابد من الهجرة لمقارعة الظلم واصلاح الفساد الذي استشرى.
السعادة الحقيقية
وفي حسينية الاوحد ارتقى المنبر الخطيب الحسيني السيد محمد الشوكي والذي استهل محاضرته بقوله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم (الذين آمنوا وتطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب)، مشيرا الى ان كل انسان موجود هو باحث عن السعادة التي هي موجودة في فطرة كل انسان.واضاف ان الانسان يحب السعادة ويسعى اليها مضيفا ان السعادة ليس لها مقياس محدد حيث انها تختلف من شخص الى شخص اخر.
وهناك من ينظر اليها على انها سعادة بينما ينظر اليها شخص اخر على انها شقاء.وتابع الشوكي ان مقياس السعادة ليس مقياسا موحدا، وكل انسان باحث عن السعادة، فهي امر داخلي وليست امرا خارجيا، اي اذا اردت ان تكون سعيدا فلا تطلب السعادة خارج ذاتك، فهي من داخل الذات، مضيفا ان كثيرا من الناس يتصورون ان السعادة في خارج الذات كالاموال والشهرة والنجومية والمنصب ويقضون وقتهم واعمارهم يهرولون وراءها وان حصلوا عليها يشعرون بانهم اضاعوا عمرهم في سعادة واهية.واكد الشوكي الى ان السعادة الحقيقية هي اطمئنان النفس والسلام الداخلي والبعد عن التوتر والقلق مضيفا انه ما لم يعيش الانسان السعادة في داخله فلن يشعر بطعم الحياة.
ولفت الى ان الكآبة وعدم الاطمئنان والتوتر تسلب السعادة مشيرا الى هذه العوامل اصبحت اليوم منتشرة في حياتنا المعاصرة على الرغم من التكنولوجيا الحديثة التي توفر للانسان الراحة ولكن الاغلب لا يشعر بالسعادة على عكس حياة السابقين التي على الرغم من بساطتها فانهم كانوا يشعرون بالسعادة والسلام الداخلي.
واضاف الشوكي ان الحضارة قدمت للانسان خدمات جليلة وعظيمة ولكنها سلبت اهم شيء وهو الاستقرار والاطمئنان الداخلي والاطمئنان النفسي لافتا الى ان الحضارة الحديثة لم تقدم للانسان السعادة لاسباب عدة اهمها كثرة التفاصيل اليومية في حياتنا فالمشاغل التي لا تخلو من الضغوط والمشاكل ومواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الحديثة سلبتنا السعادة والطمأنينة على عكس السابقين الذين كانت حياتهم بسيطة ولكنهم احسوا بمعنى السعادة الحقيقي.
واوضح الشوكي ان من اهم الاسباب التي سلبت السلام الداخلي للانسان هي قلة الايمان مشيرا الى ان الايمان يدخل الطمأنينة الى قلب الانسان مؤكدا ان الايمان هو السبب لسعادة الانسان الحقيقية في الرخاء وفي احلك الظروف واشدها صعوبة اما الابتعاد عن ذكر الله فهو السبب الحقيقي للعيش بقلق وعدم طمأنينة كما في قوله تعالى (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى).