-
المسباح: يجب التريث على من يُصدر مثل هذه الفتاوى
-
الغانم: الأمر يرد إلى ولاة الأمر وليس كل الاختلاط محرماً
-
معرفي: لم يقل بهدم الكعبة ولكنه قال المسجد
-
العنزي: الاختلاط أيام الرسول ژ كان موجوداً في الأسواق والمسجد
-
الدمخي: فتوى مرفوضة تماماً وللحرم الشريف قدسيته
-
النجدي: الاحتجاج بالاختلاط في الطواف والسعي غير سليم
ليلى الشافعي - ضاري المطيري
أكد رئيس لجنة الفتوى بجمعية إحياء التراث الإسلامي الداعية ناظم المسباح ان اقتراح العالم السعودي بهدم وإعادة بناء المسجد الحرام للفصل بين الجنسين أمر لا يصلح أن يفتي فيه فرد بل ينبغي أن تنبري له المجامع الفقهية في الدول الإسلامية.
وقال المسباح، هناك فتاوى فردية متعلقة بأمر الأمة كلها، وعلى من يصدر مثل هذه الفتاوى في هذه الأمور أن يتأمل ويتريث ولا يتعجل لأنه يترتب عليها أمور لا تحمد عقباها، ونحن لدينا المجامع الفقهية ومجلس الفقه العالمي التابع لرابطة الدول الإسلامية أو هيئة كبار العلماء في السعودية لذا لابد ان تكون مثل هذه الفتاوى جماعية وليست فردية، واشار الى ان الذهاب لأداء العمرة او فريضة الحج مع المحارم ضرورة والذاهب لأدائها لا يفكر في النظر إلى غير المباح لأنه جاء لعبادة الله لذا فليرجع من يصدر الفتاوى الى المجامع الفقهية ولا يصدرها برأي فردي.
المسجد ليس هو الكعبة
أما الأستاذ بكلية الشريعة والدراسات الإسلامية د.سليمان معرفي فأكد أن الداعية السعودي يوسف الاحمد لم يقل تهدم الكعبة وانما قال المسجد والمسجد غير الكعبة، وعلى مر العصور المسجد هو الصحن المحيط بالكعبة وهذا كان يتم فيه التوسعة والزيادة والإزالة كما في زمزم التي اصبحت اليوم في مكان غير الذي كانت عليه من قبل تحت الأرض وكذلك المسعى ثم الزيادة فيه الآن فالمسجد يتغير مع مر العصور وما كان ايام الرسول صلى الله عليه وسلم وأيام الخلفاء الراشدين مثل أيام الأربعينيات والخمسينيات فالتغيرات في المسجد كثيرة لذا يجوز التغيير في المسجد لصالح المصلين.
وأداء العبادة بغض النظر عن مسألة الاختلاط لأن الاختلاط كان موجودا أيام الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يأمر بفصل الرجال عن النساء فكانت النساء تصلي خلف الرجال وكانوا يدخلون من باب واحد، وزاد: فالمسجد ليس هو الكعبة انما المسجد هو ما حول الكعبة من ساحات ومبان فيجوز التغيير والهدم والبناء والزيادات سنة بعد سنة، وهناك تغييرات وتوسيعات للمسعى، أصبح الآن أربعة أدوار في الطواف و6 أدوار في السعي ولكنها تغيرات.
واستنكر د.معرفي ما تبثه وسائل الإعلام وقال: الإعلام يحب التهويل والإثارة، وليس هذا فعل أبرهة كما يقولون انما أبرهة أراد هدم الكعبة وإزالتها عن الوجود واستبدالها بالكعبة التي بناها.
يخص ولاة الأمر
ويقول الباحث الإسلامي صالح الغانم: مثل هذه الأمور التي لها ارتباط بالسيادة الولائية لحكومة خادم الحرمين الشريفين ينبغي أن يناط تداولها والبحث فيها بنظر المختصين من ولاة الأمر ومن أصحاب القرار ومن أهل العلم، أما اشاعتها في وسائل الإعلام وجعلها موضوع بحث وتداول والكل يدلي فيها بدلوه حتى العلمانيون والحاقدون على الإسلام والمسلمين، فهذا في الحقيقة من الأساليب التي تحدث توترا في العلاقة بين الحاكم والمحكوم، لذلك أمتنع عن التعليق واعتقد ان هذا الأمر يجب ان يرد الى ولاة الأمر وليس الى وسائل الإعلام.
أما عن الاختلاط فقال الغانم: الاختلاط كلمة محدثة عامة ليس الاختلاط مباحا وليس الاختلاط محرما فلا نقول كل اختلاط محرم وليس كل اختلاط مباحا فالأشياء المحرمة على وجه الدقة والتحديد في الإسلام تبرج النساء والنظر الى المحاسن والعورات والخلوة، أما كلمة اختلاط فليست كلمة من مفردات الفقه الإسلامي ولم ينص أحد من الفقهاء على مفردة الاختلاط بين الرجال والنساء.
وأشار الى ان هناك اختلاطا واقعا ولا توجد خلوة ولا توجد فتنة وكذلك في الأسواق، والحكم يحمل على وجود الفتنة.
وتساءل الغانم: هل حدث في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم وجود أسواق خاصة للرجال وأخرى خاصة للنساء؟ وهل وجدت مساجد خاصة للرجال ومساجد للنساء؟
إعادة النظر
وقال الناشط الإسلامي والمحامي د.سعد العنزي الفتاوى التي نسمعها بين الحين والآخر والتي تخرج عن أصول الإفتاء، وتخرج عن المقاصد الشرعية وقواعد المصالح والمفاسد تحتاج الى إعادة نظر، فمسألة هدم المسجد الحرام وإعادة بنائه للفصل بين الجنسين كما قال الداعية السعودي يوسف الأحمد وإعادة بنائه من 10 أو 20 او 30 دورا خشية الاختلاط اعتبر هذه الفتوى النظر فيها بعيد، أولا منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم الى يومنا هذا وما يزيد على 1400 سنة والمسجد الحرام كما هو بهيئته والمستهدف هو التوسعة وأعتقد ان التوسعة كلما زادت فهي من مصلحة المسلمين وهذا أمر طيب وفي ميزان من يقوم بهذا العمل.
أما فيما يتعلق بالاختلاط فأكد د.العنزي ان الاختلاط له أحكام وضوابط والنساء يسرن ويمشين في الأسواق، ويكون هناك اختلاط ولكن ينبغي أن يكون بضوابطه وأخلاقه وآدابه العامة التي يلتزم فيها الرجال والنساء، ولذلك فالاختلاط في الأماكن العامة لا يمكن منعه ولا يمكن السيطرة عليه، وعليه كان دارجا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم فكانت النساء يذهبن الى الأسواق والرجال موجودون لكن هناك ضوابط تلتزم بها المرأة ويلتزم فيها الرجل بالآداب العامة في الإسلام أما تواجد المرأة والرجل في أماكن مغلقة فهذا لا يجوز فيه الاختلاط او ان نشاهد في بعض الوزارات وجود امرأة ورجل في غرفة واحدة فهذا اختلاط محرم، أما في المسجد الحرام فهو مكان عام للرجال والنساء، ولكل المسلمين فإذا كان الوضع كما هو الآن خاصة ونحن نرى ان الحكومة السعودية قد خصصت مكانا للنساء ومكانا آخر للرجال وهذا هو المفروض في التعبد ولكن في الطواف والسعي بين الصفا والمروة فهو تجمع الرجال والنساء ومن غير المعقول ان يبذل المسلم المال ويتحمل معاناة السفر للوصول الى هذه الأماكن المقدسة ليتواصل مع الله، ليس هدفه النظر في الجانب السيئ والسلبي، وأعتقد ان هدم المسجد الحرام مسألة ترجع لولاة الأمور، من دون هدم المسجد ممكن ان يخصص الطابق الأول للنساء والطابق الأرضي للرجال، أما في الطواف والسعي فلا يمكن ان يضبط خاصة في الحج وفي العشر الأواخر من رمضان، حيث يوجد ملايين من الناس تدخل المكان ومن الصعوبة تحقيق هذه الفتوى ويجب ان تكون الفتوى مبنية على أسس ومن أهمها النظر الى مقاصد الشريعة وقواعد المصالح والمفاسد والنظر الى آراء الفقهاء إن وجدت فتوى أو أحكام، كل هذا ينبغي ان يوضع في الاعتبار، اما ان نأتي باجتهادات بعيدة عن الواقع وبعيدة عن المقاصد وهي موجودة منذ عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ونريد ان نستحدث واقعا جديدا فلابد ان نرجع الى المرجعيات.
وأعرب د.العنزي عن أسفه لتشبيه الداعية بابرهة، فقال: لقد جاء ابرهة الحبشي بجيشه لهدم البيت الحرام وصد الناس عن عبادة الله وليجعل أهل مكة يعبدون ما كان يعبد، وهذا الداعية يجتهد ولكن ليس كل مجتهد مصيبا ومثل هذه القضايا التي تشمل العالم الإسلامي جميعا لا يمكن ان ينفرد بها شخص واحد وانما هي مهمة مجمع الفقه الاسلامي.
الاختلاط المنضبط
من جهته، أبدى د.عادل الدمخي رفضه التام لما صرح به الداعية يوسف الاحمد ولمطالبته بهدم المسجد الحرام واعادة بنائه لتلافي الاختلاط، مؤكدا ان للحرم قدسيته عند المسلمين وان الحديث حوله ذو حساسية شديدة يجب على المسلم ان يتوخى في الحديث فيه على وسائل الاعلام دون تثبت.
كما اوضح ان الاختلاط الحاصل في مكة في الطواف والسعي انما يعد من الاختلاط المنضبط بضوابط شرعية، حيث تكون المرأة محتشمة ومستترة ومع ذي محرم في احيان كثيرة، رافضا في الوقت نفسه ان يستدل بعض التغريبيين بالاختلاط في الحرم بجواز الاختلاط الماجن والمنفلت في مقاعد الدراسة.
النساء لا يخالطن الرجال
ومن جهته أوضح د.محمد النجدي أن إنكار الاختلاط في الطواف والسعي عند المسجد الحرام كان معروفا ومعهودا في زمن الصحابة، وورد ان أمهات المؤمنين كعائشة رضي الله عنها وغيرها من النساء تطوف حجرا أي لا تخالط الرجال في الطواف، بل ورد في صحيح البخاري إنكار عائشة رضي الله عنها للمرأة التي أرادت تقبيل الحجر الأسود ومزاحمة الرجال حيث قالت لها «هلمي عنك»، مشيرا إلى أن كثيرا من النساء الصحابيات يتقصدن الليل وأوقات قلة الزحام من أجل الطواف والسعي. وأضاف النجدي أن الاحتجاج بجواز الاختلاط بما يحدث في الطواف والسعي في زمننا الحاضر احتجاج غير سليم وغير صحيح، لأن الاختلاط في المناسك وأثناء الطواف إنما هو اختلاط بغير اختيار بل هو امر اضطراري، لافتا إلى أنه لا يجوز الاحتجاج بوضع الاضطرار على وضع الاختيار، وحال العسر بحال اليسر، لذلك يجب علينا بناء جامعات غير مختلطة لتوفر الإمكانيات. وتابع قوله انه لو قدر وجود الاختلاط في الحرم فإنما هو خلال وقت وجيز ومؤقت لا يقارن إطلاقا بالجامعات حيث الاختلاط بالساعات والسنوات العديدة، وحول تصريح الأحمد بهدم الحرم وإعادة بنائه للقضاء على الاختلاط المحرم أوضح النجدي أن الحكم في ذلك يرجع الى نية المتكلم، ونقول هل هو يريد هدمه بنية التخلص منه أم بنية اعادة اعماره، فمعلوم أن كل عمارة تضطر الى هدم، كحرق بعضهم للمصحف البالي، فقد يكون بنية الإكرام وقد يكون بنية الإهانة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «انما الأعمال بالنيات» فلا يجوز الافتراء على الناس والتقول عليهم، كما أنه قد يكون المتكلم لم يوفق في بعض عباراته.