رندى مرعي ـ ندا أبوالنصر
«الكذبة مش خطية»، خاصة اذا كانت في الاول من ابريل، اليوم الذي يعرف عالميا بيوم الكذب، حيث يطلق الناس فيه ومنذ زمن بعيد كذبات تعرف بالكذب الابيض، غير انه لا يمكن انكار ان هذه الكذبات على الرغم من «بياضها» الا انها قد تكون ذات نتائج لا تحمد عقباها، وذلك لأن المقالب التي باتت معتمدة والاقاويل التي يعتمدها الناس تخطت مرحلة الكذبة، وباتت تتناول امورا خاصة وحساسة في حياة الآخرين وترتبط بظروف البلد الذي يكذب فيه الناس، وقد تكون الحروب ونتائجها جزء من هذه الكذبات.
ولم تعد تقتصر الكذبات على الناس ولم تعد كدعابة فيما بينهم، بل تخطت ذلك لتصبح جزءا من اخبار الصحف ونشرات الاخبار التلفزيونية لتوجه الرأي العام من خلال اثارة مواضيع تهمه وتشده ويعتمدون فيها على العناصر المترابطة التي تجعل المشاهد او القارئ ينتظر اليوم التالي ليعرف نتائج الخبر الذي نشرته الوسيلة الاعلامية.
لقد اصبح الاول من ابريل يوما ينتظره البعض بفارغ الصبر ويخشاه البعض الآخر خوفا من التعرض لكذبة ذات نتائج مؤذية، فكذبة ابريل تتطور مع تطور العصور ومع تقدم التكنولوجيا، فهذه الكذبة اصبح لها اهلها وهناك محترفون يقومون باختراع وابتكار الكذبة واساليبها.
تحتفل سلمى مجدي في الاول من ابريل بعيد ميلادها لذلك تقول سلمى انه لا احد يجرؤ على الكذب عليها في هذا النهار لكي لا ينغصوا من فرحتها بعيد ميلادها، وتتابع ان معظم الكذبات التي يطلقها اصدقاؤها تتعلق بالامتحانات، خاصة انه في هذا الشهر غالبا ما يكون لديهم امتحانات.
وتقول انها لا تؤيد انواع الكذبات الكبيرة التي قد تسيء وتضر بالآخرين، وذلك لأن الهدف الرئيسي من الكذب في 1 ابريل هو التسلية واكثر من ذلك هي عادة يتعلمها الانسان منذ الصغر، فهي موجودة في المجتمعات ولا يمكن اخفاؤها.
من جانبها، تقول روان طه انها تحب كذبات ابريل وتجدها مسلية وعادة تكذب مع اخوانها في المنزل ومن اشهر ما كذبوا به على والدتهم ان قالوا لها ان رجلا دخل المنزل واثاروا ذعرها وخوفها وبعد اكتشافها ان الامر كذب غضبت منهم، لكن هذا الموقف لم يكن عائقا ولم يضع حدا لهذه الكذبات، ففي كل عام لا شعوريا يطلقون كذبة ما على احد وغالبا ما ينجحون في ذلك.
وتتابع روان انها في اغلب الاحيان لا تصدق ما يقال لها في الاول من ابريل، لأن الشك لديها موجود في كل ما يقال لها وكل ما يثار حولها، فهذا اليوم هو يوم الكذب والصدق فيه نادر.
اما بالنسبة لمحمد المنجد فيوم 1 ابريل يوم مسل وذلك لأن معظم الكذبات التي تطلق سواء كانت من الافراد او حتى من وسائل الاعلام تكون طريفة وفيها روح دعابة.
ويقول انها تكون كذبات كبيرة ومن المنطقي ألا تصدق ولكن هناك سر ما في هذا اليوم حيث إن كل الناس تصدق كل شيء.
ومن اشهر الكذبات التي لاتزال تذكر في الأول من ابريل كل عام هي كذبة نقل الأبراج من شارع الخليج إلى الجهراء.
ويرى محمد ان الكذب في هذا اليوم مهما كبر، كذب ابيض ولا مشكلة فيه.
غير ان الأمر مختلف عند اسلام اسماعيل الذي يذكر كذبة تحولت الى واقع عندما اخبروا احد الاصدقاء بأن سيارته تشتعل وبالفعل عندما ذهب ليراها صدقت كذبتهم وكان احدهم قد رمى بسيجارة مشتعلة وبدأ الحريق ينشب تحت تلك السيارة ولكن لم تكن هناك أضرار حينها (الحمد لله).
ويقول إنه منذ ذلك الوقت تغيرت نظرته للأول من ابريل اذ اصبحت الامور زائدة عن حدها وبدأت تأخذ أبعادا وتلحق الضرر بالناس لذلك يجب ان يزداد الوعي لدى الناس وألا يتعاطوا مع هذا اليوم على أنه مناسبة يجب ممارسة طقوسها.
بدورها تنتظر دانيا ديبة الأول من أبريل لترى ما الكذبة «الأصدق» في الصحف ولاتزال تذكر ايضا كذبة نقل الابراج الى الجهراء وتعتبر انه لم يكن هناك كذبات اكثر تصديقا من تلك.
وتقول انها لا تكذب في هذا اليوم ولا في غيره ولكنها قد تصدق كل ما يقال لها لأنها غالبا لا تتوقع ان يكون هناك من يكذب عليها.
في حين ان هادي العجمي لا يحب الكذب ويقول انه ليست هناك كذبة بيضاء واخرى سوداء فالكذب كذب، ولا ألوان له.
ويرى أن هناك الكثير من الكذبات التي ينجم عنها حوادث مؤذية وتؤدي إلى نتائج لا تحمد عقباها، لذلك يجب ضبط هذه الظاهرة وعدم التسويق لها والمساهمة في انتشارها حيث تقوم بعض وسائل الإعلام العربية والعالمية بنشر كذبات في هذا اليوم.
ويقول إن الكذب حبله قصير مهما اختلف ومهما تنوع.
كذلك الأمر بالنسبة لعبدالعزيز راشد الذي يرى أن الأمور زادت عن طبيعتها في هذا اليوم، واصبح الكذب المستخدم في هذا النهار يحضر له مسبقا ويعمد الناس إلى ابتكار الكذبات بالاعتماد على احداث حساسة في حياة الشخص الذي سيُكذب عليه وعلى صعيد آخر يتم استخدام الاحداث العالمية في خدمة كذبة قد تكون صغيرة بمفهومها غير أنها قد تكون كبيرة بتأثيرها.
أشهر كذبات أبريل
دخلت كذبة ابريل الحلقة الإعلامية من بابها الواسع حيث باتت محطات التلفزة وشبكات الراديو والصحف اليومية وكل الوسائل الإعلامية تطلق كذبة الأول من أبريل ومن أشهرها ما أذاعته شبكة الـ bbc العالمية ذات المصداقية حول العالم في الأول من أبريل عام 1957 عن أن سويسرا اقتربت بفضل الأمطار الغزيرة من زراعة محصول من المعكرونة السباغيتي.
وعندما أذاعت الشبكة نفسها خبرا عن اجراء ستتخذه الحكومة البريطانية من اجل الحفاظ على ساعة بيج بن وجعلها ملائمة للعصر وتمثل هذا الإجراء في تحويل الساعة العريقة ذات الاجراس الكبيرة والعقارب المشهورة الى ساعة رقمية ديجيتال.
وما نشره احد محرري مجلة pc computrg المتخصصة في مجال التكنولوجيا عام 1994 عن قيام الكونغرس بمناقشة مشروع قرار يمنع شاربي الخمور من دخول الإنترنت أسوة بالقانون الذي يمنع السائقين من القيادة بعد تناول الخمور وقد أرفق المحرر خبره برقم للقرار وكان 040194 وهو دلالة على تاريخ الأول من ابريل وطبعا لم ينتبه احد للرقم وللمغزى منه.
كما أنه اعتمد اسم lirpa sloof واذا ما تم عكسه يصبح april fools ولكن لم يثر الأمر انتباه احد ولم يعرفوا انها كذبة أبريل.
ولم يقتصر الأمر على ذلك فقد نشر احد مطاعم الوجبات السريعة اعلانا في صحيفة usa united أعلن فيه أنه خصص سندويتشا للاميركيين الذين يستخدمون يدهم اليسرى واسمه loft handed whopper وتهافت الناس إلى شراء السندويتش الأعسر ما أثار استغراب المطعم الذي نشر في اليوم التالي إعلانا آخر ليخبر الناس أنهم وقعوا ضحية كذبة ابريل.
وعلى الصعيد المحلي نشرت جريدة الراي عام 2001 خبرا عن نقل ابراج الكويت الى الجهراء عملا بقرار يقضي بنقل الابراج كل 3 سنوات من مكانها لإنعاش المناطق الخارجية في الكويت، وقد حظيت هذه الكذبة باهتمام شريحة كبيرة من الناس الذين انتظروا نقل هذه الأبراج.
كما يقول الباحث الإنجليزي جون شيمل الذي شغل نفسه بالكذب وبالبحث عن أصوله ودوافعه ومسبباته «إذا كان الكذب أصبح صفة يتصف بها البشر دون سائر المخلوقات ويستخدمونه في شتى مرافق الحياة واتصالاتهم العامة او الخاصة فإن كل الأدلة تثبت أن المرأة أكثر كذبا من الرجل».
وان السبب في ذلك يرجع الى عاملين أولهما العامل النفسي العاطفي لأن المرأة اكثر عاطفية من الرجل ولأن الكذب حالة نفسية ترتبط بالجانب العاطفي أكثر من ارتباطها بالجانب العقلاني، فالنتيجة الطبيعية ان تكون المرأة اكثر كذبا من الرجل.
والعامل الثاني ان الكذب بصفة عامة هو سمة المستضعفين والإنسان غالبا ما يلجأ الى الكذب لإحساسه بالضعف والمعاناة والاضطهاد، او الهروب من واقع أليم يعيشه، ولأن المرأة خلقت أضعف من الرجل وعاشت على مر العصور وفي مختلف المجتمعات تعاني الاضطهاد والقهر فكان لابد من ان تلجأ الى الكذب، ويظل لكل شخص رأيه الخاص في هذا الموضوع، وبالأخص في كذبة أول ابريل.
«الأنباء» قامت بجولة لاستطلاع آراء المواطنين حول الموضوع فكانت الآراء الآتية:
في البداية قالت سمية المهنا ان الروتين الذي يعيشه الناس ربما جعلهم يحبون وينتظرون هذا اليوم لكسر الروتين والملل وإدخال نوع من الطرافة والنكتة إلى حياتهم، وتضيف انه اذا اقتصر الأمر على الكذبات الخفيفة التي لا تخلو من المواقف المضحكة يكون شيئا جميلا ولكن للأسف انه في بعض الأوقات يتحول هذا اليوم إلى مآس مبكية عندما يختلط الموضوع بين المزاح والجد وهنا تحصل المشكلة كالأخبار الكاذبة التي تتداول عن المرض او الموت او غيرها من الأخبار المحزنة جدا.
أمر شائع
ومن جانبها، تقول شيماء صادق ان كذبة ابريل أمر شائع عند أغلب دول العالم وهناك أكاذيب كثيرة انتشرت في الكثير من البلاد ومازالت شعوبها تتذكرها وتكررها حتى الآن مع حلول الأول من ابريل كل عام، ولكن في الكثير من الأحيان ضغوط العمل والحياة تنسينا هذا اليوم ويكون ضحية كذبة ابريل الكثير من الأصدقاء او المقربين.
وتتابع صادق ان كذبة ابريل لا تخلو من الطرافة ولكن بشرط ألا تتجاوز الحدود والا تتعارض مع أخلاقنا كالكثير من الشائعات المضرة والسيئة كتلك التي تروج عن بعض الأشخاص المعروفين او المشهورين.
التلاعب بالمشاعر
ومن جانبه، يؤكد محمد الشطي انه ضد الكذب بكل أنواعه وأشكاله وفي اي زمان او مكان وللأسف فان الكثير من الناس أصبحوا ينتهزون هذا اليوم كفرصة ليتلاعبوا بمشاعر الناس وأعصابهم وفي بعض الأوقات يصلون الى المستشفى بسبب كذبة حيكت لهم وهذا شيء مزعج للغاية وربما يصل البعض للوفاة او لصدمة او انهيار عصبي.
وتؤكد هيفاء الحمد ان هذا اليوم لم يعد يختلف كثيرا عن غيره من الأيام لأنه للأسف أصبح الكذب في دم أغلب الناس والإنسان الصادق أصبح شيئا نادرا بل ان البعض يعتبره ساذجا او ضعيفا.
وأصبح هذا اليوم فرصة للتسلية بمشاعر الناس والسخرية وتتابع انه ليس من العيب ان ندخل روح النكتة الى حياتنا في مثل هذا اليوم بكذبة صغيرة لطيفة لا تؤذي مشاعر احد بل تكون فرصة لترسم البسمة على الوجوه بل العيب ان ننتهز هذا اليوم ليكون فرصة للسخرية والاستهزاء بمشاعر الناس. وتؤكد انها سمعت عن الكثير من الحوادث التي صارت في أول ابريل بسبب بعض الأكاذيب التي أودت بحياة أشخاص ليس لهم ذنب إلا انهم كانوا ضحية لكذبة ابريل.
يوم غير تقليدي
بينما يقول جمال الإبراهيم: أعتبر هذا اليوم يوما غير تقليدي لأنه يكسر الروتين الذي نعيشه ويخرجنا من ضغوطات العمل ومتاعب الحياة اليومية ويجعلنا نعيش جوا من المرح والسعادة.
ويتابع: أجمل خبر سمعته في السنة الماضية هو دعوة من أعز أصدقائي لفرحه وهذا الخبر أفرحني كثيرا ولكن كان مجرد كذبة طريفة منه ولكن في الوقت نفسه ربما كان فأل خير حيث انه تزوج بعد اشهر قليلة.