- السويدان: عادة غربية وهي حرام ومن اتبعها كان مقلداً للغرب
- الكوس: آثارها سيئة على المجتمعات الإسلامية وأفرادها ولا يجوز فعلها
- السويلم: شبيهة بالإشاعة وتحريمها واضح من اسمها ورسمها
- الغانم: بدعة منكرة يجب ألا يحتفل بها المسلمون أو يتداولوها لما فيها من شرور
- مرسي: يأثم قائلها ويجرم من يرددها وتعرض سمعة الناس للأذى
- الهملان: ترويع للناس سواء كان قائلها جاداً أو مازحاً والدين حرّم الكذب بكل أشكاله
ليلى الشافعي
مع قدوم شهر أبريل من كل عام تقفز الى واجهة الاهتمام مسألة كذبة أبريل والتي هي تقليد بدأ في الغرب ثم انتشر منه الى أصقاع العالم الأربعة فالبعض يرى انها مزحة خفيفة الظل يمكن التخفيف بها من عناءات الحياة التي صرنا نواجهها طوال السنة، والبعض الآخر يتساءل عن وجود تقليد للغرب فائدة حقيقية لتقليد الغرب في هذا الأمر الذي ليس له أصل في ثقافتنا وكذلك عن الرؤية الشرعية وكيفية الحكم على هذا السلوك من وجهة نظر الدين. «الأنباء» طرحت الأمر على مجموعة من الدعاة لاستجلاء الحقائق وكشف أي ابهام، فإلى التفاصيل:
في البداية ينبه د.طارق السويدان الى ان كذبة ابريل عادة سيئة محرمة مأخوذة من الغرب وهي تقليد أوروبي وعادة انتشرت في الغرب منذ سنين وللأسف نجد الناس تتسابق الى تقليد الغرب فتأخذ عن كل شيء ولا تفرق بين المفيد والضار أو بين الحلال والحرام، ومن الأشياء التي ابتلي بها بعض أبناء أمتنا احتفالهم بعادة الكذب في شهر أبريل تماشيا مع عادة الغرب المسماة بكذبة أبريل، والكذب في الإسلام في معرض الجد أو الهزل حرام ويعد كبيرة من الكبائر، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يؤمن العبد الإيمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة ويترك المراء وإن كان صادقا» وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لأمزح ولا أقول إلا حقا» ولذلك يجب التحذير من كذبة أبريل لما فيها من تقليد للغرب ولما فيها من حرام يرتكبه الإنسان وهو يظن انه أتى بشيء بسيط (وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم).
وأشار د.السويدان الى ما ذكرته موسوعة ويكيبديا: ان كذبة ابريل تقليد أوروبي قائم على المزاح يقوم فيه بعض الناس في اليوم الأول من أبريل بإطلاق الشائعات أو الأكاذيب ويطلق على من يصدق هذه الشائعات أو الأكاذيب اسم «ضحية كذبة أبريل» وبدأت هذه العادة في فرنسا بعد تبني التقويم المعدل الذي وضعه شارل التاسع عام 1564 وكانت فرنسا أول دولة تعمل بهذا التقويم وحتى ذلك التاريخ وكان الاحتفال بعيد رأس السنة يبدأ في يوم 21 مارس وينتهي في الأول من أبريل بعد ان يتبادل الناس هدايا عيد رأس السنة الجديدة وعندما تحول عيد رأس السنة الى الأول من يناير ظل بعض الناس يحتفلون به في الأول من أبريل كالعادة ومن ثم أطلق عليهم ضحايا أبريل وأصبحت عادة المزاح مع الأصدقاء وذوي القربى في ذلك اليوم رائجة في فرنسا ومنها انتشرت الى البلدان الأخرى.
اذن فهي عادة غربية ومن اتبعها كان مقلدا للغرب، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من تشبّه بقوم فهو منهم».
خسران الكاذبين
أما الداعية أحمد الكوس فيقول ان الله تعالى أكد في كثير من الآيات القرآنية خسران الكاذبين في الدنيا والآخرة فقال: (ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون).
ونرى ان الأحاديث النبوية تحذر تحذيرا شديدا من رذيلة الكذب وتصف من يسلك هذا السلوك بأقبح الصفات وكلما اتسع نطاق السوء الذي يترتب على الكذب كان العقاب أشد وأعظم فضرر الكذب الذي ينتج عنه إشاعته في وسائل الإعلام المرئية أو المسموعة أو المكتوبة والذي يراه ويسمعه ويقرؤه الملايين من البشر أشد إثما وأقبح جرما من ضرر الكذب الذي يشيعه الكذاب بين جماعة محدودة من النسا ولذا جاء في الحديث الشريف قول النبي صلى الله عليه وسلم «رأيت الليلة رجلين أتياني قالا لي: الذي رأيته يشق شدقه أي يقطع من جسده كذاب يكذب الكذبة فتحمل عنه حتى تبلغ الآفاق أي حتى تنتشر في أقطار الأرض فيصنع به هكذا إلى يوم القيامة» لذا لا يجوز في الإسلام الكذب سواء كان في المزاح أو التفكه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إني لأمزح ولا أقول إلا حقا».
أما ما يسمى بكذبة أبريل والتي يحاول البعض من السفهاء ترويجها بين المسلمين بحجة المزاح والتفكه والضحك والترفيه من خلال ترويج حوادث وقصص وأخبار كاذبة غير حقيقية مما يسبب آثارا سيئة على المجتمعات الإسلامية وأفرادها فذلك لا يجوز وهو محرم.
وزاد، فإذا كان الكذب محرما وغير جائز حتى على الأطفال الصغار فما بالكم بالكذب على الكبار، والكذب صفة للمنافقين كما جاء في الكتاب والسنة وإذا اعتاد المسلم عليه فقد يجره الى الفجور ويوصله الى النار.
مخاطر جمة
وحول مخاطر كذبة أبريل على المجتمع قال الداعية الكوس، نرى بعض الحمقى والسذج يتصلون على بعض الأصدقاء والناس ويخبرونهم بحدوث حوادث لأبنائهم وأقاربهم مما يعرضهم للصدمة والهلع وقد يصابون بأمراض خطيرة جراء هذه الحادثة الكاذبة كالشلل أو الجلطة، ومن المؤسف ان تساهم بعض وسائل الإعلام كالقنوات الفضائية والصحف والمجلات وغيرها في بث أخبار كاذبة في المجتمعات ليعتاد الناس بعد ذلك على الكذب ويقل الشعور بحرمته مما يساعد على انتشاره في بلاد المسلمين.
أشد ضررا من الشائعة
بدوره موجه أول التربية الإسلامية والداعية يوسف السويلم يرى ان كذبة أبريل تبنتها وسائل الإعلام السمعية والمرئية والمقروءة واعتبرتها عادة كل عام يعلن عنها، واشار الى ما نشر العام الماضي في احدى الصحف ان رجلا حمل في طفل عن طريق تلقيح بويضة زوجته ووضعها في جدا بطنه، وروجوا لهذه الكذبة وكأنها حقيقة والأدهى من هذا والأمر ان كذبة ابريل شبيهة بالشائعة بل هي أشد ضررا منها، فهي كذب محض والشائعة فيها احتمال - ولو كان بسيطا - من الصدق وتحريمها واضح وظاهر من اسمها ورسمها ووسمها وأكد السويلم ان كذبة أبريل هي كذبة والكذب أشد أنواع الذنوب وأكبر الكبائر، لما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم عندما سُئل عن المؤمن يفعل كذا وكذا قال نعم إلى أن وصل إلى الكذب فقال: لا، وأيضا هي تقليد أعمى للغرب والاقتباس منهم فيما هو شر محض والإسلام حرم التقليد والتشبه بغير المسلمين فيما لا ينفع لأن الإسلام أراد للمسلم ان تكون له شخصية مؤثرة لا متأثرة.
ترويع وخوف
وأضاف السويلم ان المزاح الذي يصاحبه ترويع وخوف هو مما نهي عنه شرعا فعن عبدالرحمن بن أبي ليلى قال: حدثنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير، فقام رجل منهم فانطلق بعضهم الى نبل معه فأخذوه، فلما استيقظ الرجل فزع فضحك القوم فقال: ما يضحككم؟ فقالوا: لا إلا أنا أخذنا نبل هذا ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لا يحل للمسلم أن يروع مسلما».
أما من يقول اننا لا نكذب ولكنها كذبة أبريل فكأنهم يستحلّون هذا الكذب حتى ولو كان على شكل مزاح سخيف، ومعروف ان كثرة المزاح مخلة بالمروءة والوقار كما ان التنزّه عنه بالمرّة وتركه مخل بالتأسي بالسنة والسيرة النبوية وخير الأمور أوسطها.
بدعة منكرة
من جانبه أكد الباحث الإسلامي صالح الغانم ان الكذب من الأمور المحرمة في الشريعة الإسلامية وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «ان الكذب يهدي إلى الفجور ولا يزال الرجل يكذب حتى يُكتب عند الله كذّابا» ولا يوجد أي مسوّغ شرعي سواء في شهر أبريل أو غيره يجيز الكذب حيث لا توجد رخصة في الكذب إلا في أمور معينة ولمصلحة راجحة كما جاء في الحديث الشريف في مواضع بيّنها وهي في الحرب والإصلاح بين المتخاصمين وكذب الزوج على زوجته والعكس لأجل المودة والصلح لا فيما يسقط الحقوق الواجبة.
أما كذبة أبريل فهي بدعة منكرة ويجب على المسلمين ألا يحتفلوا بأي مناسبة خارجة عن ديننا الإسلامي مثل الاحتفال بعيد الحب وعيد الأم أو كذبة أبريل وغيرها من البدع والله أعلم.
نفاق وريبة
اما الإمام والخطيب في مسجد الحمدان بالفنطاس الداعية عاطف مرسي فيرى ان كذبة ابريل سلوك بعض من لا يعرفون قيم الإسلام وهم يشاركون في اطلاق الأكاذيب تحت ما يدعون انه دعابة ومزح بمسمى «كذبة ابريل»، ويقول: لا يوجد لدى المسلمين كذب في أبريل ولا غيره، فالكذب كذب مهما كانت درجات لونه أو مبرراته الضبابية، وكذبة أبريل بدعة مضلة يأثم قائلها، ويعاقب مرددها ذلك لأنها تعرّض سمعة الناس للأذى وتمزّق أواصر المحبة والألفة بين الأصدقاء والأخلاء، فالكذب نفاق وريبة وقد حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاتصاف بهما وننبه الى أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يمزح ولا يقول إلا حقا وهو الصدق المطابق للواقع، وكذبة أبريل مضلة يأثم قائلها ويجرم من يرددها.
من جهته يقول الناشط الإسلامي هملان الهملان: الكذب من مساوئ الأخلاق وكذبة أبريل محاكاة للغرب وتقليد أعمى لهم وآثارها سيئة، فمن الناس من اخبر بوفاة ولده أو زوجته أو بعض محبيه فلم يحتمل الصدمة ومات، ومنهم من يخبر بإنهاء وظيفته أو بوقوع حريق أو حادث تصادم لأهله فيصاب بجلطة أو ما شابهها من الأمراض، وبعض الناس يتحدث معه كذبا عن زوجته وانها شوهدت مع رجل فيسبب ذلك تطليقها أو قتلها وهكذا في قصص كثيرة لا تنتهي وحوادث لا نهاية لها وكله بسبب الكذب الذي يحرمه الدين والعقل وتأباه المروءة الصادقة وقد حرّم الشرع الكذب حتى في المزاح وانه نهى ان يروّع المسلم سواء كان جادا أو مازحا معه قولا أو فعلا، فهذا شرع الله فيه الحكمة والعناية بأحوال الناس وإصلاحهم.
القرضاوي يفتي بتحريم «كذبة» أبريل
يقول رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين د.يوسف القرضاوي: ان الكذب خلق سيئ ورذيلة من أعظم الرذائل التي يراها الشرع الإسلامي ويعتبرها إحدى آيات النفاق ولم يجز الشرع الكذب إلا في حالات معينة وليس منها الكذب للمداعبة بل حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الكذب لاضحاك القوم فقال: «ويل للذي يحدّث بالحديث ليضحك به القوم فيكذب ويل له ويل له».
أساتذة علم الاجتماع والنفس: هناك من يعتمد الكذب لخلق أزمة
تؤكد أستاذة علم الاجتماع د.دلال الزبن ان الكذب يأتي ضمن السلوكيات الاجتماعية، ويختلف هذا السلوك من شخص لآخر. وعن كذبة الأول من ابريل قالت الزبن انها في يوم يعتمده الناس للمرح والطرافة والترفيه وهذه الكذبات التي تطلق في هذا اليوم الهدف منها إدخال البهجة والممازحة.
وتابعت انه فيما مضى كانت هذه الكذبة تتمتع بهذه الروح اكثر من الآن وذلك لان المقالب والكذبات باتت تستخدم الترهيب والتخويف وهذا أمر مرفوض، فاليوم النفوس تغيرت وأصبحت تستغل في امور كيدية. واكدت ان علم الاجتماع قد بحث في سلوكيات الفرد، وكذبة ابريل دخلت ضمن عاداتنا ولكن في إطار الفكاهة والدعابة فقط، ولو ترك هذا اليوم من دون إثارة الإعلام حوله فقد يمر مرور الكرام. كذلك الأمر في علم النفس حيث أكدت د.نورية الخرافي ان الأول من ابريل يوم يستغل لإضفاء المرح، غير ان هناك من يبالغ في هذه الكذبات مما قد يسبب ضررا للمكذوب عليهم.
وهناك من يعتمد الكذب لخلق أزمة ما فالدوافع ليست واحدة لدى كل الناس. وقالت الخرافي ان الناس أصبحوا اكثر وعيا لأكاذيب الأول من ابريل ولا تمر إلا على الغافل عن هذا التاريخ لاسيما ان للكذب يوما محددا. واشارت الخرافي الى ان علم النفس يتناول ايضا الإشاعة في علم نفس الإشاعة اكثر من الكذب وذلك لان الإشاعات قد تؤثر في الناس ويكون لها أثر اكثر من الكذب.