دعت الأديبة والباحثة الكويتية د.فاطمة يوسف العلي أمس الى تعزيز الاستثمار في القطاعات الثقافية من خلال بعث قنوات ثقافية تعنى بترويج الثقافة الحداثية المسؤولة ونشر قيمها لدعم الإبداع الثقافي والفني لدى الإنسان العربي عموما والمرأة خصوصا.
وأكدت د.العلي في حديث لـ «كونا» في ختام أعمال الدورة الـ 15 لمهرجان «المبدعات العربيات» على أهمية التصدي لما وصفته بـ «التيارات الساعية إلى اغتيال إنسانية الإنسان» بتكبيل ملكات الإبداع الحرة الكامنة فيه.
وأوضحت ان الحداثة هي حركة إنسانية تؤمن بالمستقبل الإنساني وتسعى إلى بنائه في إطار الحرية المسؤولة وان الفعل الحداثي للمرأة والرجل على حد سواء كان في مجال المواضعات القيمة أو التعبير الفني بمختلف أجناسه شاهد على التحول الدائب في الزمن.
وقالت ان «حركة الحداثة ليست تقليدا للآخر بل هي شبيهة بـ «سوبرماكت» علينا ان نأخذ منه ما هو مفيد في بناء للإنسان وان نترك ما هو هدام ومدمر للإنسان بروح من المسؤولية في إطار احترام قيم مجتمعاتنا وخصوصياتها الدينية والاجتماعية والثقافية والحضارية».
وشددت د.العلي في السياق ذاته على ان تجليات الحداثة في الواقع العربي تتجاوز دلالات المصطلح ذاته وتتخطى حدوده خلافا لمفهوم الحداثة الذي غالبا ما يكون غير واضح لدى الوعي العام العربي الذي يعتبر عموما الحداثة «مفهوما وممارسة» نشأت في العالم الغربي لتكتسب بعدا كونيا.
وأشارت إلى ان الكويت سبقت العديد من الدول ومنذ عقود طويلة إلى الحداثة الواعية والمسؤولة التي مكنت المرأة الكويتية بدستور انساني حضاري وعادل وبقيادة متفتحة ومستنيرة من الإبداع والتفوق في شتى المجالات في مصالحة وانسجام كاملين مع الذات والقيم ومقومات الهوية العربية الإسلامية.
وأكدت ان ما تحظى به تجربة المرأة الكويتية المبدعة من تقدير واشعاع في المحافل العربية والدولية بما في ذلك ملتقى المبدعات العربيات في تونس «دليل إضافي» على ان هذه التجربة أصبحت نموذجا يحتذى في العالم العربي والعالم عموما.
وأشادت د.العلي في السياق ذاته بالتوصيات الصادرة عن هذه الدورة الـ 15 للملتقى والتي تبنت عددا من المقترحات التي طرحتها المشاركة الكويتية على الملتقى لاسيما منها الداعية إلى مراعاة المبدعة لأفق انتظار المتلقي سواء بالارتكان إلى الذائقة الجمالية السائدة أو الانخراط في الموضوعات النسوية فنية كانت أو جمالية.
ودعت إلى مراعاة التفاوت والاختلاف في هامش الحرية التي تتمتع بها المرأة في المجتمعات العربية واسترسال تعرضها الى بعض العوائق والصعوبات «بل أحيانا الانتهاكات التي تسعى إلى حرمانها من تقرير مصيرها والصدع برؤاها في مجالات الإبداع وأحيانا في اخص خصائصها مثل مسألة «الزواج بالقاصرات» التي شددت العلي على ضرورة التصدي لها.
هذا وحظيت مشاركة د.العلي في ملتقى المبدعات العربيات في تونس باهتمام واسع من وسائل الإعلام التونسية المختلفة التي أجرت معها عديد المقابلات الصحافية والتي تحدثت فيها عن مسيرة المرأة الكويتية النضالية المظفرة والتي توجت بدخولها البرلمان، وعن تجربة المرأة الكويتية المبدعة الرائدة في شتى المجالات.
وأبرزت د.العلي في هذه المقابلات الصحافية بما في ذلك قناة التلفزيون التونسي الرئيسية (قناة 7) دور الدستور وقيادة الكويت الرشيدة المؤمنة بأن «كرامة الإنسان لا تكتمل إلا بكرامة الرجل والمرأة معا في أي من مجتمعات الكون» في دفع مسيرة المرأة لتصبح شريكا للرجل في مسيرة التنمية الشاملة المستدامة من أجل رقي الإنسان.
وكانت الدورة الـ 15 لملتقى المبدعات العربيات اختتمت أعمالها في مدينة «سوسة» التونسية الليلة الماضية بإشراف وزير التعليم العالي والبحث العلمي التونسي بشير التكاري الذي دعا في كلمته إلى العمل على صيانة مكاسب المرأة العربية وتعزيزها والتصدي لمن وصفهم بـ «القوى الظلامية» التي تهدد هذه المكاسب وتسعى إلى شد حركة الحداثة عموما ومسيرة المرأة «عنوان الحداثة»، خصوصا الى الوراء.
وصدرت عن الملتقى سلسلة من التوصيات دعا فيها المشاركون والمشاركات بالخصوص إلى مواجهة العوائق والصعوبات «الذاتية والغيرية» التي تحول دائما دون حرية الذات الإبداعية لدى المرأة العربية والى صيانة كرامتها.
ودعا الملتقى في توصياته الختامية المرأة العربية المبدعة في حركة الحداثة إلى الانتباه إلى «دور التنشئة الاجتماعية في خلق أجيال حرة قادرة على تجاوز المحظورات الموروثة الخاطئة لإرساء ثقافة حداثية متجددة في إطار المحافظة على الذات والهوية». وكانت الأديبة والباحثة الكويتية د.العلي شاركت إلى جانب شخصيات نسائية ومبدعات باحثات من 14 دولة عربية في انشطة هذا الملتقى الذي عقد برعاية رئيسة المنظمة العربية للمرأة حرم الرئيس التونسي السيدة ليلى بن علي وتناول على امتداد ثلاثة أيام موضوع «الحداثة في إبداعات المرأة العربية».