رندى مرعي
أكد المشاركون في الندوة التي نظمتها اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات بالتعاون مع جمعية الصحافيين مساء أمس الأول أهمية التوعية في الوقاية من الإدمان بكل أنواعه، خاصة المخدرات وزيادة المبلغ المخصص للوقاية، واستحداث ومراجعة التشريعات والقوانين التي تتصدى لهذه المشكلة، التي باتت تشكل هاجسا لدى المجتمع الكويتي، مشددين على دور الإعلام في التوعية. بحضور عدد من الاكاديميين والمهتمين، وقدم الندوة فهد الدوسري. بداية الندوة تحدث الأمين العام للجنة الوطنية للوقاية من المخدرات أحمد السمدان عن تاريخ وإنجازات اللجنة، لافتا إلى أن الكويت هي أول دولة في الخليج العربي تنشئ لجنة للوقاية من الإدمان على المخدرات، وقد جاءت هذه اللجنة لخفض الطلب على آفة المخدرات عندما آخذت المشكلة في الانتشار مبديا اعتزازه بتلك اللجنة المتخصصة التي سبق في إنشائها المشرع الكويتي كثير من دول العالم. وأكد السمدان أن هذه اللجنة التي يرأسها وزير الداخلية وتضم في عضويتها سبعة وكلاء مساعدين من وزارات مختلفة ممثلين بوزارات الداخلية والصحة والعدل والتربية والأوقاف والإعلام والإدارة العامة للجمارك تهدف إلى نشر التوعية وتقديم الدارسات والأبحاث التي من شأنها الوقاية من تلك الآفة، مشيدا بالتعاون ما بين اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات وكثير من مؤسسات المجتمع المدني والذي كان إحدى ثماره إطلاق المشروع التوعوي الوطني للوقاية من المخدرات «غراس».
من جهته أوضح أستاذ علم الاجتماع والعميد المساعد للشؤون الأكاديمية والدارسات العليا في جامعة الكويت د.حمود القشعان «انه تم التوصل إلى ست حقائق من خلال دراسة أجريت في اللجنة الوطنية للوقاية من المخدرات عن الأسباب التي تقف وراء انتشار تلك الآفة، لافتا إلى أن الحقائق التي تم التوصل إليها منها ما يتعلق بالتشخيص والعلاج». وتابع القشعان أنه من خلال تلك الدراسة تبين أن 92% من الشباب الكويتي الذين وقعوا فريسة تلك الآفة كان بسبب أصدقاء السوء، وأن 100% من الشباب المدمنين حصلوا على أول جرعة بالمجان، وان العمر الأخطر لتناول المخدرات هو 16 عاما، وأنه كلما كان الشاب منعزلا اجتماعيا ومنتشرا الكترونيا كان عرضة للإدمان لافتا إلى أن الإدمان ليس المواد الكيماوية وحسب، بل تعدى ذلك إلى الإدمان الالكتروني على سبيل المثال. وأوضح القشعان فيما يتعلق بالحقائق العلاجية التي تم التوصل إليها من خلال هذه الدراسة أن هناك افتقار للتكامل والتعاون في علاج هذه المشكلة، ضاربا مثالا في هذا الصدد بما حدث عند تغيير قانون طريقة التعامل مع المدنيين في العام 1999 من كون المدمن مريضا وليس مجرما. ودعا القشعان إلى زيادة المبلغ المخصص للوقاية من المخدرات، مبينا أن دينارا يصرف على الوقاية يوفر على الدولة 12 دينارا، مؤكدا على حقيقة «الوقاية خير من ألف علاج».
بدوره تحدث أستاذ القانون الجزائي في كلية الحقوق في جامعة الكويت د.محمد بوزبر عن تطور الجانب التشريعي الحادث في مواجهة هذه الآفة مبينا الأسباب التي دعت إلى مواصلة النصوص التشريعية في تطورها من مادتين إلى 54 مادة، مؤكدا ضرورة مراجعة تلك النصوص واستحداثها لمواكبة الطفرة التي حدثت في تطور تلك الجريمة. وأوضح أن هذه الجريمة أصبحت تشكل هاجسا كبيرا للمجتمع الكويتي، وان الأمر لم يقف عند حد التعاطي أو التناول أو الحيازة أو الاستيراد، ولكن تطور إلى تكوين محصلات وإيرادات مالية ضخمة، الأمر الذي دق جرس الإنذار وجعل النصوص التشريعية تجاري التطور الحادث في هذه الآفة. وبين بوزبر أن مفهوم المخدرات لم يعد قاصرا على أنواع المخدرات المتعارف عليها، ولكن حدث في هذا الشأن تطور حيث أصبحت هناك أدوية ومستحضرات تجميل تدخل في نطاق المخدرات وأن هناك جداول يتم من خلالها تصنيف تلك الأدوية، مشددا على حتمية تطور القوانين والتشريعات لمواجهة ما يحدث من تطور في تلك الجريمة.
وأكد بوزبر على حقيقة أن المدمن هو مريض يحتاج إلى المساعدة وانتشاله مما فيه وقال انه لمواجهة مشكلة الإدمان لابد من السير في اتجاهين متوازيين لمواجهة تلك الجريمة وهما جانب المكافحة والعلاج واستخدام أساليب علاجية جديدة، ومراجعة التشريعات والقوانين بشكل مستمر، وعدم الخجل من مواجهة هذه المشكلة من خلال وضع الأرقام الصحيحة أمام المسؤولين ليتسنى لهم التعامل مع المشكلة على وضعها القائم.
الراشد: لنعمل وفق خطة جماعية للوصول إلى مجتمع خالٍ من الإدمان
خلال مداخلة له أكد نائب رئيس التحرير الزميل عدنان الراشد ضرورة العمل وفق خطة جماعية وشاملة تضم جميع المرافق والوزارات وان تبدأ هذه الخطة من المدارس وان تتم بالشكل الصحيح للوصول الى مجتمع خال من الإدمان، مشيرا الى ان الأبناء اليوم يتعرفون على ثقافات مختلفة ويعيشون في عالم منفتح وبالتالي فإن اكتساب العادات السيئة يمكن ان يكون من مجالات مختلفة تتطلب التصدي لها.
العنزي: قرب الكويت من الدول المنتجة للمخدرات وراء انتشار التعاطي
أكد نائب مدير الإدارة العامة لمكافحة المخدرات العميد صالح العنزي ان هذه الآفة أصبحت من أكبر مشاكل العالم، مشيرا الى ان هذه المشكلة لا تعرف حدودا، حيث لا تفرق بين مجتمع غني او فقير، بدائي او متحضر، صغير أو كبير. وبين العنزي ان من بين أسباب انتشار المخدرات في الكويت موقعها الجغرافي شمال الخليج العربي والقرب من بعض الدول غير المستقرة امنيا، وكذلك قربها من بعض الدول التي تنتج وتزرع وتصنع المخدرات والمؤثرات العقلية، لافتا الى ان العمالة الوافدة الأجنبية هي أحد أسباب انتشار المخدرات في الكويت إضافة الى تعاطي احد الوالدين. وأشار العنزي الى ان الإدارة العامة لمكافحة المخدرات تسير في خطين متوازيين لمواجهة هذه الآفة وهما العمل على خفض الطلب وخفض العرض، موضحا ان المقصود بخفض العرض هو عدم تمكين هذه الآفة من الوصول الى متعاطيها او الحد من ذلك وتحصين المجتمع من هذه الآفة. وتطرق الى ما تقوم به الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في هذا الصدد عن طريق خفر السواحل او عن طريق حرس الحدود، لافتا في هذا الجانب الى قرار وزير الداخلية بسحب جواز اي مواطن كويتي يتم ضبطه في الخارج وذلك في إطار المحافظة على سمعة الكويت في الخارج، وأشار الى دور الإدارة العامة لمكافحة المخدرات في هذا الجانب ودورها في إنشاء اللجنة الكويتية لتدابير خفض الطلب بالتعاون مع عدد من مؤسسات المجتمع المدني.
الصالح: العوامل الجينية والنفسية والاجتماعية من مسببات الإدمان
تطرق اخصائي الطب النفسي في مستشفى الطب النفسي د.خالد الصالح الى مسببات الإدمان، موضحا ان تلك المسببات منها العوامل الجينية والجسدية والنفسية والاجتماعية.
وأوضح الصالح انه تبين ان العامل الوراثي يمكن ان يكون له تأثير فيما يتعلق بالاصابة بالإدمان فالأشخاص المدمنون يمكن ان يكون ابناؤهم عرضة للإدمان اكثر من غيرهم، مرجعا ذلك الى احتمال ان يكون هناك جين ربما يكون مسؤولا عن ذلك. وقدم الصالح بعض الايضاحات حول العوامل الجسدية المسببة للإدمان مبينا ان بعض الأشخاص قد يعانون من بعض الأمراض المزمنة مثل الصداع او غيره فيلجأون بعد تناول الأدوية البسيطة الى تجريب المخدرات الأمر الذي يعتادونه ومن ثم يتحول الأمر لديهم الى ادمان. وعن المسببات الاجتماعية قال ان الأسر المفككة يكون ابناؤها اكثر عرضة لآفة المخدرات، وكذلك الحال بالنسبة للأشخاص الانطوائيين فيما يتعلق بالمسببات النفسية.