-
إقرار «الخصخصة» سيحوّل الديموقراطية الشعبية الحالية إلى ديموقـراطـية رأسمالية
عبد الهادي العجمي
اكد نائب رئيس مجلس ادارة نقابة عمال شركة البترول الوطنية الكويتية وعضو اتحاد عمال البترول وصناعة البتروكيماويات محمد الهملان ان تطبيق قانون الخصخصة سيكون له اثر سلبي على الحياة في الكويت من جميع جوانبها، مشيرا الى ان القانون سيغير الحياة السياسية وطبيعة العلاقات الاجتماعية ونمط الحياة بمختلف الاوجه. واوضح، في حوار خاص مع «الأنباء»، ان المؤيدين للقانون فئة قليلة، مشددا على ان ما يحصل في مجلس الامة الآن هو أخطر من قانون الخصخصة، حيث تجزأ المجلس وتأثر بما يحصل في الجو العام.
وفيما يلي نص الحوار:
الخصخصة هي اصلاح اقتصادي في كل دول العالم، فلماذا ترفضونها؟
الخصخصة هي اصلاح اقتصادي للدول التي تتوافر فيها شروط وبيئة مناسبة واقتصادية واجتماعية وقانونية، وهي عملية معقدة بحد ذاتها وتأخذ وقتا كبيرا لتهيئة البيئة المناسبة لها وعلى فترات طويلة لاعداد هذا القانون ويحتاج الى بنية تحتية قانونية تكون هي الاساس الذي تنطلق منه الخصخصة وهي مجموعة حزمة القوانين للخصخصة وهي قانون حماية المستهلك وقانون مكافحة الفساد وابراء الذمة المالية، وهذا يتوافق مع اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد (قانون 47/2006)، وكذلك قانون حماية العمالة الوطنية وقانون الضريبة والذي يعتبر رافدا من روافد دخل الدولة ومصدرا اقتصاديا مساندا للميزانية العامة للدولة هذا من جانب، ومن جانب آخر هذا القانون هو مخالفة لدستور الدولة وخاصة مادة 20، 21، 50، 152، 153 وهذا ما اقره مجموعة من اساتذة جامعة الكويت والبالغ عددهم 22 استاذا قرروا وجود شبهات دستورية واضحة.
كما ان المنظومة الاقتصادية للدولة تعتبر بدائية وذات مصدر وحيد للدخل، حيث تعتمد الدول على مصدر النفط الذي يشكل 95% من الدخل، فمن الصعوبة ان يخصص هذا القطاع لكون النفط ليس سلعة تجارية بل سلعة استراتيجية يعتمد عليها اقتصاد البلد، وامنها القومي وعلاقاتها الخارجية ومصالحها الدولية ومن يملك هذا القطاع سيتحكم في كل ما سلف بالاضافة الى ان سوق العمل الانتاجي مازال في مرحلة التكوين اي في النظريات الخاصة بالخصخصة لا تتوافق مع منظوماتنا الاقتصادية ومن الصعب تطبيقها على ارض الواقع.
أثر سلبي
ما اثر تطبيق هذا القانون على العمالة الوطنية؟
ان تطبيق هذا القانون له اثر سلبي على الحياة من جميع جوانبها، حيث سيهدم اهم ركن من اركان الدولة الاقتصادية وسيلغي اهم شريحة اجتماعية وهي الطبقة الوسطى والتي تمثل السواد الاعظم من الشعب وهذا اخطر اثر للقانون والذي له تبعات على المدى البعيد، وان القانون الحالي لا يحمي العامل الكويتي ولا يعطيه ضمانا لاكثر من خمس سنوات، وهذا يخلق عدم استقرار وظيفي ويجعل مستقبله مجهولا، كما انه لم يحدد شكل وحجم العمالة الوطنية في كل شركة بل اشار الى نسبة غير دقيقة وممكن التحايل عليها بسهولة، والاهم في هذا الموضوع ان حق انتقال العامل الى مؤسسات ووزارات الدولة بالحقوق والمزايا نفسها وان بدا هذا ظاهر انه يحفظ حقوق العمال الا انه يؤدي الى هجرة عكسية من القطاعات الحيوية الى وزارات الدولة ويحول العامل من موظف منتج الى موظف عاطل عن العمل بقوة القانون، كما سيكبد الدولةاعباء اضافية وتحمل رواتب هؤلاء الموظفين دون اي مردودات انتاجية، ونجد هنا تناقضا بين هدف التنمية ونتائج هذا القانون وكأنهم بذلك يفرغون القطاعات الحيوية من العمالة الوطنية وتجهيزها للتاجر على طبق من ذهب مع تحمل الدولة تبعات سلبيات هذا القانون.
وما اثره على الحياة الاجتماعية والسياسية؟
هذا القانون سيغير الحياة السياسية وسيغير طبيعة العلاقات الاجتماعية ويغير نمط الحياة بمختلف الاوجه حيث سيحول الديموقراطية الشعبية الحالية الى ديموقراطية رأسمالية بحتة وهذه التي يشكو منها العالم المتقدم لشراستها وضراوتها على محدودي الدخل وانها تتعامل مع البشر كأداة وآلة انتاجية بكل جشع بعيدا عن كل الابعاد الانسانية، كما لهذا القانون الاثر على شكل الحياة السياسية البرلمانية وخاصة بنوعية النواب المحتمل وصولهم الى قبة البرلمان حيث الاثر سيكون مباشرا على توجيه الناخب وذلك لاختلاف مراكز القوة من الحكومة الى القطاع الخاص حيث سيكون اكثر تأثيرا على المواطن لان قرارات التوظيف وخلافه ستكون بيد القطاع الخاص وهذا يعني تغيير مراكز الولاء حيث في هذا القانون جعل الوطن ومرافقه وثرواته سلعة اقتصادية بدلا من كونها قيمة للانتماء والولاء وانه بحق سيغير صورة وهوية هذا الوطن ويحجب حق المواطن عن المشاركة في ادارة شؤون الدولة وتقرير مصالحها العليا ويلغي صلاحيات السلطة العامة التشريعية.
انقسم المجتمع بين مؤيد ومعارض فما رأيكم في ذلك؟
لا نلاحظ المؤيد لهذا القانون سوى فئة قليلة وخاصة اعضاء اللجنة المالية بمجلس الامة وهم يتكلمون عن نظريات وتجارب دول كبرى تختلف اختلافا كليا عن منظومتنا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية وبفرضيات غير موجودة على ارض الواقع بينما المؤيدون كثر من جميع الاتجاهات السياسية، وكتاب كثر قد اوضحوا سلبيات هذا القانون، لكنه من المؤسف ان ينقسم مجلس الامة الى مجلس فئوي واصبحت المشاريع تمرر بحسب انتماء حامل هذا المشروع وليس حسب الاولوية وحق هذا المشروع اي بمعنى لا ينظر الى الحق انما ينظر الى حامله! ومن المفترض ان نتبع الحق ايا كان مصدره.
ما تحليلكم لما يحصل في مجلس الامة الآن؟
ان الذي يحصل في مجلس الامة الآن اخطر من قانون الخصخصة حيث تجزأ المجلس وتأثر بما يحصل في الجو العام واخذ صفة العناد والمكابرة في شتى مشاريعه على حساب الوطن والشعب ومن المؤسف فقد تحول البعض من رجال دولة وسياسة الى طفل معاند وهذا مكمن الخطر.
ألن تحاولوا مقابلة اعضاء اللجنة المالية؟
كما هو متعارف عليه ان تستدعي اللجان المالية والقانونية ولجان مجلس الامة الاخرى ممثلي العمال لاخذ ارائهم، الا انه في هذا المشروع بالذات لم يتم اخذ رأي أي من اصحاب الشأن وتم تجاهلهم الامر الذي ادى الى خروج النقابات والاتحادات الى الشارع للتعبير عن آرائهم وايصال صوتهم لذوي الشأن في الدولة.
ما دوركم حيال هذا المشروع اذا اقر في مجلس الامة غدا (اليوم)؟
للاسف اعضاء السلطة التشريعية لم يتركوا لنا مجالا للحوار او يستجيبوا لنداء العقل والمنطق واخذ رأي اصحاب الحق وبذلك فقد خلقوا جوا من التصادم المستقبلي وهم يتحملون مسؤولية ذلك، ونحن كنقابة ليس لنا اي طريق سوى الاضراب دفاعا عن حقوقنا ومكتسباتنا وثروات وطننا ومستقبل ابنائنا.
هناك تعديلات اضيفت وتم استثناء النفط والغاز من خلالها.. فما الداعي للاضراب؟
نحن نرفض هذا القانون بشكل عام للاسباب سالفة الذكر اما بالنسبة لاستثناء النفط والغاز حيث اختص فقط بنشاط الانتاج وهذا يعني ان 80% من القطاع النفطي عرضة للخصخصة اي ان عمليات التصفية والتخزين ومشتقات ومستحضرات النفط هي للبيع وهذا يتنافى مع قانون 19/1973 والخاص بشأن المحافظة على الثروة البترولية والذي جاء متناغما مع اللائحة الاسترشادية التي وضعتها منظمة أوپيك سنة 1968 والتي عرفت القطاع النفطي بأنه يشمل عمليات التنقيب والانتاج وتصفية وتخزين النفط بمشتقاته ومستحضراته وبذلك يتم هدم هذا القانون الذي اتى بعد كفاح لكل من اعضاء مجلس الامة ونقابات وشعب في عام التأميم.
كلمة اخيرة
نتمنى من المجلس والحكومة غدا (اليوم) ان يعيدا القانون الى اللجنة المالية لمزيد من الدراسة والتمعن لهذا القرار المصيري وان يستجيبا لنداء الشعب والامة، وفي حال اقراره فإن على الحكومة ان تستعد لانشاء صناديق للمسرحين والعاطلين عن العمل والمعسرين وتمويله من اموال بيع المرافق العامة والقطاع النفطي لانها ستفاجأ بحجم الكارثة التي ستتسبب بها جراء هذا القانون وبعدها ستدفع الدولة اضعافا مضاعفة لاعادة تأميم كل ما بيع من المرافق والثروات لاكتشافها اخطاء قراراتها المصيرية.