أسامة أبو السعود
طالب المتحدثان في الندوة التي حملت عنوان «الدولة المدنية والسلم الأهلي من المنظورين الإسلامي والمسيحي» بضرورة الالتزام بمفهوم الدولة المدنية بأسسها الراشدة وجميع مكوناتها العرقية والدينية.
وأوضحا في الندوة التي دعا لها مجلس العلاقات الإسلامية ـ المسيحية مساء اول من امس في ديوان السيد محمد المهري ان الواجب الحفاظ على القوانين المانعة من استغلال الدين والحرية والقانون لإخراج هذه الأركان من حلبة التفاوض السياسي.
فقد قال سفير جمهورية البوسنة والهرسك في الكويت د.ياسين رواشدة ان المسلمين في المدينة المنورة كانوا يعيشون جنبا الى جنب مع المسيحيين واليهود، حيث كانوا جميعا يعيشون في مكان واحد كأمة واحدة.
وأضاف ان الواجب علينا الاستفادة من التاريخ حتى نكيف واقعنا المعاصر لتعايش بعضنا مع البعض خاصة ان الحكمة الربانية شاءت ان تكون البشرية على تباين في الأديان والمذاهب ولهذا يجب احترام الآخر وفق الحدود.
وتابع ان الحديث عن التعايش اصبح اليوم ضرورة ملحة يجب ان تحظى باهتمام الجميع خاصة ان هناك الكثير من القواسم المشتركة ستسهم في تنظيم حياتنا المستقبلية وخير مثال ما حدث في البوسنة والهرسك التي كانت تعاني من حروب لم تكن بسبب اختلاف الدين بل لاختلافات سياسية.
وأشار الى ان موقف الرئيس البوسني كان متشددا ما دفعه الى استخدام الإعلام لإعادة كتابة التاريخ ومسح الأدمغة والانتقام من الأتراك العثمانيين.
وزاد بأن مرحلة الحرب التي بدأت في التهجم على الكاثوليك كونهم كانوا يتعاونون مع ايران الأمر الذي أتاح لهم الاعتداء على هذه العلاقة الوهمية في الأصل حتى كانت هذه الحرب بمنزلة نقطة سوداء مما جعل الحرب سياسية فاشية جاءت لتحقيق أهداف مشبوهة.
وقال رواشدة: ان البرنامج الذي بدأه الجيش الغازي اتجه الى هدم المساجد وقتل الأئمة لاستفزاز مشاعر المسلمين لإثارة حرب طائفية مذهبية الا ان وعي الجندي المسلم أفشل تلك المخططات والدليل على ذلك لم يسجل التاريخ هدم أي كنيسة على أيدي المسلمين.
المجتمع الإنساني
ومن جانبه قال أمين سر مجلس العلاقات الإسلامية ـ المسيحية زهير المحميد ان الدولة تقوم على ادارة المجتمع الانساني بمختلف مكوناته العرقية والعقائدية والفكرية الأمر الذي اختلف معه العديد من المفكرين في امر ادارة الدولة ولهذا يرى البعض ان الحاكم مفوض من الله سبحانه وتعالى وممثل لمطلق الحقيقة، ومن يخالفه في اي امر فقد خالف الله، في حين يرى آخرون ان الحكم لا علاقة له بالمعتقدات الدينية.
وأضاف ان العديد من الناس خلطوا بين مفهومي الدولة المدنية والعلمانية لأنهم اعتبروا المصطلحين ذوي مضمون واحد الا ان الفارق كبير بينهما، فالدولة المدنية تحافظ على الحقوق والحريات الخاصة دون المساس بالحقوق والنظام العام للدولة اما الدولة العلمانية فهي تعمل على الغاء الدين والحريات العقائدية الخاصة وهذا ظلم للإنسان والمجتمع وحكر للحقيقة المطلقة.
وتابع: كما يجب الالتزام بمفهوم الدولة المدنية بأسسها الراشدة بجميع مكوناتها العرقية والدينية لحفظ الحقوق الخاصة العقائدية والعبادية والفكرية والالتزام بكل ما من شأنه استدامة السلم الأهلي للمجتمع المكون للدولة المدنية بالإضافة الى حفظ حقوق الأقليات بمنع اصدار اي قوانين تنتقص من الحقوق المدنية لأي من المواطنين خصوصا بالنسبة للحريات الخاصة بالمعتقد والعبادة والفكر. وأشار الى ضرورة سن القوانين المانعة من استغلال الدين والحرية والقانون لإخراج هذه الأركان من حلبة التفاوض السياسي الضيق بحيث لا يمكن لأحد المساومة على هذه المبادئ أو فرض اجتهاده على الآخرين.