بين فرحتها بعودة المئات من المتضامنين مع غزة، وحزنها على من قتلوا وفقدوا وجرحوا، شيعت تركيا أمس ثمانية أتراك وأميركيا آخر من اصل تركي استشهدوا في الاعتداء الاسرائيلي الغاشم على اسطول الحرية الذي اتجه لفك الحصار عن غزة.
وفي تصريحات تلفزيونية للمناسبة، أعلن الرئيس التركي عبدالله غول أمس ان الهجوم الاسرائيلي على الاسطول ألحق أضرارا «لا يمكن اصلاحها» بالعلاقات بين بلاده واسرائيل، مشددا على ان هذه العلاقات «لن تعود أبدا كما كانت عليه».
وقال غول «من الآن فصاعدا لن تعود العلاقات التركية ـ الإسرائيلية لما كانت عليه أبدا، لقد خلف هذا الحادث ندبة عميقة لا يمكن ازالتها» في العلاقات بين البلدين.
من جهته، أعلن رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده ستواصل العمل بشتى الطرق القانونية لمعاقبة المسؤولين الإسرائيليين عن الهجوم.
وقال أردوغان في كلمة أمام اجتماع الجمعية العمومية لاتحاد المصدرين الأتراك في أنقرة أمس، إن جهود تركيا تركزت حتى الآن على إظهار حجم الضرر الذي سيلحق بإسرائيل من وراء هذا العمل غير المسؤول، وقد حذرنا إسرائيل من أنها بمثل هذه التصرفات باتت على وشك أن تفقد أهم صديق لها بالمنطقة ما لم تتغير العقلية التي تعمل بها حكومتها.
ثلاث طائرات
تصريحات غول وأردوغان جاءت عقب وصول الطائرات الثلاث التي حملت جثامين ضحايا الهجوم الإسرائيلي إضافة إلى جميع الأتراك الذين شاركوا في الأسطول وعددهم 460 تركيا إلى اسطنبول مساء امس الاول.
وكانت هيئة الإغاثة الإنسانية التركية أعلنت أن نتائج الاختبارات التي جرت في اسطنبول أظهرت أن جميع القتلى الذين سقطوا خلال الاعتداء الإسرائيلي على الأسطول في المياه الدولية كانوا من الأتراك.
بدوره تعهد رئيس هيئة الإغاثة الإنسانية التركية، بولنت يلدريم، لدى وصوله إلى اسطنبول بمواصلة إرسال أساطيل إغاثة إلى غزة «حتى يتم رفع الحصار».
وروى يلدريم، الذي كان على متن سفينة «مرمرة» التركية التي هاجمتها البحرية الإسرائيلية أن النشطاء دافعوا عن أنفسهم ضد القوات الإسرائيلية الخاصة بهراوات حديدية وسيطروا على العديد من الجنود.
وأكد انهم نجحوا أيضا في السيطرة على أسلحة جنود إسرائيليين وكان بإمكانهم استخدامها، إلا أنهم ألقوا بها في الماء، وقال: «حتى إذا كانوا استخدموها فإن ذلك سيكون دفاعا عن النفس».
مفقودون
واتهم يلدريم الجنود الإسرائيليين بإطلاق النار على مصور كان يلتقط صورا خلال الهجوم، وذكر أن أحد النشطاء قتل رغم أنه سلم نفسه.
وقد أكد، يلدريم أن هوية جميع ضحايا المأساة لم تعرف وان «لائحة الشهداء أطول» مما كان متوقعا.
وفي تصريح لوكالة فرانس برس أمس، قال «لقد سلمونا تسع جثث، وستتعرف العائلات الى هذه الجثث، لكن لائحة الشهداء اطول».وأضاف «ثمة اشخاص مفقودون، لقد تسلم اطباؤنا 38 جريحا وفي المقابل، قالوا لنا ان هناك 21 جريحا فقط».
وردا على سؤال عن احتمال اختفاء اشخاص، اعلن وزير الخارجية التركي احمد داود اوغلو ان السلطات المختصة ستضع «لائحة» بالاشخاص.
ورغم أن جميع ضحايا «اسطول الحرية» قتلوا بالرصاص بحسب خبراء في الطب الشرعي الأتراك الذين أكدوا على وجود آثار عيارات نارية في الجثث كافة وأن احدهم قتل باطلاق النار عليه من مسافة قريبة، رغم كل ذلك، رفضت إسرائيل أمس الدعوات لإجراء تحقيق دولي حول الهجوم.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية الاسرائيلي يغال بالمور لوكالة الانباء الفرنسية ان «سلطة هذا المجلس الذي يهاجم مرة اخرى اسرائيل بشكل مركز، معدومة تماما».
واضاف ان دولا «مثل جيبوتي وباكستان وكوبا، غير مؤهلة لكي تطرح نفسها مدافعة عن حقوق الانسان التي تنتهكها بشكل كبير».
الرفض الاسرائيلي جاء بدعم اميركي حيث اقترح جو بايدن نائب الرئيس الأميركي إجراء تحقيق إسرائيلي بمشاركة دولية.
وقال وزير المالية الإسرائيلي يوفال شتاينتس لاذاعة الجيش الاسرائيلي «هناك حاجة لاجراء تحقيق لاستخراج الدروس المستفادة» في إشارة واضحة إلى تحقيق إسرائيلي ضيق في تفاصيل العمليات التي قامت بها قوات الكوماندوز.
وأضاف «بالنسبة لنا لا حاجة للجنة تحقيق» واستخدم الوصف الاسرائيلي للجنة حكومية يترأسها عادة قاض وتنظر في كل جوانب العملية من بينها القرارات التي اتخذها قادة سياسيون. دون أن يشير إلى أي مشاركة دولية في التحقيق.
كي مون يدرس خيارات
وفي اطار التداعيات الدولية التي خلفها العدوان، قال السكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون انه يدرس عدة خيارات تتعلق بالتحقيق في الهجوم الاسرائيلي على اسطول الحرية بناء على طلب مجلس الامن الا انه اقر في الوقت ذاته ان الامر لن يكون سهلا وسيستغرق بعضا من الوقت.
وابلغ بان كي مون الصحافيين الليلة قبل الماضية عقب عودته من جولته الأفريقية ان الحصار الاسرائيلي على غزة «خطأ ويجب ان يرفع فورا» قائلا ان هذا الحصار يأتي بنتائج معاكسة.
وأوضح ان «الحادث الخطير» الذي شكله الهجوم الدامي من جانب الجيش الاسرائيلي على اسطول الحرية يلقي الضوء على حصار قطاع غزة المستمر منذ وقت طويل.
تغطية كاملة للحدث