- خلال حرب كراباخ وعدوان أرمينيا على أذربيجان ارتكبت أبشع الجرائم وتمت محاولات لصبغها بصبغة دينية وبذلنا كل الجهود لكي
- لا يتحول النزاع إلى إسلامي ـ مسيحي
- كرجل دين مستحيل أن أدعو لحل قضية كراباخ بالحرب وأفضل الحلول دائماً تأتي بالسلم وسنعيد حدودنا التي دخلنا بها إلى المنظمة الدولية
- رفعت صوتي تأييداً للكويت وشرعيتها خلال الغزو العراقي وحاول صدام أن يجتمع بي أو يلتقي معي ورفضت ذلك بسبب عدوانه على الكويت
- نسينا كلمة سنّي وشيعي فنحن في الزواج نسأل عن العائلات ولا نسأل عن الطائفة فابني متزوج من بنت رجل تركي سنّي وابنتي الصغرى متزوجة من سني
- المسلمون في القوقاز حكاية عمرها 1400 عام
الحلقة (6)
باكو: أسامة أبوالسعود
من باكو الى ديربنت او باب الابواب الى غروزني حتى موسكو حكاية عمرها 1400 عام هي قصة دخول الاسلام الى جبال القوقاز ومنها انتشر الى آسيا الوسطى وصولا الى الصين شرقا وغربا ارمينيا وجورجيا وحتى اوروبا.
قصة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه وخلافة سيرت في مهدها جيوشا فتحت بهم الارض مع انهم كانوا اقل عددا وعدة من غيرهم الا ان سلاح الإيمان جمعهم حتى دانت لهم الارض.
في هذه الصفحات نفتح ملف الاسلام في القوقاز وكيف يعيش المسلمون هناك اليوم وما اهم ملامح بلادهم وحضاراتهم القديمة والحديثة، نعيش ونتعايش معهم من خلال تلك الصفحات التي تكشف عن اهم الاسرار التي حواها التاريخ بين جنباته من رواته الحقيقيين وهم اهل تلك البلاد الساحرة بتاريخها الاسلامي التليد.
من نار كسرى في باكو عاصمة الثقافة الاسلامية الى ديربنت وقبور 40 من صحابة الرسول الكريم الى قلعة القلعة الشهيرة وخامس اقدم مسجد في التاريخ الاسلامي لايزال شامخا وراصدا لتطور بلاد المسلمين في القوقاز التي فتحها سراقة بن عمرو في عهد الفاروق عمر بن الخطاب عام 20 هجرية كانت تلك الصفحات من تاريخ الامة.
في قلب العاصمة باكو يقع مقر الإدارة الدينية لمسلمي القوقاز وهو مبنى أنيق جدا صمم على الطراز الإسلامي وفي طابقه الثاني يقع مكتب شيخ الإسلام مفتي اذربيجان شكر الله باشا زاده والذي انتخبه مفتو القوقاز شيخا للقوقاز قبل فترة لمواقفه الدينية والسياسية المشهودة خاصة حينما كان عضوا بمجلس الدوما الروسي حين كانت اذربيجان جزءا من الامبراطورية السوفييتية.
ابواب الكترونية وعشرات الرجال في خدمة الشيخ بعضهم يتحدث العربية بطلاقة لسان رجل اسمه مقدس والشيخ نفسه يعرف العربية جيدا وان كان يفضل الحديث بلغة قومه التي تتقارب كثيرا واللغة التركية باعتبارها إحدى لهجاتها.
ويحكم اذربيجان نظام علماني يرى فيه البعض وفي مقدمتهم الرئيس الاذربيجاني الهام علييف انه يحقق نموذجا فريدا في التعايش بين ابناء الوطن فلا إثارة لنعرات دينية او طائفية او عرقية ويرى البعض ان الإدارة الدينية في باكو نموذج لهذا التعايش حيث يتولى سدتها رجل دين شيعي بينما نائبه سني وهو تعايش ربما تفتقده الكثير من الدول في العالم .
اللقاء مع شيخ الإسلام تنقل بين عدد من المحطات المهمة منها علاقة اذربيجان والكويت فالحرب الارمينية واقليم كراباخ الذي يعد القضية القومية الأولى ووضع الإسلام بسنته وشيعته في اذربيجان، وفيما يلي تفاصيل اللقاء:
نبدأ معكم من دور اذربيجان في تجسيد الحوار بين الأديان في منطقة القوقاز وخاصة اهتمامكم بعقد عدد من المؤتمرات عن حوار الأديان كيف تصفون هذا الدور؟
اولا انتهز هذه الفرصة لأعبر عن خالص محبتي وتقديري لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد الذي اعرفه منذ سنوات الاتحاد السوفييتي أي منذ سنوات طويلة وللكويت التي تربطها علاقات متميزة مع اذربيجان ومازلت انا شخصيا احتفظ بكثير من الصداقات مع اخواننا في الكويت واقرب صديق واخ لي هو د. عادل الفلاح ـ دون شك.
اما فيما يتعلق بدور اذربيجان في إرساء حوار الأديان فهو امر واضح في اذربيجان نفسها التي تتعايش على ارضها الديانات المختلفة والكل يمارس شعائره في سلام وامن. وقد حاولت بعض القوى بذر الخلافات بين ابناء الشعب الاذربيجاني الا انها لم تفلح في ذلك.
وحتى أثناء حرب كراباخ وعدوان ارمينيا على اذربيجان الذي أدى الى احتلال 20% من اراضي اذربيجان وأدى الى استشهاد وجرح اكثر من 20 الفا ومليون مشرد ونازح.
وارتكبت اثناء هذه الإبادة محاولات لصبغها بصبغة دينية كرسم صليب على اجساد الشهداء وتعليق صلبان في رقابهم وغير هذا من الأمور إضافة الى تدمير كل المساجد والمقابر وتم تحويل المساجد الى حظائر للخنازير.
ومع كل ذلك بذلنا كل الجهود لكيلا يتحول النزاع الى ديني وهدأنا الاوضاع ـ قدر المستطاع ـ لان في اذربيجان مسلمين ومسيحيين ويهودا واتباع الديانات غير السماوية.
موقع مهم
وعقد مثل هذه المؤتمرات يدل مرة اخرى على ان لاذربيجان موقعا مهما على المستوى الدولي في التسامح والحوار بين الأديان، وهنا لابد من التأكيد على ان الزعيم الشعبي لاذربيجان حيدر علييف وعلاقاته المتميزة مع القيادات الدينية المختلفة في البلاد ساهمت في تثبيت الحوار بين الأديان والتسامح الديني القوي في اذربيجان عموما.
وكان الرئيس حيدر علييف حريصا على ان تكون اذربيجان من اوائل الدول في التسامح الديني واليوم يواصل وريثه الرئيس الحالي الهام علييف ذات النهج والنجاح الذي بدأه والده من تسامح وحوار الاديان.
اما فيما يخص صلاتي وعلاقاتي مع الزعماء الدينيين في العالم اجمع فهذه العلاقات تخرج بعيدا عن حدود اذربيجان فلي علاقات حميمة مع الكنيسة الروسية الارثوذكسية مع القس الكساندر وبحكم انتخابي كرئيس المجلس الاستشاري لمسلمي اتحاد الجمهوريات المستقلة ورئيس المجلس الديني الاعلى لشعوب القوقاز فانا «شيخ القوقاز» وبحكم ذلك لي علاقات حميمة مع كل ممثلي الاديان في القوقاز وعموم روسيا، ففي مؤتمر حوار الاديان الذي احتضنته باكو قبل اشهر قليلة حضر بطريرك موسكو وعموم روسيا وبطريرك جورجيا وممثل بابا الفاتيكان وممثل عن الكنيسة القسطنطينية وبطريرك بيلاروسيا وغيرهم الكثير من القادة الدينيين من المسلمين على رأسهم امين عام منظمة المؤتمر الاسلامي احسان الدين اكمل اوغلو ومفتو الجمهوريات الروسية ومفتو دول آسيا الوسطى وحضور رئيسين وممثلين عن رؤساء وملوك الدول العربية.
وهذا دليل ـ ولله الحمد ـ على ان موقع اذربيجان المهم والحيوي ليس في منطقة القوقاز فحسب وانما على المستوى الدولي.
وعلى مدى 30 سنة وانا أتولى رئاسة مفتي القوقاز وقمت بأدوار مهمة في تهدئة الأمور في القوقاز وخاصة في أصعب أوقات الشيشان وكنت هناك اثناء الحرب ومنحت وسام بطل الشعب الشيشاني لخدماتي في المنطقة.
وأيضا لي علاقات قوية مع معظم رؤساء المنطقة حيث كنا اعضاء في البرلمان الروسي وكان منهم رؤساء طاجيكستان واوزبكستان وتترستان وغيرهم الكثير..
يرى البعض ان اذربيجان وبرغم انها بلد علماني الا انها تعيش نزاعات طائفية سنية ـ شيعية بين الحين والاخر، بم تردون على ذلك؟
نحن نسينا كلمة سني وشيعي منذ زمن، وهذا الأمر لم يعد موجودا في اذربيجان وخير مثال على ذلك مثلا في موضوع الزواج، فنحن في الزواج نسأل عن العائلات والأسر ولا نسأل عن الطائفة، فابني متزوج من بنت رجل تركي سني وابنتي الصغرى متزوجة من سني.
وهذا التعايش الاجتماعي بين أبناء اذربيجان وخاصة بين السنة والشيعة هو ما يجعلنا ـ ولله الحمد ـ مقبولين في جميع مناطق القوقاز واخي وصديقي د.عادل الفلاح يعرف هذا جيدا.
ننتقل الى دور الكويت في دعم اذربيجان وخاصة خلال ازمة كراباخ وتقديم مساعدات لآلاف المشردين نتيجة تلك الحروب، كيف تقيمون هذا الدور وايضا نشر الفكر الوسطي في اذربيجان؟
نثمن غاليا دور الكويت حكومة وشعبا في دعم اذربيجان أثناء العدوان الارميني على كراباخ، حيث كنا نحتاج في حينه الى هذه المساعدات، ونحن نوجه الشكر للدكتور عادل الفلاح وأمثاله على ما قدموه لنا من مساعدات.
وبالنسبة لنشر الفكر الوسطي فهي سياسة حكيمة لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد على المستوى الدولي وتحسب للكويت، ونحن نفكر الآن في نشرها في اذربيجان وسنفتح فرعا لمركز الوسطية الكويتي في اذربيجان.
وانا عموما لي علاقات متميزة مستقلة مع الكويت وخلال كل المؤتمرات التي نقيمها في اذربيجان استشير اخي د.عادل الفلاح في كل الأمور التحضيرية.
وللعلم فإن الكويت ستكون ممثلة في الهيئة الاستشارية الدينية التي أسسناها في اليونسكو والتي ستتحول فيما بعد للأمم المتحدة وممثل فيها بطريرك عموم روسيا وممثل عن بابا الفاتيكان وممثل عن الجالية اليهودية وعن الجانب الإسلامي انا ود.عادل الفلاح ود.عبدالله التركي.
وهذه الهيئة ستكون مهمتها تصحيح المفاهيم الخاطئة عن الأديان لدى ساسة الدول، فهناك قرارات سياسية تتخذ من رؤساء الدول وربما لا يعرفون تفاصيل الدين في تلك المنطقة ومهمة اللجنة هي استشارية لاتخاذ القرارات الصحيحة.
وقمنا قبل فترة بتنظيم هذه اللجنة والهدف نقلها الى الأمم المتحدة كممثلة لكل الأديان حيث تكون مهمتها استشارية فاذا اتخذت الأمم المتحدة أي قرار ديني فتكون مهمة هذه اللجنة كخبراء يدرسون الأمر ويبدون رأيهم حوله.
ففي معظم الأحيان يتخذ السياسيون قرارات خاطئة لعدم معرفتهم بالأمور الصحيحة وهذا ما حصل في أفغانستان والعراق وحتى فلسطين.
عودة كراباخ
عارضت شخصيا فكرة عودة اقليم كراباخ إلى الحرب وأشدد على ضرورة حل المشكلة وفق الأطر السلمية، فلم يمكن حلها سلميا؟
قضية كراباخ بالنسبة لنا قضية ملحة ويجب ان تجد حلا مهما كانت الظروف، وانا كرجل دين وزعيم ديني لاذربيجان التقيت ببطريرك ارمينيا السابق والحالي عدة مرات في مؤتمرات مختلفة وفي كل مرة نؤيد الحل السلمي لهذه القضية.
وانا كرجل دين مستحيل ان اقول او أؤيد حل هذه القضية بطريق الحرب وانا أؤيد الحل السلمي لحقن الدماء.
اذربيجان دولة يتعزز اقتصادها وقدرتها العسكرية ووضعنا الآن ليس كما كان في عام 1993 ـ 1994، فقد شهدت البلاد خطوات هائلة في التنمية والتطور وان شاء الله لنا امل كبير وثقة بان اذربيجان ستحل هذه القضية بشكل سلمي حسب الحدود المعترف بها من منظمة المؤتمر الإسلامي واليونسكو والأمم المتحدة، وسنعيد حدودنا التي دخلنا بها الى المنظمة الدولية.
أخيرا رسالة الى الشعب الكويتي خاصة انك شخصيا لك مواقف مشهودة إبان الغزو الصدامي على الكويت؟
مهما قلت عن الشعب الكويتي الطيب وقيادته الحكيمة فسيكون قليلا، روابطنا مع الكويت تمتد من 30 ـ 40 سنة، وفي ايام الاحتلال الصدامي للكويت رفعت صوتي تأييدا للكويت وشرعيتها، وحاول صدام ان يجتمع بي او يلتقي معي فرفضت ذلك بسبب عدوانه على الكويت.
وأؤكد في ختام هذا اللقاء ان ما يربطنا بالكويت اكبر من ان يوصف في كلمات وخاصة الاحترام المتبادل مع حضرة صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد ومن قبله الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد وعلاقتي الوثيقة جدا مع اخي العزيز د.عادل الفلاح الذي اذا اتصل بي وهو في أي مكان ووقت احضر اليه مهما كان الأمر.
واقرأ ايضاً:
القرضاوي لمسلمي الشيشان: التفوا حول قيادتكم الشرعية والإسلام شرع الجهاد للدفاع عن النفس
سرالييف: رمضان قديروف هو أمير القوقاز ونحارب المتطرفين لأنهم قطاع طرق وقتلة
شيخ علماء القوقاز وروسيا: شعوبنا لم تقبل التشيّع و«الكومنولث» رفض محاولات إيرانية لتشييع التعليم
«الأنباء» في ديربنت «باب الأبواب»: قبور 40 صحابياً وقلعة بناها ذو القرنين
«الأنباء» في أذربيجان.. بلد النيران