برعاية «تمدين» اصدرت مجموعة «بيت العرب» في الكويت دورية حمل عددها الثاني عنوان رسالة الجواد العربي. وتحدثت الدورية عن مشروع الجواد العربي الذي تطلقه «بيت العرب» ايذانا ببدء حقبة جديدة في الكويت قريبا، مع انتهاء فريق من الخبراء في «بيت العرب» من خططهم التي تتضمن انشاء مجموعة من المنشآت لتربية وتدريب الخيول الى جانب تصميم منظر يتواءم مع النباتات والحيوانات المحلية وتخلل العدد فصولا تحدثت عن الجواد العربي في تاريخ الكويت، اضافة الى لمحة عن نشأة الجواد العربي واصوله. كما تضمن ابحاثا حول صحة وكيفية العناية بالخيول واحتوى العدد على بحث حول انتشار سلالة حدبان التي طورها عرب شمر الذين جلبوها معهم لدى هجرتهم من الجزيرة العربية خلال القرن السابع الميلادي الى سورية، والتي منها انطلق هذا الجواد الأصيل إلى العالم وخاصة إلى مصر.
يعد الحصان العربي أقدم وأنبل وأجمل الخيول في العالم وهو من السلالات الخفيفة، ويرجع تاريخه الى ما قبل السيد المسيح عليه السلام، ومن المعروف أن معظم سلالات الخيول في العالم تحمل خاصة من خواص الحصان العربي حيث يقال انه حدث اختلاط ما في إحدى سلاسل تطورها مع الدم العربي، ومهما اختلف في أصله يبقى اسمه العربي في كل بقاع الدنيا، فهناك الكثير من الجدل والنقاش حول الأصل الأول لهذا الحصان فالبعض ينسبه الى الحصان المنغولي وآخرون يشيرون الى أن أصله يعود الى الصحراء الليبية وهناك من يزعم أنه وجد على شكل قطعان حرة برية في شبه الجزيرة العربية منذ القدم، بينما تؤكد المصادر القديمة والحديثة أن هذا الحصان أصيل في شبه الجزيرة العربية ولم يفد إليها من خارجها كما يقول بعض الدارسين، وهناك من المغرضين من يزعم ان الحصان الأصلي نشأ خارج الجزيرة العربية ثم ادخل إلى فلسطين وسورية من الشمال الغربي لبلاد العراق ابان غزو الديانيين في القرن الحادي عشر قبل الميلاد فقد أدخله الهكسوس الرعاة من سورية الى مصر ومنها الى الجزيرة العربية، ولكن جميع تلك النظريات تفقد الركائز العلمية الثابتة التي من شأنها حسم النقاش وإنهاؤه لطرفها، ومن الأكيد أن الخيول العربية كانت موجودة في شبه جزيرة العرب في عهد السيد المسيح عليه السلام، وظهرت أهميتها بشكل واضح أثناء الجاهلية قبل الإسلام وتبقى بقية الآراء والنظريات فقيرة الى دليل وتعوزها الحجة والبرهان وتنحصر في دائرة الظن والتخمين، فقد ذهب العلماء الذين قاموا بدراسة التطورات الجوية والجيولوجية إلى القول بتوغل الجزيرة العربية في الماضي السحيق وأنها كانت مأهولة بالإنسان والحيوان وأقاموا الأدلة الصحيحة على رأيهم بما وجدوه من محار في المناطق الصحراوية يرجع إلى عصور ما قبل التاريخ.
وهكذا تبين لنا بما لا يدع مجالا للشك أن الخيل الأصيلة نشأت في جزيرة العرب فوق هضاب نجد ومنطقة عسير واليمن، تلك المناطق التي كانت ومازالت من أخصب وأطيب المناطق وأكثرها ملاءمة لتربية الجياد استنادا إلى الأدلة العلمية التي قدمها أحدث الكشوف الأثرية وهذا ما تؤيده فعلا نصوصنا القديمة فما تم التوصل إليه حديثا كان معروفا وبديهيا منذ خمسة عشر قرنا ونيف هذا ولم تبخل المصادر القديمة بتقديم أوصاف شاملة للحصان العربي الأصيل حيث ألفت في ذلك كتب كثيرة وكم هي تلك الدراسات الحديثة التي أجراها الغرب في تحديد أوصاف الحصان العربي معتمدين على ما سمعوه وما شاهدوه بأم أعينهم في الصحراء العربية حيث استقوا معلوماتهم من الأصل والمنبع ثم أخذوا يفسرون ويعللون حسب الموجودات التي بين أيديهم فتوصلوا إلى الطرق المثالية الحديثة والمطورة في الحفاظ على الجياد العربية.
ولعل من الأمور الهامة التي كان لها العامل الأكبر في صيانة هذا العرق النبيل اهتمام العرب وولعهم الشديد بأنساب خيولهم وأصلها فكانوا يقطعون المسافات الطويلة مع خيلهم ليصلوا بها الى فحل ماجد العرق معروف النسب والحسب فيلقحونها منه وهم مطمئنو البال مرتاحو الخاطر ولعل الأمر الأهم من هذا وذاك هو العادات والتقاليد التي اتسمت بها حياة ابن الصحراء فانعكست بأسلوب أو بآخر على الجواد العربي فكان للجواد العربي نظامه وعرفه الاجتماعي الخاص به الأمر الذي ساعد على تحسين النسل بشكل مستمر والمحافظة عليه نظيفا من أي عيب أو شائبة والدليل على تلك الأمور هو امتناع صاحب الفحل أن يأخذ مالا مقابل تلقيح أفراس الغير حيث يتم الأمر من غير مقابل والا فانها تسيء الى حسن خلقه وكرم ضيافته وكانت هذه العادات سارية منذ الجاهلية ثم جاء الإسلام وأكد عليها فاستمرت الى عهد قريب في جزيرة العرب،، ومن تلك العادات أيضا عادة يطلق عليها اسم التخريض وهي ان يقوم ابن البادية بخياطة فروج إناثه من الخيول بخيوط من الفضة خوفا من ان يصيبها فحل غير ذي نسب او حسب او أصل، الأمر الذي يخفض من قيمتها وينزل من قدرها ولو كانت عريقة وأصيلة وابن البادية في صحراء الجزيرة العربية يعتبر حصانه في منتهى الكمال ولا يمكن لأي دم غريب أن يضيف اليه صفات ايجابية بل العكس تماما اذ ان أي اختلاط ما مع سلالة غريبة يسبب انحطاطا في نوعية النتاج القادم، وكنتيجة حتمية ومحصلة لكثير من تلك الأمور كان للحصان العربي الأصيل أن يتميز بالنبل ورشاقته وألوانه الساحرة وتوازنه الطبيعي وخلوه من عيوب القوائم وتحمله للظروف الصحراوية القاسية وسرعة البديهة والإخلاص لصاحبه واليقظة والتحفز الدائمين.
بدأت تجارة الخيول العربية في الكويت أواخر القرن التاسع عشر، عندما كانت الكويت تعتبر الميناء التجاري الرئيسي لشحن الخيول من شبه الجزيرة العربية الى القوات البريطانية في الهند، وكان للكويت الريادة في بناء السفن وبشكل خاص التي تناسب شحن الخيول.
يعمل بيت العرب ليس فقط على المحافظة على الجواد العربي الأصيل، بل يتعدى عمله الى المحافظة على النباتات الفطرية التي تمثل التراث الطبيعي للكويت، مع العمل على متابعة الأبحاث الزراعية والتشجيع على زراعة النباتات الصحراوية الكويتية، كما يهتم بيت العرب بتشجيع البحث العلمي في مجال نمو وتطوير النباتات البرية.
واقرأ ايضاً:
المركز العلمي يطلق أحدث أفلامه «شبه الجزيرة العربية» اليوم