تشكل السياحة اليوم قطاعا اقتصاديا متميزا على الصعيد العالمي لما لها من مردودات اقتصادية ومالية واجتماعية عديدة، وليس أدل على ذلك من أنه وفقا لإحصاءات منظمة السياحة العالمية تستحوذ السياحة على أكثر من 7% من مجمل الإيرادات والصادرات العالمية وبذلك تقف ركيزة أساسية في التجارة الدولية.
وعلى الصعيد الخليجي، أثبتت السياحة كفاءتها وقدرتها على المساهمة الفاعلة في تنويع مصادر الدخل الوطني وفي توفير درجة أكبر من الاستقرار الاقتصادي، بالإضافة إلى توفيرها فرصا واعدة لتنمية الأعمال والاستثمار بمختلف صوره.
كويتياً شهدت الفترة الأخيرة ورود اشارات حكومية تشير الى وجود توجه قوي لدعم السياحة وتطويرها، حيث أكد نائب رئيس مجلس الوزراء للشؤون الاقتصادية ووزير الدولة لشؤون التنمية ووزير الدولة لشؤون الاسكان الشيخ أحمد الفهد، خلال اجتماع موسع عقده مع قيادات شركة المشروعات السياحية ممثلة برئيس مجلس الإدارة الشيخ دعيج الخليفة والعضو المنتدب خالد الغانم، أن قطاع السياحة يشكل أهمية خاصة في المشروعات التنموية بهدف إضافة بند جديد على موارد الدولة، لافتا الى ان الدولة تدفع بهذا الاتجاه وتوفر كل ما يلزم ويخدم الهدف المنشود في تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري باعتبار القطاع السياحي أحد مقومات هذا التوجه، وشدد على دور القطاع الخاص في المشروعات التنموية بشكل عام والسياحية بشكل خاص.
انطلاقا من هذه التوجه، تسلط وحدة البحوث الاقتصادية بمركز «اتجاهات للدراسات والبحوث» من خلال هذا التقرير، الضوء على أبعاد القطاع السياحي كخيار ممكن وجيد لتنويع مصادر الدخل للكويت لتكون رديفا للنفط، والمتطلبات اللازمة للنهوض بهذا القطاع الاقتصادي الحيوي، وتحويله من مجرد وسيلة للترفيه والتسلية إلى صناعة متطورة ومنتجة، التفاصيل في الأسطر التالية:
واقع سياحي
يرى المراقبون أن الوضع الحالي للقطاع السياحي في الكويت غير متوافق مع التوجهات العالمية والإقليمية التي تنظر للسياحة باعتبارها صناعة متقدمة للغاية تقدر بمليارات الدولارات، حيث مازال ينظر إلى هذا القطاع في الكويت على أنه مجرد قطاع ترفيهي فقط في حين ترى التوجهات العالمية الجديدة أنه قطاع خدمي ومورد اقتصادي قوي، حتى ان دولا عديدة في قارة آسيا باتت تعتمد بشكل كبير على الدخل السياحي.
كذلك لا يوجد ترابط بين القطاع السياحي وبقية القطاعات المساندة الأخرى مثل قطاع المصارف وقطاع الفنادق والإنشاءات والمقاولات، والسفر والطيران وغيرها.
وليس أدل على ضعف الواقع الراهن للسياحة الكويتية من أنها لا تساهم بأكثر من 1.9% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد، ولا تتجاوز نسبة العمالة الكويتية في قطاع السياحة «مطاعم وفنادق ومكاتب سياحة وسفر» الـ 1% فقط، كما لا تتعدى الطاقة الاستيعابية الحالية للفنادق 4600 غرفة.
مقومات سياحية
لاشك أن الكويت تمتلك العديد من مقومات بناء صناعة سياحية متميزة، بما في ذلك الموقع الجغرافي المميز، والسيولة المالية لدى القطاعين العام والخاص التي توفر داعما رئيسيا لبناء المزيد من الفنادق والمنتجعات والمزارات السياحية.
لقد شهدت السنوات الثلاث الأخيرة تطورات نوعية كبيرة لجهة تطوير السياحة الوطنية في البلاد وذلك في ضوء مجموعة من الاعتبارات هي: التوجه لتنويع مصادر الدخل الوطني وإيجاد مصادر أخرى رديفة ومن ثم بديلة للنفط الخام لاسيما في سياق الحديث عن سعي المستهلكين العالميين للحد من الاعتماد المفرط على النفط القادم من دول الشرق الأوسط.
التوجه لاستعادة الكويت دورها التاريخي كمركز مالي وتجاري إقليمي في المنطقة، ولاشك أن تطوير السياحة من شأنه تعزيز هذا التوجه ودفعه قدما للأمام.
بالإضافة إلى وجود رغبة لدى القطاع الخاص الكويتي في النهوض بالصناعات الخدمية ومن بينها السياحة والبنوك وتجارة الترانزيت.
نتائج إيجابية
من المتأمل أن يساهم النهوض بالقطاع السياحي في توفير نتائج ايجابية للغاية على صعيد زيادة مستوى تنافسية الاقتصاد الكويتي، وذلك من خلال توفير ما يزيد على 10% من الإنفاق على السياحة الخارجية سنويا.
- زيادة حصيلة الإيرادات الحكومية المباشرة وغير المباشرة، ومن ثم المساهمة في تقليص العجز في الميزانية العامة للدولة.
- توفير 30 ألف فرصة عمل وظيفة للكويتيين داخل القطاع السياحي بروافده المختلفة حتى عام 2025.
- تنشيط وخدمة نحو 40 قطاعا اقتصاديا أخر ذات ارتباط بالسياحة، بدءا من قطاع البناء والتشييد، مرورا بقطاع البيع بالتجزئة والصيرفة المالية، وحتى تشجيع المشاريع التجارية والاستثمارية الأخرى.
متطلبات التطوير
ثمة فرصة مواتية حتى اللحظة الراهنة لإحداث نقلة نوعية في تطوير السياحة الكويتية وجعلها صناعة اقتصادية قوية ونامية ومستدانة، لكن ذلك يقتضي القيام بمجموعة من السياسات والإجراءات، على أن يراعى بوجه عام الخطوط الرئيسية التالية:
- القناعة التامة بأهمية ومحورية السياحة المحلية في النهوض الاقتصادي، واتباع ذلك بصياغة استراتيجية وطنية شاملة لـ 20 سنة قادمة تجعل السياحة أحد محاور التنمية الاقتصادية المستدامة، ومحورا من محاور الخطط الخمسية للدولة.
- التجديد والابتكار وتجاوز فكرة السياحة التقليدية إلى تطوير أنواع أخرى تناسب البيئة المناخية والطبيعية والثقافية للكويت مثل السياحة العلاجية، وسياحة المعالم التراثية، والسياحة الترفيهية والعائلية.
- ضرورة أن يكون للكويت نموذجها السياحي الخاص والفريد النابع من تراثها وموقعها الجغرافي إمكاناتها المتوافرة ماديا وبشريا، مع إمكانية الاستفادة من التجارب السياحية الناجحة ولكن من دون افراط او تفريط وبما يتواكب مع البيئة الحضارية والاجتماعية المحلية.
- بلورة إطار تنظيمي من الحكومة والجهات غير الرسمية المعنية بالشأن السياحي الداخلي بما يصب في صالح بلورة رؤية استراتيجية عملية للنهوض بالقطاع السياحي الكويتي.
- توفير البنية التحتية اللازمة والداعمة للسياحة من تحديث للطرق والجسور، وتوسيع الطاقة الاستيعابية للفنادق الحالية وبناء المزيد منها، وتطوير الخدمات المقدمة على شركات الطيران الكويتية.
- العمل على بث الوعي السياحي لدى المواطنين عن طريق مختلف وسائل الاعلام المسموعة والمرئية والمقروءة.
شركة المشروعات السياحية
تأسست شركة المشروعات السياحية في الثالث من ابريل من عام 1976 ومن أهم أهدافها منذ تأسيسها هي تقديم الخدمات الترفيهية والترويحية لكل مواطن ومقيم على أرض الكويت.
تعتبر الشركة ريادية في مجال الترفيه والترويح ولها باع طويل في هذا المجال وساهمت بشكل ملموس في عمليات تطوير وتنمية السياحة في الكويت منها على سبيل المثال مهرجان «هلا فبراير».
تدير شركة المشروعات السياحية عدة مشروعات في الكويت مثل أبراج الكويت والمدينة الترفيهية والجزيرة الخضراء، إضافة إلى عدد من الاندية البحرية مثل: نادي الشعب ونادي رأس الأرض ونادي اليخوت.
كما يتبع الشركة عدد من الشواطئ مثل: شاطئ البلاجات والمسيلة والعقيلة، بالإضافة إلى مسنة الشعب ومسنة بنيد القار.
كانت شركة المشروعات السياحية احدى أهم المؤسسات السياحية، كما تساهم الشركة أيضا من خلال العديد من الاتجاهات في منح القطاع الخاص الفرص للاستثمار في مرافق الشركة بل وقامت من خلال خبرتها العملية بتزويد هؤلاء المستثمرين بالمعلومات الكافية وبالكوادر البشرية التي استفادت بخبراتها من فترة عملها بشركة المشروعات السياحية.
وارتبط اسم الشركة مع أكثر من ثلاثة أجيال منذ تأسيسها وذلك من خلال خدماتها التي تقدم في مرافقها المنتشرة في أنحاء الكويت، حيث تقدم تلك المرافق العديد من الأنشطة المرتبطة بجميع شرائح المجتمع.