محمد راتب
بعد نحو ساعتين من إعلان الأربعاء الأول من رمضان المبارك، اتخذت الحياة في الأسواق التجارية والجمعيات التعاونية والشوارع منحى مختلفا، فهلع الناس من غير مبرر لشراء السلع الغذائية الرمضانية المعروفة على قدم وساق، ولعل العربة التي رصدناها تطفح بكميات قد لا تحتاجها الأسرة إلى هذا الحد تثير الدهشة فعلا. لعل الثقافة المجتمعية المختلفة عن شهر رمضان حركت الناس لجمع أكبر قدر ممكن من الأطعمة والمأكولات، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل قائمة تموين رمضان لا تنتهي عند ورقة «قائمة التسوق» التي يحملها الكثير من الأزواج عند رحلة التسوق؟ وما هو سر الهلع واكتظاظ الأسواق بالمستهلكين ليلة اليوم الأول من رمضان؟ وهل تحول بعض الناس إلى وحوش ليس في بالهم إلا التهام ضعف ما يأكلونه في غير هذا الشهر المبارك؟ «الأنباء» جالت في بعض الأسواق الشعبية في الكويت ومتاجر السلع الغذائية وبعض الجمعيات التعاونية، ورصدت في بعضها ازدحامات خانقة، وفي بعضها الآخر هدوءا، ولعل السبب في ذلك هو ما قامت به الجمعيات التعاونية من مهرجانات تسويقية، سدت الأسرة من خلالها احتياجها من المواد والأصناف الرمضانية بأقل الأسعار، لكن الذين فاتهم قطار تلك المهرجانات، تزاحموا في ساعات الليل الأولى.. وقد أكدوا على ضرورة جعل رمضان شهرا للقرب الى الله وتجنب الإسراف وكان لنا وقفة معهم لأخذ آرائهم.. فإلى التفاصيل:
البداية كانت مع سامر العبدالله الذي التقيناه في بعض الأسواق الشعبية، والذي طفحت «عربانته» بالأصناف الغذائية والاستهلاكية واللحوم التي قد تكفي لأسرتين، ولدى وقوفه على «الكاشير»، قام بدفع نحو 90 دينارا ثمن ما جمعه، سألناه عن الذي دعاه لذلك، فقال: إننا كمستهلكين نعاني من جهل وثقافة ضحلة، فرغم أن بلادنا ولله الحمد لا تعاني من حروب ولا مجاعات ولا نقص في الأمن الغذائي، إلا أننا صرنا عبيدا للعادات الخاطئة، لافتا إلى أنه حرص على أن يستكمل جميع الأصناف التي طلبتها منه زوجته للتجهز لشهر رمضان، وقال: إن شهر رمضان هو شهر الخير، ولا يخفى على أحد منا ما تشهده العائلات من دعوات إفطار وغبقات، وهذا ما يستدعي منا تأمين أكبر قدر ممكن من المواد الغذائية اللازمة لـ «تبييض الوجه» أمام المدعوين.
أم محمد: أطباق دخيلة وتنافس بين ربات البيوت
أما أم محمد، والتي كانت تتسوق في بعض الجمعيات التعاونية، فقالت لـ«الأنباء»: إن أطباقا كثيرة أصبحت دخيلة على موائد افطارنا، وإنما جاءت لمجرد تزيين الموائد فقط، وللتنافس بين ربات البيوت في إعداد المزيد من الأصناف، وهذا ما يدعونا إلى التسابق على شراء الخضار والفواكه واللحوم بهذه الكميات. وقالت: إنها وحتى تتجنب الإسراف، فإنها تقوم مع زوجها وأبنائها بإرسال الكميات المتبقية من طعام الإفطار إلى الجمعيات الخيرية بعد إعداده في أطباق خاصة.
وعن الأسعار، ذكرت أم محمد أن ارتفاع الأسعار على المواد الغذائية قبيل شهر رمضان هذه السنة، لم يكن بالصورة البشعة التي لاحظناها خلال العام الماضي، والتي تسبب فيها جشع بعض التجار وإعلاناتهم لشد الزبائن، وقالت: إن المهرجانات التسويقية التي قامت بها الجمعيات التعاونية أدت إلى منافسة بينها وبين الاسواق الشعبية والموازية، وهو ما أدى إلى استقرار الأسعار وجعل السلعة في متناول يد المستهلك إلى حد ما، وأضافت: إلا أني أتخوف من عودة الأسعار إلى الارتفاع عقب شهر رمضان المبارك بسبب ضعف الرقابة من قبل الجهات المعنية.
مشاري: مظاهر عجيبة وإهدار أموال
بدوره، استغرب مشاري يوسف هذا الزحف غير المنطقي من قبل الناس إلى الأسواق التجارية، معتبرا أنه «بطر» وقال: لقد نسينا أن رمضان هو شهر تربية على التقشف والإحساس بالفقراء من خلال الصيام وليس شهر تخمة البطون، لافتا إلى أن هذه المظاهر العجيبة قبيل الساعات الأولى من رمضان قد تكون هي سبب ارتفاع أسعار بعض السلع الاستهلاكية الرمضانية، فالسوق «عرض وطلب» وعندما يرى التاجر أن الناس مقبلون بشكل كبير على سلعه فإنه لن يتوانى في رفع أسعارها إلى حد كبير، موضحا أنه بات من الضروري نشر الوعي الاستهلاكي في المجتمع فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «الاقتصاد نصف المعيشة» وقال في حديث آخر «ما عال من اقتصد». أما ما نراه فهو إهدار أموال وتسوق شره، وعلينا أن نستبدل هذه الثقافة بأن نفكر في الأسر المحتاجة وأن نبذل لهم العون قدر المستطاع.
أبو سليمان: التسوق قبيل رمضان له طعم خاص
أبو سليمان، والذي التقيناه في سوق شعبي، أكد أن الخروج للتسوق بشكل عام له متعة وطعم خاص فما بالك إذا كان ذلك قبيل بدء الشهر الفضيل، لافتا إلى أن رصد ميزانية خاصة لشهر رمضان الكريم هو أمر مبالغ به ولا داعي له، فرمضان هو شهر الصيام والعبادة والسعادة الروحية، وليس شهر طعام، ومن الجميل أن يستشعر الإنسان الأجواء الرمضانية من خلال التنويع في بعض الأطعمة، ولكن من جهة أخرى، فإن الإفراط والمبالغة في المشتريات وصنع الأطعمة، ينعكس سلبا على الإنسان من الناحية الاقتصادية وكذلك الصحية، حيث نرى أن الكثير من الناس يصابون في شهر رمضان بالتخمة وزيادة الوزن، في حين أن المفترض هو التقليل من الطعام والسعي لتحسين الحالة الصحية خلال الشهر. وقال: أعتقد أن هذه ظواهر سلبية انقلبت إلى عادة، وغيرت الهدف السامي من الصيام، أما نحن والحمد لله، فإني وأسرتي أحرص على التوازن سواء في رمضان أو غيره.
ويشير أبو سليمان إلى أن التركيز الأكبر في شهر رمضان يجب أن يكون على صيام الروح والتخلص من الأوزار والأمراض الاجتماعية والآثام، فرمضان شهر الصيام عن الخطيئة وتطهير الروح، وفي نفس الوقت شهر تطهير البدن وكذلك شهر التواصل الاجتماعي والمحبة، متمنيا أن يعيد الله هذا الشهر المبارك على الأمة الإسلامية بكل خير وبركة.
جمانة: شره التسوق يشوه صورة الصيام
جمانة عبود، وهي لبنانية الجنسية، تؤكد أن شهر رمضان لم يتغير بالنسبة لها عن الشهور الأخرى، ولكنها قد تسعى إلى تغيير نوعية الأطعمة في رمضان حرصا على أن تخرج هي وعائلتها من هذا الشهر بصحة أفضل، فهي تتجنب شراء المواد النشوية والإكثار من اللحوم، وتحرص على الإكثار من الفواكه والخضراوات، لافتة إلى أن من الواجب على المسلم الشعور بالآخرين الذين قد لا يجدون ما يأكلونه في رمضان، وليس أن يجعل رمضان شهر الإكثار من المأكولات والمشروبات والإفراط في شراء السلع، فهذا يشوه صورة الصائم أمام غير المسلمين، حيث إن الآخرين سينظرون لنا في رمضان وكأننا لا نفعل شيئا إلا التغيير في مواعيد تناول الطعام، والنوم في النهار والأكل في الليل، كما أن سيدة المنزل التي تجعل يومها كله في صنع الطعام والمكث في المطبخ إنما تضيع وقتها ونهارها، والأفضل أن تفكر في دينها وقراءة القرآن.
وحيد: ما شهدته بعض الجمعيات من زحام خانق على بعض الأصناف أمر يثير الغرابة
أما ضاري وحيد فيذكر أن تدافع الناس على الأسواق والمتاجر الغذائية قبل رمضان وأثناءه يفسر بازدياد الولائم خلال الشهر، وهو نوع من أنواع صلة الرحم، وهذا ما يجعل العائلة تحسب حسابا لذلك. ولكنه يؤكد أن من غير الضروري رصد ميزانية خاصة لشراء السلع في رمضان. لافتا إلى أن الأسعار في شهر رمضان لا تختلف عن بقية الشهور، بل على العكس قد نجد عروضا أكثر في الجمعيات التعاونية من خلال المهرجانات التسويقية التي أطلقتها، لكنه يستغرب من التدافع غير المبرر على بعض السلع مثل بعض العصائر المركزة، خلال شهر رمضان، لدرجة أننا سمعنا عن حدوث مشاكل في بعض الجمعيات جراء التدافع والزحام الخانق.
فجر: كثرة العيال تتطلب المزيد من المال
أما فجر الحويلة فذكرت أن لديها نحو 9 أبناء، وهي مضطرة في رمضان وغير رمضان إلى التزود بكميات كبيرة من السلع، وقالت: إن كثرة العيال تتطلب المزيد من المال والإنفاق، لافتة إلى أن من الضروري في مثل هذه الأيام الحرص على تعويد الأبناء والبنات على الصيام وأداء العبادات لاسيما صلاة التراويح، معتبرة شهر رمضان فرصة ثمينة جدا، يجب أن تستغلها المرأة المسلمة في طاعة ربها وليس في ملء بطنها وإتخام أسرتها بأنواع الطعام، ومن ثم تعريضهم للإصابة ببعض الأمراض. وتضيف فجر، أنها تحرص خلال الشهر الفضيل على شراء أكبر قدر من الخضراوات والفواكه الطازجة والتمر والأسماك، في حين أنها تتجنب في صنع أطعمتها خلال رمضان الإكثار من الدهون والسمن والزيوت واللحوم الحمراء والحلويات والنشويات.
وقالت: أحرص على ألا تزيد ميزانية الأطعمة خلال شهر رمضان، ورغم أن سيارتي ستمتلئ هذه الليلة بالسلع الغذائية، إلا أنها تحتوي في معظمها على أهم العناصر المفيدة للجسم، والتي تساعدني مع أسرتي على الخروج من رمضان بصحة وعافية.
واقرأ ايضاً:
الهارون: حريصون على ضبط أي انحرافات في السوق والجميع تحت طائلة القانون
الحكومة تعارض زيادة علاوة الأبناء إلى 100 دينار
العتيبي: افتتاح السوق المركزي رقم 2 في وقت قياسي وحُلة مميزة ترجمة حية لطموحات مجلس الإدارة
الحمود: صرف الزيادات المالية للموظفين الكويتيين مع رواتب سبتمبر
السواك قيمة طبية عالية
«تعاونية الرقة» تنظم مسابقة القرآن الكريم تحت شعار «شافع مشفع»