فقدت الكويت أمس الاول أحد أبرز مبدعيها وأحد رواد جيل التنوير، الشاعر الكبير أحمد السقاف، الذي تخطى بهامته الادبية حدود الوطن العربي فترجمت قصائده الى الايطالية والفرنسية وتطرق بشعره لمختلف القضايا السياسية والوجدانية والوطنية التي تغنى فيها بالكويت وبالوطن العربي الكبير وأثرى التاريخ الثقافي الكويتي بمؤلفاته.. درس العلوم الدينية والعربية وعمل مدرسا للغة العربية في مدرسة المباركية.. كما يسجل له اصداره أول مجلة تصدر وتطبع في الكويت وهي مجلة «كاظمة» وساهم في اصدار مجلة «العربي».
ولد السقاف عام 1919، وهو من أسرة السقاف المنتشرة في كثير من اقطار العالم العربي. عين عام 1944 مدرسا بالمدرسة الشرقية ثم ناظرا لها، ومن زملائه حينذاك: الاستاذ عبدالعزيز الدوسري، والاستاذ صالح شهاب والاستاذ عبدالله عبداللطيف المطوع، والملا حمود العلي، والاستاذ عبدالمحسن مسلم الزامل، والملا عيسى مطر، والاستاذ عبدالله احمد حسين الرومي، والاستاذ عبدالمجيد الخنفر، والاستاذ خالد المضف، والاستاذ فاضل خلف. وفي اثناء عمله في مجال التدريس أنشأ ندوة متنقلة كانت تقام مساء كل خميس في ديوانية احد الفضلاء، وقد حرص محبو الادب والثقافة على حضور هذه الندوات التي استمرت خلال العام الدراسي 45/19746. وفي شهر يوليو من عام 1948 أصدر العدد الاول من مجلة شهرية أسماها «كاظمة» وهي أول مجلة تطبع في الكويت، ولكنها توقفت بعد تسعة اشهر. ثم تولى بعد ذلك رئاسة تحرير مجلة «الايمان» لسان النادي الثقافي القومي، وهي مجلة شهرية كانت تطبع في بيروت، أما ملحقها الاسبوعي، فكان يطبع بالكويت. وفي خريف عام 1954 انتقل الى ادارة الاوقاف، بعد ان خدم مهنة التربية والتعليم نحو عشر سنوات.
وفي اوائل عام 1956 نقل الى ادارة المطبوعات والنشر، وهي الادارة التي تحولت بعد الاستقلال الى وزارة الارشاد والانباء ثم الى وزارة الاعلام.
وفي خريف العام نفسه كلفه صاحب السمو الشيخ صباح الاحمد بمهمة إصدار مجلة ثقافية كبيرة، فسافر الى بعض الاقطار العربية ومنها مصر في عام 1957، حيث اتفق مع د.احمد زكي على ان يتولى رئاسة تحرير هذه المجلة التي سميت باسم «العربي»، وفي ديسمبر عام 1958 صدرت المجلة، التي كان للمربي الفاضل الدور الاول في تأسيسها.
وفي ربيع عام 1962 عين وكيلا لوزارة الارشاد والانباء، ثم استقال من هذا المنصب عام 1965.
وفي صيف عام 1966 صدر مرسوم أميري بتعيينه عضوا منتدبا ـ بدرجة سفير ـ بالهيئة العامة للجنوب والخليج العربي، وذلك للاشراف على المساعدات التي تقدمها الكويت لجنوب الجزيرة العربية وبلدان الخليج العربي، وكان يرأس هذه الهيئة صاحب السمو الشيخ صباح الأحمد.
وفي عام 1973 انتخب أمينا عاما لرابطة الادباء بالكويت، وفي عام 90 تقاعد من العمل الحكومي بعد رحلة امتدت لنصف قرن ليتفرغ لأعماله الأدبية والفكرية.
يعد السقاف واحدا من الرواد المبرزين في الساحة الثقافية العربية، فقد أسهم بجهوده وابداعاته في احياء الثقافة العربية وتجديدها واثراء الكثير من مجالاتها شعرا ونثرا، ويعد من الصفوة التي دافعت عن اللغة العربية في وجه الحملة الظالمة التي تعرضت لها على يد نفر من دعاة التغريب والقوميات الضيقة وأنصار الشعوبية الحاقدة على العرب وعلى لغتهم الجميلة،
ومن أهم آثاره ومؤلفاته:
1 - المقتضب في معرفة لغة العرب.
2 - أنا عائد من جنوب الجزيرة العربية.
3 - الاوراق في شعر الديارات.
4 - حكايات من الوطن العربي الكبير.
5 - العنصرية الصهيونية في التوراة.
6 - تطور الوعي القومي في الكويت.
7 - شعر أحمد السقاف.
8 - من شعر أحمد السقاف.
9 - صيف الغدر عن الغزو الصدامي الآثم.
10 - قطوف دانية عن الشعر الجاهلي.
11 - أحلى القطوف عن الشعر الأموي.
12 - أغلى القطوف عن الشعر العباسي.
13 - الطرف في الملح والنوادر والاخبار والاشعار.
14 - أحاديث في العروبة والقومية.
كما كتب الفقيد رحمه الله العديد من المقالات في «الانباء».
مواقفه الوطنية والقومية والإنسانية
تجلت وطنية السقاف وموقفه القومي وانسانيته الشفافة من خلال نتاجه الادبي نثرا وشعرا، فقد تحرك في كل الدوائر الانسانية ابتداء من دائرة الاسرة فدائرة الوطن، فدائرة الخليج والوطن العربي، فالدائرة الانسانية الواسعة. ففي رؤيته العربية الواضحة كان يقول: العربي هو من اتخذ العربية لسانا، واعتز بالثقافة العربية وأخلص لها واندمج في المجتمعات العربية سواء أكان في الاساس عربيا أم لم يكن. أما القومية العربية عنده فهي التضامن العربي ليس غير، فكل عربي داخل الوطن العربي أو خارجه يؤمن بالتضامن العربي بين الشعوب العربية هو قومي عربي. ويستنطق التاريخ شاهدا على مذهبه العربي، فيعود الى الاسواق العربية القديمة التي كانت قائمة قبل الاسلام مثل: عكاظ، ومجنة، وذي المجاز، وغيرها، وذلك من اجل التعارف وتبادل المنافع وانشاد الشعر وإلقاء الخطب واجازة المجيدين من الشعراء والخطباء، وهو ما يعرف اليوم بالقومية العربية.
ويقول عن حبيبته الكويت:
يقول لي الناس: ما اسم الحبيبة
لقد حير الفكر هذا السؤال
فقلت: الحكاية جدا غريبة
فما من غموض وما من خيال
أعيدوا التأمل في كل بيت
فقالوا: عرفنا الكويت.. الكويت
رحم الله الشاعر أحمد السقاف وأسكنه فسيح جناته.
وبهذه المناسبة تتقدم «الأنباء» بالتعازي الى اسرة الفقيد وتسأل الله لهم الصبر والسلوان، (إنا لله وإنا إليه راجعون).
واقرأ ايضاً:
ورحل سفير الشعراء.. غازي القصيبي
خالد الجندي: شرب الخمر جائز في ظروف معينة!
بدء تطبيق «الأذان الموحد» في مدينة الألف مئذنة ..وحظر استخدام مكبرات الصوت في مساجد البحرين