حنان عبدالمعبود
بقلوب يعتصرها الألم والأسى عبر عدد من مصممي الأزياء عن حزنهم لرحيل مصممة الأزياء الكويتية نجود بودي بعد رحلة مهنية حافلة بالنجاح والتميز استطاعت من خلالها ان تثبت اسمها كمصممة أزياء كويتية في الميادين العربية والعالمية.
فبخطى واثقة بدأت نجود بودي (رحمها الله) المشوار الحلم في مهنة الأزياء لتتسارع الخطوات التي دعمتها بسلاح العلم ولتتقدم بفترة وجيزة وتحجز لها مكانة مميزة بين أقرانها متنقلة بين عدد كبير من العواصم لتسدل أشرعتها بعد محطات نشرت خلالها (رحمها الله) الجمال والإبداع في كل مكان زينته أفكارها الخلاقة.
المثال المشرّف
فقد أعربت مصممة الأزياء والإعلامية الكويتية أنسام الخلف عن حزنها العميق بفقدان الفقيدة المغفور لها نجود بودي، وقالت: «فقدنا إنسانة عزيزة على قلوبنا، ومثالا مشرفا للبنت الكويتية الطموحة، كونها كانت مصممة أزياء، بل كانت سباقة في هذا العمل، وواجهت الكثير من الصعوبات في دخول المجال، خاصة انها بدأت منذ فترة أطول.
وأضافت أنسام: يحزننا خسارتها ونتمنى لأهلها أن يلهمهم الله الصبر.
إنسانة مثابرة
من جانبها، قالت أديبا المحبوب: «تألمت كثيرا حينما تلقيت الخبر، لأنها كانت إنسانة مثابرة، ومجتهدة، والقدر لم يمهلها فأول بداية ظهورها وجني ثمار مشقتها، المرض أصابها ولم يمهلها، وهذه إرادة الله العلي القدير، وإن شاء الله يكون مثابها ومثواها الجنة.
أدعو لها ان يغفر الله لها ويرحمها، ويجعلها مع الأنبياء والشهداء والصديقين.
وأضافت: هذا حال الدنيا في الفراق، وعلينا ان نتقبله بالرغم من حزننا الشديد، لأنها لم تكن شخصية عادية، رحمها الله كانت من الأوائل في مجال التصميم، وأنا أعتبرها مدرسة، كنا نتعلم منها، ولكن قضاء الله نافذ، المرض كان أقوى منها، وقد صبرت على مرضها وتحملت الكثير من المعاناة معه، وإن شاء الله هذا كله في ميزان حسناتها.
صاحبة بصمة
بدورها أصيبت المصممة نيللي زهار بصدمة شديدة لأنها لم تكن تعلم إلا حينما تحدثنا إليها، وبعد أن هدأت قالت: «نجود كانت من أوائل النساء بالعالم العربي التي اعتلت درج تصميم الأزياء صاعدة لنتبعها، فهي صاحبة بصمة قوية ومهمة، خاصة انها تخرجت في نفس المدرسة التي تخرجت فيها بلندن.
واستطردت: أكن لها احتراما كبيرا، فقد فقدت صديقة وإنسانة قلما أجد مثلها، «يا ليت الناس عرفوها أكثر»، فهي لم تأخذ حقها كما تستحق، ولم تنل الشهرة التي يجب ان تكون عليها في عملها، ولكني متأكدة انها لن تنسى ابدا فهي باقية في قلوب الكثيرين جدا وأنا إحداهم.
صاحبة فضل
الصدمة أصابت كذلك مصمم الأزياء الكويتي سعد الدواس عندما أبلغناه بوفاتها لمروره بوعكة صحية، فقال: كانت إنسانة رائعة تستحق الخير كله، لقد أحزنني هذا الخبر، ولكن لا اعتراض على قضاء الله، وأسأل الله سبحانه أن يجعلها من عتقاء شهر رمضان، ويلهمنا وأهلها الصبر، لأن فجيعتنا فيها كبيرة. وأردف: الفقيدة صاحبة فضل على الكثيرين، واسم كبير في مجالنا، ومن الناس الذين مهما كبرنا، يظلون هم الأكبر، رحمها الله.
رحلة حافلة
ونجود بودي رحمها الله كانت اول كويتية جامعية برزت في عالم تصميم الازياء، تلقت دراستها في الجامعة الاميركية في لندن وحصلت على بكالوريوس تصميم الازياء في العام 1994 وشاركت في كثير من المسابقات وفازت بجميع جوائزها ومنها جائزة الجامعة يوم التخرج كأفضل مصممة للعام 1994 من بين ثلاثة وعشرين خريجا وخريجة.
وكانت رحمها الله من اولى الفتيات الكويتيات اللواتي اخترن عالم تصميم الازياء، وان تميزت عن زميلاتها بأنها تخصصت في هذا المجال عبر الدراسة.
قدمت العرض الاول في الكويت في اكتوبر 1995 بحضور اكثر من 1000 شخص، وحازت تصميم الازياء الرسمية للشركة العربية ـ الانجليزية في يناير 1995، ولم تنس وهي في بداياتها العمل الخيري فشاركت في عرض ازياء ذهب ريعه لضحايا الفيضانات في جمهورية مصر العربية، كما خصصت ريع عرض آخر لها لجمعية مكافحة مرض السرطان وجمعية دار العجزة في لبنان.
وفي يوليو 1995 كانت نقلتها من الهواية الى الاحتراف، فقد اسست شركة محدودة اسمتها «نجود بودي للتصميم» ومقرها لندن، ولم تغفل الازياء الرجالية بل حصلت على عدة جوائز مميزة صممت فيها للرجال في مسابقات عالمية مثل فايلين العالمية في نوفمبر 1993 وجائزة ازياء المستقبل في مارس 1994، وكانت الجائزة للازياء الراقية التي نظمها ومولها معرض اجيدو الشهير.
وفي مايو 1994 حصلت نجود من جامعتها على جائزة الطالبة المميزة في التصميم، وفي يونيو 1994 تمت دعوتها لحضور تصفيات الخيط الذهبي بمدينة لوج بپولندا وعرضت ازياءها التي حازت اعجاب الجميع.
وبعد النجاح الذي حققته في عالم الازياء والاكسسوارات، واصلت رحمها الله ابتكاراتها في صنع العطور مقدمة عرضا مميزا عن شخصيتها كهدية للمرأة العصرية، فكان العطر «جود» الذي جعلت انطلاقته العالمية الاولى من الكويت كونه اول عطر لمصمم عربي عالمي، وفضلت نجود بودي ككويتية ان تكون المرأة الكويتية اول من يصل لها عبيره واريجه.
نجاحات تلو الاخرى قطفتها بودي في مشوارها المهني حتى في المدن الشهيرة ببراعة مصمميها كبريطانيا، اذ استطاعت ان تعلن عن نفسها وعن جنسيتها باستحواذ تصاميمها على الاذواق، فالموهبة عند بودي كانت ركنا اساسيا في حياة اي فنان الا انه يجب ان تصقل بالدراسة والصبر والتضحية خاصة في مجال تصميم الازياء.
وكتبت الوكالات الاخبارية العالمية عام 1995 عن عرضها الاول قائلة: قوبلت مصممة الازياء الكويتية نجود بودي بباقات الزهور من جمهور الحاضرين عندما رفع الستار عن احدث عروضها وهو الاول في المنطقة لمصممة كويتية تتخصص بالازياء الغربية.
ونجحت بودي رحمها الله بجهدها الدؤوب في اجتذاب كبار مصممي الازياء العالميين الى مبتكراتها حتى ان احدهم حاول احتكار كل تصميماتها لاعجابه الكبير بعملها.
عشقت رحمها الله الشعر وكانت تقرأ لخالد الفيصل وتعتبره القمة في الشعر، اضافة لشغفها بالقراءة عن حضارات العالم.