- الهم الرئيسي لسموه هو ثنائية «صون الوطن وخدمة المواطن» والكلمات الدالة على مكانة «البلاد» في ردوده تكررت 26 مرة
- عبارة «أنا في الصف الأمامي للتمسك بالديموقراطية» بليغة عكست انشغال المحمد بها قولاً وفعلاً وكمفهوم وعملية في الفكر والحركة
- المحمد مؤمن بأن مواجهة الفساد وترسيخ الشفافية والأخذ بالمساءلة تمثل مقومات أساسية للحكم الصالح وشرطاً لتحقيق التنمية
- المفردات التي استخدمها المحمد تدعو إلى التغيير ومقاومة الثبات مثل «الإنجاز» و«الإصلاح» «والتغير» و«الانطلاق» «والعمل» وغيرها
- المحمد يرى أن العلاقة بين الأجيال في الكويت يحكمها التواصل لا الانقطاع وحل المشكلات لا توريثها
- النمط العام الحاكم لطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع هو «الثقة» و«التمكين المتبادل»
أجرى مركز (اتجاهات) للدراسات والبحوث «اتجاهات» الذي يرأسه خالد عبدالرحمن المضاحكة تحليل مضمون، كيفيا وكميا، لحوار سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد الذي أجراه الإعلامي عبد الحكيم السبتي وبثه تلفزيون الكويت مطلع الأسبوع الجاري. ومن خلال التعمق في الردود على التساؤلات التي وجهت إلى سموه، جاءت المقابلة في نحو 1370 كلمة وتضمنت 19 فقرة، ويمكن القول ان تلك الردود تعكس بعمق اهتمام سموه بـ «حال الكويت الديموقراطي» على المستوى الداخلي فضلا عن رؤيته لـ «توجه الكويت التنموي» على المستوى الخارجي.
عبارة بليغة
بالنسبة للمستوى الداخلي، تكررت كلمة الديموقراطية 13 مرة في خطاب سموه، وبرزت عبارة بليغة لسموه وهي «أنا في الصف الأمامي للتمسك بالديموقراطية»، وهو ما يعكس انشغال سمو رئيس الوزراء بالديموقراطية كمفهوم وعملية.. في الفكر والحركة.. القيم والأبنية.. المعتقدات والإجراءات.. التوجهات والمؤسسات.. التساؤلات والاستجوابات. فالكويت هي واحدة من التجارب القليلة في المنطقة العربية التي خرجت من حالة «الاستثناء الديموقراطي» حيث عرفت الدستور منذ خمسة عقود ويوجد بها برلمان حر منتخب يفعّل المساءلة السياسية في مواجهة الشخصيات التنفيذية حتى ولو كانوا من أبناء الأسرة الحاكمة، حيث شهد العام الماضي استجوابا تاريخيا بحق سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، تم اجتيازه بصعود سموه المنصة ومواجهته المساءلة، الأمر الذي يعتبر – وفقا لتصور سموه - انتصارا ديموقراطيا كويتيا وليس انتصارا شخصيا فئويا. كما أن رؤية سموه تشير إلى أن مواجهة السلبيات الناتجة عن التحول الديموقراطي في الكويت لا تتم عبر إجراءات الحد من مظاهر الديموقراطية بل المضي قدما في طريق الديموقراطية بحيث تتعرض التجربة الكويتية لمزيد من الإنضاج. ومن ثم، لم يكن غريبا أن الأدبيات السياسية الغربية تعطي اهتماما متزايدا لما تسميه «النموذج الكويتي» في التحول الديموقراطي.
طعم الديموقراطية
يعلي سمو رئيس الوزراء من شأن الدستور الكويتي باعتباره أبا القوانين والميثاق المحدد للعلاقة بين الحاكم والمحكوم، حيث تكررت كلمة الدستور 17 مرة، ولا يرى سموه أن المرحلة الراهنة تقتضي إحداث تغيير أو تعديل في الدستور القائم، حيث يتطلب حدوث ذلك وجود ما أسماه «توافق سياسي ونوايا صافية» غير متوافرة، فطعم الديموقراطية ليس «حلوا» دائما. ويرى سموه أن المرحلة المقبلة ستشهد سيادة القانون حيث تكررت كلمة القانون 9 مرات، واستعان سمو رئيس الوزراء بقول صاحب السمو الأمير لدى ترؤسه إحدى جلسات مجلس الوزراء «يا مجلس الوزراء طبقوا القانون على الجميع وابدأوا فيني أنا». ووفقا لرؤية المحمد، فإن معيار الفصل بين المتخاصمين مهما بلغ شأنهم هو القضاء، حيث تكررت كلمة القضاء نحو 7 مرات. فالقضاء يتمتع باستقلالية شديدة في مواجهة السلطتين التشريعية والتنفيذية في الكويت، حتى يكون مصونا، وهو ما تم التعبير عنه في الحوار «القضاء لا سلطان عليه».
وبالتالي، فإن النمط العام الحاكم لطبيعة العلاقة بين الدولة والمجتمع في الكويت هو «الثقة» و«التمكين المتبادل» في المرحلة الحالية، بعد أن كانت الأحداث – في فترات ماضية - تجري بسخونة ظاهرة شهدت توترا كبيرا. كما أن حوار سمو رئيس الوزراء يساعد على زيادة مساحة رصيد الثقة نتيجة شجاعة الاعتراف بوجود أخطاء لكن العبرة بآليات التصحيح.
إعلام الفتن
ويشدد سمو الشيخ ناصر المحمد على دور الإعلام كفاعل رئيسي في إثراء العلاقة بين أبناء المجتمع الكويتي، حيث تشير خبرة الشهور الماضية إلى أن بعض الوسائل الإعلامية، حاولت إثارة الفتن، بدرجات متفاوتة وأشكال مختلفة، بما يهدد الوحدة الوطنية لأبناء المجتمع الكويتي الذين تجمعهم أرض واحدة ومصير مشترك. وقد برز هذا المعنى جليا في حوار سموه حينما طالب العاملين في الحقل الإعلامي بـ «عدم الالتفات لمثيري الفتن وعدم إعطائهم الفرصة لصنع بطولات غير لائقة على حساب الوطن وتلاحمه». على جانب آخر، يؤكد سمو رئيس الوزراء أن «الانفتاح الإعلامي ضروري»، معربا عن شعوره بالفخر بعد تبوؤ الكويت المرتبة الأولى في مؤشر حرية الصحافة على المستوى العربي والإسلامي، لكن ذلك لا يعني عدم وجود سلبيات حيث ان «الحرية لابد أن يقابلها شعور بالمسؤولية الرقابية الذاتية التي تحافظ على النسيج الاجتماعي وكرامات الناس» على حد قول سموه.
تقاطع الفكر
وقد تقاطع هذا التوجه مع توجه صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد حينما تناول موضوع «إثارة النعرات» في خطابه الأخير الذي ألقي بمناسبة العشر الأواخر، وقال «إن مواجهة ذلك يستوجب الارتقاء بإعلامنا المقروء والمسموع والمرئي وممارسة دوره المنشود في تكوين ودعم الرأي العام المستنير الذي يعزز الولاء للوطن ويرسخ روح الوحدة الوطنية وينشر المحبة بين الناس ويسهم في تقوية أواصر الإخاء». وبالتالي، فإن كلا من صاحب السمو الأمير وسمو رئيس الوزراء يضعان مسؤولية مباشرة على الإعلام بمختلف أشكاله في الحفاظ على الوحدة الوطنية. وفي هذا الإطار، فقد أن الأوان لتشكيل لجنة الوحدة الوطنية لتخرج إلى النور قبيل دور انعقاد مجلس الأمة في أكتوبر المقبل.
الحكم الصالح
كما برز في خطاب سمو رئيس الوزراء الاهتمام بالبعد التنموي، حيث تكررت كلمة التنمية 9 مرات، وأشار سموه إلى أن «الأشهر الماضية كانت مليئة بالإنجازات وأن الكويت تحظى برؤية إستراتيجية تمتد إلى عام 2035». وأضاف أنه «للمرة الأولى في تاريخنا التشريعي بعد التحرير يقر مجلس الأمة خطة التنمية للسنوات الـ 4 المقبلة والتي سيتم العمل فيها وفق رؤية منهجية وأدوات تنفيذية وكوادر وطنية ومعايير دقيقة لتنفيذ مشاريع التنمية والمبادرات في مختلف القطاعات».
فهناك بعض الخطوات التي لجأ إليها مجلس الوزراء الكويتي في المرحلة الماضية لسن التشريعات وصياغة القوانين والتي تعالج متطلبات وتحديات التنمية التي تواجهها الكويت مثل قانون «سوق المال» وقانون «الخصخصة» وقانون «حقوق ذوي الإعاقة» وقانون «العمل»، بالإضافة إلى ما تم التقدم به من التشريعات وإجراءات متعلقة بمكافحة الفساد وضمان الشفافية في الجهاز الإداري للدولة، لأن الإخفاق في تحقيق ذلك يعرقل خطط التنمية ويقف حائلا دون تحويل البلاد مركزا ماليا وتجاريا.
وثمة جهة محددة يقع على عاتقها محاربة الفساد وهي ـ كما جاءت في نص الحوار ـ «ديوان المحاسبة»، لدرجة أن سمو رئيس الوزراء يعتبرها بمثابة «المسطرة»، فضلا عن جهات أخرى معنية بمواجهة تلك الظاهرة «الوبائية» مثل مجلس الأمة ومجلس الخدمة المدنية وجهاز خدمة المواطن وتقييم أداء الخدمات الحكومية والقضاء المستقل وكذلك الإعلام الحر والمنظمات الشعبية لمكافحة الفساد.
سفينة الوطن
وقد تم تشبيه الوطن من جانب رئيس الوزراء بـ «السفينة» في الخطاب التي تحتاج إلى تعاون كل من عليها. وهناك مفردات تشير إلى النهج التعاوني لسمو رئيس الوزراء مثل «التعاون» و«التلاحم» و«التكاتف» و«المسؤولية مشتركة» و«الحكومة والمجلس في قارب واحد» و«المركب لن يمشي إلا بتعاون البحارة كلهم» و«يدي ممدودة للجميع» و«الكويت تمد لنا اليد» و«أكون مساهما في» و«التوافق السياسي» و«نوايا صافية» و«تعاون بين الجميع». ومن هنا طالب سمو الشيخ ناصر المحمد الحكومة ومجلس الأمة بـ «الحرص على غرس التفاؤل وإحياء الأمل في المجتمع». فالخلافات بين الحكومة ومجلس الأمة تعرقل خطط ومشروعات التنمية.
كويت جديدة
إن المفردات التي استخدمها سمو رئيس الوزراء تدعو إلى التغيير ومقاومة الثبات مثل «الإنجاز» و«الإصلاح» و«التغيير» و«الانطلاق» و«العمل» و«البناء» و«الإنجازات» و«الكويت التي تتشكل» و«اكتشاف المتغيرات» و«كويت اليوم ليست كويت الأمس» و«كويت يصعد فيها رئيس الوزراء إلى المنصة ليفند محاور استجوابه.. كويت مليئة بجمعيات النفع العام ومؤسسات المجتمع المدني الفاعلة.. كويت فيها إعلام حر. كويت مليئة بالشباب المثقف المتفاعل الطموح». ويبرز هنا في ردود سمو رئيس الوزراء التوجه المستقبلي بتكرار بلغ 9 مرات، من خلال كلمات بعينها مثل «المستقبل» و«مستقبل الكويت» و«الكويت الحديثة» و«الكويت الجديدة» و«الديموقراطية الجديدة» و«العام 2035» و«جيل جديد» و«لغة جديدة» و«عصر جديد». فالعلاقة بين الأجيال في الكويت يحكمها التواصل لا الانقطاع، حل المشكلات وليس تصدير المشكلات، وهو ما عبر عنه الشيخ ناصر المحمد قائلا «معيب.. ان نورث أجيالنا مشكلاتنا».
دوائر التحرك الخارجي
على المستوى الخارجي، يشير خطاب سمو الشيخ ناصر المحمد إلى أن الكويت تهدف إلى دعم علاقتها بالعالم الخارجي لكن من الملاحظ حدوث تحول عن المسار التقليدي الذي اتبعته السياسة الخارجية الكويتية لفترة من الزمن، حيث تمثلت دوائر الحركة الخارجية الكويتية في 3 دوائر، وهي: الدائرة الأولى تتعلق بمنطقة مجلس التعاون الخليجي عبر التنسيق والتعاون مع دول المجلس الشقيقة بهدف ترسيخ الأمن والاستقرار في منطقة الخليج وتعزيز التكامل الاقتصادي وصولا إلى الوحدة الخليجية المنشودة. الدائرة الثانية تخص منطقة الشرق الأوسط من خلال المساهمة الفعالة مع الدول العربية والمجتمع الدولي من أجل حل الصراع العربي ـ الإسرائيلي بما يضمن قيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة طبقا لقرارات الشرعية الدولية والعمل الحثيث على إخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل. أما الدائرة الثالثة فهي دولية، تهدف إلى دعم جهود المجتمع الدولي والمنظمات الدولية من أجل تحقيق الهدف الأسمى للبشرية في العيش بأمان واستقرار.
الوطن والمواطن
خلاصة القول مما سبق أن القضايا الداخلية استحوذت على اهتمام سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وتلتها في الأهمية القضايا الخارجية، ان الهم الرئيسي لسموه هو ثنائية «صون الوطن وخدمة المواطن»، بحيث تكررت الكلمات الدالة على مكانة «الوطن» في ردود سمو رئيس الوزراء، إذ تكررت كلمة «الكويت» 25 مرة وكلمة «الوطن» وردت مرة واحدة.
واقرأ ايضاً:
الحكومة: مهلة للوزراء لحسم أوضاع الوكلاء و«المساعدين»
نواب: فرصة مواتية أمام الحكومة لجعل ياسر الحبيب عبرة لكل من يتطاول على عِرض الرسول صلى الله عليه وسلم
الفصل للمعلمين والعاملين المدخنين بالمدارس
«الكهرباء»: مكتب لشؤون المستهلكين في المطار لتسهيل سداد الفواتير
الأذينة: مناقصة مشروع تنفيذ المستشفيات الـ 6 الجديدة في أكتوبر
الساير: «الصحة» توقع اتفاقية مع جامعة تورونتو لتطوير خدمات علاج السرطان
مهندسو القطاع النفطي يطالبون الزنكي بإنصافهم وإقرار كادرهم وبدلاتهم