- العدساني: أكثر من 450 مدينة عربية واكبت حركة المتغيرات ونجحت في تجاوز العوائق المحيطة بأوضاعنا العربية والإقليمية والدولية
أمير زكي
تحت رعاية صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد وبحضور ممثل سموه رعاه الله سمو ولي العهد الشيخ نواف الأحمد اقيم صباح امس الاحتفال بالمؤتمر العام الخامس عشر لمنظمة المدن العربية وذلك على مسرح قصر بيان بمبنى المؤتمرات.
وقد شهد الحفل كبار الشيوخ وسمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد والنائب الاول لرئيس مجلس الوزراء ووزير الدفاع الشيخ جابر المبارك ورئيس مجلس الامة بالإنابة عبدالله الرومي ونائب وزير شؤون الديوان الاميري الشيخ علي الجراح وكبار المسؤولين بالدولة.
بدأ الحفل بالسلام الوطني وتلاوة آيات من القران الكريم ثم القى سمو الشيخ ناصر المحمد رئيس مجلس الوزراء كلمة رحب فيها بالحضور وقال: انه لشرف كبير ان تستضيف الكويت هذا الحشد الكبير من الاشقاء والاصدقاء وكبار الضيوف في هذا المؤتمر الجامع لنخبة متميزة تعمل في مجالات التنمية المحلية والوطنية في منطقتنا العربية.
ونحن في الكويت نهتم اهتماما كبيرا بعملية التنمية والتطوير لان التنمية المستدامة بالنسبة للكويت اولوية مطلقة يتجاوز نطاقها المستوى المحلي الى المستوى الاقليمي والعالمي وحسنا فعلت منظمة المدن العربية عندما اختارت مدن المعرفة ومستقبل الشباب عنوانا لمؤتمرها العام الخامس عشر.
ان المعرفة ركن اساسي لاحداث نقلة نوعية في تنفيذ المشروعات الانمائية فى القطاعات المختلفة وكلما تراكم اكتساب المعرفة لدى المشاركين في التنمية سواء كان هؤلاء من الاداريين او المهنيين وذوي الاختصاص اصبحوا اكثر قدرة على انجاز المهام بشكل افضل وهذا ما تقوم به وزارات واجهزة الدولة المختلفة في الكويت حيث اننا نعتبر ان بناء القدرات ضرورة اساسية للنهوض بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية على المستويين المحلي والوطني.
لقد اهتمت الكويت بالتنمية البشرية التي ترتكز على التعليم والتدريب كعنصرين هامين لا يمكن الاستغناء عنهما في الجهود المبذولة للارتقاء بمستويات التنمية المستدامة في مجالاتها المختلفة كما تمثل المعرفة بالنسبة للمدن اهمية كبيرة حيث
يعيش اليوم في المدن ثلاثة من كل ستة افراد اثنان منهم يسكنان في مدن نامية هذه الارقام توضح حجم التحدي الذي تمثله تنمية المدن في العالم الراهن.
ان عملية التنمية بمفهومها الشامل ترتبط برعاية الشباب وتعزيز دورهم لانهم يشكلون عاملا اساسيا لاي تخطيط للنهوض بمجتمعات المدن والدول العربية وتتمثل رعاية الشباب في اقرار السياسات والبرامج الوطنية وتوفير فرصة كاملة لهم في مختلف المجالات ولاسيما في حقل التعليم والعمل وغيرهما من المجالات الرياضية والثقافية والاجتماعية.
ان دولة الكويت اذ تحتضن المقر الدائم لمنظمة المدن العربية منذ العام 1967 تنظر بارتياح كبير لما سجله هذا الكيان العربي من نجاحات عربيا واقليميا ودوليا حيث نجحت المنظمة في استقطاب المزيد من المدن العربية كاعضاء تجمع بينهم روابط الاخوة والمودة والسعي المشترك للنهوض بالمدينة العربية وساكنيها.
ونحن على ثقة بان هذا المؤتمر سيخرج بالنتائج المنشودة لما فيه خدمة المدينة العربية وساكنيها وهو ما يستوجب التأكيد على دعمنا ومساندتنا لمنظمة المدن العربية ومؤسساتها كي تواصل مسيرتها في معاونة المدن الاعضاء على مواجهة مختلف انواع التحديات والمتغيرات واطلاق وانجاز المخططات والمشاريع التنموية الكبرى على الصعيدين الوطني والمحلي.
خبرات ومعارف
بعدها القى الامين العام لمنظمة المدن العربية عبدالعزيز العدساني كلمة اعرب فيها عن خالص شكره لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد لرعايته للمؤتمر كما تقدم بالشكر لسمو نائب الامير وولي العهد الشيخ نواف الاحمد على حضوره ممثلا لراعي المؤتمر.
واكد العدساني ان «المدن ومجالسها البلدية تحولت اليوم الى محركات اساسية للتنمية والى سلطات وحكومات محلية قادتها الى الحوارات مع الحضارات والثقافات الاخرى».
وقال ان المؤتمر يضم نخبة من قادة المدن ورؤساء البلديات والسلطات المحلية في الوطن العربي الكبير ويشكل محطة التقاء وتشاور للنهوض بتلك المدن اضافة الى اكتساب الخبرات والمعارف والتجارب ومقارعة تحيات العصر.
واشار الى ان المنظمة التي تضم في عضويتها اكثر من 450 مدينة عربية واكبت حركة المتغيرات ونجحت في تجاوز عوائق التجاوزات المحيطة بأوضاعنا العربية والاقليمية والدولية من خلال قيادة بارعة في التعاطي الايجابي والحماس المسكون في تحقيق الهدف.
واوضح العدساني انه تم الحرص على اظهار وجه القيادة المعني بمفهوم المدن واحتياجاتها وطموحاتها منذ انشاء المنظمة في الكويت في الـ15 من مارس 1967 مشيرا الى ان امناء المدن ورؤساء البلديات ساعدوا في ذلك.
واكد ان هذا المؤتمر بحواراته ومناقشاته وابحاثه من شأنه ان يسلط الضوء على الدور المحوري للمدن والبلديات ومجالس الحكم المحلي في مواجهة مختلف انواع التحديات والمتغيرات مع ما يستتبع ذلك من ترسيخ ديموقراطية القرب والمشاركة واطلاق وانجاز المخططات والمشاريع التنموية الكبرى.
النهوض بالمدينة العربية
واضاف العدساني ان منظمة المدن العربية عملت منذ تأسيسها في الكويت قبل 43 عاما على تحقيق اهدافها للنهوض بالمدينة العربية وساكنيها مؤكدا انها كانت ولا تزال تسير في هذا الاتجاه مستفيدة من دعم وتقدير قادة وحكومات الدول العربية وعلاقة الشراكة التي اقامتها مع المدن الشقيقة والصديقة ومع الجامعة العربية ومجلس التعاون الخليجي والامم المتحدة ومنظماتها وهيئاتها والبنك الدولي وغيرها.
واستذكر العدساني كلمات صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد قبل 10 سنوات في افتتاح المؤتمر العام الـ12 في الكويت والذي اكد فيه سموه ايمان دولة الكويت الراسخ بالتضامن العربي والعمل العربي المشترك في جميع المجالات وعلى جميع المستويات الرسمية والشعبية.
وتقدم العدساني بالشكر والامتنان للكويت على دعمها المعنوي والمادي المتمثل في انشاء المقر الجديد للمنظمة متمنيا ان يكون المقر منارة لعملنا العربي المشترك على مستوى المدن والبلديات العربية.
معالم الحضارة
من جهته، أكد رئيس مجلس الإدارة المدير العام للصندوق العربي للإنماء الاقتصادي والاجتماعي عبداللطيف الحمد اهمية موضوع هذا المؤتمر لانه يتصل بالمدن العربية رمز الحضارة والتراث والمعرفة، موضحا ان في المدن «تتكون معالم الحضارة وفيها تتشكل ابرز مسارات اتجاهات التطوير والتنمية في المستقبل».
ولفت الحمد في كلمة مماثلة له في الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الى انه يعيش حاليا نحو 60% من العرب في المدن والأوساط الحضرية بالمقارنة مع اقل من 40% في أوائل السبعينيات الامر الذي فرض ضغوطا هائلة على المدن من ازدحام وتلوث وانعدام الامن اضافة الى ظهور انماط معمارية جديدة لا تنسجم مع الخصوصيات الثقافية والتراثية العربية.
وقال ان هذه التطورات لم تؤثر فقط على الناحية الاقتصادية بل تعدتها الى النواحي الاجتماعية والثقافية، موضحا ان هذه الظاهرة ليست بجديدة حيث سبق للمؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة المنعقد في عام 1972 ان اقر بوجود تهديد للتراث الثقافي والطبيعي بالاندثار بفعل هذه التحولات.
وذكر ان الدول العربية تزخر بوجود 66 موقعا ضمن لائحة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو ويعتبر هذا دليلا على العمق التاريخي للحضارات التي مرت على هذه الدول.
وأضاف «لا شك ان التحولات الاقتصادية والاجتماعية التي تشهدها الدول العربية لها تأثير على حماية هذه المكاسب التراثية من الاندثار حيث انه ومع الضغوط المتزايدة التي تتعرض لها المدن وتزايد الموارد المطلوبة لمواكبة متطلبات العولمة فان الموارد المسخرة لحماية التراث أصبحت شحيحة بشكل يهدد هذه الثروات التراثية بالاندثار ويحمل مخاطر فقدان الهوية العربية والإسلامية».
هوية وتراث
وأكد حرص الصندوق العربي للانماء الاقتصادي والاجتماعي على ايلاء دعم المدن العربية والحفاظ على هويتها وتراثها جانبا كبيرا من الاهتمام حيث شملت مساهماته المباشرة في التنمية الاجتماعية منذ بداية نشاطه وحتى نهاية عام 2009 نحو 1.7 مليار دولار لتمويل مشاريع في مجالات الصحة والتعليم والإسكان والتنمية الاجتماعية.
وأضاف ان الصندوق قدم ايضا 600 معونة فنية بلغت قيمتها 93 مليون دينار لتمويل برامج اجتماعية مختلفة خصص بعضها للنهوض بالمدن العربية والحفاظ على الثراث والآثار كما هو الحال في مجال دعم انشطة منظمة المدن العربية والمعهد العربي لانماء المدن والمساهمة في عدة مشاريع رائدة على غرار مشروع انشاء المتحف الأثري في مدينة صيدا والمتحف المصري الجديد ومشاريع الحفاظ على التراث والمعالم التاريخية في القدس والخليل وترميم جامع الزيتونة في تونس والجامع الأموي في حلب وإعادة تأهيل الجامع الكبير في صنعاء وترميم الأسوار والأحياء العتيقة في عدد كبير من الدول العربية اضافة الى انشاء وصيانة وتجهيز المكتبات والمتاحف ودور الآثار.
وقال «ان المتأمل لاوضاع المدن العربية يرى ان الكثير منها قد تحول من مدن تعبر عن تاريخها والحضارات المتعاقبة التي مرت عليها الى مدن تطغى عليها مظاهر العولمة والجوانب المادية والى مدن تسوق ومراكز تجارية ومن مدن متجانسة الى مدن تعبر عن مظاهر عديدة للتناقضات كتواجد المباني الفاخرة جنبا الى جنب مع الأحياء العشوائية وكل هذه الامور تحتاج الى وقفة تأمل ومعالجة».
وأكد ان معالجة هذه القضايا ترتبط ارتباطا وثيقا بتحسين الادارة وسياسات وانماط التنمية والتخطيط العمراني فبعض تطبيقات برامج التنمية في اعقاب استقلال عدد من الدول العربية أدى الى سياسات للتصنيع والنمو السريع للمدن والى تنمية غير متكافئة بين الريف والحضر وهذا بدوره أدى الى ازدحام المدن وتلوث البيئة وتردي الخدمات العامة فضلا عن ارتفاع معدلات البطالة والفقر الحضري.
وطالب الحمد بأن يتم الاخذ في الاعتبار خصوصيات المدن العربية الحضارية والثقافية والتراثية عند التعامل مع التحديات التنموية التي تواجهها الدول العربية بما فيها تطوير المدن وان يتم احداث تناغم بين استحقاقات التنمية بمفهومها الاقتصادي الضيق وهذه الخصوصيات وان يعمل على توسيع المشاركة في صنع القرار وتحسين الحوكمة والظروف المعيشية للسكان درءا للتهميش والاقصاء الاجتماعي وتحقيقا لتنمية شاملة عادلة ومستدامة.
ذاكرة المدن
بدوره اكد الخبير الأكاديمي في التنمية الحضرية روبرت باكلي اهمية بعض المدن العربية كونها مدنا كانت «مهد الحضارات وذات اطر حديثة».
وأشاد باكلي في كلمته بالجلسة الافتتاحية للمؤتمر بشعار هذا المؤتمر والذي يحمل عنوان «مدن المعرفة ومستقبل الشباب»، مؤكدا اهمية الاهتمام بالشباب لانهم يمثلون معظم عدد السكان في المنطقة.
وأكد ان تطور المدن يعتمد على وجود شباب لديهم رغبة في الانتاج وبالتالي يلجأون الى المدن موضحا ان هذه الفئة أدرى بكيفية استغلال التطور الحاصل في مجال تكنولوجيا المعلومات.
وتم بعدها عرض فيلم قصير بعنوان «ذاكرة المدن».
ثم أهدى القائمون على الحفل هدية تذكارية الى ممثل صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الاحمد سمو نائب الأمير وولي العهد الشيخ نواف الأحمد بهذه المناسبة.
هذا وأقام سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد ظهر أمس مأدبة غداء في الخيمة الأميرية بقصر بيان على شرف رؤساء الوفود المشاركين في المؤتمر العام الخامس عشر لمنظمة المدن العربية الذي يعقد أعماله بالكويت.