- لدينا حرية مميزة ولكننا نفتقر للثقافة السياسية التي تؤهلنا لاستخدامها بطريقة سليمة لا تخلو من المواءمة
- أداء رجال الداخلية كان على قدر المسؤولية فالتجمهر عند مناقشة القضايا الحساسة قد يتسبب في خروج الأمور عن السيطرة
- أبواب بعـض المسؤوليـن مغلقــة ومواعيدهــم كاذبة ولا يفتحونها الا للنواب الذين يجلدونهم بالكلام
- يجب الإسـراع في حسـم النقــاط الحدوديــة مع العراق وتسوية بغداد للنقاط العالقة مع جميع دول الجوار ماعــدا الكويت علامـة استفهـام كبـرى
- كمواطن أشعر بوجود تهديد للكويت من امتلاك إيران لسلاح نووي ونوايا طهران ليست خالصة
أسامة دياب
أكد الخبيــر الامنــــي والاستراتيجي العقيد الركن متقاعد فهد الشليمي ان الفترة الوجيزة الماضية كشفت حقيقة في غاية الاهمية وهي أن لدينا حرية سياسية مميزة ولكننا نفتقر للثقافة السياسية التي تؤهلنا لاستخدامها بطريقة سليمة لا تخلو من المواءمة، لافتا لاهمية الثقافة السياسية كمحور أساسي في حياة الشعوب، فأفضل دساتير العالم لن تثمر في حال عدم توفرها كبيئة محفزة وخارطة طريق للممارسة الديموقراطية.
وأشار الشليمي في تصريح خاص لـ «الأنباء» الى ان ما شاهدناه في الفترة الماضية من شد وجذب وصراع، حتى وان اتفقنا أنه يندرج تحت مسمى الحرية السياسية الا أننا علينا ان نعرف ان الحرية السياسية لها ضوابط ثقافية سياسية منها ادارة الحوار ولغته، عدم اللعب على أوتار عواطف الشارع وتهييجها واستخدام المستندات والمواد والشواهد وعدم القذف بلا بينة، مشددا على ان أخطر ما يواجه الكويت الآن هو تشتت جهود أبنائها، ففي السابق كنا نقول ان مواطن الخطر على الكويت تكمن في النظام الصدامي من جهة وايران من جهة أخرى الا ان الاشكالية الآن تكمن في ان بعض أبناء الكويت يشكلون خطرا على استقرار الكويت، سواء بحسن نية أو بسوء نية، بالاضافة الى ان بعض النواب وبعض الناشطين السياسيين يشكلون في تجاوزاتهم خطرا على الديموقراطية الكويتية، موضحا ان هذا الكلام سمعه من مراقبين غير كويتيين يعمل معهم ويعتبون على الطرح المتشنج والحدة واستغلال بعض الظواهر والمواقف لمكاسب سياسية، مشددا على ضرورة وجود الحراك السياسي ولكن من خلال اطار محدد وواضح المعالم.
خروج الندوات عن مسارها
وأعرب الشليمي عن أسفه لخروج الندوات في الكويت عن مسارها الاصلي وأصبحت تدور في المسائل الثانوية على حساب القضايا الكبرى وطغى عليها حب الظهور الاعلامي والتواجد على الساحة الاعلامية بصورة ملحوظة، مبينا أنه مع قرار منع الندوات الخارجية في وقت معين وضرورة معينة، موضحا ان ما قامت به وزارة الداخلية قد يكون مبررا حيث ان تجمهر الناس وخصوصا عند مناقشة قضية لها خصوصية معينة مثل القضايا الطائفية قد يتسبب في خروج الامور عن السيطرة في حال وجود بعض المندسين أو المتهورين بين الحضور وبالتالي ستكون المحصلة اشعال فتيل أزمة لا يعرف مداها الا الله ولكن مع الوضع في الاعتبار أنه اذا انتفت صفة التهديد الامني فعلى الوزارة ان تتراجع وتستخدم عنصرا أمنيا واحدا مثل جهاز تسجيل أو تلفون نقال وعلى من يتجاوز ان يتحمل العواقب القانونية.
ولفت الى أنه يعول على سعة صدر الحكومة وحكمة المسؤولين، مشددا على ان أداء رجال الداخلية في التعامل مع الازمة كان على قدر المسؤولية بأداء ممتاز حتى وان لم يرق الامر للمواطنين فحفظ الامن والامان مسؤولية ليست بالهينة ولا تخضع للاهواء الشخصية، معربا عن استيائه من استخدام وزارة الداخلية لسيارات العمليات أمام أبواب الدواوين فالكويت كانت ومازالت قبلة للديموقراطية وهذا النهج لا يتفق مع ما تعودنا عليه قيادات الداخلية من هدوء وسعة صدر في التعامل مع الازمات، موضحا ان الردع كان ضروريا ولكن المبالغة في اظهاره مرفوضة.
كلام عار عن الصحة
وأعرب عن أسفه لاتهامه بأنه أحد الذين خططوا لاقامة 11 ندوة في يوم واحد لتشتيت جهود رجال الامن، مشيرا الى ان هذا الكلام عار عن الصحة فقد يتفق مع اخوانه في أهمية اقامة الندوات ولكنه يختلف معهم في منهجية وآلية التطبيق، ولفت الى أنه من غير المقبول ان نتحدى الحكومة باقامة 11 ندوة في وقت واحد، مشددا على أنه لو اكتفى المنظمون بندوة أو ندوتين لتبيين وجهة نظرهم لكان ذلك أفضل فالتحدي ليس مطلوبا والتعاون المثمر والبناء من خلال قنوات الحوار هو الحل الامثل، واشار الى ان عددا كبيرا من نوابنا يفتقر للثقافة السياسية والدليل على ذلك ما يحدث على ساحة المجلس من شد وجذب وتنابز بالالقاب بل وقد وصل الامر الى التراشق بالاجسام الصلبة، واوضح ان بعض النواب يسيئون استخدام الشارع عن طريق التهييج واللعب على مشاعر الناس في محاولة لكسبهم واثبات المواقف عن طريق الطرح المتشنج، لافتا الى أنه لا يبرئ ساحة الحكومة من ذلك حيث ان أبواب بعض المسؤولين مغلقة ومواعيدهم كاذبة ولا يفتحونها الا للنواب الذين يجلدونهم بالكلام، وقال ان بعض المسؤولين يتعسفون في استخدام القرار وأحد اخوانه قاصدا خالد الشليمي كان ضحية هذا التعسف حيث اجتمع مجلس الوزراء لالغاء ترشيحه في الانتخابات الماضية مما جعله يلجأ الى القضاء الشامخ الذي أنصفه باقرار حقه في الترشح، معربا عن أمله في ألا تكون الحكومة خصما في الصراع السياسي بل يجب أن تكون مظلة يحتمي بها الجميع.
أفكار متباينة
ولفت إلى أنه ينتمي لأسرة تجمع اثنين من الناشطين السياسيين وهما خالد وناصر الشليمي وبالرغم من أواصر الحب والمودة التي تجمعهم كأسرة إلا أن أفكارهم متباينة بشكل كبير وواضح وهذا في حد ذاته تجسيد لمعاني الديموقراطية نختلف ونتفق في الأطروحات إلا أنهم يظلون اخوانا، وناشد المسؤولين أن يستمعوا لأطروحات أهل الندوات فإن كان كلامهم صائبا فليستفيدوا منه وإن كان كلامهم خاطئا فليحاكموهم.
ووجه رسالة للأسرة الحاكمة في الكويت، قائلا: «نحن نكن لكم كل الاحترام والمحبة والتقدير، وأهل الكويت قد يختلفون على أي شيء إلا على محبتكم واحترامكم».
الشأن الإيراني
وأوضح الشليمي أن زيارة الرئيس الإيراني أحمدي نجاد للبنان لا تتعدى كونها بعدا إعلاميا في ظل جفوة عربية في جنوب لبنان، والترحيب الذي قوبل به نجاد في لبنان لم ينله في إيران ولقاء نجاد مع رئيس الحكومة اللبنانية جاء لتلطيف الأجواء ودعم حزب الله من جهة أخرى، منتقدا ما أسماه بالهوس الإيراني للحصول على سلاح نووي بطرق خالية من الشفافية مع المجتمع الدولي ووكالة الطاقة الذرية وجيرانهم من دول مجلس التعاون.
وعبر عن مخاوفه من امتلاك إيران لسلاح نووي قائلا «نعم أنا كمواطن متخوف من رد الفعل الإيراني واشعر بوجود تهديد للكويت والخليج بشكل عام فدراسة عناصر التهديد العدائي تقوم على ثلاثة محاور وهي:
1- التاريخ والحوادث السابقة: فقد تمت مهاجمة الكويت وبعض موانئها ومنشآتها النفطية في منتصف الثمانينيات كما تمت مهاجمة ناقلات النفط الكويتية في المياه الدولية وبالقرب من مضيق هرمز من قبل بعض عناصر بحرية الحرس الثوري.
2- القدرات والإمكانيات: ليس هناك مجال للشك في ان القدرات العسكرية الإيرانية أكبر من قدرات دول مجلس التعاون الخليجي مجتمعة فإيران لديها جيشان وليس جيشا واحدا (الجيش النظامي ـ والحرس الثوري) وبعدد قد يقارب المليون عسكري كما أن إيران تمتلك الصواريخ العابرة للأقاليم وبقدرة تصل إلى أكثر من 3000 كيلومتر كما أن النشاط الاستطلاعي والاستخباري قد زاد عن المعدلات المعروفة بالإضافة إلى ما تنقله وسائل الإعلام عن ادوار الخلايا الاستخبارية الإيرانية داخل بعض دول مجلس التعاون الخليجي.
3- النوايا والاحتمالات: كلنا يسمع ويشاهد التصريحات الإيرانية الساخنة على المستوى السياسي والعسكري وبعض الأصوات المحلية فالخطاب السياسي شبه الرسمي والخطاب العسكري في كل مناورة تقوم بها القوات الإيرانية ينذر بالويل والثبور والدمار وإغلاق مضيق هرمز وعدم التفاهم مع دولة الإمارات العربية المتحدة بشأن الجزر الإماراتية المحتلة. فماذا تريدوننا أن نفعل أو نشعر كمواطنين؟!
الشأن العراقي
وبخصوص الشأن العراقي أفاد الشليمي بأن سحب الأميركان لجزء كبير من القوات الرئيسية المقاتلة وقوات الاستجابة السريعة وقوات رد الهجمات غير التقليدية بالإضافة إلى الوضع الهلامي لمحاولات تشكيل الحكومة العراقية، زاد من كثافة الهجمات وخصوصا على المنطقة الآمنة في العاصمة بغداد والتي تحوي معظم الوزارات والمؤسسات الحكومية (المنطقة الخضراء) حيث زادت الهجمات على المنطقة الخضراء الآمنة نظرا لاختفاء القوات الأميركية وعدم وجود وسائل الإنذار المبكر، أما على المستوى السياسي فأوضح أن المالكي وان نجح في تشكيل الحكومة العراقية وبالاتفاق مع بعض الأحزاب ذات الصبغة المذهبية الشيعية وتجاهل وجود القائمة العراقية التي يرأسها السيد علاوي، سيواجه العديد من الصعوبات مما قد يرفع من وتيرة التوتر والاحتقان ويزيد من احتمالية تردي الوضع الأمني وقد يدفع بتواجد العناصر الإرهابية وعودتها إلى الحياة وتوفير الغطاء السياسي والشعبي لها مما يزيد من احتمالية عودة العمليات الإرهابية، أما على المستوى الاستراتيجي، فأعرب عن أمله في أن تقوم الحكومة الكويتية بوضع ترتيبات أمنية وسياسية مع الحكومة العراقية الجديدة بشكل مبكر لحسم مسألة بعض النقاط الحدودية وترك مقولة ان العراق غير مستعد لتسوية الأمور العالقة حيث ان العراق الشقيق قام بترتيب مسائل النقاط العالقة مع جميع دول الجوار ماعدا الكويت، كما تمنى أن تعمل دول مجلس التعاون الخليجي ككتلة واحدة وتساهم في هذه الترتيبات الأمنية والسياسية والاقتصادية بين العراق ودول مجلس التعاون الخليجي.
وشدد الشليمي على أن الإرهاب أصبح قضية عالمية وهاجسا دوليا وعلينا في الخليج تطوير منظومة المعلومات وقاعدة البيانات في تبادل المعلومات وتجانس التسليح ومواءمة الاتصالات ووسائل الإنذار المبكر والاهتمام بمسرح العمليات البحري الخليجي، والمثل البدوي القديم يقول «إن طق الخشم أدمعت العين».
الأمن ليس شرطياً بل مسؤولية مجتمعية
أشار الشليمي إلى أنه يعكف الآن على دراسة عن الأمن في المدن الجديدة سيخص بها «الأنباء» قريبا، موضحا أن النظريات الأمنية ستشهد تغيرا ملحوظا وجذريا خلال العشرين سنة القادمة حيث سيعتمد على التكنولوجيا الحديثة بمختلف وسائلها من كاميرات وغيرها، جهد المواطنين، الحراسة الخاصة وجهود وزارة الداخلية، فالأمن ليس شرطيا بل مسؤولية مجتمعية، مشيرا إلى أن ما يحدث أثبت صدق كلامه حينما كثر اللغط عن استخدام الكاميرات وعلاقة ذلك بالحفاظ على الحرية الشخصية، موضحا أن وزارة التربية لجأت الآن إلى استخدام الكاميرات في المدارس، فالتكنولوجيا جزء لا يتجزأ من حياتنا ولا يمكن ألا نستفيد منها لحفظ الأمن والأمان.