-
إيلاف: على مدار عقود مضت بقيت تسمية الخليج بين العرب وإيران مجالاً للاختلاف
يتجدد الجدل بين حين وآخر حول تسمية الخليج فيما يرى مراقبون انه تعبير عن وجود هوة بعرض الخليج نفسه في الفهم بين دول الخليج العربية وإيران على الشاطئ الآخر من الخليج. وفي هذا الشأن كتب براين ويتايكر تعليقا في صحيفة الغارديتن جاء فيه:
كان الجغرافيان القديمان سترابو وبتوليمي سميا هذه الكتلة من الماء «الخليج الفارسي»، وظل هذا الاسم متداولا في الأزمنة الحديثة. لكن ابتداء من الستينيات ـ وارتباطا بصعود الحركة القومية ـ بدأت دول على الضفة العربية من الخليج تسميه «الخليج العربي».
ويمثل هذا مأزقا للصحافيين الذين يكتبون عن المنطقة. ولتفادي الانحياز الى جانب او آخر في النزاع على الاسم فإن المفضل هو الاكتفاء بتسميته «الخليج» على افتراض ان القارئ سيعرف من السياق ان الحديث لا يجري عن خليج المكسيك.
ويصح الشيء نفسه على الممر المائي بين انجلترا وفرنسا المعروف رسميا باسم القنال الانجليزي على احدى ضفتيه والمانش على الضفة الأخرى، ويبدو الإصرار على صفة الانجليزي استفزازا لا داعي له. ومن اجل الحفاظ على علاقات المودة والوئام مع فرنسا يفضل الاكتفاء بتسميته «القنال» فحسب.
ولكن اتخاذ موقف الحياد لا يرضي الإيرانيين حين يتعلق الأمر بالخليج الفارسي/ العربي. فهم يتحسسون من المسألة حتى ان نسخا من مجلة الايكونومست منعت عام 2006 من التوزيع في ايران عندما أسقطت المجلة صفة الفارسي من الخليج. كما قدمت احتجاجات ديبلوماسية عندما شطب متحف اللوفر في باريس صفة الفارسية لدى ذكر الخليج في دليل المتحف.
رسميا، تعترف الأمم المتحدة وهيئات دولية مختلفة أخرى بتسمية «الخليج الفارسي» بوصفها التسمية الثابتة والمرغوب فيها ـ استنادا، على ما يفترض، الى الاستعمال التاريخي للاسم. وهذا هو أيضا الموقف الرسمي للولايات المتحدة، او بالأحرى ان هذا كان موقفها الرسمي حتى الأسبوع الماضي. ففي 20 اكتوبر اشار مساعد وزيرة الخارجية الاميركية اندرو شابيرو خلال إيجاز صحافي بشأن صفقة الأسلحة مع السعودية، الى «الخليج العربي والشرق الأوسط الأوسع».
يمكن النظر الى هذه العبارة منفردة على انها زلة لسان رغم ان شابيرو بدا وكأنه يقرأ من نص معد سلفا. وبما ان مصطلح «الشرق الأوسط الأوسع» يشمل بداهة الكتلة المائية المتنازع على اسمها فأين الضرورة في ذكر الخليج (الفارسي او سواه) أصلا؟
ما ان استخدم شابيرو تسمية «الخليج العربي» حتى تحرك المجلس الأميركي الإيراني الوطني، ونظم حملة لكتابة رسائل الاحتجاج الى وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون. كما كتب مدير المجلس لشؤون السياسة جمال عبدي مقالا عن الموضوع نشرته صحيفة «هفنغتون بوست» يوم الاثنين.
لذا من الصعب تصور ان المساعد الآخر لوزيرة الخارجية كورت كامبيل كان غافلا عن الاحتجاج على تسمية «الخليج العربي» عندما تحدث في إيجاز صحافي آخر يوم الثلاثاء بل استخدم هو أيضا التسمية نفسها عندما أشار الى «قضايا قرصنة في الخليج العربي».
هذا كله لا يمكن ان يكون مجرد مصادفة بل يوحي بحدوث تغير في السياسة. فإن «الخليج الفارسي» كان التسمية الأميركية الرسمية منذ عام 1971، وفي غياب اي إيضاح من وزارة الخارجية لا يسعنا الا التكهن بالسبب الذي أصبح معه فجأة «الخليج العربي»، إذ ليس هناك من سبب منطقي سوى انه التفاتة محسوبة لإزعاج إيران.