دعت مجموعة الحملة الوطنية لمراجعة استنزاف وتبديد ثروة البلاد في بيان لها إلى الاعتماد على المصارف في تمويل الخطة التنموية، وجاء في بيانها:
أقر مجلس الأمة في فبراير 2010 وخلال فترة مناقشات زمنية قياسية قصيرة، وبشبه إجماع، القانون رقم 9 لسنة 2010 والخاص بإصدار الخطة الإنمائية للدولة للسنوات 2010/2011- 2013/2014. وقد استبشرنا خيرا بذلك، لأن إقرار الخطة وبهذه السرعة وبذلك التفاهم بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بشأنها يعني انهما قد التزمتا بأن الكويت لن تتخذ بعد اليوم قرارات عشوائية، وان سياساتها وقراراتها أصبحت كلها موجهة نحو تحقيق الأهداف الإستراتيجية العامة التي تبنتها الخطة وتسعى لتحقيقها، ويأتي في مقدمة تلك الأهداف معالجة الاختلالات والتشوهات التي يعاني منها الاقتصاد الوطني، وهي التي خلفتها عشوائية بل وفي كثير من الأحيان تضارب السياسات والقرارات. ولكن الذي يبعث على الدهشة هو إثارة موضوع أزمة تمويل المشروعات وذلك بعد فترة وجيزة من إقرار الخطة التنموية، ولعل الأسلوب الذي تم طرح فيه الدعوة لاستخدام المال العام كمدخل لمعالجة هذه الإشكالية، والتي لا نتفق على وجودها، قد زاد من دهشتنا وتساؤلاتنا حول توجه تلك الدعوة ومدى توافقها مع الالتزام بمبادئ وأهداف وتوجهات الخطة ومنذ الأشهر الأولى من إقرارها. لقد تمحورت الدعوة حول استخدام المال العام لتمويل ما يسمى بشركات ومشاريع الخطة، وهي شركات يفترض ان ينشئها ويديرها القطاع الخاص، على تشخيص خاطئ لواقع وإمكانات القطاع المالي، وعلى فلسفة وتوجه يتناقضان مع توجهات وأهداف الخطة، فالمستهدفات الكمية لخطة التنمية تشير الى ان متوسط قيمة الاستثمارات السنوية للقطاع الخاص يبلغ 3.8 مليارات دينار، وهي مبالغ ليست ببعيدة عما قامت البنوك الكويتية فعليا بتمويله سنويا خلال السنوات الماضية، خاصة خلال الفترة من 2003 إلى 2008 بل اننا إذا أخذنا بعين الاعتبار ان التمويل هو للجزء وليس الكل، وان التمويل لا تقتصر مصادره على المصارف المحلية بل وتشمل ايضا أسواق المال والبنوك العالمية، وهو ما حصل بالفعل خلال السنوات الماضية وذلك بالنسبة للمشاريع ذات الجدوى الاقتصادية الواضحة، مثال على ذلك مشروع إيكويت للأوليفينات والذي بلغ تمويله من البنوك العالمية في سنة 2006 نحو 95% من أصل احتياجاته التمويلية البالغة 2.5 مليار دولار، لذا فإننا نرى ان القطاع المصرفي الكويتي وبما يتمتع به من درجة عالية من السيولة والملاءة قادرا على تلبية الاحتياجات التمويلية اللازمة لتلك المشاريع، سواء بقدراته الذاتية او بالاستعانة بالبنوك الأجنبية في المراكز المالية العالمية، شريطة ان تكون تلك المشاريع ذات جدوى اقتصادية واضحة ودرجة مخاطرة مقبولة. أما إذا كانت الذريعة لاستخدام المال العام لتمويل شركات مشاريع التنمية هو ضعف الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع، فإننا نرى وانطلاقا من الأهداف التي تبنتها الخطة ذاتها، ان الأولى هو عدم الإقدام على إنشاء مثل تلك الشركات من حيث المبدأ بدلا من السعي لإيجاد تمويل حكومي ميسر ومدعوم، ان التوجه لإنشاء ودعم كيانات اقتصادية ذات كفاءة وجدوى متدنية، وبما يساهم في إحداث منافسة غير متكافئة بين الوحدات الاقتصادية، علاوة على تحميل الموازنة العامة عبئا ماليا مستمرا ومتناميا، انما هو توجه يصطدم ويتناقض مع العديد من الأهداف العامة الرئيسية للخطة، والتي يأتي في مقدمتها رفع وتحسين كفاءة الاقتصاد الوطني، والتوزيع الأمثل للموارد الاقتصادية، وتفعيل دور القطاع الخاص وتقليص دور الدولة في النشاط الاقتصادي، والعمل نحو توفير المناخ المناسب لإنشاء مركز مالي وتجاري إقليمي، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للمستثمر المحلي والأجنبي تتيح الفرصة للتنافس المتكافئ. اننا نرى انه إذا كانت هناك حاجة لتبني ودعم مشاريع ذات جدوى اقتصادية متدنية من منطلق انها مشاريع إستراتيجية أو ذات عائد اجتماعي مرتفع، فلابد من وجود قناعات مشتركة وشفافية كاملة تؤيد الأهمية الإستراتيجية لهذا المشروع أو ذلك، وتبين سبب ارتفاع العائد الاجتماعي تلك المشاريع، وحتى في هذه الحالات، نرى انه من الأجدر ان تتم معالجة تدني الجدوى الاقتصادية لتلك المشاريع من خلال مراجعة وتعديل احد أو بعض العوامل المؤثرة في جدواها، والتي من بينها مراجعة السياسات والإجراءات وشروط التعاقدات الحكومية المؤثرة على تلك المشاريع، مثال على ذلك المدى الزمني لتأجير الأراضي الحكومية في حالة المشاريع التي تعتمد على استئجار الأراضي الحكومية لإقامة المشاريع عليها، أو وضع شروط تعاقدية واقعية من حيث معايير الأسواق، كما في حالة تكليف بعض تلك الشركات بالقيام بمناطق ومشاريع عمرانية أو متعلقة بالبنية التحتية.