- الديموقراطية والدستـور والقانون والمسؤولية ..مبادئ ركز عليها النطق السامــي بكثافـة
أجرى مركز «اتجاهات» للدراسات والبحوث «اتجاهات» الذي يرأسه خالد عبدالرحمن المضاحكة تحليلا مضمونا ببعديه الكمي والكيفي لثلاث خطب ألقيت في افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث عشر، كانت أولاها النطق السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، وثانيها الخطاب الأميري الذي ألقاه سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، وثالثها كلمة رئيس مجلس الأمة جاسم الخرافي، حيث عكست كل «فقرة» في الخطب «فكرة»، بغض النظر عن طولها أو قصرها. هذه الخطب تناولت قضايا محددة وتطرقت الى موضوعات معينة، ومما يجمع بينها أنها تبحث في الشأن الكويتي وتعيش مع الهم الوطني، وتنطلق من فلسفة سياسية وبعد اقتصادي ومضمون اجتماعي، وتطرح أفكارا تصب في خانة واحدة وهي ترتيب البيت الكويتي من الداخل، بحيث يجمع «النموذج الكويتي بين الحيوية المطلوبة والاستقرار المنشود»، مع ادراك كامل للواقع الحقيقي وليس النظري الخيالي، وسيتم تحليل كل خطاب على حدة، ليس بغرض الفصل التعسفي، وانما بهدف اعطاء «هوية» لكل خطاب، وطرح رؤية شاملة لا تضيع في الجزئيات ولا تستغرق في التفاصيل مع ابراز للقواسم المشتركة بين كل منها. وقد تمثلت الموضوعات محل الاهتمام في الخطب الثلاث في عدد من الموضوعات أهمها المصلحة الوطنية الكويتية، ومخاطر الفتنة الطائفية، ودور السلطة القضائية في حماية المجتمع، والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، وانجاز التنمية البشرية المستدامة. وفي التفاصيل التالية أورد «اتجاهات» تقريره الأول عن خطاب النطق السامي لصاحب السمو الأمير حفظه الله على أن يتم غدا تحليل مضامين خطابي رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية وهو ما يمكن توضيحه خلال الجداول التالية:
تشير بيانات الجدول السابق رقم (1) الى ان النطق السامي لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد خلال افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث عشر قد ركز بصفة أساسية على أهمية التمسك بالنظام الديموقراطي، حيث جاء ذلك في الترتيب الأول بمعدل تكراري بلغ 16 كلمة دالة وبنسبة 16.8%، وفي ذلك الشأن يقول صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد خلال خطابه، واتخذناها سبيلا الى ديموقراطية حقيقية نابعة من تجربتنا الذاتية وهي تضعنا أمام مسؤولياتنا التاريخية في ان تظل مصلحة الوطن دائما في المقام الأول انها ديموقراطية حقة وقد ارتضيناها على مر العصور موروثا حضاريا ونظاما عصريا كان دائما محل فخرنا واعتزازنا، وقدرنا ان نحرص على نظامنا الديموقراطي وان ندافع عنه وان نتمسك به ونحميه من كل جور على قيمه او تجاوز على حدوده او خروج على أطره او تعسف في ممارسته حتى لا يتحول الى أداة هدر لمقومات هذا البلد ومقدراته فكل نظام يوزن بما يحقق للوطن من عطاء ورخاء في حاضره ومستقبله».
ويتسم فكر صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بالنهج الديموقراطي المتماسك، حيث تكررت كلمة الديموقراطية بشكل مباشر في النطق السامي «4» مرات، أكد خلالها على أن التجربة الديموقراطية الكويتية نابعة من الخبرة الذاتية، فالنظم السياسية ليست سلعا قابلة للتصدير، ورغم أن الخطبة اشتملت على تأثيرات الظروف الدولية المختلفة والأحوال الاقليمية المضطربة على الداخل الكويتي الا أنها تأثيرات ثانوية وفرعية، كما ان البناء القيمي لخطاب صاحب السمو الأمير يشتمل على عدة قيم محورية هي التسامح والاعتدال وقبول الرأي الآخر، التفاهم، التضامن، والتسامح، وكذلك الجمع بين التقليدية والحداثة، المزج بين الأصالة والمعاصرة، وهو ما عبر عنه صاحب السمو الأمير قائلا «ارتضينا على مر العصور موروثا حضاريا ونظاما عصريا»، فضلا عن تطعيم الاستمرارية بقدر من التغير، التواصل بين جيل السلف وجيل الخلف.
ودارت التوصية الثانية لصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد عن أهمية الحفاظ على الكويت وتحقيق المصلحة العامة وذلك بنسبة 15.8% ومعدل تكرار للكلمات الدالة بلغ 15 كلمة، فالوطن في الأساس هو «المتغير المستقل» ـ بتعبير أدبيات العلوم السياسية ـ الذي تتبعه بقية المتغيرات، والمؤشر المتبع في هذا السياق هو تكرار المفردات اللغوية الدالة على الاهتمام بالشأن الوطني والعمل على الارتقاء به ونقله من حال الى حال أفضل في خطاب النطق السامي الذي حرص على أهمية الحديث عن تحقيق المصلحة العامة والحفاظ على الكويت على نحو ما جاء في عدد كبير من العبارات منها قول صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد «يحفظ لنا وطننا ويوفقنا الى تحقيق مصلحته وصيانة وحدته»، و«مصلحة الكويت ملتقى أهدافنا» و«اية حبها أن نصون وحدتها وحقها علينا أولى الحقوق بصدق الولاء»، و«تظل مصلحة الوطن دائما في المقام الأول»، و«كل نظام يوزن بما يحقق للوطن من عطاء ورخاء في حاضره ومستقبله».
ومن الأهمية بمكان الاشارة الى ان المفردات التي استخدمها صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد تكررت للاعلاء من الشأن الوطني العام فوق الشأن الخاص، من خلال عبارات بليغة على شاكلة «تقديم المصلحة العليا على ما سواها» و«فيما يعزز المصلحة العامة» و«يبقي الكويت دائما في المقام الأول».
ولم يكن مضمون خطاب سموه عبارات انشائية أو كلمات احتفالية بل جاء كاشفا للسلبيات، وبالتالي يمكن اعتباره أيضا خطاب «المصارحة بهدف المصالحة»، حيث برز في هيكل الخطاب أهمية العمل لدرء الفتن وصيانة الوحدة الوطنية بمعدل تكراري بلغ 14 كلمة دالة ونسبة 14.7% من اجمالي الكلمات التي حملت توصيفا او توصيات بخطاب صاحب السمو الأمير حفظه الله، فقد استحوذ موضوع الاسراع في وضع الأطر اللازمة لممارسة الحقوق والتصدي لمحاولات الفتنة الطائفية على اهتمام بالغ في الخطاب الأميري، حيث يقول سموه «ان التمادي في زج البلاد في اتون الصراعات السياسية والدينية يوجب علينا جميعا مجلسا وحكومة ومؤسسات وأفرادا أن نتحلى بالحكمة واليقظة وان نكون صفا واحدا أمام مسؤولياتنا الوطنية في درء أسباب الفتنة ونتائجها المهلكة والتصدي بكل حزم واصرار لأي تصرف قد يؤدي اليها او يسهم في اشعالها وتأجيجها حماية لوطننا ومواطنينا من ويلات التحزب والتعصب والنعرات الطائفية التي لم تصب مجتمعا الا فرقته وأورثته الضعف والدمار» وفي سياق آخر يشير سموه الى «ان ما حفل به الشارع السياسي مؤخرا من سلبيات بات مصدر قلق للجميع بما يمثله من تهديد لأمننا الوطني ووحدتنا الوطنية على نحو لا يمكن التجاوز عنه».
ان رؤية صاحب السمو الأمير قائمة في الأساس على أن النقد الذاتي محور الإصلاح الداخلي في الكويت، فقد سلط سموه الضوء على ما شهدته الساحة الكويتية خلال الفترة الماضية من محاولات بغيضة لتجاوز الدستور وانتهاك القانون، فجاءت توصيته الرابعة خاصة بصيانة الدستور والالتزام بالقانون وذلك بمعدل تكرار للكلمات الدالة على هذا المعنى بلغ 13 كلمة دالة وبنسبة 13.7% من الإجمالي العام، فوفقا لفكر صاحب السمو الأمير حفظه الله فإن الكويت هي دولة مؤسسات واحترام القانون وصيانة الدستور».
حيث تكررت كلمة القانون 9 مرات بشكل مباشر، وهو ما برز في عباراته الداعية إلى «الالتزام بالقانون» و«الاحتكام للقانون» والتحذير من «التجاوز على القانون» بينما تكررت كلمة الدستور 6 مرات.
كما حمل النطق السامي رغبة ملحة في تقدم الكويت وتطورها في جميع المجالات، فقد حصلت توصيته الخاصة بأهمية العمل على تقدم الكويت وتطورها على الترتيب الخامس بمعدل تكراري بلغ 7 كلمات دالة بنسبة 7.3% وتلاها في الترتيب السادس التوصية الخاصة بعزة الكويت وحمايتها بمعدل تكراري بلغ 6 كلمات دالة ونسبة 6.3% وفي المعنيين السابقين ردد صاحب السمو الأمير عددا من العبارات على شاكلة «حماية لوطننا» «حماية للمجتمع ومؤسساته» «من أجل تقدمها وتطورها ورفعة شأنه» «حماية الكويت منتهى غايتنا» «من أجل تقدمها وتطورها ورفعة شأنها».
ولم يخف صاحب السمو الأمير رغبته الملحة في استدامة التنمية التي حلت في الترتيب السابع بمعدل تكراري بلغ 5 كلمات دالة بنسبة 5.3% فالتصور السامي قائم في الأساس على أن الإنسان هو ركيزة التنمية وغايتها، وهو ما يتحقق من خلال الاهتمام بتطوير التعليم والرعاية الصحية وانفتاح الثقافة. فالتنمية الحقيقية لا يتم اختزالها في بناء المنشآت وإقامة المشروعات.
وقد عبر سموه عن هذا المعنى قائلا «ويجدر التأكيد ان الهدف من التنمية التي نسعى إليها لا يختزل بتشييد المباني وإقامة المشروعات وإنفاق الأموال حيث يبقى الإنسان دائما الهدف الاستراتيجي في التنمية المستدامة لبناء الأوطان»، كما أوصى صاحب السمو الأمير في خطابه بأهمية إعادة تأهيل الشباب وتحصينهم بالعلم والمعرفة مواكبة للتطور الذي طرأ على البشرية في جميع المجالات ويقول في ذلك «ان ثروتنا الحقيقية تكمن في شبابنا. فهم أصحاب الحق الذي لا ينازع في العلم والمعرفة المتقدمة، وتوسيع آفاق العمل أمامهم وتسخير كل الإمكانات والطاقات لتمكينهم من مواجهة التحدي الحضاري ودفع مسيرة البلاد وتنميتها».
وهناك إيمان سام بأن الشباب هم بناة الوطن، وسيتم تسليم الراية لهم آجلا أو عاجلا. حيث دعا سموه في الخطاب إلى «إعداد شباب قادر على القيام بمسؤولياته مستجيب لموجبات العصر معزز بمشاعر الولاء والانتماء لوطنه»
وأحد الملامح الأساسية للبنية الفكرية لصاحب السمو الأمير هو إيمانه العميق بمبدأ «الشراكة في الحكم»، بحيث يكون المجتمع الكويتي بكل شرائحه شركاء فاعلين لا متفرجين هامشين، وهو ما يجد مؤشرات واضحة له حينما وجه سموه حديثه إلى الرأي العام الكويتي قائلا «إن كنتم قد أديتم أمانة الاختيار لممثليكم ووضعتم ثقتكم الغالية فيما ترونه أهلا للمسؤولية في مجلس الأمة فإنه وليس فقط من باب حقكم المطلق بل أيضا من واجبكم نحو وطنكم أن تمضوا في المتابعة والتحدث بصوت مسموع لإصلاح أي اعوجاج أو خروج عن حدود أمانة الاختيار والثقة». وأضاف قائلا «انكم مطالبون بمخاطبة ممثليكم بالكلمة المسؤولة الصالحة ولا تبخلوا عليهم بالإرشاد والتوجيه والنصح والشد من أزرهم إذا أحسنوا وأجادوا».
كما دعا سموه إلى إعادة النظر في بعض التشريعات حيث جاءت تلك التوصية في الترتيب العاشر الأخير بنسبة 1.05% وفي ذلك يقول سموه «بما في ذلك إعادة النظر في بعض التشريعات التي تستهدف وضع حد لمظاهر الانفلات والفوضى والممارسات العبثية التي تهدد الأمن الوطني»، ولتوضيح ما ورد في الجدول السابق من بيانات كمية وكيفية فضل «اتجاهات» ان يدرج الشكل البياني رقم 1 ضمن تقريره.
وتشير بيانات الجدول رقم 2 إلى ان صورة المشهد السياسي العام خلال الفترة الماضية لدى صاحب السمو الأمير جاءت في عموميتها سلبية في نطقه السامي حيث تكررت المضامين والكلمات المعبرة عن الصورة السلبية للمشهد السياسي 38 مرة وبنسبة 80.8% من إجمالي المضامين الواردة في الخطاب وهو ما تم الاستدلال عليه من الكلمات ذات الأبعاد السلبية للمشهد السياسي حيث قال صاحب السمو الأمير «ان ما يحوط المشهد السياسي العام من تجاوزات وممارسات غير مألوفة ولا مسؤولة هو موضع استنكار ورفض من الجميع ولا يمكن لأي عاقل ان يغفل عما ينطوي عليه ذلك من مخاطر جسيمة يصعب استبعادها او تحييدها عن مخططات خبيثة تستهدف الأسس الراسخة لأمننا واستقرارنا وتماسك مجتمعنا وما جبل عليه من قيم التسامح والاعتدال وقبول الرأي الأخر» وفي موضع آخر يورد سموه عددا كبيرا من الكلمات السلبية التي وصف بها المشهد السياسي في قوله: «أؤكد ان ما حفل به الشارع السياسي مؤخرا من سلبيات بات مصدر قلق للجميع بما يمثله من تهديد لأمننا الوطني ووحدتنا الوطنية على نحو لا يمكن التجاوز عنه. وإذا كنا ندين ونرفض ما دأب البعض عليه من انتهاج أسلوب القذف والتجريح والإساءة إلى كرامة الناس واستفزاز مشاعرهم والتي لم يسلم منها احد، فان من دواعي الألم والأسف أن يأتي الخروج عن الأطر القانونية ممن يفترض فيهم المسؤولية والحكمة والقدوة»
بينما جاءت الكلمات الايجابية عن المشهد السياسي المحلي قليلة جدا مقارنة بالكلمات السلبية حيث أورد صاحب السمو الأمير حفظه الله 9 كلمات ايجابية من أصل 47 كلمة بنسبة 19.1% ومنها قول سموه «وقد كان من ثمرة هذا التعاون ان اقر مجلسكم الموقر في دور الانعقاد الماضي خطة تنموية نتطلع جميعا إلى انجاز مضامينها من خلال برنامج زمني واضح وتعاون ورقابة ايجابية تتكامل فيها مسؤوليات السلطتين وتسود أجواء التفاهم لتحويل الخطة إلى واقع ملموس يتكامل فيها دور القطاعين العام والخاص وينعم بنتائجها أبناء هذا الوطن»، ولتوضيح ما ورد في الجدول السابق من بيانات كمية وكيفية فضل «اتجاهات» ان يدرج الشكل البياني رقم 2 ضمن تقريره.
تشير بيانات الجدول رقم 3 إلى ان صورة الأداء الإعلامي العام خلال الفترة الماضية لدى صاحب السمو الأمير جاءت في عموميتها سلبية في النطق السامي للخطاب الذي ألقاه بمناسبة افتتاح دور الانعقاد العادي الثالث من الفصل التشريعي الثالث عشر حيث تكررت المضامين والكلمات المعبرة عن الصورة السلبية للمشهد الإعلامي 16 مرة وبنسبة 80% من إجمالي المضامين الواردة في الخطاب والتي قيم فيها سموه الأداء الإعلامي بالكويت وهو ما تم الاستدلال عليه من كلمات صاحب السمو الأمير التي حذر فيها من الانسياق وراء البهرجة الإعلامية بقوله: «لعل مكمن الخطورة في هذا الأمر عندما يلجأ البعض إلى تناول القضايا الكبيرة والحساسة فيقول ما يشاء لمن يشاء وفي اي وقت ومقام بلا دليل او بينة ويضع الأحكام والعلل من وحي الأهواء والأغراض يجذبه إلى ذلك تأثير البهرجة الإعلامية والمبالغة في الإثارة والتحريض والمغالطة ومجافاة المصداقية وتجاوز لحدود الحرية والمسؤولية وضوابط الأمانة المهنية والمصلحة العامة. وما اغنى الكويت عن كل ذلك بما يحمله من نتائج وآثار بالغة السوء والضرر سواء على صعيد واقعنا المحلي او علاقاتنا الخارجية.
بينما جاءت التطلعات الايجابية لوسائل الإعلام لدى صاحب السمو الأمير خلال خطابه في الترتيب الثاني الأخير بنسبة 20% بواقع 4 صفات ايجابية أشار إليها سموه بقوله: «..نتوخى ان تكون وسائل إعلامنا صرحا للرأي المستنير ومنبرا لنشر المعرفة الخلاقة وأداة لتعزيز التلاحم والتواصل في الداخل وعونا لكسب الأصدقاء في الخارج». ولتوضيح ما ورد في الجدول السابق من بيانات كمية وكيفية فضل «اتجاهات» ان يدرج الشكل البياني رقم 3 ضمن تقريره: